القلب والنفس البشرية – إكتشف ذاتك لغد أفضل

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد واله وسلام وبعد
لا أدرى كيف أبدأ هذا الموضوع ..كنت أود أن أتكلم عن النفس ...وعددها على القلب ...وإتصال النفس بالقلب الذى يملأه التقوى فالقلب سمى قلبا لانه متقلب لا يبقى على حال ثابته الا اذا ملىء بالتقوى اللهم اجعلنا من المتقين المهديين
فالقلب قطعه من اللحم لها وزن ومركز القلب الفؤاد ومركز الفؤاد اللب
يولد الانسان على المحجه البيضاء والقلب نقى ويظل القلب نقى حتى يسوى الانسان ذنوب

هذه الذنوب يسميها الله سبحانه ران( كلا بل ران على قلوبهم ....) الايه
ويسميها الله أقفال( على قلوب أقفالها .....) الايه
ويسميها الله (حجب ...قالوا بيننا وبينك حجاب ...)
ويسميها اكنه...ويسميها اغلفه ....(قالوا قلوبنا غلف).....
هذه المسميات هى التى تحاصر القلب هذا الران يحاصر القلب ويحجب عنه نور الحق
ولابد من ازاله هذا الران ليعود القلب نقى ....وهذا لايكون الا بعباده الخالق وترك المعاصى

فالقلب واللسان
هما الاداتان اللتان توصلان ابن ادم للمعصيه ولذلك (كلمه حب مكونه من حرفين لادخل للسان فى نطقها حتى تكون صادقه فعندما نقول حرف الحاء ينطق من نهايه الحلق وعند نطق حرف الباء ينطق من الشفتين حتى لا يكون للسان وجود فى نطقها ولا دخل للسان فى نطقها فحب الله وحب رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم يترجم الى واقع عملى بأن نطيع أمرالله ورسوله (من يطع الرسول فقد أطاع الله.....طاعه الرسول من طاعه الله سبحانه وتعالى
وكل هذا الران يكون على القلب طبقه عازله عن النور وبعد أن كان الانسان مولود نظيف القلب ...هذا الران يحجب النور عن القلب ...وهذا الران يسمى النفوس التى تحاصر القلب وتحجب عنه الرؤيه ....وعدد الانفس التى تحاصر القلب سبعه أنفس

(1) النفس الاماره بالسؤ
((وما أبرؤ نفسى إن النفس لأماره بالسؤ)) ...وهذه النفس كلما فعل الانسان ذنب أو معصيه ...تأمره بعمل ذنوب أخرى ...دائما تأمُرُ بسوء...وإنما هى مرحله من التلوث القلبى تؤثر على تصرفات الانسان فلا عمل للخيرات ...وإن فعل فإنه يرى أنه صاحب فضل ...ولا يرد الفضل الى الله ولا النعمه إلى المنعم ...سبحانه وتعالى ؟؟؟وهذه النفس تربه صالحه للغل والحقد والحسد والضغينه والشك والريبه والنفاق والإستهانه بالنصوص والجرأه على الحدود ...وذكاء صاحب النفس الاماره بالسوء منصرف ألى فعل ما يؤذى الناس ويغضب الله

(2) النفس اللوامه
يقول الله سبحانه وتعالى..(لا أقسم بيوم القيامه ولا أقسم بالنفس اللوامه ) صدق الله العظيم ...وتباركت آياته ..وهذه النفس ليست محترمه ...فمعنى اللوامه أى التى تلوم صاحبها على ذنب يتكرر ..فكلما صنع ذنبا تلوم صاحبها وتعطيه البراءه ....ذنب يتكرر ...ولوم يتكرر..وهذه النفس صنيعه الران ووليدته ...ولقد أقسم الله بها ...لا أقسم بيوم القيامه (أعظم حدث ) ولا إقسم بالنفس اللوامه (لا أقسم بأخبث حدث ) وهى اللوامه ..إذا أذنب العبد .تتكون طبقات من الران والصدأ تسمى الانفس ...أسوأها النفس الاماره بالسوء ..,فإذا إستغفر العبد وتاب ورزقه الله بدليل أو إمام أو مربى أو شيخ ..يتوب على يديه ..فإن أول منحه ينالها هو التخلص من النفس الاماره بالسوء ..والنفس اللوامه لها من الدهاء والكيد ما يجعل الكثير من الناس بمن فيهم العلماء يحترمونها فهى تُزين للإنسان المعاصى وبعد ذلك تلومه وتؤنبه بشده ..وهذا سلوك شيطانى ((كمثل الشيطان إذ قال للإنسن أكفر فلما كفر قال إنى برىء منك إنى أخاف الله رب العالمين )) ثم تعيد الكره بعد الكره وتغرى الانسان ..ثم تلومه وتلومه أليست لوامه ...وعلى كل حال هى أقل خطرا من النفس الاماره بالسوء..

(3) النفس الملهمه
((ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها *قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ))
لقد أمر الله بتزكيه النفس الملهمه
إن هذه النفس هى إحدى طبقات الران ...أو الصدأ الذى يبتلى به المؤمن فيحجب قلبه عن إدراك أنوار التجليات الإلهيه ...وهذه النفس أخطر أنواع الانفس وهى عقبه ذات شقين أو ذات شعبتين ...ومن كان مسعدا يزال الشق السىء وهو جانب الفجور عندئذ يُلهم المؤمن التقوى ويكمل سيره إلى الله ...وإذا زال جانب التقوى وبقى جانب الفجور (فألهما فجورها وتقواها...)..وهذا يسمى عند الصالحين السلب بعد العطاء ..أو نكسه بعد بعض الشفاء ..أو خلود فى الشقاء ...وعلى ذلك فإن هذه النفس الملهمه من زكاها فقد أفلح ومن دساها فقد خاب ...ويعتمد هذا على نيه العبد ..لأن الإختيار له (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ) .وقال تعالى (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )

(4) النفس المطمئنه
(يا أيتها النفس المطمئنه إرجعى إلى ربك راضيه مرضيه فأدخلى فى عبادى وأدخلى جنتى )
لقد سمعنا من الناس جميعا أن هذه النفس المطمئنه نستبشر عندما نسمعها فى المآتم من القارىء ليدخل بها السرور على أهل المتوفى ...ولكن ماذا يقرأون ...
يقولون(يا أيتها النفس المطمئنه إرجعى إلى ربك) ...لاحظ إرجعى إلى بك .. وكلنا يعتقد.. الرجوع إلى ربك فى الدار الاخره ...ولكن هل الله وجوده فى الدار الاخره فقط ...حاشا لله فهو فى الدارين إله ...وفى السماء إله وفى الارض إله

ومن الطبيعى إذا أنصرفت عن الحق الى الباطل ...أو انصرفت عن الانصاف الى الإجحاف فمن الطبعى أن أقول لك إرجع إلى الحق ..
وكذلك يقال للنفس التى إطمئنت بما تفعل وهى تحسب أنها تحسن صنعا ...يقال لها أيتها النفس المطمئنه إلى الخطأ وترينه صواب ، المطمئنه بالبعد عن الله .إرجعى إلى ربك (إنت ماشيه غلط إرجعى )إرجعى إلى ربك راضيه مرضيه ...راغبه غيره مكرهه لتكونى مقبوله عنده سبحانه وتعالى ....مرضيه لديه ،فإذا حدث منك هذا فإنك تكونيين ضمن عبادى المضافين إلى ....ويكون لك شرف الخطاب منى بالاضافه ...لأن كلمه عبادى فى اللغه (مضاف ومضاف إليه) ..ولا يستحق الاضافه الى الله إلا الطيبون الذين هم بقبوله سبحانه فى جناته يخلدون ...وسيد العباد المضافون الى الله هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (سبحان الذى أسرى بعبده ليلا ) ...(ولما قام عبد الله يدعوه ...) ...يابنى لا يجب أن يغتر الانسا ن بعمله وعلمه وتقواه ...لابد أن يرجع كل ذلك للخالق سبحانه ....
فكيف يقبل من النفس التى تطمئن إلى مساوئها وتراها حسنات ومزايا ...لابد أن ترجع إلى الله راضيه ...لتكون عنده مرضيه
وهنا سؤال هل النفس المطمئنه من الران ؟
نعم ولا يضرنك وإن خُوطبت بقول حسن فهو لها تبكيت ...وإظهار حال لا يرضى عنه الله

(5) النفس الراضيه والمرضيه
هما نفسان خرجا من صلب النفس المطمئنه ..أو تفريعات من النفس المطمئنه ....
وأعود فأذكر :إن الطفل يولد سليما على الفطره وتسمى النفس الكامله (1) وهى سمه من خصائص النبوه لا تحجب القلب فإذا كبر الطفل وبلغ الحلم ونزل عليه التكليف وكتب الملكان ما يقول وما يفعل من حسنات وسيئات فإذا زادت السيئات زادت الظلمه التى تحجب القلب وهى الران ثم إذا زادت وزادت تكونت طبقات الران فوق بعضها وتسمى كما سبق أن قلت (الران، الحجب، الاقفال، الأكنة) وتصبح القلوب غُلفا تصنع فى الاذان وقرا ..وصمما بين القلب والاذن وترتيب ذلك بعد النفس الاولى الكامله وهو النفس المرضيه (2)....والنفس الراضيه (3).....والنفس المطمئنه (4) ....والنفس الملهمه (5) ....والنفس اللوامه (6)........والنفس الاماره بالسوء (7) ولا نجاه منها إلا على سبيل الاستثناء لقوله تعالى ((إن النفس لأماره بالسوء إلا مارحم ربى ...) ...

وعلى ذلك فإن جميع الانفس بنيان من الران ..ولكن جمال التسميه لها هو إعتبارات نسبيه
فمثلا النفس اللوامه هى نفس سيئه ولكنها أقل خطرا من النفس الاماره بالسوء ..فما أجملها وما أحلاها بالنسبه لها ولكنها كا القتل الخطأ والقتل العمد لا يخرجان عن كونهما قتلا ..أو كالكذب البسيط وشهاده الزور لا يخرجان عن كونهما كذبا ....وما أحلى الملهمه بالنسبه للوامه ...وقس على ذلك ...فما أعظم النفس المطمئنه بالنسبه للنفس الملهمه ...وهكذا ...وفى النهايه عندما يتخلص الانسان بفضل الله من كل هذه الانفس التى تغلف وتحاصر القلب تستبدل صفاته النفسيه الذميمه بالصفات الإلهيه العاليه ...ويصل الإنسان الى المقصود من قول الله تعلى فى الحديث القدسى ((كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به .....إلى أخر الحديث ))....ولكن النفس الكامله الاولى التى على الفطره لا تُبدل لأنها (فطره الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ...) ....بقى أن أقول هناك فرق كبير بين الروح والقلب والنفس ..فالروح موضوع والنفس موضوع ...كل له خصائصه ...النفس ليست هى الروح ...
هذا ما من الله علينا به ...وهذا الكلام غير ملزم لأحد ...ولا يلغى معلومه من الدين بالضروره ...ولم يُعطل صلاه ولا زكاه ولا أى عباده ...
ربنا إن جهلى مفتاح علمى ..ووقوفى على أبواب العلماء شرف ...واللقاء بهم عز ....والجلوس إليهم منحه ...والفهم بعد ذلك رزق من الله ...إن الله هو الرزاق ذو القوه المتين ....
منقول للفائدة