بأي عين ترى الدنيا
للأستاذ المدرب منصور الرفاعي

السلام عليكم ورحمة اللهوبركاته

هل الكوب نصفه فارغ أم نصفه مليء

حقيقة إن الأمر لا يتعلق بالكوب أساسا وليس الكوب محور القضية بل
بطريقة نظرك له هي الأساس وهي المحور القضية والمهم في الأمر أنه يتعلق بك أنت بأيعين تراه .
تندهش أحيانا من رؤية بعض الناس للدنيا وللعالم فهو لا يرى إلا
الشرور والمصائب والفساد وكل أمر سلبي كأن ليس هناك أمر واحد جميل .إذا تحدثت معهعن الطبيعة وجمالها فتح لك ملفات فساد البيئة ودمار تسونامي وظاهرة النينووالاحتباس الحراري والتصحر والقضاء على الغابات وتلوث الأنهار وزيادة ملوحة مياهالبحر وغيرها . وإذا تحدثت معه عن الخير والصلاح الذي في الناس كأنك قلت محرما أوأسأت له وانطلق بحماس يتحدث عن الفساد المنتشر والانحلال الأخلاقي والرشاوى والتعريالفجور وإتباع الغرب في سوء الأخلاق والمنكرات والمحرمات يسألك باندهاش يا أخي أنتما ترى ؟ أنت أين تعيش ؟

وتتساءل في نفسك بل أنت أين تعيش ؟


وإذا
تحدثت معه عن التقدم العلمي وما فيه من فوائد تخدم البشرية . كبرت كلمة قلتها فينفسه تكاد عينيه تخرج من مكانه ويرتفع ضغطه ويندفع يهاجمك أي تقدم علمي الذي خدمالبشرية هذه التكنولوجيا كلها شر وفساد , في الإنترنت كم مليون موقع إباحي ينشرالرذيلة والفساد الصور الخليعة , وكم ألف موقع ينشر الأفكار الضالة والفرق المنحرفةوتعرف ما جرته على المجتمع من فساد وإرهاب وغيرها .والجوال وأضراره المعروفة علىالمجتمع انتشار الصور الفاسدة وانتهاك الأعراض وتصوير الناس والتعدي على حرماتالبيوت .
قد ينعقد لسانك عن الرد على مثل هذا الكلام وتعرف انك مهما
حاولت أن تحدثه عن نصف الكوب الممتلئ وما في الدنيا من خير وجمال فانه لا يمكن أنيراه لان المشكلة ليست في عدم وجود الخير والجمال بل في عينيه كأنها متخصصة في رؤيةالفساد والسوء فقط ولا يمكن أن ترى غيره ومثل هذه العين كعين الذبابة التي لا ترىإلا القاذورات والأوساخ وكل ما هو فاسد وتعمى أن ترى الأشياء الجميلة التي تملأالمكان من الأشجار والأزهار والمناظر المختلفة و وتستطيع أن تقول أن هذا الشخص يرىالدنيا بعين ذبابة
ويصح فيه قول الشاعر

ترى الورود فترى الأشواك
حولها
و تعمى أن ترى الندى فوقها إكليلا

وعلى الطرف الأخر
هناك أشخاص يدهشونك بروعتهم ورؤيتهم فهم لا يرون إلا النصف الممتلئ من الكوب فهميرون الخير والجمال وكل ما هو ممتع ومفيد في الدنيا والعالم أن حدثتهم عن البيئة , ينساب الحديث من أفواههم كشعر يحدثونك عن روعة شروق الشمس وكيف أن الناس لا تقدرونهحق قدره أنه منظر لا يقدر بثمن ويحدثونك عن بهاء الأرض وحسنها في الربيع وقد اكتستبأجمل وأحلى الألوان وإن نظروا إلى الصحراء وجدوا فيها جمالا خلابا فرمالها صفراءكالذهب وسماؤها واسعة متلألئة بالنجوم ورمالها الناعمة المرتسمة على الأرض بتشكيلفني رائع . إن حدثتهم عن الناس يقولون أخي الرسول صلى الله عليه وسلم يقول الخير فيوفي أمي إلى يوم القيامة, الناس فيها خير ما ترى حملات التبرعات وكيف يتسابق الناسللخير وعمل المعروف و الجمعيات الخيرية في كل مكان . و إن حدثتهم عن التقدم العلميوما فيه من فوائد تخدم البشرية رد عليك : الحمد لله نحن في نعمة عظيمة التقدمالتكنولوجي قدم خدمات جليلة للبشرية بفضل الله تعالى الآن بضغطة زر على جهاز الهاتفتطمئن على أخبار أي إنسان في أي مكان و الإنترنت أكبر مكتبة معلوماتية في العالم أيمعلومة تريدها بضغطة زر وإذا هي عندك والجوال معك في أي مكان لا تفقد الاتصال في أيوقت وزودوه بالكاميرا تصور أجمل الذكريات بكل سهولة لو كنت في أي مكان ورأيت منظرجميل أو غريب تصوره من خلال الجوال شيء لا يصدق كأننا في خيال لا في حقيقة . وتتعجبمرة أخرى من روعة هذا الكلام وهذه الرؤيا وتعرف أن هناك عيون متخصصة في رؤية الجمالوالخير والفضيلة ,مثل هذه العين كعين النحلة لا ترى إلا الأزهار والأشجار ولا تقعإلا على كل ما هو جميل مفيد فقط كأن ليس هناك شيء حولها فاسد أو خبيث تستطيع أنتقول أن هذا الشخص يرى الدنيا بعين نحلة
وقال الشاعر في مثل هذا
الشخص
كن جميلا ترى الوجود جميلا
.
وأخيرا هناك مقولة رائعة
في مدارس التفكير تقول (( إن الإدراك هو الإسقاط )) بمعنى أن ما تراه في الدنيا منحولك هو جزء من تكوينك الداخلي أو هو إسقاط من تكوينك الداخلي عليه .