الإيمو ثقافة فرعية ضد ثقافة الجماعة المتعارف عليها ،
ترتبط بالمراهقين دون سن السابعة عشر .

وتفرعت ثقافة الإيمو من موسيقى البانك الأكثر انتشارا في بريطانيا ،
والتي ترتبط بالأساس بأشكال موسيقية صاخبة وحزينة ومضادة للمتعارف عليه من الكلمات والألحان .
كما أنها ترتبط أيضا بموسيقى الروك والميتال البالغة الصخب .
وكما تعني كلمة البانك في أصولها اللغوية المواجهة والمعاداة لثقافة الجماعية السائدة ،
فإن الإيمو تمثل نوعا من الانسحاب والعزلة عن السياق العام المحيط وعدم التعامل معه .
فالإيمو حالة تمرد بالسلب على الآخرين والانسحاب عنهم ، تظهر سماتها من خلال ممارسات كثيرة ومتعددة .

أولى الجوانب المرتبطة بثقافة الإيمو ما يتعلق بالمظهر .
فالإيمو غريبوا الشكل ، يرتدون الملابس القاتمة السوداء .
سروايل ضيقة جدا ، يكاد المرء يرى من خلالها تفاصيل أجسامهم ،
أو فضفاضة جدا لا يمكن من خلالها التعرف على ملامحهم الجسدية .
وهم يفضلون الشعر الأسود الداكن جدا أو الأحمر اللون .
ويميل ذكور الإيمو إلى قلب شعرهم إلى الأمام الأمر الذي يغطي تقريبا نصف وجوههم .
وتميل فتيات الإيمو إلى وضع الكحل بكثافة حول منطقة العينين ،
الأمر الذي لا ندري معه المساحة الحقيقية للعين ،
إضافة إلى وضع المساحيق الكثيفة والداكنة التي تحيلهم إلى حالة من التوحش الساكن والمريب .
وغالبا ما يرتدي الإيمو كل ما هو غريب من أشكال الزي ..
التي تتعارض في الغالب الأعم مع السائد والمتعارف عليه من أشكال الزي التي يرتديها الأفراد العاديون .

لا يتعلق الأمر فقط بارتداء تلك الملابس الغريبة التي تلفت النظر بدرجة أو بأخرى ،
لكنها تتعدي ذلك إلى الكيفية التي يتعامل بها الإيمو مع جسده وملامحه .
ففي ظل الرغبة في الانسحاب من الثقافة العامة المحيطة ،
لا يجد الإيمو سوى جسده كفضاء ذاتي يمكنه أن يتعامل معه كما يحب وكما يريد .
من هنا تظهر ثقافة الوشم التي أصبحت سائدة بدرجة كبيرة بين الكثير من المراهقين والشباب على السواء .
كما تنتشر تلك الثقافة المتعلقة بوضع حلقات معدنية في الشفتين أو الأذنين ،
إضافة إلى العديد من مناطق الجسم الأخرى .
يتحول الوجه إلى ساحة من المعادن المختلفة التي تخترق الجلد ،
وتشتبك مع تفاصيله لتخلق حالة بشرية جديدة تستدعي التأمل والتفكير .
لا يخفي هنا الطابع الحساس للمراهقين ،
فهم عرضة لكافة التحولات البيولوجية والفكرية المختلفة ،
كما أنهم أكثر فئات المجتمع تأثرا بتحولاته المختلفة ،
فكل ما يحدث في الواقع الاجتماعي المحيط سواء أكان أسريا أو مدرسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا أو حتى سياسيا ينعكس عليهم بدرجة أو بأخرى .
ورغم الاهتمام الكبير الذي توليه المؤسسات المعنية بالمراهقين ،
إلا أنه من الواضح أن المجتمعات العربية مازالت تهمل مسألة التعامل مع المراهقين واحتياجاتهم المعنوية والمادية المختلفة .

فحساسية المراهقين تدفعهم للارتماء في أية تيارات جديدة محيطة بهم سواء أكانت محلية أو وافدة .
تبدو ثقافة الإيمو الوافدة وارتباط المراهقين المتزايدة بهم ،
تعبيرا عن خلل مجتمعي كبير وفادح ،
إن دل على شيء فإنه يدل على عدم وجود مشروعات حقيقية يمكن أن تجذب هؤلاء المراهقين لها ،
بما فيها المشروعات الدينية المختلفة .

لا يجب التعامل مع هذه الصرعات بمنطق الحلال والحرام ،
كما لا يجب التعامل مع هؤلاء المراهقين من موقف الزجر والنهي والامتهان .
فالمنطق الوحيد يكمن خلف التقرب منهم ، وفهم وجهات نظرهم ،
والوعي بما يرتمون في أحضانه من أفكار جديدة وصرعات غريبة حتى يمكن مواجهتها والتعامل معها .