التكيف مع الشخصيات الصعبة

التكيف مع الشخصيات الصعبة

* حسين نجيب محمد



بإعتبار أن تغير الطباع في الآخرين من الأمور الصعبة، فلا بد للإنسان الذي يتعامل مع شخصيات حادة أو متوترة أو منطوية أوعنيدة سواء كانت زوجاً أو مديراً أو شريكاً أو صديقاً أن يراعي هذه الأمور- بعد عدمقدرته على تغييرهم:


*التكيف معهم وعدم الإصطدام بهم:
يقول دايل كارنيجي: كنت مرة في مكتب صديق لي يشغل منصب مدير لإحدى شركات الطيران الكبيرة. وكان مكتبه يطل على المطار.. وإسترعى إنتباهي منظر الطائرات وهي تحلق في الجو الواحدة بعدالأخرى في يسر وسرعة.. فقلت لصديقي: أليس عجيباً أن يقهر الإنسان الهواء ويسخره لخدمته؟
فقال لي على الفور:
من قال لك أنه قهره وسخره.. أنه لم يقهره ولن يقهره..
فنظرت إليه في دهشة وهو يتابع كلامه:
إن محاولة المرء قهر الهواء هي التي أعاقته عن الطيران منذ مئات السنين. إن القوانين الطبيعية التي تسيّر الطائرات بموجبها هي بعينها اليوم كما كانت مند أيام "ليوناردي فنشى". فنحن لم نغيرها،ولكننا كيّفنا أنفسنا لنتمشى معها.. فكل طائرة تصنع الآن وفقاً لهذه القوانين. وكلما أدركنا حقيقة هذه القوانين وكشفنا عما تنطوي عليه، تقدمنا في مضمار الطيران. فقلت لصديقي: نعم صدقت.


وكذلك الحال مع الناس.. إنك لا تستطيع أن تنتفع من جهودهم وخدماتهم إلى الحد الأقصى عن طريق القهر والتسخير والتعالي والإرغام، وإنمابفهم نفسياتهم ورغباتهم، ثم بالعمل على مسايرتهم، سل نفسك دائماً: "ماذا يريدالناس، وما هي ميولهم، وما هي رغباتهم، وفيم يفكرون." ثم تمشي مع هذه الميول والرغبات والأفكار."


* تقبل أحوالهم كما هم لا كما نريد نحن:



فكما أننا قد لا نستطيع أن نغيّرطباعنا فإن الآخرين كذلك.


ولعل أول خطوة في فن التعامل مع الآخرين هي الإيمان بقبول الآخرين على ما هم عليه من صفات وخصوصيات، وتلقين النفس بهذا المبدأ، وبمعنى آخر الإدمان على حالة التعايش مع الآخرين والتكيّف مع أوضاعهم، لا شك أنَّ الأفضل من هذا هو السعي لتغيير الآخرين ومعالجة أمراضهم إلى جانب السعي المتواصل لمعالجة أمراضنا الخاصة أيضاً للقضاء على النواقص وتبديل السلبيات إلى إيجابيات؛ لأنه مقتضى الأمر بالمعروف وتنبيه الغافل وإرشاد الجاهل ونحو ذلك من الملاكات، وهو أيضاً طموح كل فرد مؤمن ومسؤول في المجتمع، بل ومسؤولية الجميع حتى نحصل على مجتمع رشيد وأمة واعية، خصوصاً الأُمم الصغيرة كالمؤسسات والدوائر، إلاّ أن هذا ليس دائماً بالمقدور كما قال سبحانه: (لَّستَ عَلَيهِم بِمُصَيطِرٍ) [الغاشية: 22] كما هو ليس بالأمر السهل دائماً؛ لذايبقى أمامنا حلاّن آخران:


أحدهما: الإصطدام بهم والدخول معهم في حروب ونزاعات داخلية تحرق الأخضر واليابس، وتنزل بالجميع إلى أسفل المستويات الفكرية والروحية والعملية.
وثانيهما: القبول بالآخرين والسعي للتعايش معهم، وهذا في منطق الحكمة والإدارة أسلوب حكيم يضمن للجميع الإيجابيات وإستثمارها في سبيل التقدم، وفي نفس الوقت يحيّد الخصومات، وينزل بالعدائية والعراكات إلى أقل مستوياتها بما يضمن للجميع مستويات عالية من الصحة وإستقرار البال وهدوء الأعصاب فضلاً عن المحبة والتعاطف والتنسيق.


*التحلّي بالصفات الأخلاقية: من الصبر والحلم والتغافل فإن وجود هذه الصفات فينا تساعدنا على قبول الآخرين.


ونحن لا نمتلك القدرات الخارقة على معالجة الناس أو تغييرهم بالمعاجز والكرامات،فلم يبق أمامنا إلا أن نعمل على تهذيب أنفسنا أولاً؛ لأننا أيضاً منهم،ونتصف بصفاتهم ونمتلك مزاياهم، ثم نعمل على توجيههم وإرشادهم إلى الأفضل مهما أمكن، وهذايتطلب منا المزيد من المرونة وسعة الصدر وطول النفس والمتابعات المستمرة وتوفيرالأجواء الإيجابية حتى نهيء أجواء التغيير الصالحة، ومع ذلك يبقى قرار التغيير و التغيّر الأخير بأيديهم.



فإنْ لم نتوفق في ذلك سريعاً بنحو كلي أو جزئي فلم يبق أمامنا إلا العمل على مبدأ قبولهم والتعايش معهم، ولا أظن أن أحداً منّا يلتفت إلى هذه المعادلة الواقعية في الطبع البشري وتبقى أعصابه شديدة التوتر، أو يئن من وطأة النزاعات مع الآخرين."


منقوووووووووول بتصرف




المصدر: كتاب كيف تغيرحياتك
\\التكيف مع الشخصيات الصعبة