أركان الاسلام - القرآن الكريم
أهلا وسهلا بك إلى معهد توب ماكس تكنولوجي.
  1. ما شاء الله تبارك الله ( يا ربي لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك )
  2. معهد توب ماكس تكنولوجي | أعلى قمة للتكنولوجيا الحديثة في الشرق الأوسط - صرح علمي متميز
  3. طريقة تسجيل عضوية في معهد توب ماكس تكنولوجي بشكل سريع
    مع ملاحظة أن التسجيل مجاني ومفتوح طيلة أيام الأسبوع عند تسجيل العضوية تأكد من البريد الالكتروني أن يكون صحيحا لتفعيل عضويتك وأيضا أن تكتبه بحروف صغيره small و ليست كبيرة تستطيع أيضا استخدام الروابط التالي : استرجاع كلمة المرور | طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية
  4. اشترك ألان في خدمة رسائل المعهد اليومية لتعرف كل جديد اضغط هنا للاشتراك
التفاصيل : الردود : 1 المرفقات : 0 المشاهدات: 8095 مشاهدة
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
أرسل هذا الموضوع إلى صديق…

المواضيع المتشابهه

  1. ديكورات أركان 2013 ، ديكورات أركان فخمه ، تصميمات أركان 2014
    بواسطة شهود في المنتدى ديكور المنازل والفيلات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-13-2013, 11:23 PM
  2. أركان الحج، وواجباته، وسننه
    بواسطة نبيل الكهالي في المنتدى المواضيع العامة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-04-2012, 05:27 PM
  3. أركان الإيمان
    بواسطة نبيل الكهالي في المنتدى الحديث الشريف و السيرة النبوية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-09-2012, 07:09 PM
  4. خداديات لتزيين أركان المنزل2013
    بواسطة شهود في المنتدى ألوان الدهانات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-24-2012, 04:22 PM
  5. ما هى أركان الحج ؟
    بواسطة مصمم راقي في المنتدى الثقافة و الألعاب و الترفيه
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-18-2009, 07:57 PM

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أركان الاسلام

  1. #1
    مشرف مطبخ المعهد شيف المطبخ الصورة الرمزية chefadel55
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    مصراوى
    العمر
    43
    المشاركات
    1,409
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي أركان الاسلام



    أركان الاسلام

    التوحيد
    شروط لا إله إلا الله

    ذكر العلماء لكلمة الإخلاص شروطا سبعة , لا تصح إلا إذا اجتمعت , واستكملها العبد , والتزمها بدون مناقضة لشيء منها , وليس المراد من ذلك عد ألفاظها وحفظها ؟ فكم من عامي اجتمعت فيه , والتزمها ولو قيل له عددها لم يحسن ذلك وكم حافظ لألفاظها يجري فيها كالسهم , وتراه يقع كثيرا فيما يناقضها .
    وهذه الشروط مأخوذة بالتتبع والاستقراء , وقد نظمها الشيخ حافظ الحكمي - رحمه الله - بقوله :
    العلم واليقين والقبول و الانقياد فادر ما أقول
    والصدق والإخلاص والمحبة وفقك الله لما أحبه
    ونظمها بعضهم بقوله :
    علم يقين وإخلاص وصدقـــك مع محبة وانقياد والقبول لها
    وأضاف بعضهم شرطا ثامنا ، ونظمه بقوله :
    و زيد ثامنها الكفران منك بما سوى الإله من الأوثان قد ألها
    وهذا الشرط مأخوذ من قوله - صلى الله عليه وسلم - : من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه" .
    هذه هي الشروط السبعة مع زيادة الشرط الثامن على وجه الإجمال ,
    وإليك تفصيلها :
    1-العلم : والمراد به العلم بمعناها نفيا وإثباتا , وما تستلزمه من عمل , فإذا علم العبد أن الله - عز وجل - هو المعبود وحده , وأن عبادة غيره باطلة وعمل بمقتضى ذلك العلم - فهو عالم بمعناها . وضد العلم الجهل ؟ بحيث لا يعلم وجوب إفراد الله بالعبادة , بل يرى جواز عبادة غير الله مع الله , قال تعالى :" فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وقال : إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ " أي من شهد بلا إله إلا الله وهم يعلمون بقلوبهم ما نطقوا به بألسنتهم , وقال تعالى : " شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " وقال تعالى : " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ "وقال : "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ " ، و قال : " وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ " . و في الصحيح عن عثمان - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة " .
    2-اليقين : وهو أن ينطق بالشهادة عن يقين يطمئن قلبه إليه , دون تسرب شيء من الشكوك التي يبذرها شياطين الجن والإنس , بل يقولها موقنا بمدلولها يقينا جازما . فلا بد لمن أتى بها أن يوقن بقلبه , ويعتقد صحة ما يقوله من أحقية إلهية الله تعالى , وبطلان إلهية من عداه , وأنه لا يجوز أن يصرف لغيره شيء من أنواع التأله والتعبد , فإن شك في شهادته أو توقف في بطلان عبادة غير الله كأن يقول : أجزم بألوهية الله ولكنني متردد ببطلان إلهية غيره - بطلت شهادته ولم تنفعه , قال تعالى مثنيا على المؤمنين : " وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ " . وقد مدح الله المؤمنين أيضا بقوله :" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وذم المنافقين بقوله : وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ " . و روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة " ؛ و عنه - رضي الله عنه - أيضا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة " .
    3- القبول : والقبول يعني أن يقبل كل ما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه , فيصدق بالأخبار ويؤمن بكل ما جاء عن الله وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم - , ويقبل ذلك كله , ولا يرد منه شيئا , ولا يجني على النصوص بالتأويل الفاسد والتحريف الذي نهى الله عنه , قال تعالى واصفا المؤمنين بامتثالهم وقبولهم وعدم ردهم : " آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ " وقال تعالى : " قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا " وضد القبول : الرد , فإن هناك من يعلم معنى الشهادة ويوقن بمدلولها ولكنه يردها كبرا وحسدا , وهذه حال علماء اليهود والنصارى كما قال تعالى عنهم : " الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ". وقال تعالى : " حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ", وكذلك كان المشركون يعرفون معنى لا إله إلا الله وصدق رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - ولكنهم يستكبرون عن قبوله كما قال تعالى عنهم : " إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ " ، و قال تعالى عنهم : " فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ " ، و كذلك كان شأن فرعون مع موسى - عليه السلام - . ويدخل في الرد وعدم القبول من يعترض على بعض الأحكام الشرعية أو الحدود أو يردها , كالذين يعترضون على حد السرقة , أو الزنا , أو على تعدد الزوجات أو المواريث , وما إلى ذلك , فهذا كله داخل في الرد وعدم القبول , لأن الله يقول : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ويقول : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ " . و يدخل في الرد أيضا من يعطل أسماء الله وصفاته , أو يمثلها بصفات المخلوقين .
    4-الانقياد المنافي للترك : وذلك بأن ينقاد لما دلت عليه كلمة الإخلاص , ولعل الفرق بين الانقياد والقبول أن القبول إظهار صحة معنى ذلك بالقول , أما الانقياد فهو الاتباع بالأفعال , ويلزم منهما جميعا الاتباع , فالانقياد هو الاستسلام والإذعان وعدم التعقب لشيء من أحكام الله , قال تعالى : " و َأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ وقال تعالى : وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ " ؛ و قال تعالى : " وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى " ، و قال تعالى مثنيا على إبراهيم - عليه السلام - : " إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ " . ومن الانقياد أيضا لما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - والرضى به والعمل به دون تعقب أو زيادة أو نقصان قال تعالى : " فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " . وإذا علم أحد معنى لا إله إلا الله , وأيقن بها , وقبلها , ولكنه لم ينقد , ويذعن , ويستسلم ويعمل بمقتضى ما علم فإن ذلك لا ينفعه , كما هي حال أبي طالب فهو يعلم أن دين محمد حق وينطق بذلك ويعترف , حيث يقول مدافعا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - : و الله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا فاصدع بأمرك لا عليك غضاضة وافرح وقر بذاك منك عيونا و لقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحا بذاك مبينا فما الذي نقص أبا طالب ؟ الذي نقصه هو الإذعان والاستسلام .
    وكذلك الحال بالنسبة لبعض المستشرقين ؟ فهم يعجبون بالإسلام ويوقنون بصحته ويعترفون بذلك , وتجد بعض المسلمين يهشون لذلك ويطربون لهؤلاء , ويصفونهم بالموضوعية والتجرد , ولكن إعجابهم ويقينهم واعترافهم لا يكفي , بل لا بد من الانقياد . ومن عدم الانقياد ترك التحاكم لشريعة الله - عز وجل - واستبدالها بالقوانين الوضعية , الفرنسية , والإنجليزية , والسويسرية وغيرها .
    5-الصدق : وهو الصدق مع الله , وذلك بأن يكون صادقا في إيمانه صادقا في عقيدته , ومتى كان ذلك - فإنه سيكون مصدقا لما جاء من كتاب ربه , وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - , فالصدق أساس الأقوال , ومن الصدق أن يصدق في دعوته وأن يبذل الجهد في طاعة الله , وحفظ حدوده , قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ " وقال في وصف الصحابة : " رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ وقال : وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ " . وقد ورد اشتراط الصدق في الحديث الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - من قال لا إله إلا الله صادقا من قلبه دخل الجنة . وضد الصدق الكذب , فإن كان العبد كاذبا في إيمانه فإنه لا يعد مؤمنا بل هو منافق , وإن نطق بالشهادة بلسانه , وحاله هذه أشد من حال الكافر الذي يظهر كفره , فإن قال الشهادة بلسانه وأنكر مدلولها بقلبه فإن هذه الشهادة لا تنجيه , بل يدخل في عداد المنافقين , الذين حكى الله عنهم أنهم قالوا " نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ " ، فرد الله عليهم تلك الدعوى بقوله : " وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ " وقال تعالى أيضا في شأن هؤلاء :" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ " . و قال : " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ " ، و الأدلة في ذلك كثيرة جدا ، وهي مبسوطة في أوائل سورة البقرة , وفي سورة التوبة أيضا وغيرها , فإذا قامت أعمال الإنسان واعتقاداته على عقيدة سليمة كان الإيمان قويا سليما , وبالتالي يكون العمل مقبولا بإذن الله والعكس بالعكس , والناس يتفاوتون في الصدق تفاوتا عظيما . ومما ينافي الصدق في الشهادة تكذيب ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو تكذيب بعض ما جاء به لأن الله سبحانه أمرنا بطاعته وتصديقه , وقرن ذلك بطاعته - سبحانه وتعالى - وقد يلتبس على بعض الناس الأمر في موضوع اليقين والصدق , لذا نقول : إن اليقين أعم من التصديق , وعلى ذلك يكون كل موقن مصدقا وليس كل مصدق موقنا . أي بينهما عموم وخصوص كما يقول أهل الأصول ؟ أي أن الموقن قد مر بمرحلة التصديق .
    6-الإخلاص : وهو تصفية الإنسان عمله بصالح النية عن جميع شوائب الشرك , وذلك بأن تصدر منه جميع الأقوال والأفعال خالصة لوجه الله , وابتغاء مرضاته , ليس فيها شائبة رياء , أو سمعة , أو قصد نفع , أو غرض شخصي أو شهوة ظاهرة أو خفية أو الاندفاع للعمل لمحبة شخص , أو مذهب , أو مبدأ , أو حزب يستسلم له بغير هدى من الله , والإخلاص كذلك مهم في الدعوة إلى الله تعالى فلا يجعل دعوته حرفة لكسب الأموال أو وسيلة للتقرب إلى غير الله , أو الوصول للجاه والسلطان , بل لا بد أن يكون مبتغيا بدعوته وجه الله والدار الآخرة , ولا يلتفت بقلبه إلى أحد من الخلق يريد منه جزاء أو شكورا . والقرآن والسنة مليئان بذكر الإخلاص , والحث عليه , والتحذير من ضده , ومن ذلك قوله تعالى :" أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ " ، و قال :" وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ " ، و قال : " قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي ". وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله : " أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه " . و في الصحيحين من حديث عتبان :" فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله " . ويدخل في ذلك - الإخلاص في اتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - , بالاقتصار على سنته وتحكيمه , وترك البدع , والمخالفات , وترك ما يخالف شرعه من التحاكم إلى ما وضعه البشر من عادات وقوانين فإن رضيها أو حكم بها - لم يكن من المخلصين .
    وضد الإخلاص الشرك والرياء وابتغاء غير وجه الله . فإن فقد العبد أصل الإخلاص فإن الشهادة لا تنفعه أبدا قال تعالى : " وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ". فلا ينفعه حينئذ أي عمل يعمله لأنه فقد الأصل : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا " . وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قال الله تبارك وتعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك , من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه " . وإن فقد الإخلاص في عمل من الأعمال ذهب أجر ذلك العمل .
    7-المحبة : أي المحبة لهذه الكلمة العظيمة , ولما دلت عليه واقتضته , فيحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ويقدم محبتهما على كل محبة , ويقوم بشروط المحبة ولوازمها . فيحب الله محبة مقرونة بالإجلال والتعظيم والخوف والرجاء , ويحب ما يحبه الله من الأمكنة : كمكة المكرمة والمدينة النبوية والمساجد - عموما - والأزمنة كرمضان وعشر ذي الحجة وغيرها , والأشخاص كالأنبياء والرسل والملائكة والصديقين والشهداء والصالحين , والأفعال كالصلاة والزكاة والصيام والحج , والأقوال كالذكر وقراءة القرآن , . ومن المحبة - أيضا - تقديم محبوبات الله على محبوبات النفس وشهواتها ورغباتها , وذلك لأن النار حفت بالشهوات والجنة حفت بالمكاره . ومن المحبة أيضا أن يكره ما يكرهه الله ؟ فيكره الكفار , ويبغضهم , ويعاديهم , ويكره الكفر والفسوق والعصيان , قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ " وقال تعالى : " لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ". وقال تعالى : " قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ". وقال - صلى الله عليه وسلم - :" ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما " .
    وعلامة هذه المحبة الانقياد لشرع الله واتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى : " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ", وضد المحبة الكراهية لهذه الكلمة ولما دلت عليه وما اقتضته , أو محبة غير الله مع الله . قال تعالى :" ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ". وقال الله تعالى : " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ " ، فهؤلاء الذين بين الله - جل وعلا - شأنهم في هذه الآية يحبون الله ولكنهم يحبون غيره مثل محبته على أحد التفسيرين , ومع ذلك سماهم الله ظالمين والظلم هنا بمعنى الشرك بدليل قوله تعالى في الآية التي تليها :" وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ". فإذا كان هذا هو شأن - من أحب الله وأحب غيره مثل حبه - فكيف بمن أحب غير الله أكثر من حبه لله ؟ , وكيف بمن أحب غير الله ولم يحب الله - سبحانه وتعالى - بل وكيف بمن أحب غير الله , وكره الله وحارب الله - سبحانه وتعالى ؟ ؟
    ومما ينافي المحبة أيضا بغض الرسول - صلى الله عليه وسلم - , ومما ينافيها موالاة أعداء الله من اليهود والنصارى وسائر الكفار والمشركين ومما ينافيها أيضا معاداة أولياء الله المؤمنين . ومما ينافي كمالها - المعاصي والذنوب . نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يرزقنا حبه وحب من يحبه والعمل الذي يقربنا إلى حبه إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير


    الصلاة
    الركن الثاني - الصلاة


    تُعدُّ الصلاة أعظم العبادات شأناً وأوضحها برهاناً، أهتم بها الإسلام وأولاها أيما عناية، فبيّن فضلها ومنـزلتها بين العبادات، وأنها صلة بين العبد وربه، يظهر بها امتثال العبد أوامر ربّه.

    1. تعريفها:
    -لـغـة: تطلق الصلاة في اللغة على الدعاء، ومنه قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [سورة التوبة: من الآية103]
    - واصطلاحاً: هي عبادة تشتمل على أقوال وأفعال مخصوصة تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم.
    والمراد بالأقوال: التكبير والقراءة والتسبيح والدعاء، ونحو ذلك.
    والمراد الفعال: القيام والركوع والسجود والجلوس ونحو ذلك.

    2. أهميتها لدى الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام:
    تُعَدُّ الصلاة من العبادات التي شرعت في الأديان السماوية السابقة لبعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فهذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام يسأل ربه إقامتها هو وذريته {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [سورة إبراهيم: من الآية40]. وكان إسماعيل عليه الصلاة والسلام يأمر أهله بها {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} [سورة مريم: من الآية55].
    وقال تعالى مخاطباً موسى عليه الصلاة والسلام: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [سورة طـه، الآية:14]. وأوصى الله بها نبيه عيسى عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً} [سورة مريم، الآية:31].
    وقد فرض الله تعالى الصلاة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في السماء ليلة الإسراء والمعراج، وكانت في أول فرضيتها خمسون صلاة ثم خففها الله سبحانه وتعالى إلى خمس، فهي خمس في الأداء وخمسون في الثواب.
    والصلوات الخمس هي: الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، واستقر الأمر على ذلك بإجماع المسلمين.

    3. دليل مشروعيتها:
    ثبت مشروعية الصلاة بأدلة كثيرة منها:
    أولاً: من الكتاب:
    قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [سورة البقرة: من الآية43].
    قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [سورة النساء: من الآية103].
    قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} [سورة البينة: من الآية5].
    ثانياً: من السنّة:
    1-حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان" متفق عليه.
    2- حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً..." رواه مسلم.
    3- حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال: ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة..." متفق عليه.
    ثالثاً: الإجماع:
    أجمع المسلمون على مشروعية الصلوات الخمس وأنها فرض من فروض الإسلام.

    4. الحكمة في مشروعيتها:
    شرعت الصلاة لحكم وأسرار يمكن الإشارة إلى بعضها في الآتي:
    1- عبودية العبد لله تعالى، وأنه مملوك له سبحانه وتعالى، فبهذه الصلاة يشعر الإنسان بالعبودية ويبقى دائماً مرتبطاً بخالقه سبحانه وتعالى.
    2- تجعل الصلاة صاحبها قوي الصلة بالله دائم الذكر له.
    3- تنهى الصلاة صاحبها عن الفحشاء والمنكر، وهي من أسباب تطهير العبد من الذنوب والخطايا.
    وقد دل على هذا حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل الصلوات كمثل نهر جار يمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات" رواه مسلم.
    4-تُعَدُّ الصلاة طمأنينة للقلب وراحة للنفس ومخلصة لها من المصائب التي تكدر صفوها؛ ولهذا كانت قرة عين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يفزع إليها إذا حزبه أمر، حتى كان يقول صلى الله عليه وسلم: "يا بلال أرحنا بالصلاة" أخرجه أحمد.

    5.من تجب عليه الصلاة:
    تجب الصلاة على كل مسلم بالغ عاقل ذكراً كان أم أنثى، فلا تجب على كافر بمعنى أن لا يطالب بها في الدنيا، لأنها لا تصح منه مع كفره، إلا أنه يعاقب عليها في الآخرة؛ لأنه يتمكن من فعلها بالإسلام ولم يفعلها. دلّ على ذلك قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ. قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ. وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ. وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ. حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [سورة المدثر، الآيات: 42-47]
    ولا تجب على صبي؛ لفقده التكليف، ولا على المجنون كذلك، ولا على الحائض والنفساء؛ لإسقاط الشرع عنهما بسبب الحدث المانع منها.
    وتجب على ولي الصغير ذكراً كان أم أنثى أن يأمره بالصلاة عند بلوغه سبع سنين ويضربه عليها لعشر، كما ورد في الحديث حتى يعتاد على أدائها والحرص عليها.

    6.حكم تارك الصلاة:
    من ترك الصلاة فقد كفر كفراً مخرجاً عن الملة، وهو من المرتدين عن مجمل الإسلام؛ لأنه عصى الله بترك ما فرضه عليه، فيؤمر بالتوبة، فإن تاب ورجع بإقامتها وإلا أصبح مرتداً عن الإسلام فلا يجوز غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين؛ لأنه ليس واحداً منهم.

    7. شروطها:
    1-الإسلام.
    2-العقل.
    3-التمييز.
    4-دخول الوقت.
    5-النيّة.
    6-استقبال القبلة.
    7-ستر العورة. وعورة الرجل من السرة إلى الركبة، أما المرأة فكلها عورة إلا وجهها وكفيها في الصلاة.
    8-إزالة النجاسة عن ثوب المصلي وبدنه والمكان الذي يصلي فيه.
    9-رفع الحدث، ويشمل: الوضوء والغسل من الجنابة.
    8.أوقاتها:
    1- الظهر: وقتها: من زوال الشمس –أي انحرافها عن منتصف السماء ناحية الغروب- إلى أن يصير ظل كلّ شيء مثله.
    2-العصر: ووقتها: من خروج وقت الظهر إلى أن يصير ظل الشيء مثليه، وهو بداية وقت اصفرار الشمس.
    3- المغرب: ووقتها: من غروب الشمس إلى أن يغيب الشفق الأحمر، وهو الحمرة التي تعقب غروب التي تعقب غروب الشمس.
    4-العشاء: ووقتها: يدخل بخروج وقت المغرب إلى نصف الليل.
    5-الفجر: ووقتها: من ظهور الفجر الثاني ما لم تطلع الشمس.
    والدليل على ذلك حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة.." الحديث. رواه مسلم.

    9.عدد ركعاتها:
    عدد ركعات الصلوات المفروضة جميعها سبع عشرة ركعة على النحو التالي:
    1- الظهر: أربع ركعات.

    2- العصر: أربع ركعات.

    3- المغرب: ثلاث ركعات.

    4- العشاء: أربع ركعات.

    5- الفجر: ركعتان.

    فمن زاد في عدد ركعات هذه الصلوات أو نقص منها فصلاته باطلة إن تعمّد، وإن كان سهواً تدارك ذلك بسجود السهو.
    وهذا في غير صلاة المسافر، حيث يستحب له قصر الرباعية إلى ركعتين، ويجب على المسلم أن يصلي هذه الصلوات الخمس في وقتها المحدد لها إلا لعذر شرعي كالنوم والنسيان والسفر، فمن نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها.

    10. فرائضها:
    1- القيام مع القدرة.

    2- تكبيرة الإحرام.

    3- قراءة الفاتحة.

    4- الركوع.

    5- الرفع منه.

    6- السجود على الأعضاء السبعة.

    7- الجلوس عنه.

    8- التشهد الأخير.

    9- الجلوس له.

    10- الطمأنينة في هذه الأركان.

    11- الترتيب بين هذه الأركان.

    12- السلام.


    11. واجباتها:
    واجبات الصلاة ثمانية:-

    الأول: جميع تكبيرات الانتقال في الصلاة عدا تكبيرة الإحرام.
    الثاني: قول: ((سمع الله لمن حمده)) فهذا التسميع واجب في حق الإمام والمنفرد، أما المأموم فلا يقوله.
    الثالث: قول: ((ربنا ولك الحمد)) فهذا التحميد واجب على الجميع، الإمام والمأموم والمنفرد.
    الرابع: قول: ((سبحان ربي العظيم)) في ركوع.
    الخامس: قول: ((سبحان ربي الأعلى)) في السجود.
    السادس: قول: ((رب غفر لي)) بين السجدتين.
    السابع: التشهد الأول، وهو أن يقول: ((التحيّات لله والصلوات الطيبات، السلام عليكم أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)) أو نحو ذلك مما ورد.
    الثامن: الجلوس للتشهد الأول.
    وكل من ترك واجباً منها عمداً بطلت صلاته، ومن تركه جهلاً أو سهواً فإنه يسجد للسهو.

    12.صلاته الجماعة:
    على الرجل المسلم أن يصلي الصلوات الخمس مع جماعة المسلمين في المسجد لينال رضا الله تعالى والأجر منه سبحانه.
    وصلاة الجماعة تفضل على صلاة الفرد سبعاً وعشرون درجة، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" متفق عليه.
    أما المرأة المسلمة فصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها مع الجماعة.

    13.مبطلاتها:
    تبطل الصلاة بأحد الأمور الاتية:
    1- الأكل والشرب عمداً؛ لإجماع العلماء على أن من أكل أو شرب عامداً فإن عليه الإعادة.

    2- الكلام عمداً في غير مصلحة الصلاة لما رواه زيد بن أرقم رضي الله عنه قل: "كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [سورة البقرة: من الآية238] فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام" رواه البخاري ومسلم، وكذلك للإجماع على أن من تكلم في صلاته عامداً وهو لا يريد إصلاح صلاته فإن صلاته فاسدة.

    3- العمل الكثير عمداً، وضابط العمل الكثير (هو ما يخيل للناظر إلى المصلي أنه ليس في صلاة).

    4- ترك ركن أو شرط عمداً بدون عذر كالصلاة بغير طهارة أو الصلاة لغير القبلة؛ لما روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي الذي لم يحسن صلاته: "ارجع فصل فإنك لم تصلّ"

    5- الضحك في الصلاة؛ وذلك للإجماع على بطلان الصلاة بالضحك.


    14.أوقات النهي عن الصلاة:
    1-بعد صلاة الفجر حتى ترتفع الشمس.
    2-عند استواء الشمس.
    3-بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس.
    وقد دلّ على كراهة الصلاة في هذه الأوقات حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضَّف الشمس للغروب حتى تغرب" رواه مسلم.
    ولحديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس" متفق عليه.

    15. إجمال صفة الصلاة:
    يجب على المسلم الإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك صفة الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري.
    وكان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة ووقف بين يدي الله تبارك وتعالى عقد نيّة الصلاة بقلبه، ولم يؤثر عنه أنه نطق بها، وكبّر قائلاً (الله أكبر)، ورفع يديه مع هذا التكبير حذو منكبيه، وأحياناً كان يرفعهما حتى يبلغ بهما شحمة أذنيه، ووضع يمناه على يسراه فوق صدره، واستفتح بدعاء من أدعية الاستفتاح ومنها: (سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك)، ثم قرأ سورة الفاتحة وسورة، ثم كبّر رافعاً يديه، وركع، ومدّ ظهره في ركوعه حتى لو وضع قدح ماء فوق ظهره صلى الله عليه وسلم ما انسكب، قائلاً 0سبحان ربي العظيم) ثلاثاً، ثم رفع رأسه قائلاً 0سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد) رافعاً يديه أيضاً، حتى يستوي قائماً، ثم كبّر وسجد، فإذا سجد جافي –أي باعد- ما بين يديه وجنبيه حتى يبدو بياض إبطيه، ومكّن جبهته وأنفه وكفيه وركبتيه وأطراف قدميه حتى تصيب الأرض، قائلاً 0سبحان ربي الأعلى) ثلاثاً، ثم كبر وجلس مفترشاً أي جالساً على القدم اليسرى، ناصبا القدم اليمنى، موجهاً أطراف أصابعها تجاه القبلة قائلاً في هذا الجلوس (رب اغفر لي وارحمني واجبرني وارفعني واهدني وعافني وارفعني)، ثم كبر وسجد، ثم للركعة الثانية.
    وهكذا فعل صلى الله عليه وسلم في كل ركعة، فإذا جلس بعد ركعتين للتشهد الأول قال: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) إلى آخر التشهد، ثم يقوم مكبراً رافعاً يديه إذا استوى قائماً، وهو الموضع الرابع في الصلاة الذي كان يرفع فيها يديه، فإذا جلس للتشهد الأخير وهو في الثالثة من صلاته المغرب أو الرابعة من الظهر والعصر والعشاء جلس متوركاً أي جلس على مقعدته اليسرى، وأخرج قدمه اليسرى من تحت ساقه اليمنى، ونصب القدم اليمنى مستقبلاً بها القبلة، وجمع أصابع كفه تاركاً السبّابة للإشارة أو التحريك ملقياً ببصره إليها، فإذا فرغ من تشهده سلّم عن يمينه وعن شماله قائلاً (السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله) حتى يبدو بياض خديه صلى الله عليه وسلم.
    وقد بينت هذه الصفة في عدة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    هذه بعض أحكام الصلاة التي عليها يتوقف صلاح العمل، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن أداها كاملة فاز برضا الله تعالى، وإن نقص منها شيئاً هلك، والصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر فهي علاج للنفس البشرية من نوازع الشر حتى تصفو من الرذائل.

    الصيام
    الركن الرابع - صيام شهر رمضان

    الصيام لغة: الإمساك مطلقاً.
    وشرعاً: هو إمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس.

    2.حكمه:
    صيام شهر رمضان أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام؛ لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة، الآية:183]، ولما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله" متفق عليه.
    وفرض صيام رمضان على الأمة الإسلامية في السنة الثانية من الهجرة.

    3. فضله وحكمة مشروعيته:
    شهر رمضان موسم عظيم لطاعة الله عزّ وجلّ، وبلوغه نعمة كبيرة، وفضل من الله الكريم، يمنّ به على من يشاء من عباده، لتزداد حسناتهم، وترفع درجاتهم، وتحمى سيئاتهم، وتقوى صلتهم بخالقهم جلّ وعلا، ليكتب لهم الأجر العظيم، والثواب الجزيل، وينالوا رضاه، وتمتلئ قلوبهم بخشيته وتقواه.
    ومما ورد في فضله:
    ‌أ.قوله تبارك وتعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [سورة البقرة، الآية:185]
    ‌ب. ما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه.
    ‌ج.وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عزّ وجلّ: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك" رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
    ‌د.أن دعاء الصائم مستجاب، قال عليه الصلاة والسلام، للصائم عند فطره دعوة لا ترد" رواه ابن ماجه.
    لذلك ينبغي للمسلم أن يحرص على اغتنام وقت إفطاره بسؤال ربه ودعائه عسى أن يوافق نفحة من نفحات الباري جلّ وعلا، لتحصل له السعادة في الدنيا والآخرة.
    ‌ه. أن الله خصص للصائمين باباً من أبواب الجنة، لا يدخل منه إلا الصائمون، إكراماً لهم، وتمييزاً لهم عن غيرهم. فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة باباً يقال له "الريان" فإذا كان يوم القيامة قيل: أين الصائمون، فإذا دخلوا أغلق عليهم فلم يدخل منه أحد" متفق عليه.
    و. أن الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام أي رب منعته من الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان" رواه أحمد.
    ‌ز.أن الصيام يُعَوِّد المسلم على الصبر والتحمّل والجَلَد، فهو يحمله على ترك محبوباته وشهوراته وكُبح جماح النفس فيه مشقة عظيمة.

    4.شروط وجوبه:
    أجمع العلماء على أن الصيام يجب على المسلم البالغ العاقل الصحيح المقيم، ويجب على المرأة إذا كانت طاهرة من الحيض والنفاس.

    5. آدابه:
    ‌أ.اجتناب الصائم الغيبة والنميمة، وغيرهما مما حرّم الله تعالى، فعلى المسلم أن يكف لسانه عن المحرمات، ويحفظه عن الوقوع في أعراض الآخرين. قال عليه الصلاة والسلام: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" رواه البخاري.
    ‌ب.أن لا يدع طعام السحور، فهو يعين الصائم على صومه، فيقطع نهاره مرتاحاً ويؤدي عمله بنشاط وحيوية، وقد حثّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "السحور أكلة بركة، فلا تدعوه، ولو أن يخرج أحدكم جرعة من ماء فإن الله عزّ وجلّ وملائكته يصلون على المتسحرين" رواه أحمد.
    ‌ج.أن يعجل الفطر بعد تحقيقه من غروب الشمس، قال عليه الصلاة والسلام: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" متفق عليه.
    ‌د. أن يحرص على الإفطار على الرطب أو التمر، لأن ذلك من السنّة، قال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء" رواه أبو داود.
    ‌ه. الإكثار من قراءة القرآن، وذكر الله تعالى، وحمده والثناء عليه، والصدقة والإحسان وكثرة النوافل وغير ذلك من الأعمال الصالحة؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود النّاس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة" رواه البخاري ومسلم.

    6. مفسداته:
    الأكل والشرب عمداً خلال النهار، وكذلك سائر المفطرات، كالإبر المغذية أو تناول الأدوية عن طريق الفم فإنها في حكم الطعام والشراب، أما إخراج دم قليل كالذي يستخرج للتحليل فهذا لا يؤثر على الصيام.
    الجماع في نهار رمضان، فإنه يفسد صومه، وعليه التوبة إلى الله تعالى لانتهاك حرمة الشهر، ويقضي هذا اليوم الذي جامع فيه، وعليه الكفارة، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً، لكل مسكين نصف صاع من بر أو غيره مما يكون طعاماً في عادة أهل البلد؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل، فقال: يا رسول الله هلكت، قال ما لك؟ قال: وقفت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا. قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال: لا. قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما نحن على ذلك أُتيَ النبي صلى الله عليه وسلم بفَرَق فيه تمر –والفَرَق المكتل-، قال: أين السائل؟ فقال: أنا، قال: خذ هذا فتصدق به، فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله، فوالله ما بين لابتيها –يريد الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك" رواه البخاري ومسلم.
    إنزال المني بتقبيل أو مباشرة أو استمناء أو تكرار الفطر، فإذا أنزل الصائم المني بسبب من هذه السباب فسد صومه وعليه القضاء، ويمسك بقية اليوم ولا كفّارة عليه، وعليه التوبة والندم والاستغفار، والابتعاد عن كل ما يثير شهوته، أما لو كان نائماً فاحتلم وهو صائم وأنزل فإن ذلك لا يؤثر على صيامه ولا شيء عليه، لكن عليه الاغتسال.
    التقيؤ عمداً، بإخراج ما في المعدة عن طريق الفم، أما إن خرج بغير اختياره فلا يؤثر على صيامه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض" رواه أبو داود والترمذي.
    خروج دم الحيض أو النفاس سواء خرج أول النهار أو آخره ولو قبيل غروب الشمس.
    والأولى للصائم ترك الحجامة لئلا يتعرض لإبطال صيامه، والأولى له عدم استخراج الدم للتبرع به إلا لضرورة إسعاف مريض ونحوه، وأما خروج الدم بالرعاف أو السعال أو جرح أو خلع الضرس ونحوه فلا يؤثر ذلك على صيامه.

    7.أحكام عامة:
    يجب صيام رمضان برؤية الهلال، لقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [سورة البقرة: من الآية185] ويكفي لثبوت رؤية الهلال شهادة مسلم عدل، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: تراءى النّاس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر النّاس بصيامه، رواه أبو داود والدارمي وغيرهما.
    ويُجعل أمر الصيام في كل دولة إلى ولي الأمر العام للدولة، فإن حكم بالصيام أو عدمه وجبت طاعته، فإن لم يكن ولي الأمر مسلماً يُعمل بما يحكم به مجلس المركز الإسلامي -أو نحوه- في البلاد محافظة على الوحدة الإسلامية.
    ويجوز الاستعانة بآلات الرصد في رؤية الهلال، ولا يجوز الاعتماد على الحسابات الفلكية ورؤية النجوم في إثبات بدء شهر رمضان أو الفطر وإنما يعتمد على الرؤية، كما قال تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [سورة البقرة: من الآية185]، ومن شهد رمضان من المكلفين وجب عليه أن يصوم سواء طال النهار أو قصر.
    والعبرة في بدء صيام رمضان في كل بلد برؤية الهلال في مطلعها على أرجح قولي أهل العلم، لاتفاق العلماء على أن مطالع الأهلة مختلفة، وذلك مما علم بالضرورة لقوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غُمَّ عليكم فأكملوا شعبان ثلاثين يوماً" أخرجه البخاري ومسلم.
    يجب على الصائم أن ينوي الصيام من الليل، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل امرئ ما نوى" متفق عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له" أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث حفصة رضي الله عنها.
    لا يحل لأحد ترك الصيام والإفطار أثناء الشهر إلا إذا كان معذوراً كأن يكون مريضاً أو مسافراً أو امرأة حائضاً أو نَفِساً أو حاملاً أو مرضعاً، قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر} [سورة البقرة: من الآية184]، فالمريض الذي يشق عليه الصيام ويصعب عليه الامتناع عن المفطرات ويتضرر منه يجوز له أن يفطر في رمضان ثم يقضي فيما بعد عدد الأيام التي أفطرها.
    والحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما فقط أفطرتا وعليهما القضاء بإجماع العلماء، لأنهما بمنزلة المريض الخائف على نفسه.
    وأما إذا خافتا على نفسيهما وولديهما أو ولديهما فقط أفطرتا وعليهما القضاء لحديث أنس مرفوعاً: "إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم، وعن الحبلى والمرضع" رواه النسائي وابن خزيمة وهو حديث حسن.
    وأما الشيخ الكبير والمرأة العجوز فيرخص لهما الفطر إذا كان الصيام يجهدهما ويشقّ عليهما مشقة شديدة، وعليهما أن يطعما عن كل يوم مسكيناً، لما روى البخاري عن عطاء أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ: "{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قال ابن عباس: ليست منسوخة هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً".
    و السفر من الأعذار المبيحة للإفطار، لحديث أنس رضي الله عنه: "كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم" متفق عليه.


    الصيام
    الصيام والتجهيز لرمضان


    الصيام والتجهيز لرمضان ـ لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي .






    بسم الله الرحمن الرحيم




    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

    أيها الإخوةالكرام ، مع درس جديد من دروس التربية الإسلامية ، وسيكون محور هذا الدرس ما نحن قادمون عليه بعد عدة أسابيع من فريضة تعد ثاني أكبر العبادات في الإسلام .



    أصول الإسلام :



    لكن بادئ ذي بدء : العبادات في هذا الدين العظيم كما قال الإمام الشافعي : معللة بمصالح الخلق ، إن صح أن هناك مثلثاً لهذا الدين العظيم :

    المقطع الأول : العقائد .

    المقطع الثاني : العبادات .

    المقطع الثالث : المعاملات .

    المقطع الرابع : الآداب .

    فالدين عقيدة ، وعبادة ، وأحكام تعاملية ، وآداب .


    1 – العقيدة :

    والعقيدة تقع على رأس هذه الأقسام ، وإن صحت العقيدة صح العمل ، وإن فسدت العقيدة فسد العمل


    2 – العبادات :

    المقطع الثاني : هي العبادات ، العبادات كما قال الإمام الشافعي : معللة بمصالح الخلق ، فالصلاة بنص القرآن الكريم : (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ (45) العنكبوت)

    أ ـ الصلاة :

    الله عز وجل ملك الملوك ، خالق السماوات والأرض ، يمكن أن يأمرنا أن نصلي ولكن رحمة بنا أعطانا تعليلاًً للصلاة ، كلما كان الآمر أكمل أعطى المأمور التعليل قال : (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ (45) العنكبوت)


    إذاً : الصلاة معللة بمصالح الإنسان ، تنهاه عن الفحشاء والمنكر ، والفحشاء والمنكر سبب هلاكه في الدنيا والآخرة .

    الآن هذا التعليل مهمته أنه من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فما قطف ثماراً من الصلاة ، لئلا تقوم بأفعال لا معنى لها ، لئلا تقوم بأفعال لا فائدة منها ، لئلا تقوم بأفعال مفرغة من مضمونها ، قال : ﴿ وَأَقِمْ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ .

    النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( الصلاة طهور )) [ ورد في الأثر]

    مستحيل أن يكون المصلي حقوداً ، الحقد مرض ، مستحيل أن يكون المصلي ظالماً ، الظلم مرض ، مستحيل أن يكون المصلي مستكبراً ، الكبر مرض ، واحد .

    الشيء الثاني : الصلاة حبور ، سعادة ، (( أرحنا بها يا بلال )) [ أبو داود]

    فالذي لسان حاله يقول : أرحنا منها لم يقطف ثمار الصلاة ، فرق كبير بين أرحنا بها ، وبين أرحنا منها .

    والصلاة نور ، من خلال الصلاة ترى الخير خيراً والشر شراً ، ترى الخير خيراً فتتبعه ، وترى الشر شراً فتجتنبه ، والدليل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ (28) الحديد).

    فالصلاة نور ، والصلاة طهور ، والصلاة حبور ، والصلاة ميزان ، هل تستطيع ، وبلا مجاملة إن ارتكبت إثماً ، أو اعتديت على إنسان على ماله أو على عرضه أن تصلي ، بإمكانك أن تقف ، وتقرأ الفاتحة وسورة ، بإمكانك أن تركع وتسجد ، لكن ليس بإمكانك أن تتصل بالله ، لأن ذنبك حجبك عن الله عز وجل ، فالصلاة ميزان صارت .

    (( الصلاة مكيال فمن وفى استوفى )) .[ رواه ابن المبارك عن أبي هريرة ] .

    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ (43) النساء)

    فالذي لا يعلم ماذا يقول في الصلاة إذاً هو لم يصلِ الصلاة التي أرادها الله .

    (( ليس للمؤمن من صلاته إلا ما عقل منه )) [ أخرجه أحمد عن عمار بن ياسر ] .

    الصلاة قرب ، وفي القرآن الكريم : (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19) العلق


    الصلاة دعاء : (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)) الفاتحة .

    الصلاة ذكر : (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) طه)

    الصلاة معراج المؤمن ، الصلاة أصل الطاعات ، وغرة العبادات ، ومعراج المؤمن إلى رب الأرض والسماوات .

    إذاً العبادات في الإسلام معللة بمصالح الخلق ، هذه الصلاة .

    ب ـ الصيام :

    الصيام منطلق حديثنا .

    (( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا )) [ رواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس ] .

    (( كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش )) [ أخرجه النسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة ] .

    معنى ذلك أنه في الصيام بحسب الواحد الديان : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة)

    لعلك إذا صمت ، وتركت كل المعاصي والآثام ، وأقبلت على الواحد الديان ، واشتققت منه النور رأيت الحق حقاً والباطل باطلاً :

    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ .

    إذاً العبادات معللة بمصالح الخلق .

    ت ـ الزكاة :

    (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً (103) التوبة)

    الغني يطهر من مرض الشح ، قال تعالى :
    (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) الحشر)


    ومن أدى زكاة ماله أذهب الله عنه الشح ، والفقير يطهر بالزكاة من مرض الحقد ، لأن الفقير يحقد ، فإن أعطيت له الزكاة لا يغدو حاقداً ، والمال يطهر من تعلق حق الغير به (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا (103) التوبة)

    التزكية أي أن نفس الفقير تنمو ، لأنه شعر أن المجتمع لم ينسه ، ونفس الغني تنمو حينما يشعر أنه أدخل الفرحة على قلوب الآلاف ، والمال ينمو ، التعليل : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ (103) التوبة)

    ث ـ الحج :

    ((من حج بمال حرام ، ووضع رجله في الركاب ، وقال : لبيك اللهم لبيك ينادى أن لا لبيك ولا سعديك ، وحجك مردود عليك )) [ ورد في الأثر ]

    لذلك قال تعالى : (ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ (97)) المائدة)

    أنت لمجرد أن تعلم أن الله يعلم فقد حققت الثمرة من الحج .

    بل والنطق بالشهادة من أركان الإيمان ، أن تشهد أنه إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، يقول عليه الصلاة والسلام :

    ((من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة ، قيل وما حقها ؟ قال أن تحجبه عن محارم الله )) .

    قلت كلمة في بداية الدرس : العبادات في الإسلام معللة بمصالح الخلق ، لو أردنا أن نقف موقفة متأنية عند الصيام .



    من تعريفات الصيام :

    أنه عبادة الإخلاص ، كيف ؟ قد يأتي رمضان في الصيف ، واليوم في الصيف طويل ، قد يقترب من 17 ساعة ، والحر شديد ، والعطش يكاد يميت الإنسان ، تدخل إلى بيتك ، وليس في البيت أحد ، الثلاجة فيها ماء عذب فرات بارد ، ولا تستطيع أن تضع قطرة ماء في جوفك ، لماذا ؟ من يحاسب ؟ لا أحد في الأرض يحاسبك ، لذلك :

    ((كل عمل ابن آدم له ، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به )) [ متفق عليه ] .

    أول شيء الصوم عبادة الإخلاص .



    حِكمة الصيام : دورة تعبّدية


    1 – دورة تعبدية :

    لكن ما حكمته ؟ أنت في أشهر العام تأكل الطعام والشراب ، هل تشعر بذنب إذا تناولت طعام الإفطار ؟ هل تشعر بذنب إذا شربت كأس ماء ؟ في أيام الإفطار هل تشعر بذنب إذا قاربت زوجتك ، وهي حلال لك ؟ أبداً إطلاقاً ، ولا واحد بالمليون ، الأشياء المباحة الحلال التي أبيحت لك ، ولا شيء عليك لو مارستها محرمة في نهار رمضان ، إذا كان تناول الطعام والشراب وهو مباح في غير رمضان ، محرماً في رمضان ، فلأن أن تدع المعاصي والآثام من باب أولى ، كأن الله عز وجل قوى فيك الإرادة ، أنت ممتنع عن الطعام والشراب فهل يعقل أن تكذب ؟ هل يعقل أن تغتاب ؟ هل يعقل أن تقول الباطل ؟ هل يعقل أن تغش المسلمين ؟ أنت تارك الطعام والشراب الحلال تاركه ، فلأن تدع الحرام من باب أولى ، فكأن الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر قوى لك الإرادة على أن تصوم رمضان .

    الإنسان أحياناً يستثني دورة محدودة ، قد لا يحتمل أن يدرس لخمسين سنة قادمة ، أما دورة في ثلاثين يوما فقط يستطع .

    2 – شهر المغفرة :

    بالمناسبة :

    (( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) [ متفق عليه ] .

    (( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) [ متفق عليه ] .

    للتقريب : المفاهيم المعاصرة واحد عليه 8 ملايين دينا ، أمواله كلها محجوزة ، عليه محاكمة ، وعليه سجن ، قيل له : افعل هذه الأفعال ثلاثين يوماً فقط ، وبعدها أنت معفى من كل شيء ، 8 ملايين ألغيت ، والمحكمة ألغيت ، والحجوزات ألغيت ، هل يتردد الواحد منا ثانية ؟ أنت في رمضان تفتح مع الله صفحة جديدة .

    (( من صام رمضانـ هذا في الصحاح ـ إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) .

    (( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) .

    إذاً أنت أمام فرصة ذهبية ، كيف ؟ تفتح مع الله صفحة جديدة .



    دع الأشغال وحلَّ المشكلات إلى ما بعد رمضان :



    لكن هناك فكرة دقيقة ، يجب أن تكون سرعتك في رمضان مئة ، أنت هنا صفر ، أو واحد ، أنت لا تقدر أن تمشي على الواحد ، لـ29 شعبان ، وتقفز فوراً للمئة ، لا تستطيع ، المفروض أن تهيئ نفسك ، هناك مشكلة حلَّها قبل رمضان ، مشكلة عويصة أجّلها إلى ما بعد رمضان ، محاولة كسوة بيت افعلها قبل رمضان ، لأن رمضان شهر عبادة ، شهر تفرغ ، والحقيقة النبي عليه الصلاة والسلام كان يعتكف في رمضان ، وهو انقطاع عن العالم الخارجي كلياً ، أنا قد لا أحثكم على أن تعتكفوا ، الحياة معقدة ، الحياة معقدة جداً ، ولكن معنى الاعتكاف أن تنقطع عن العالم الخارجي ، عن عالم القيل والقال ، والسؤال والجواب ، والنقد ، والهموم والأحزان ، هذا شهر دورة تدريبية مع الله ، لأن العبادة فيها شحنة .

    3 – شهر الشحنة الإيمانية :

    أوضح مثل على ذك : الهاتف المحمول يحتاج إلى شحن ، فإن لم تشحنه تنطفئ شاشته ويسكت ، أصبح قطعة بلاستيك لا قيمة لها إطلاقاً ، وأنت كمؤمن تحتاج إلى شحن ، الشحن كم نوعا ؟ عندنا شحن يومي ، كلما وقفت في الصلاة من أجل أن تُشحن شحنة روحية ، لذلك : (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) المزمل)

    حينما تُشحن في صلاة الفجر تشعر طوال اليوم أنك ترى الحقيقة ، وأنك مالكٌ لجوارحك ، وأن كلامك سديد ، وأن قلبك مستنير ، وأن نفسك مطمئنة ، وأن رحمة الله تحفّ بك ، وأن توفيق الله عز وجل يؤيدك .

    إذاً الصلاة شحنة ، لكن طبيعة الصلاة ثلث ساعة ، شحنة من الصباح إلى الظهر ، الظهر شحنة ثانية إلى العصر ، العصر شحنة ثالثة ، إلى المغرب ، المغرب شحنة إلى العشاء .

    صلاة الفجر ، كنت في الفراش ، فالسنة قبلية وأنت نائم ، فالسنة قبل الفرض تدريب ، الفرض صحوت ، باعتبار تعبك طوال النهار السنة في العشاء بعدية ، السنة أقرب إلى النوم ، الفجر السنة قبلية ، العشاء سنة بعدية ، في الفجر نفسك صافية ، وفي العشاء ركعتان تكفيان ، الظهر كنت في المحل التجاري ، واحد أخذ عليك مبلغا ، والثاني أزعجك ، ما اشترى ، والرابع طالبك بدينه ، أنت مشوش ، تصلي أربع ركعات ، اثنتين قبل ، واثنتين بعد ، دائماً الركعات القبلية تهيئة ، والبعدية ترميم ، ما فاتك من الفرض ترممه في السنة البعدية ، لذلك صلوات النهار طويلة ، أما الفجر قصيرة ، صحوت صافي الذهن ، شحنة ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام :

    (( الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما )) [أخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة ] .

    رمضان ثلاثون يوما من الصيام ، ومن قراءة قرآن ، ومن الذكر ، ومن صلاة الفجر في المسجد ، ومن صلاة العشاء في المسجد ، وكل يوم عشرون ركعة تراويح ، وثلاثون يوما من الإنفاق ، وغض بصر ، وضبط لسان ، رمضان شحنة من العام إلى العام ، الحج شحنة إلى بقية العمر ، شهر من السفر وترك الأهل والأولاد ، واستقبال الكعبة ، والطواف ، والسعي ، ووقوف بعرفات ، ووقوف بمنى ومزدلفة ... إلخ .

    إذاً : العبادات شحنات ، وكلما كان الأمد أطول كانت الشحنة أشد ، هذا معنى من معاني الصيام .

    4 – الصيام تقوية النفس على الإرادة :

    الصيام بادئ ذي بدء : عودك على أن تطيع الله ، لأنك تركت المباحات ، فلأن تدع المنهيات من باب أولى .

    إذاً المسلم يصوم بفمه وجوارحه في رمضان ، وفي شوال يفطر بفمه فقط ، وتبقى جوارحه صائمة إلى نهاية العام ، وغض بصره ، وضبط لسانه ، وتحري الحلال ، هذا طوال العام ، هذا واحد .

    إذاً : الصيام تقوية الإرادة على طاعة الله ، لكن نحن نتمنى من أعماق أعماقنا ألاّ يكون صيامنا صيام حديث ، موسم رمضان في المجتمعات المعاصرة موسم الأفلام ، موسم الفن ، موسم السهرات ، موسم الولائم ، موسم التخمة ، موسم السهر إلى ساعة متأخرة من الليل ، المؤمن يجعل من هذا الشهر شهر عبادة ، لا شهر لقاءات وولائم ، وما شاكل ذلك ، والطبقة المخملية ـ والعياذ بالله ـ صيام رمضان عندها فلكلور ، تأتي إلى الخيام الرمضانية تبدأ الخيمة بتناول طعام الإفطار ، وتنتهي بالرقص والموسيقى والغناء ، رمضان عند الشاردين موسم فني فقط ، وكل الأعمال الساقطة يكتبون عنها : " إكراماً لقدوم شهر رمضان المبارك " ، نحن كمؤمنين هذا الشهر شهر عبادة ، يمكن أن تقفز قفزة نوعية في هذا الشهر .

    5 ـ الشعور بالافتقار إلى الله :

    شيء آخر : الله عز وجل قال : (وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (2) النساء)

    لكنه قد لا يرى ضعفه ، له منصب رفيع ، قوي الشخصية ، معه اتصالات ، ألف إنسان يخضعون له ، لكن برمضان الساعة 12 نشف لسانه ، خواطره كلها كأس ماء بارد ، كأس عرق سوس ، كأس عصير ، شيء بارد ، كأن الله أراد في رمضان أراد أن يشعرنا بافتقارنا إليه ، لما قال الله عز وجل في الأنبياء :
    (لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ (20) الفرقان)


    ما معنى ذلك ؟ هذا الذي يأكل الطعام أي هو مفتقر في استمرار وجوده إلى أن تناول الطعام ، إذاً هو ليس إلهاً ، الله عز وجل قال :
    (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)

    اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) الإخلاص)


    الصمد ، يعني أن وجوده ليس مفتقراً إلى غيره ، أما أنت فإن أغلقت أنفك تختنق ، أنت مفتقر للهواء ، وأكثر من ثلاث دقائق تموت ، وأنت مفتقر للماء ، ومفتقر للطعام ، ومفتقر للنوم ، ومفتقر لزوجة ، مفتقر إلى بعض الأدوات والأجهزة ، لذلك في رمضان يشعر المؤمن بافتقاره إلى الله عز وجل ، فما هي العبودية ؟ أن تفتقر إلى الله (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ (123) آل عمران)

    يعني مفتقرون ، أما في حنين فلم يكونوا مفتقرين ، فقالوا :

    ((لن تغلب اليوم من قلة )) [ أخرجه البيهقي عن أنس ] .

    نحن كثر (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ (25) التوبة)

    أيها الإخوة ، إحساسك بالجوع والعطش نوع من الافتقار إلى الله ، أنت ـ عفواً ـ لا تعرف قيمة هذا القميص الذي ترتديه إلا في الحج ، حيث ترتدي منشفتين ، هنا قميص له أكمام ، له أزرار ، فضفاض ، هناك ترتدي منشفتين ، لا تعرف قيمة الثياب إلا في الحج ، لذلك من توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام :

    (( اللهم أرنا نعمك بوفرتها لا بفقدها )) [ ورد في الأثر ]

    الشيء بالشيء يذكر : نحن كنا ننعم بما يسمى بتوازن القوى في العالم ، بوجود معسكرين كبيرين بينهما حرب باردة ، وكلما تحرك معسكر ليأخذ ما ليس تصدى له المعسكر الآخر ، فكل الدول الضعيفة تنعم برخاء بأمن واستقرار ، لوجود معسكرين ، لكن يوم كنا نعيش هذه الحرب الباردة ما كنا نعرف أن في الأرض معسكرين ، أما حينما انفرد قطر واحد رأينا منه الأهوال ، رأينا منه القهر ، والنهب ، والسلب ، والإذلال ، رأينا منه أنه فرض علينا ثقافته وإباحيته .

    إذاً البطولة أن ترى النعمة بوفرتها ، لا بزوالها ، جميع الأغبياء يعرفون النعم عند غيابها ، لكن الأذكياء الموفقون يعرفون النعم بفورتها .

    لذلك مرة سأل وزير ملكا ، وقد طلب كأساً من الماء ، قال له : يا أمير المؤمنين ، بكم تشتري هذا الكأس من الماء لو منع منك ؟ قال : بنصف ملكي ، قال : فإذا منع إخراجه ؟ قال : بنصف ملكي الآخر ، مُلك طويل عريض يساوي كأس ماء .

    لذلك نحن في رمضان مفتقرون إلى الله ، بكأس ماء ، لقمة طعام .

    5 ـ الشعور بمعاناة الفقر والجائع :

    شيء آخر : فكرة ، ومعاناة : لو أن لك صديقا نشأ خلاف بينه وبين زوجته ، وزوجته تركته إلى بيت أهلها ، أنت عندك فكرة أن زوجة صديقك ذهبت إلى بيت أهلها ، هذه فكرة لا تقدم ولا تؤخر ، ولا تؤثر على سلامتك وسعادتك ، أما الصديق فيأتي ظهراً فلا يجد زوجة ، وطبخا ، ولا طعاما ، الأولاد يحتاجون إلى عناية ، الصديق عنده المعاناة ، وأنت عندك فكرة هجر الزوجة ، الفرق كبير .

    مثلاً : لو أريتك خارطة لقصر ، وفيها كل شيء ، الطوابق ، والغرف مساحاتها ، الشرفات ، هذه فكرة ، أما أن تملك هذا القصر فشيء ثانٍ .

    لو قلت لك : مئة مليون دولار ، هذه واضحة ، بين أن تملكها وأن تنطق بها فرق كبير جداً ، مئة مليون دولار ، النطق بها سهل جداً .

    لذلك في رمضان تعرف معاناة الفقير أبداً ، الفقراء في أول الثورة الفرنسية ما وجودوا خبزا ، تقول ماري أنطوانيت : يأكلون ( الكاتو ) ، إذا ما وجد أحدنا خبزا يأكل ( الكاتو ) ، وهو أطيب ، فلا معاناة إطلاقاً .

    لذلك قالوا :

    لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها

    ***

    أنت في رمضان يمكن أن تعاني مشكلة الفقير ، أنت جائع ، الذي ملأ معدته بالأكل لا يعنيه ، أما الجائع فمنظر الأكل ، ورائحة الطعام تعنيه ، إذاً : يمكن أن تشعر بجوع الفقير في رمضان ، وأن الجوع شيء لا يحتمل ، الله عز وجل ذكر نعمتين عظيمتين من نعمه ، فقال : (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4) قريش)

    أكبر نعمتين على الإطلاق أن تأكل فلا تجوع ، وأن تأمن فلا تخاف ، الآن أكبر عقابين للأقوام الفاسدة :
    (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (112) النحل)


    أكبر نعمتين الشبع والأمن ، وأكبر نقمتين الجوع والخوف، ﴿ أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ .

    ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾.

    إذاً أنت في رمضان فضلاً عن أنك تستعين بالصيام على طاعة الله التامة لأنك تركت الحلال ، تركت المباح فلأن تدع الحرام من باب أولى .

    وأعانك الله بالصيام على أن تشعر بجوع الفقير ، أعانك الله بالصيام على أن تشعر بعبوديتك لله عز وجل .



    الصيام عبادة جماعية :



    شيء آخر ، الصيام عبادة جماعية ، تصور بلدنا خمسة ملايين في دمشق يأكلون في ثانية واحدة عقب إطلاق مدفع الإفطار ، الطرقات فارغة ، عبادة جماعية ، النظام محبب ، فكأن الله سبحانه وتعالى أرادنا أن نُنظم ، تجد في رمضان النظام ، الإمساك عن الطعام يتم مع أذان الإمساك ، الصلوات في المسجد ، الفجر في المسجد ، العشاء في المسجد ، الإفطار في وقت واحد ، لذلك الصيام عبادة جماعية ، يعلّم التعاون ، يعلّم النظام .

    حدثني مرة أخ والده ضابط ، نحن من ثلاثين سنة نتناول طعام الغداء مع دقات ساعة بيك بن ، الساعة الثانية ، في البيت نظام صارم ، وجبات الطعام لها أوقات .

    النظام حضارة أيها الإخوة ، أحياناً يأتي سائح أجنبي يرى الطرقات عند المغرب فارغة ، ما هذا ؟ يشعر أن هناك عبادة جماعية ، الله عز وجل أرادنا أن نكون منظمين (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا (4) الصف)

    الصلاة أيضاً فيها نظام ، فيها أقات .

    مرة قال لي أحدهم : أنا أصلي قبل دخول العصر ، وهذا أكثر راحة لي ، هناك نظام صارم جداً في الصلوات الخمس ، وفي الصيام .

    حج رجلٌ بيت الله الحرام ، له منصب رفيع بمصر ، في أثناء العودة بالطائرة قال : والله هناك عناية بالغة ، لكن لو أقاموا الحج على خمس دورات ، كل شهرين دورة لا يكون هناك ازدحام ، أين هو من فهم هذه العبادة ؟! هي عبادة اجتماع .

    أنا كنت في القاهرة بمؤتمر إسلامي ، طربت طرباً شديداً لاقتراح وزير أوقاف مسلم قال : لو أن كل حاج باستمارته تكتب حرفته ، وعلى الكمبيوتر نفرزه ، مثلاً : مدرسو الجامعات يعقدون مؤتمرا بمنى لحلّ المشكلات ، والهموم المشتركة ، عندكم صناعيين يقيمون مؤتمرا ، وللمزارعين مؤتمر ، وللتجار مؤتمر ، ولأصحاب الوظائف المعينة مؤتمر ، الحج كأن الله أرادك أن تلتقي بكل المسلمين .

    والحقيقة في الحج يرى الإنسان من كل الجنسيات .

    إذاً : أراد الله من الصيام أن تكون عبادة جماعية ، والعزائم التي يقوم بها المؤمن ، ويفتقر إليها بعض المؤمنين تؤدى في رمضان بيسر وسهولة .

    إذاً : أيها الإخوة ، هذه بعض الملامح التي تلوح في الأفق بهذا الشهر الكريم الذي هو فرصة ذهبية لا تعوض إلا بعد عام آخر ، كي تصطلح مع الله .



    الخلاصة :

    بالمناسبة ، إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض ، أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله ، إذا رجع العبد إلى الله أنسى الله الملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه ، إذا تاب العبد توبة نصوحاً أنسى الله حافظيه ، والملائكة ، وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه ، ورمضان فرصة لفتح صفحة جديدة مع الله ، فرصة جديدة للإقبال على الله .


    الزكاة
    الركن الثالث - الزكاة


    .تعريفها:
    - الزكاة لغة: هي النماء والزيادة، وتطلق على المدح والتطهير والصلاح، وسُمِيَ المخرج زكاة لأنه يزيد به المال بالبركة ويطهر المرء بالمغفرة.
    - واصطلاحاً: هي حقّ واجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص.
    2. مكانتها في الإسلام:
    الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، وهي قرينة الصلاة في مواضع كثيرة من كتاب الله، من ذلك قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [سورة البقرة: من الآية43] وقوله تعالى: {وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} [سورة البينة: من الآية5] وقال صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس...) وذكر منها ((إيتاء الزكاة)) متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
    وشرع الله الزكاة تطهيراً لنفوس البشرية من الشح والبخل والطمع ومواساة للفقراء والمساكين والمحتاجين، وتطهيراً للمال وتنميته وإخلال البركة فيه، ووقايته من الآفات والفساد، وإقامة المصالح العامة التي تتوقف عليها حياة الأمة وسعادتها، وقد ذكر الله تعالى الحكمة من أخذ الزكاة في كتابه حيث قال: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [سورة التوبة: من الآية103]
    3.حكمها:
    الزكاة فرض واجب على كل مسلم ملك نصباً من مال بشروطه، حتى الصبي والمجنون يخرج عنهما وليهما، ومن جحد وجوبها وهو عالم عامد فقد كفر، ومن منعها بخلاً وتهاوناً يعتبر بذلك فاسقاً ومرتكباًَ لكبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وهو تحت مشيئة الله إن مات على ذلك، لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [سورة النساء: من الآية48] وتؤخذ منه الزكاة ويعزر لارتكابه محرّماً.
    وقد توعد الله تبارك وتعالى مانع الزكاة بقوله: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [سورة التوبة، من الآية:34 والآية35] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم، فيجعل صفائح، فيكوى بها جنباه وجبنيه حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار...)) الحديث متفق عليه وهذا لفظ مسلم.
    4. شروط وجوبها
    شروط وجوب الزكاة خمسة:
    الأول: الإسلام، فلا يجب على كافر.
    الثاني: الحرية، فلا يجب في مال العبد عند أكثر أهل العلم، وكذا المكاتب لأنه عبد ما بقي عليه درهم.
    الثالث: ملك النصاب، فإن نقص المال عن النصاب فلا زكاة فيه.
    الرابع: تمام الملك، فلا زكاة في دين الكتابة ولا في حصة المضارب من الربح قبل القسمة، ولا في الدين على معسر حتى يقبضه. ولا زكاة في الأموال الموقوفة على سبيل الخير والبر كالمجاهدين والمساجد والمساكين ونحو ذلك.
    الخامس: الحول، فلا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول، إلا في الخارج من الأرض من الحبوب والثمار الزكوية، فإن زكاتها حين حصادها وقطافها، لقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [سورة الأنعام: من الآية141] والمعادن والركاز حكمها في ذلك حكم الخارج من الأرض، لأنه مال مستفاد من الأرض.
    ونتاج السائمة وربح التجارة حوله حول أصله، يضمه إلى ما عنده ويزكيه إذا بلغ نصاباً.
    ولا يشترط في الزكاة البلوغ ولا العقل، فتجب في مال الصبي والمجنون عند أكثر أهل العلم.
    5.الأموال الزكوية:
    تجب الزكاة في خمسة أجناس من الأموال:
    الأول: الأثمان من الذهب والفضة، وكذلك ما يقوم مقامهما من العملات الورقية المتداولة.
    ومقدار الزكاة فيها ربع العشر، وهو ما يساوي (5ر2%). ولا تجب الزكاة فيها حتى يحول عليها الحول وتبلغ نصاباً.
    ومقدار نصاب الذهب عشرون مثقالا، ووزن المثقال يساوي (25ر4) جراماً، فيكون نصاب الذهب (85) جراماً.
    ومقدار نصاب الفضة مائتا درهم، ووزن الدرهم يساوي (975ر2) جراماً، فيكون نصاب الفضة (595) جراماً.
    وأما الأوراق النقدية المعاصرة فمقدار نصابها أن تساوى قيمتها –حين حولان الحول ووقت إخراج الزكاة- قيمة (85) جراماً من الذهب أو (595) جراماً من الفضة، لذلك يختلف نصابها بحسب قوتها الشرائية بالنسبة إلى مقدار النصاب من الذهب أو الفضة، فإذا كان ما يملكه من العملات النقدية يستطيع أن يشتري به أحد المقدارين السابقين من الذهب أو الفضة أو يزيد –وجبت فيه الزكاة، بصرف النظر عن اختلاف مسمياتها- ريالات أو دينارات أو فرنكات أو دولارات أو غير ذلك، وبصرف النظر عن صفتها عملات ورقية أو معدنية أو غير ذلك، ومن المعلوم أن أسعار العملات تختلف من وقت لآخر، فعلى المزكي أن ينظر إلى قيمتها عند وجوب الزكاة فيها وهو وقت حولان الحول على ما بيده فيها.
    وأما ما زاد على النصاب من الأثمان فتخرج منه الزكاة بحسبه. ودليل ذلك حديث علي رضي الله عنه عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كانت لك مائتان درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء حتى يكون لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك، وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول)) رواه أبو داود وهو حديث حسن.
    والحلي إن كان معداً للادخار والكراء فتجب فيه الزكاة بلا خلاف، أما إن كان معداً للاستعمال فالراجح من قولي أهل العلم وجوب الزكاة فيه، وذلك لعموم النصوص الواردة في وجوب زكاة الذهب والفضة، ولما رواه أبو داود والنسائي والترمذي عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم ((أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يدي بنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: "أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار" فخلعتهما وألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت: هما لله ولرسوله)) ولما روى أبو داود وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من ورق فقال: ما هذا يا عائشة؟ فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله، قال: أتؤدين زكاتهم؟ قلت: لا، أو ما شاء الله، قال: هو حسبك من النار))
    وأما المعادن والمصوغات غير الذهبية –كالجواهر واللآلئ- فلا زكاة فيها عند أحد من أهل العلم، إلا أن تكون للتجارة فتزكى زكاة عروض التجارة.
    الثاني: بهيمة الأنعام.
    وهي افبل والبقر والغنم، وتجب فيها الزكاة إذا كانت سائمة –وهي التي ترعى أكثر الحول؛ لأن للأكثر حكم الكل، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم ((في كل إبل سائمة صدقة)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وقوله صلى الله عليه وسلم ((في صدقة الغنم في سائمتها)) رواه البخاري- وبلغت نصاباً وحال عليها الحول.
    ونصاب بهيمة الأنعام كما يلي:

    النوع
    مقدار النصاب
    المقدار الواجب
    من
    إلى
    الإبل
    5
    9
    شاة
    10
    14
    شاتان
    15
    19
    ثلاث شياه
    20
    24
    أربع شياه
    25
    35
    بنت مخاض لها سنة
    36
    45
    بنت لبون لها سنتان
    46
    60
    حقة لها ثلاث سنين
    61
    75
    جذعة لها أربع سنين
    76
    90
    بنتا لبون
    91
    120
    حقتان
    كل ما زاد على 120
    في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة عند جمهور أهل العلم.
    البقر
    30
    39
    تبيع أو تبيعة، لهما سنة
    40
    59
    مسنة، لها سنتان
    60
    69
    تبيعان
    70
    79
    تبيع ومسنة
    كل ما زاد على 79
    في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة
    الغنم
    40
    120
    شاة
    121
    200
    شاتان
    201
    300
    ثلاث شياه
    كل ما زاد على 300
    في كل مائة شاة

    والدليل على ذلك حديث أنس رضي الله عنه أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين والتي أمر الله بها رسوله، فمن سُئِلها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعط، في أربع وعشرون من الإبل فما دونها من الغنم من كل خمس شاة، فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقة، طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة، فإذا بلغت –يعني ستاً وسبعين- إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، فإذا بلغت خمساً من الإبل ففيها شاة، وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاةً شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها)) الحديث رواه البخاري، ولحديث معاذ بن جبل رضي الله عنه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعاً أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنة)) رواه أحمد وأصحاب السنن.
    ونتاج السائمة يضم إلى ما عنده من أصله إذا بلغ نصاباً، وإن لم يبلغ الأصل نصاباً إلا به اعتبر به الحول من حين بلوغ النصاب.
    وإن أعدت بهيمة الأنعام للتجارة فتزكى زكاة عروض التجارة، وإن أعدت للاستعمال أو للتنمية فليس فيها زكاة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)) أخرجه البخاري ومسلم.
    الثالث: الزروع والثمار.
    وتجب فيها الزكاة إذا بلغت نصاباً عند الجمهور، والنصاب عندهم خمسة أوسق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)) متفق عليه، والوسق ستون صاعاً.
    فمقدار النصاب ثلاثمائة صاع. وزنة النصاب بالبر الجيد ما يقارب (800ر652) كيلو جرام.
    ولا يشترط في المزروع والثمار حولان الحول، لقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [سورة الأنعام: من الآية141]
    والمقدار الواجب فيها العشر فيما سُقي بلا كلفة، ونصب العشر فيما سُقي بمؤنة، لقوله صلى الله عليه وسلم ((فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان عثرياً العشر، وفيما سُقي بالسواني أو النضح نصف العشر)) أخرجه البخاري.
    الرابع: عروض التجارة.
    وهي ماأعده المسلم للتجارة من أيِّ صنف كان، وهو أعم أموال الزكاة وأشملها، وتجب فيها الزكاة إذا بلغت نصاباً، والمعتبر في ذلك أن تبلغ قيمتها نصاب الذهب والفضة، -عشرون ديناراً وهو ما يساوي (85) جراماً من الذهب أو مائتا درهم وهو ما يساوي (595) جراماً من الفضة- فتقوّم عروض التجارة إذا حال عليها الحول بالأحظ للفقراء من الذهب والفضة، ولا تعتبر فيها قيمة الشراء، بل المعتبر قيمتها أثناء إخراج الزكاة بعد تمام الحول.
    والمقدار الواجب فيها ربع العشر من كامل القيمة، وربح التجارة يضم إلى ما عنده من أصله إذا بلغ نصاباً ولا ينتظر به حولاً جديداً، أما إذا لم يبلغ الأصل نصاباً إلا مع الربح فيعتبر بدء الحول من حين وقت بلوغ النصاب.
    الخامس: المعادن والركاز
    أ‌- المعادن:
    هي كل ما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة وليس نباتاً. مثل الذهب والفضة والحديد والنحاس والياقوت والنفط وغيرها وتجب فيها الزكاة لعموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [سورة البقرة: من الآية267] ولا ريب أن المعادن مما أخرجه الله تعالى من الأرض.
    وذهب جمهور أهل العلم إلى اعتبار بلوغه النصاب لوجوب الزكاة فيه. وإلى أن الواجب فيه ربع العشر، قياساً على قدر الواجب في زكاة النقدين.
    ولا يشترك له حولان الحول، ويجب فيه الزكاة حين تناوله.
    ب‌- الركاز:
    أما الركاز فهو ما وجد في الأرض من دفائن الجاهلية، أو دفائن من تقدم من الكفار وإن لم يكونوا جاهلية، في دار إسلام أو دار حرب أو دار عهد. وكان عليه أو على بعضه علامة كفر كأسمائهم أو سماء ملوكهم أو صورهم أو صلبهم أو صدر أصنامهم فقط.
    فأما إن كان عليه أو على بعضه علامة المسلمين كاسم النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من خلفاء المسلمين أو آية من القرآن الكريم فهو لقطة، وإن لم تكن عليه علامة كالأواني والحلي والسبائك فهو لقطة، لا يملك إلا بعد التعريف، لأنه مال مسلم لم يعلم زوال ملكه عنه.
    وتجب الزكاة في الركاز، ويجب فيه الخمس؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((وفي الركاز الخمس)).
    وتجب الزكاة في قليله وكثيره عند جمهور أهل العلم، ومصرفه عندهم مصرف الفيء، وباقي الركاز لواجده عند جميع أهل العلم، لفعل عمر رضي الله عنه حيث دفع باقي الركاز لواجده.
    6.مصارف الزكاة:
    أهل الزكاة الذين يجوز صرفها إليهم ثمانية، وهم:
    أولاً: الفقراء: وهم الذين لا يجدون شيئاً من المعيشة، أو يجدون بعض كفايتهم منها، فهؤلاء يعطون كفايتهم من الزكاة لعام كامل.
    ثانياً: المساكين: وهو الذين يجدون نصف كفايتهم أو أكثرها، وهو بهذا المعنى أحسن حالاً من الفقراء فهؤلاء يعطون تمام كفايتهم لعام كامل.
    ثالثاً: العاملون عليها: وهم العمال الذين يقومون بجمع الزكاة من أصحابها، ويحفظونها، ويوزعونها على مستحقيها بأمر الإمام، فهؤلاء يعطون من الزكاة قدر أجرة عملهم.
    رابعاً: المؤلفة قلوبهم: وهم قسمان: كفار، ومسلمون.
    - فالكافر يعطى من الزكاة إذا رُجيَ إسلامه. أو حصل بإعطائه كف شره عن المسلمين، ونحو ذلك.
    - والمسلم يعطى من الزكاة لتقوية إسلامه، أو رجاء إسلام نظيره، ونحو ذلك.
    خامساً: الرقاب: وهم العبيد الأرقاء المكاتبون الذين لا يجدون وفاء، فيعطى المكاتب ما يقدر به على العتق والتخلص من الرق.
    سادساً: الغارمون: وهم المدنيون، وهم نوعان: غارم لنفسه، وغارم لغيره.
    - الغارم لنفسه: هو الذي عليه دين تحمله لحاجة نفسه ولا يقدر على تسديده، فيعطى من الزكاة ما يسدد به دينه.
    - والغارم لغيره: هو من تحمل دينا لإصلاح ذات البين، فيعطى من الزكاة ما يعينه على حمالته وإن كان غنياً.
    سابعاً: في سبيل الله: والمراد به عند الإطلاق: الجهاد، فيعطى من الزكاة المجاهدون المتوعون الذين لا رواتب لهم من بيت المال.
    ثامناً: ابن السبيل: هو المسافر المنقطع في سفره، الذي لا يجد من النفقة ما يوصله إلى بلده، فيعطى من الزكاة ما يمكنه من الرجوع إلى بلده.
    وذكر الله تعالى هذه الأصناف في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [سورة التوبة:60]
    7. زكاة الفطر
    ‌أ.حكمة مشروعيتها:
    شرعت زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين وإغناء لهم عن السؤال يوم العيد، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين) رواه أبو داود وابن ماجه.
    ‌ب.حكمها:
    هي فرض واجب على كل مسلم ومسلمة وكبير وصغيرن حرّ وعبد لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحرّ، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة)) متفق عليه. ويستحب إخراجها عن الجنين.
    ويجب أن يخرجها عن نفسه وعمن تلزمه نفقته من زوجه أو قريب، ولا تجب إلا على من فضل عن قوته وقوت من تلزمه نفقته يوم العيد وليلته.
    ‌ج.مقدارها:
    المقدرا الواجب فيها صاع من غالب قوت البلد من برأ وشعير أو تمر أو زبيب أو أقط أو أرز أو ذرة، والصاع يعادل ما يقارب (176ر2) كيلو جرام تقريباً.
    ولا يجوز إخراج القيمة فيها عند جمهور أهل العلم، لأن ذلك خلاف ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولأنه مخالف لعمل الصحابة رضي الله عنهم.
    ‌د.وقت إخراجها:
    لها وقتان؛ وقت جواز قبل العيد بيوم أو يومين، ووقت فضيلة من طلوع فجر يوم العيد إلى قبيل أداء صلاة العيد، لأمره صلى الله عليه وسلم وسلم بها قبل خروج الناس إلى الصلاة، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد، فإن أخرها فهي صدقة من الصدقات ويأثم في هذا التاخير.
    ‌ه.مصرفها:
    تصرف زكاة الفطر للفقراء والمساكين، لأنهم أولى بها من غيرهم.



    الحج
    الركن الخامس - الحج

    .تعريفه:
    -الحج في اللغة: القصد، يقال حج إلينا فلان أي قصدنا وقدم إلينا.
    -وفي الشرع: هو القصد إلى مكة لأداء النسك بصفة مخصوصة في وقت مخصوص وبشروط مخصوصة.

    2.حكمه:
    قد أجمعت الأمة على وجوب الحج على المستطيع مرة واحدة في العمر، وعلى كونه أحد الأركان الخمسة التي بنى عليها الإسلام؛ قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: من الآية97] وقلا رسول الله r: "بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج بيت الله" متفق عليه. وقال r في حجة الوداع: "يا أيها الناس إن الله فرض عليكم حج البيت فحجوا" رواه مسلم.

    3.فضله والحكمة من مشروعيته:
    قد جاء في فضل الحج نصوص كثيرة منها قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [سورة الحج، الآيتان 27،28]. ويشتمل الحج على منافع عظيمة للمسلمين أجمعين، دنيوية وأخروية، ففيه تجتمع عبادات متنوعة كالطواف بالكعبة والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة ومنى ومزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى وذبح الهدي وحلق شعر الرأس وكثرة ذكر الله تقرباً إلى الله وتذليلاً له وإنابة إليه؛ لذلك كان الحج من أعظم أسباب تكفير الذنوب ودخول الجنة.
    فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه" رواه البخاري ومسلم.
    وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" رواه البخاري ومسلم.
    وعنه رضي الله عنه قال: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: "إيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال حج مبرور" متفق عليه.
    وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة" رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
    ومن منافع الحج التقاء المسلمين من كل فج عميق ببعضهم في بقعة هي أحب البقاع إلى الله وتعارفهم وتعاونهم على البر والتقوى وتساويهم في الأقوال والأذكار والأعمال، وهذا فيه تربية لهم على الوحدة والاجتماع على العقيدة والعبادة والهدف والوسيلة، وباجتماعهم هذا يحصل بينهم التعارف والتقارب وسؤال بعضهم عن البعض الآخر مصداقاً لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [سورة الحجرات، الآية13]

    4. شروط وجوبه:
    ‌أ.لا خلاف بين أهل العلم أن الحج يجب بشروط خمسة، هي: الإسلام والعقل والبلوغ والحرية والاستطاعة.
    وأما المرأة فيشترط لوجوبه عليها وجود المحرم في السفر إلى الحج، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا ومعها ذو محرم" متفق عليه.
    وقد قسّم الفقهاء هذه الشروط إلى ثلاثة أقسام:
    الأول: منها ما هو شرط للوجوب والصحة، وهو الإسلام والعقل، فلا حج على الكافر والمجنون، ولا يصح منهما، لأنهما ليسا من أهل العبادات.
    الثاني: منها ما هو شرط للوجوب والإجزاء وهو البلوغ والحرية، وليسا بشرط للصحة، فلو حج الصبي والمملوك صح حجهما ولم يجزئهما عن حجة الإسلام.
    الثالث: ومنها ما هو شرط للوجوب فقط وهو الاستطاعة. فلو حج غير المستطيع بمشقة، وسار بغير زاد ولا راحلة كان حجه صحيحاً.
    ‌ب.حكم النيابة في الحج.
    لا خلاف بين أهل العلم أن من مات قبل أن يتمكن من الأداء سقط عنه الفرض. أما من مات بعد التمكن فهل يسقط عنه الحج بالموت أو لا؟
    الصحيح إن شاء الله تعالى أنه لا يسقط عن الميت، ويلزم الورثة أن يحجوا عنه من ماله، أوصى بذلك أو لم يوص، فهو واجب استقر عليه كالدين سواء بسواء؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة نذرت أن تحج فماتت، فأتى أخوها النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال: "أرأيت لو كان على أحتك دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم، قال: فاقضوا الله فهو أحق بالوفاء" رواه النسائي.
    ‌ج.من لم يحج عن نفسه هل يحج عن غيره؟
    الصحيح أنه لا يحج عن غيره ما لم يحج عن نفسه أولاً، للحديث المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، قال: من شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب لي، فقال عليه الصلاة والسلام: حجت عن نفسك؟ قال لا. قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقي وصححه.
    والصحيح أنه تصحّ النيابة في الحج العاجز غير القادر؛ لحديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما وفيه أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم" وذلك في حجة الوداع. متفق عليه واللفظ للبخاري.
    ‌د.هل وجوب الحج على الفور أم على التراخي؟
    الراحج من أقوال أهل العلم إن شاء الله تعالى أنه يجب على الفور متى توفرت شروط وجوبه؛ لعموم قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}[سورة آل عمران، الآية:97] وقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [سورة البقرة، الآية:196] وقد جاء في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله صلى الله عليه وسلم "تعجلوا إلى الحج، يعني الفريضة، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له" رواه أبو داود وأحمد والحاكم وصححه.

    5. أركان الحج:
    أركان الحج أربعة: أ. الإحرام
    ب. الوقوف بعرفة
    ج. طواف الزيارة
    د. السعي بين الصفا والمروة.
    فهذه الأركان لا يتم الحج بدونها.
    الركن الأول: الإحرام
    تعريفه: هو نية الدخول في النسك.
    مواقيته: مواقيت الاحرام بالحج نوعان: زمانية، ومكانية.
    -المواقيت الزمانية: هي أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [سورة البقرة، الآية:197] وهي: شوال وذو القعدة وذو الحجة.
    - المواقيت المكانية: هي الحدود التي لا يجوز للحاج أن يتعداها إلى مكة بدون إحرام، وهي خمسة:
    الأول: (ذو الحليفة) وتسمى الآن "آبار علي" وهي ميقات أهل المدينة. وتبعد عن مكة (336) كلم أي (224) ميلا.
    الثاني: (الجحفة) وهي قرية بينها وبين البحر الأحمر (10) كلم، وتبعد عن مكة (180) كلم أي (120) ميلا، وهي ميقات أهل مصر والشام والمغرب ومن وراءهم من أهل الأندلس والروم والتكرور. ويحرم الناس الآن من (رابغ) لأنها بمحاذاتها بقليل.
    الثالث: (يَلَمْلَم) ويسمى الآن (السعدية) وهو جبل من جبال تهامة. ويبعد عن مكة (72) كلم أي (48) ميلا، وهو ميقات أهل اليمن، وأهل جاوه والهند والصين.
    الرابع: (قَرْن المنازل) ويسمى الآن "السيل الكبير" ويبعد عن مكة (72) كلم أي (48) ميلا، وهو ميقات أهل نجد والطائف.
    الخامس: (ذات عرق) ويسمى الآن (الضَّريبة)، وسمي بذلك لأن فيه عرقاً، وهو الجبل الصغير، ويبعد عن مكة (72) كلم أي (48) ميلا، وهو ميقات أهل المشرق والعراق وإيران.
    وهذه المواقيت المكانية هي الحدود التي لا يجوز للحاج أو المعتمر أن يتعداها إلى مكة بدون إحرام.
    وقد بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن مم أراد الحج أو العمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة" متفق عليه.
    ولمسلم من حديث جابر -رضي الله عنهما-: "مهل أهل العراق ذات عرق" ومن لم يمر في طريقه بميقات من تلك المواقيت فإنه يحرم إذا علم أنه حاذى أقربها منه، وكذلك من ركب طائرة فإنه يحرم إذا حاذى أحد هذه المواقيت من الجو، ولا يجوز له تأخير الإحرام إلى أن يهبط في مطار جدة كما يفعله بعض الحجاج، فإن جدة ليست ميقاتاً إلا لأهلها، أو من نوى الحج أو العمرة منه، فمن أحرم من غيرهم فقد ترك واجباً وهو الإحرام من الميقات فيكون عليه فدية.
    وكذا من تعدى الميقات بدون إحرام فإنه عليه أن يرجع إليه، فإن لم يرجع فأحرم من دونه فعليه فدية، بأن يذبح شاة، أو يأخذ سبع بدنة أو سبع بقرة، ويوزع ذلك على مساكين الحرم، ولا يأكل منه شيئاً.
    صفته: يستحب قبل الإحرام التهيؤ له، بالاغتسال، والتنظيف وأخذ ما يشرع أخذه من الشعر والتطيب في بدنه، وأن يتجرد الذَّكرُ من المخيط، ويلبس إزاراً ورداءً أبيضين نظيفين.
    والأصح أنه ليس للإحرام صلاة تخصه، لكن إن صادف وقت فريضة أحرم بعدها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أهلّ دبر الصلاة ثم يخير أن يحرم بما شاء من الأنساك الثلاثة، وهي التمتع، والقران والإفراد.
    - والتمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج في عامه.
    - والقران: أن يحرم بالعمرة والحج معاً، أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل شروعه في طوافها، فينوي العمرة والحج من الميقات، أو قبل الشروع في طواف العمرة، ويطوف لهما ويسعى.
    - والإفراد: أن يحرم بالحج فقط من الميقات، ويبقى على إحرامه حتى يؤدي أعمال الحج.
    وعلى المتمتع والقارن فدية إن لم يكن من حاضري المسجد الحرام.
    واختلف في أي هذه الأنساك أفضل، والذي عليه بعض كبار المحققين من أهل العلم أنه التمتع.
    ثم إذا أحرم بأحد هذه الأنساك لبى عقب إحرامه، فيقول: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك".
    ويكثر من التلبية، ويرفع الرجل بها صوته.
    محظوراته: وهي ما يحرم على المحرم فعله بسبب الإحرام، وهي تسعة:
    أحدها: إزالة الشعر من جميع بدنه بحلق أو غيره، لقوله تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [سورة البقرة، الآية:196]
    الثاني : تقليم الأظفار؛ لأنه يحصل به الرفاهية، فأشبه إزالة الشعر إلاّ من عذر فيباح عند العذر كالحلق.
    الثالث: تغطية الرأس؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم المحرم عن لبس العمائم، وقوله في المحرم الذي وقصته راحلته: "ولا تخمر رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً" رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما-. وكان ابن عمر يقول: إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها" رواه البيهقي بإسناد جيد.
    الرابع: لبس الذَّكرِ المخيطَ في بدنه والخفين؛ لما روى عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- قال: سئل رسول الله r ما يلبس المحرم؟ قال: "لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ولا البرانس ولا السراويل ولا ثوباً مسّه ورس ولا زعفران، ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين" رواه البخاري ومسلم.
    الخامس: الطيب؛ "لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا في حديث صفوان بن يعلى بن أمية بغسل الطيب" رواه البخاري ومسلم، وقال في المحرم الذي وقصته ناقته: "لا تحنطوه..." رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس، ولمسلم: "ولا تمسوه بطيب".
    فيحرم على المحرم بعد إحرامه تطييب بدنه أو شيئاً منه، لحديث ابن عمر السابق.
    السادس: قتل صيد البَرِّ؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [سورة المائدة، الآية:95]. ويحرم اصطياده ولو لم يقتله أو يجرحه لقوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} [سورة المائدة، الآية:96].
    السابع: عقد النكاح، فلا يتزوج المحرم ولا يزوج غيره بولاية ولا وكالة؛ لحديث عثمان رضي الله عنه مرفوعاً: لا يَنكح المحرم ولا يُنكَحُ ولا يخطب" رواه مسلم.
    الثامن: الجماع في الفرج؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ} [سورة البقرة، الآية:197]. قال ابن عباس –رضي الله عنهما- هو الجماع، بدليل قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [سورة البقرة، الآية:187]. يعني الجماع.
    التاسع: المباشرة فيما دون الفرج لشهوة بوطء أو بقبلة أو لمس وكذا نظرة لشهوة؛ لأنه وسيلة إلى الوطء المحرم فكان حراماً.
    والمرأة كالرجل في ذلك وتخالفه في أشياء، فالمرأة إحرامها في وجهها فيحرم عليها تغطيته ببرقع أو نقاب أو غيره، ويحرم عليها لبس قفازين لحديث ابن عمر –رضي الله عنهما- مرفوعاً وفيه: "ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" رواه البخاري. وقال ابن عمر –رضي الله عنهما-: "إحرام المرأة في وجهها" رواه البيهقي بإسناد جيد. ولما روي عن عائشة –رضي الله عنها- أنها قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه" رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد وسنده حسن.
    ويحرم عليها مايحرم على الرجل من إزالة الشعر وتقليم الأظفار وقتل الصيد ونحوها لدخولها في عموم الخطاب، إلا لبس المخيط والخفين وتغطية رأسها.
    الركن الثاني: الوقوف بعرفة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم "الحج عرفة" رواه أحمد وأصحاب السنن.
    الركن الثالث: طواف الإفاضة لقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [سورة الحج، الآية:29].
    الركن الرابع: السعي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي" رواه الإمام أحمد والبيهقي.

    6.واجباته: واجبات الحج سبعة:

    1- الإحرام من الميقات.

    2- الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس لمن وقف نهاراً.

    3- المبيت بمزدلفة.

    4- المبيت بمنى ليالي أيام التشريق.

    5- رمي الجمرات.

    6- الحلق أو التقصير.

    7- طواف الوداع.


    7. صفته:
    يسن لمن أراد الحج أن يغتسل كما يغتسل للجنابة ويتطيب في بدنه كرأسه ولحيته ويلبس إزاراً ورداء أبيضين والمرأة تلبس ما شاءت من الثياب بشرط أن لا تتبرّج بزينة.
    ثم إذا تى الميقات صلى الفريضة إن كان وقت فريضة ليحرم بعدها فإن لم يكن وقت فريضة صلى ركعتين بنية سنة الوضوء لا بنية سنة الإحرام؛ لأنه لم يثبت عن البني صلى الله عليه وسلم أن للإحرام سنة.
    إذا فرغ من الصلاة نوى الدخول في النسك، فإن كان متمتعاً قال: (لبيك اللهم عمرة) وإن كان مفرداً قال: (لبيك اللهم حجاً) وإن كان قارناً قال: (لبيك اللهم حجاً في عمرة) يرفع الرجل صوته بذلك وتخفيه المرأة ويسن له الإكثار من التلبية.
    إذا وصل مكة ابتدأ بالطواف ويبدأ من الحجر الأسود ويجعل البيت عن يساره، ويقصد الحجر الأسود فيقبله أو يستلمه أي يمسه بيده اليمنى إن تيسر بدون مزاحمة وإلا أشار إليه وكبّر، ويقول: (اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاء بعهدك وإتباعاً لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم ، ويطوف سبعاً، وإذا مر بالركن اليماني استلمه بدون تقبيل.
    ومن سنن الطواف الرمل -وهو الإسراع في الخطا مع تقاربها- للرجل في الأشواط الثلاثة الأولى في طواف القدوم لحديث ابن عمر المتفق عليه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طاف الطواف الأول خب ثلاثاً ومشى أربعاً.
    ومن سنن الطواف الاضطباع –وهو أن يجعل رداءه تحت إبطه اليمنى، ويخالف بين طرفيه فوق كتفه اليسرى لحديث ابن عباس –رضي الله عنهما-: "اضطبع رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه ورملوا ثلاثة أشواط". والاضطباع سنة في أشواط الطواف السبعة فقط وليس سنة قبله ولا بعده.
    ويدعو في طوافه بما أحبّ بخشوع وحضور قلب ويقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: ({رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}) [سورة البقرة، الآية:201]. والتقييد بدعاء معين لكل شوط ليس له أصل من سنة رسول الله r وإنما هو بدعة.
    والطواف ثلاثة أنواع: الإفاضة، والقدوم، والوداع. والأول ركن، والثاني سنة والثالث واجب على الراجح.
    إذا انتهى من الطواف صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم ولو بعد عنه يقرأ في الأولى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ويسن تخفيف هاتين الركعتين كما جاءت به السنة.
    ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة. والسنة أن يقرأ إذا أقبل على الصفا {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة، الآية:158]. أبدأ بما بدأ الله به.
    ثم يرقى على الصفا ويستقبل القبلة رافعاً يديه فيوحد الله ويكبره ويحمده، ويقول: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده) ثم يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، ويكرر هذا الدعاء ثلاث مرات.
    ثم ينزل متجهاً إلى المروة، ويسن للرجل أن يسعى بين العلمين الأخضرين سعياً شديداً، إن تيسر له ولم يؤذ أحداً، فإذا وصل المروة صعد عليها واستقبل القبلة ورفع يديه وقال مثل ما قال على الصفا.
    وإن دعا في السعي بقوله: (رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم) فلا بأس لثبوت ذلك عن ابن عمر وابن مسعود –رضي الله عنهم-.
    ويستحبّ أن يكون متطهراً، ولو سعى على غير طهارة أجزأه ذلك، ولو سعت الحائض أجزأها، لأن الطهارة ليست شرطاً في السعي.
    فإذا أتم سعيه قصر من شعر رأسه إن كان متمتعاً، ويعمه بالتقصير، والمرأة تقصر منه قدر أنملة –وهو رأس الإصبع-، وإن كان قارناً أو مفرداً بقي على إحرامه حتى يحل يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة.
    فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة "يوم التروية" أحرم المتمتع بالحج ضحىً من مسكنه وكذلك من أراد الحج من أهل مكة، يفعل عند إحرام ما فعله من الاغتسال والتنظيف وغيرهما، ولا يسن أن يذهب إلى المسجد الحرام للإحرام، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أمر به أصحابه فيما نعلم، ففي الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: "أقيموا حلالاً حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج..." الحديث، ولمسلم عنه –رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أهللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى فأهللنا من الأبطح". ويقول المتمتع عند إهلاله: (لبيك حجاً).
    ويستحب أن يخرج إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً من غير جمع، ويستحب له أن يبيت فيها ليلة عرفة، لحديث جابر عند مسلم.
    إذا طلعت شمس يوم عرفة (التاسع من ذي الحجة) سار إلى عرفة واستحب له النزول بنمرة إلى الزوال إن تيسر له ذلك لفعله صلى الله عليه وسلم ، وإن لم يتيسر فلا حرج عليه أن ينزل بعرفة، ويصلي –بعد زوال الشمس- الظهر والعصر ركعتين ركعتين يجمع بينهما. ثم ينزل إلى الموقف بعرفة، والأفضل أن يجعل جبل الرحمة بينه وبين القبلة إن تيسر له ذلك، وإلا استقبل القبلة وإن لم يستقبل الجبل، ويستحب التفرغ لذكر الله والاجتهاد في الضراعة والدعاء وقراءة القرآن رافعاً يديه لحديث أسامة رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فرفع يديه يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها فتناول خطامها بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى" رواه النسائي. وفي صحيح مسلم: "لم يزل واقفاً يدعو حتى غابت الشمس وذهبت الصفرة".
    والدعاء يوم عرفة خير الدعاء. قال النبي صلى الله عليه وسلم : "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)" رواه مسلم. وعليه أن يظهر الافتقار والحاجة والانكسار لله، ولا يفوِّت هذه الفرصة العظيمة، قال صلى الله عليه وسلم : "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء" رواه مسلم.
    والوقوف بعرفة ركن، والواجب الوقوف إلى غروب الشمس، والواجب على الحاج أن يتأكد من حدود عرفة، فإن كثيراً من الحجاج يتساهلون فيقفون خارجها وهؤلاء لا حج لهم.
    فإذا غربت الشمس سار إلى مزدلفة بسكينة ووقار لقوله عليه الصلاة والسلام: "أيها الناس السكينة السكينة" رواه مسلم. فإذا وصلها صلى بها المغرب والعشاء فيصلي المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين جمع تأخير، والسنة للحاج ألا يصليها إلا بها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا خاف خروج وقت العشاء صلاهما في أي مكان.
    ويبيت بمزدلفة ولا يحي الليل بصلاة ولا غيرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك؛ لما رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئاً ثم اضطجع حتى طلع الفجر".
    ويجوز لأهل الأعذار والضعفة أن يدفعوا من مزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل ومغيب القمر لرمي جمرة العقبة، وأما من ليس ضعيفاً ولا تابعاً لضعيف فإنه يبقى بمزدلفة حتى يطلع الفجر. وما يفعله كثير من الناس اليوم من المسابقة إلى الرمي في أول الليل لأجل الراحة مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم .
    وإذا صلى الحاج الفجر بمزدلفة وقف عند المشعر الحرام واستقبل القبلة ويدعو الله ويكثر من الدعاء ويرفع يديه حتى يسفر جداً، وحيثما وقف من مزدلفة أجزأه ذلك؛ لقول صلى الله عليه وسلم : "وقفت ها هنا وجمع كلها موقف" رواه مسلم. و"جمع" هي مزدلفة.
    ثم ينصرف الحجاج إلى منى قبل طلوع الشمس يوم النحر فيرمون جمرة العقبة -وهي الجمرة الكبرى التي تلي مكة- بسبع حصيات، كل حصاة أكبر من الحمص قليلا، وأجمع العلماء على أنه يجوز رميها من كل مكان، والأفضل أن يجعل الكعبة عن يساره ومن عن يمينه، لحديث ابن مسعود رضي الله عنه: "أنه انتهى إلى الجمرة الكبرى فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ورمى بسبع، وقال: هكذا رمى الذي أنزل عليه سورة البقرة" متفق عليه. ولا يجوز الرمي بحصاة كبيرة ولا بالخفاف ولا بالنعال. ويقطع الحاج التلبية عند رميه جمرة العقبة.
    والسنة أن يُقدِّم الحاج الرمي، ثم النحر بذبح الهدي إن كان متمتعاً أو قارناً، ثم الحلق أو التقصير، والحلق أفضل للرجل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالرحمة والمغفرة للمحلقين ثلاث مرات وللمقصرين مرة واحدة كما رواه البخاري ومسلم. ثم يذهب الحاج إلى البيت ليطوف طواف الإفاضة.
    وهذا هو السنة لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الذي رواه مسلم وفيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها، مثل حصي الحذف، رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر".
    ومن قدّم بعض هذه الأنساك الأربعة على بعض لا شيء عليه، لما رواه الشيخان من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في حجة الوداع: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يسألونه، قال: "فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ عن شيء قُدِّم أو أُخِّر إلا قال: "افعل ولا حرج".
    وإذا طاف الحاج بالبيت فإن كان متمتعاً أتى بالسعي بعد الطواف لأن سعيه الأول كان للعمرة فيلزمه السعي للحج، وإن كان مفرداً أو مقارناً فإن كان قد سعى بعد طواف القدوم لم يعد السعي مرة أخرى، لقول جابر رضي الله عنهما: "لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً طوافه الأول" رواه مسلم.
    تعد أيام التشريق (الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة) أيام رمي لمن لم يتعجل، وأما من تعجل فيرمي يومي الحادي عشر والثاني عشر لقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [سورة البقرة، الآية:203].
    ويبتدئ الحاج برمي الجمرة الأولى (الصغرى) –وهي التي تلي مسجد الخيف- بسبع حصيات، ثم الوسطى بسبع حصيات، ثم جمرة العقبة بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، والسنة أن يعقب بعد الجمرة الأولى (الصغرى) مستقبل القبلة ويجعلها عن يساره ويدعو طويلا، ويقف بعد الجمرة الثانية مستقبل القبلة ويجعلها عن يمينه ويدعو طويلا، أما جمرة العقبة فلا يقف بعدها.
    ويبتدئ وقت الرمي بعد الزوال لحديث ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: "كنا نتحيّن فإذا زالت الشمس رمينا" رواه البخاري.
    وأجمع العلماء على أن آخر وقت الرمي في أيام التشريق هو غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة. ومن غربت عليه شمس ذلك اليوم ولم يرم لا يرمي بعد ذلك وإنما عليه دم.
    يبيت الحاج بمنى ليالي التشريق، الحادي عشر والثاني عشر، وإن غربت عليه الشمس من اليوم الثاني عشر ولم يخرج من منى لزمه التأخير بمنى والمبيت بها ورمي الجمار في اليوم الثالث عشر.
    إذا أراد الحاج الخروج من مكة فلا يخرج حتى يطوف طواف الوداع، إذ هو من واجبات الحج عند جمهور أهل العلم، إلا أنه يسقط عن الحائض لحديث ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تنفرَّنَّ أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت" وفي رواية: "إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" رواه مالك وأصله في صحيح مسلم.
    وأكثر العلماء على أن طواف الإفاضة يكفي عن الوداع لمن أخره إلى وقت سفره.
    يستحب لمن رجع من الحج أن يقول ما رواه البخاري عن ابن عمر –رضي الله عنهما- أن النبي r كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على شرف من الأرض ثم يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده".

    @@@@@@ موقعىالخاص@@@@@@@


    دعاء يخيف الشيطان
    ﴿ اللهم إنك سلطت علينا عدواً عليماً بعيوبنا ، يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم ، اللهم أيسه منا كما أيسته من رحمتك وقنته منا كما قنته من عفوك ، وباعد بيننا وبينه كما باعدت بينه وبين رحمتك وجنتك

    (يافارج الهم وياكاشف الغم فرج همى وارحم ضعفى وقلة حليتى وارزقنى من حيث لا احتسب يارب العالمين)
    قال رسول الله : (ان من اخبر الناس بهذا الدعاء فرج الله همة)


  2. #2
    الادارة الصورة الرمزية شهود
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    الدولة
    اليمن السعيد
    المشاركات
    33,955
    معدل تقييم المستوى
    100

    افتراضي رد: أركان الاسلام

    سلمت سلمت يمناك




 

 

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
لتوفير الجهد والوقت عليك ابحث عن ما تريد في جوجل من هنا

جميع الحقوق محفوظة لـ شبكة توب ماكس تكنولوجي

Copyright © 2007 - 2010, topmaxtech.net . Trans by topmaxtech.

المعهد غير مسئول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء
فعلى كل شخص تحمل مسئولية نفسه اتجاه ما يقوم به من بيع وشراء و اتفاق مع أي شخص أو جهة