الحديث الحادي والأربعون
عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به". (حديث حسن صحيح، رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح).
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم: (( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لماجئت به)) يعني أن الشخص يجب عليه أن يعرض عمله على الكتاب والسنةويخالف هواه ويتبع ما جاء به صلى الله عليه وسلم ، وهذا نظير قوله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب:36]. فليس لأحد مع الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم أمر ولا هوى.
وعن إبراهيم بن محمد الكوفي قال : رأيت الشافعي بمكة يفتي الناس، ورأيت إسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل حاضرين ،فقال أحمد لإسحاق : تعال حتى أريك رجلاً لم تر عيناك مثله. فقال له إسحاق: لم تر عيناي مثله؟! قل نعم ؛ فجاء به فوقفه على الشافعي فذكرالقصةإلى أن قال : ثم تقدم إسحاق إلى مجلس الشافعي فسأله عنكراء بيوت مكة ،فقال الشافعي: هذا عندنا جائز. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهل ترك لنا عقيل من دار))؟ فقال إسحاق:أخبرنا يزيد ابن هارون عن هشام عن الحسن أنه لم يكن يرى ذلك ، وعطاءوطاووس لم يكونا يريان ذلك، فقال له الشافعي: أنت الذي تزعم أهل خرسان أنك فقيههم؟قال إسحاق: كذا يزعمون!قال الشافعي: ماأحوجني أن يكون غيرك في موضعك فكنت آمراً بفرك أذنيه، أنا أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنت تقول : قال عطاءوطاووس والحسن وإبراهيم، هؤلاء لا يرون ذلك؟ وهل لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة ؟ثم قال الشافعي: قال الله تعالى:{للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم} [الحشر:8]. أفتنسب الديار إلى مالكين أو غير مالكين؟ قال إسحاق: إلى مالكين.قال الشافعي: فقول الله تعالى أصدق الأقاويل. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن)). وقد اشترى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه دار الحجلتين . وذكر الشافعي جماعات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له إسحاق:{سواءالعاكف فيه والباد }[الحج:25].فقال له الشافعي: فالمراد به المسجد خاصة ، وهو الذي حول الكعبة ولو كان كما تزعم لكان لا يجوز لأحد أن ينشد في دور مكة ضالة، ولا تحبس فيها البدن ، ولا تلقى الأرواث ، ولكن هذا في المسجد خاصة ، فسكت إسحاق ولم يتكلم فسكت الشافعي عنه.