الفــــــــأر والمصيدة

كان اللعاب يسيل من فم الفأر ، و هو يتجسس على صاحب المزرعة و زوجته ، و هما يفتحان صندوقا أنيقاً، و يمنِّي نفسه بأكله شهية ، لأنه حسب أن الصندوق يحوي طعاما ، و لكن فكه سقط حتى لامس بطنه بعد أن رآهما يخرجان مصيدة للفئران من الصندوق و اندفع الفأر كالمجنون في أرجاء المزرعة و هو يصيح : لقد جاءوا بمصيدة فئران... ‏يا ويلنا!
هنا صاحت الدجاجة محتجة : اسمع يا فرفور ، المصيدة هذه مشكلتك أنت فلا تزعجنا بصياحك وعويلك ‏فتوجه الفأر إلى الخروف : الحذر ، الحذر ففي البيت مصيدة ، فأبتسم الخروف و قال :

يا جبان يا رعديد ، لماذا تمارس السرقة و التخريب طالما أنك تخشى العواقب ‏ثم إنك المقصود بالمصيدة
فلا توجع رؤوسنا بصراخك ، و أنصحك بالكف عن سرقة الطعام و قرض الحبال و الأخشاب .
هنا لم يجد الفأر مناصاً من الاستنجاد بالبقرة التي قالت له باستخفاف :
في بيتنا مصيدة ‏ ، يبدو أنهم يريدون اصطياد الأبقار بها .


عندئذ أدرك الفأر انه لافائدة منهم .
‏و قرر أن يتدبر أمر نفسه ، و واصل التجسس على المزارع حتى عرف موضع المصيدة ، و نام بعدها قرير
العين ، بعد أن قرر الابتعاد من مكمن الخطر . ‏و فجأة شق سكون الليل صوت المصيدة و هي تنطبق
على فريسة ، و هرع الفأر إلى حيث المصيدة ليرى ثعبانا يتلوى بعد أن أمسكت المصيدة بذيله .
ثم جاءت زوجة المزارع و بسبب الظلام حسبت أن الفأر وقع فيها ‏،
و أمسكت بالمصيدة فعضها الثعبان ، فذهب بها زوجها على الفور إلى المستشفى حيث تلقت إسعافات
أولية ، و عادت إلى البيت و هي تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة .
و بالطبع فإن الشخص المحموم بحاجة إلى سوائل ، و يستحسن أن يتناول الشوربة ،
و هكذا قام المزارع بذبح الدجاجة ، و صنع منها حساء لزوجته
المحمومة ، و تدفق الأهل و الجيران لتفقد أحوالها ، فكان لابد من ذبح الخروف لإطعامهم .
و لكن الزوجة المسكينة توفيت بعد صراع مع السموم دام عدة أيام ، و جاء المعزون بالمئات
و إضطر المزارع إلى ذبح بقرته لتوفير الطعام لهم .
أود أن أذكر بأن الوحيد الذي بقي على قيد الحياة هو الفأر ، الذي كان مستهدفاً بالمصيدة ، و كان
الوحيد الذي إستشعر الخطر .... ثم فكر أيها القارئ ، في أمر من يحسبون أنهم بعيدون عن المصيدة
فلا يستشعرون الخطر بل يستخفون بمخاوف الفأر الذي يعرف بالغريزة و التجربة أن ضحايا
المصيدة قد يكونون أكثر مما تتصورون.