في رمضان ما أجمل الانكسار !!



عجيب أمرك يا رمضان! تأتي معك أجمل المواهب، وألطف الهبات، ولعل "الانكسار" من أروعها.
نعم.. إنه حال القلب التقي النقي الخفي الغني، الذي يدخل إلى الرب الكريم الوهاب عبر بوابة "الانكسار"، فيصل وصولاً سريعًا، ويمنح عند وصوله تاج العبودية.
إن الذل والخضوع والافتقار والانكسار صفات لقلب ذلك الرجل أو لتلك المرأة، وهذه الصفة هي صفة العبودية الكاملة للرب i.
إن الانكسار بين يدي الله يعني "الافتقار"، والبراءة من كل حول وقوة، والاعتصام بحول الله وقوته {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إلى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15].
وهذا الافتقار هو شعور العبد بأنه محتاج إلى الله تعالى في كل طرفة عين.
وبالافتقار والانكسار وصل أهل التقوى لأشرف المنازل، ووجدوا عند وصولهم "أجمل المواهب".
إن رمضان يشعرك بحقيقة نفسك، وأنك فقير إلى ربك محتاج إليه، ويرسل إلى قلبك نسائم الإيمان لتضع عليه أنوار الإحسان.
فما أجمل الذل إذا كان لله! وما أحلى الانكسار إذا كان لله! وما ألطف الافتقار إذا كان للعزيز الغفار!
فهيا نسجد سجدة "الافتقار"، ونلبس ثياب "الانكسار"؛ لعل الله أن يرحمنا ويكتبنا مع السابقين الأبرار.ياصاحب الذنب لقد جاء رمضان


يا من أساء مع ربه، وأخطأ مع مولاه، يا من طال بُعده عن ربه، وتجاوز حدود العبودية..
يا أيها العبد! يا أيها المسكين! ماذا وجدت في بُعدك عن الله؟!
يا أخي، ويا أختي: لقد جاء رمضان ليرسل لك نفحات الإيمان، وليضفي على قلبك رحمة الرحمن، فهيا إلى الله {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذاريات: 50].
يا عبد الله! اعلم أن باب التوبة مفتوح، والدخول إليه مسموح، فأقبل على ربك، لعله يرضى عنك ويغفر لك..
هيا إلى الله، لعله يبدل سيئاتك إلى حسنات، ولعله يكتبك في أحبابه {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: 222].
هيا إلى الله الذي وسعت رحمته كل شيء، وكتب كتابًا فهو عنده: "إن رحمتي سبقت غضبي" (رواه البخاري).
يا صاحب الذنب! أسمعت هذه الآية {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53].
فهيا إلى الله، فهو أرحم بك من أمك وأبيك، وهو أكرم الأكرمين، وهو الذي يقول: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82].
هيا إلى ذلك الرب الرءوف بالعباد، المتفضل عليك بالنعم على الدوام..
أوصيك بالندم على ما فات، والعزم على عدم العودة للذنوب الماضيات..
يا أيها التائب، أين دموعك؟ وأين خشوعك؟ وأين اعترافك لمولاك؟!
لتبدأ بصفحة جديدة، واكتب عليها: "يا رب أنا تائب".