الطفل يرهق أمه بالأسئلة التي لا تتوقف طوال النهار، فكل ما يراه ويسمعه هو موضوع أسئلة، إنها سن الـ « لماذا» التي تبدأ في الثالثة
يتفق اختصاصيو علم نفس الطفل على أن بناء شخصية الطفل وتطويرها ليصبح كائنًا مستقلاً وقادرًا على تدبّر أموره وحده، لا بدّ لهما أن يمرا بمراحل، للأهل دور في جعل هذه المراحل تمر بسلام.



تكوّن شخصية الطفل وتطوّرها
مرحلة قلق في الثمانية أشهر

يمر كل الأطفال بمرحلة القلق. فبمجرد خروج الأم من حقل نظر الطفل أو اقتراب أي شخص غريب منه يشعر بالقلق فيعبّر عنه بالبكاء. وهذا القلق لا يقتصر على والدته بل يشمل كل الأشخاص الذين يشكّلون بالنسبة إليه المحيط العاطفي، كالأب والأخ والأخت والجدة والخالة... فهذا الاختفاء الموقت يجعل الطفل يغوص في بحر من القلق. ويشير الاختصاصيون إلى أن أزمة القلق لا علاقة لها بالنكوص، بل هي مؤشر حقيقي لأن الطفل بدأ يتطوّر على المستوى الفكري، فهو يفهم أنه ووالدته كيانان مستقلان. والشعور بالقلق يشير إلى أنه أصبح يدرك أنه جزء من هذا العالم. وتسأل الأم كيف يجب التصرّف تجاه بكائه؟ على الأم أن تشرح لطفلها لمَ عليها الخروج ومن سيهتم به أثناء غيابها، وعليها أن تؤكد له أنها ستعود، فهو يفهم أكثر مما تتوقع.

أزمة المعارضة


هناك أزمات معارضة عدة تشير إلى نمو الطفل. فالطفل يعارض بشكل تلقائي الراشدين، ويدرك أنه لا يريد أن يخضع لوالديه، ويبتزهما باستعمال كلمة «لا» كي يعبّر عما يشعر به. ومراحل المعارضة هذه مرهقة بالنسبة إلى الوالدين، ولكنها ضرورية للطفل، فمن خلالها يبني شخصيته. وتظهر مرحلة المعارضة هذه خلال مراحل التعليم الكبرى مثل المشي والنظافة، وكلما تعلّم الطفل تدبر أمور وحده صعبت السيطرة على رغبته في حرية التصرف، فهو يريد اكتشاف العالم وممنوعات أهله تعيقه عن التحرك كما يريد. وفي المقابل فإن المعارضة بالنسبة إلى الطفل وسيلة للتكيف خلال مرحلة الانقلابات الكبرى لاسيّما مع مجيء شقيق صغير أو الانتقال من منزل إلى آخر.

كيف يجدر بالأم التصرف تجاه « لا» الطفل؟
ذكرنا أنه خلال تطور الطفل الحركي واكتسابه الاستقلالية يمر بمراحل عدة من المعارضة. وعلى الأم التحلي بالصبر والابتكار كي يعبر هذه المرحلة. لذا يجب استعمال التفاوض مع الطفل، فإذا لم يشأ مثلا ترتيب ألعابه فورًا فاوضيه ليقوم بذلك بعد خمس دقائق... يرفض ارتداء كنزته الحمراء، اقترحي عليه الزرقاء.

مرحلة الـ« لماذا

يرهق الطفل أمه بالأسئلة التي لا تتوقف طوال النهار، فكل ما يراه ويسمعه هو موضوع أسئلة، إنها سن الـ « لماذا» التي تبدأ في الثالثة. فمع دخول الطفل الحضانة يكتشف عالمًا جديدًا بعيدًا عن والدته. وبمواجهة كل هذه الأمور الجديدة من الطبيعي أن يبدأ بطرح الأسئلة اللامتناهية، التي تناسب سنه. وكلما تقدّمت سنه يمكن الأم الدخول في التفاصيل أثناء شرحها للأمور. ويلفت الاختصاصيون إلى أن عدم الإجابة عن أسئلته وتجاهلها قد يؤديان بالطفل إلى عدم الشعور بالاستقرار