بسم الله الرحمن الرحيم
مفهوم الزمن في القرآن الكريم ، أصل الدين معرفة الله.لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي

الخطبة الأولى:
الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات.
الزمن رأسمال الإنسان :
أيها الأخوة الكرام، الصحابة الكرام كانوا إذا اجتمعوا لا يفترقون إلا على سورة قصيرة يتلونها، السورة قصيرة جداً وأنتم جميعاً تحفظونها إنها سورة العصر قال تعالى:
﴿ وَالْعَصْرِ﴾
[ سورة العصر: 1 ]
الواو هنا واو القسم، المقسم به هو العصر، أي هو الزمن، والزمن هو البعد الرابع للأشياء، كل شيء له طول وله عرض وله ارتفاع، الأبعاد الثلاثة، عندنا نقطة وخط وسطح، وعندنا حجم، النقطة شيء إذا حركتها شكّلت مستقيماً، إن حركت هذا الخط شكّل سطحاً، إن حركت هذا السطح شكّل حجماً، إن حركت هذا الحجم شكّل وقتاً، الوقت هو البعد الرابع للأشياء.
هناك شيء دقيق جداً: مع الزمن حركة، الشيء إذا تحرك قد يستهلك، فقالوا: البعد الرابع للأشياء، الإنسان لو تصورت أنه استطاع أن يسير على سرعة عرفها الإنسان، سرعة الضوء في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر، أعلى سرعة عرفها الإنسان هي سرعة الضوء، لو تمكن الإنسان أن يمشي بسرعة الضوء أصبح ضوءا،ً الكتلة صفر، والحجم لا نهائي، هذه صفات الضوء، الله عز وجل يقول:
﴿ وَالْعَصْرِ﴾
[ سورة العصر: 1 ]
الإنسان رأسماله الزمن، الإنسان في أدق تعريفاته أنه زمن، الإمام الحسن البصري في تعريفه للإنسان: الإنسان بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه.
والله هذا التعريف ينخلع القلب له، أنت بضعة أيام، الواحد منا له عند الله عمر قد يكون ثلاثاً وستين سنة، وأربعة أشهر، وثلاثة أسابيع، وأربعة أيام، وثماني ساعات، وسبع دقائق، وست ثوان، أي حركة تقترب من النهاية، ثانية دقيقة ساعة يوم أسبوع شهر فصل سنة، عشر سنوات قرن.
أخطر حدث في المستقبل مغادرة الدنيا :

كلما تحرك الزمن اقتربت من النهاية لأنك بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منك، فالبطولة لا أن تعيش الحاضر، ولا أن تعيش الماضي، كنت، وفعلت، وسافرت، والتقيت، وتعينت بمناصب عديدة، البطولة أن تعيش المستقبل، وإن أخطر يوم في المستقبل مغادرة الدنيا، من بيت إلى قبر، ورد في الأثر أن: "عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت".
هل يستطيع واحد منا وأنا معكم أن ينكر حدث الموت؟ قال تعالى:
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾
[ سورة الملك: 2 ]
بدأ بالموت لخطورته، ولأهميته، ولأن الإنسان حينما يولد أمامه خيارات كثيرة، أما عند الموت فهو أمام خيارين لا ثالث لهما، عبّر عنهما النبي عليه الصلاة والسلام فقال:
(( فو الذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار ))
[الجامع الصغير عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ]
أية جنازة تراها بعينك:
(( فو الذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار ))
[الجامع الصغير عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ]
لذلك البطولة لا أن تعيش الماضي ولا أن تعيش الحاضر أن تعيش المستقبل لأن أخطر حدث في المستقبل مغادرة الدنيا.
الإنسان خاسر لا محالة لأن مضي الزمن يستهلكه :


﴿ وَالْعَصْرِ﴾
[ سورة العصر : 1 ]
أقسم الله بمطلق الزمن، لماذا أقسم بمطلق الزمن؟ لأن هذا الذي يقسم له الإنسان هو زمن، يقسم الله بمطلق الزمن لهذا المخلوق الأول الذي هو في حقيقته زمن، يقول له: والعصر إنك خاسر أيها الإنسان، الله خالق السماوات والأرض و يقسم أنك خاسر، ما معنى الخسارة؟ مضي الزمن وحده يستهلكك، سبت، أحد، اثنين، ثلاثاء، أربعاء، خميس، جمعة أسبوع، أسبوع أسبوعان ثلاثة أسابيع أربعة أسابيع شهر، شهر اثنان ثلاثة فصل، فصل اثنان ثلاثة سنة، عشر سنوات عقد، خمسة ستة عقود انتهى العمر، إلى القبر، إلى الآخرة:
(( فو الذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار ))
[الجامع الصغير عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ]
شيء خطير جداً والله الذي لا إله إلا هو لو أيقنا ما بعد الموت قد لا ننام الليل من شدة القلق والعمل الصالح، لأن:
(( بادِرُوا بالأعمال سبعاً: هل تُنْظَرون إلا فَقْراً مُنْسياً، أو غِني مُطغياً، أو مَرَضاً مُفسِداً، أو هَرَماً مُفنِداً، أو موتاً مُجْهِزاً، والدجالَ؟ والدَّجَّالُ شَرُّ غائب يُنَتظَرُ، والساعةَ؟ والساعةُ أدْهَى وأمرُّ ))
[ أخرجه الترمذي والنسائي عن أبي هريرة ]
الوقت ينفق استهلاكاً أو استثماراً :


﴿ وَالْعَصْرِ﴾
[ سورة العصر: 1 ]
يقسم الله لهذا المخلوق الأول الذي هو في حقيقته زمن، يقسم لهذا الزمن بالزمن، إنك خاسر أيها الإنسان لأن مضي الوقت يستهلكك، هذا الوقت وهذا الزمن الذي هو أنت إما أن تنفقه إنفاقاً استهلاكياً كشأن معظم البشر، وإما أن تنفقه إنفاقاً استثمارياً، دقق في الإنفاق الاستهلاكي أي نأكل، نشرب، نسهر، نضحك، نتسامر، ننام، نستيقظ، نعمل، نكسب المال، معظم الناس هكذا لا يوجد عنده هدف يعيش ليأكل ويشرب ويستمتع، هذا الوضع الخطير الله عز وجل قال:
﴿و العصر* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
[ سورة العصر: 1-2 ]
لأن مضي الوقت وحده يستهلك الإنسان، أي يمر بمرحلة يتزوج، ينجب أولاداً، يكبر أولاده يزوجهم، ثم يحس بأعراض سلبية في صحته يتعالج معه مجموعة أدوية ثم تظهر النعوة:
﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ﴾
[ سورة الانشقاق:19]
فرق كبير بين أن تؤمن بالله خالقاً وبين أن تؤمن بالله العظيم :
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا ﴾
من هم المستثنون من الخسارة؟ :
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
مضي الزمن وحده يستهلكه،
﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾
آمنوا إيماناً يمنعهم أن يعصوا ربهم، يحملهم هذا الإيمان على طاعة الله، لذلك ليس كل إيمان يعد إيماناً، إبليس مؤمن، الدليل قال له:
﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ ﴾
[ سورة ص: 82 ]
آمن به رباً وآمن به عزيزاً، و قال:
﴿ فأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
[ سورة ص: 79 ]
وآمن بالآخرة، هذا إبليس، لكن الآية الكريمة دقيقة جداً:
﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ* ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ* إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾
[ سورة الحاقة: 30-33 ]
فرق كبير بين أن تؤمن بالله خالقاً كمعظم البشر وبين أن تؤمن بالله العظيم:
﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً* وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾
[ سورة نوح: 13-14 ]
الإيمان بالله العظيم يحتاج إلى تفكر في خلق السماوات والأرض :

يجب أن تؤمن بالله العظيم، والإيمان بالله العظيم يحتاج إلى تفكر في خلق السماوات والأرض، ذكرت قبل يوم أن بين الأرض وأقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية، لو أن هناك طريق تحتاج إلى خمسين مليون عام، أما أربعة وعشرون ألف مليون سنة فما هذا الرقم؟ بعض المجرات بعدها عنا أربعة وعشرون ألف مليون سنة، هذا الإله الذي خلق هذا الكون يعصى؟ ألا يخطب وده؟ ألا ترجى جنته؟ هذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً:
﴿ وَالْعَصْرِ﴾
[ سورة العصر: 1 ]
يقسم الله لنا بمطلق الزمن - لأننا زمن، بضعة أيام- أننا خاسرون لأن مضي الزمن يستهلكنا، أي هؤلاء الحاضرون حفظ الله لكم إيمانكم، وصحتكم، وأهلكم، وأولادكم، بعد مئة عام هل هناك أحد منا فوق الأرض؟ جميعنا تحت الأرض، فالإنسان طارئ إذاً:
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾
[ سورة العصر: 1-3]
الجنة لا ينالها الإنسان دون طلب و تعب و جهد :

أيها الأخوة الكرام، علماء التفسير سموا ما بعد إلا أركان النجاة:
﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾
[ سورة العصر: 3 ]
يجب أن تؤمن، هل هناك إنسان ينام يستيقظ فيجد معه شهادة ثانوية؟ هناك دوام اثنتي عشرة سنة، والسنة تسعة أشهر، واثني عشر كتاباً، وهناك امتحان نصفي، وامتحان أخير، حتى يقول معي ثانوية، هناك دراسة اثنتي عشرة سنة حتى يكتب إلى جانب اسمه دالاً أي دكتور، يدرس ثلاثاً وثلاثين سنة، تريد جنة عرضها السماوات والأرض من دون دراسة؟ من دون طلب علم؟ من دون انضباط؟ بلا جهد؟ بلا سبب؟ بلا تعب؟ بلا طلب علم؟ جنة عرضها السماوات والأرض قال تعالى:
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾
[ سورة العصر: 1-3]
أركان النجاة :
استمعوا إلى أركان النجاة،
﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾
دققوا إبليس قال:
﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ ﴾
[ سورة ص: 82 ]
الإيمان الذي يمنعك أن تؤذي مخلوقاً، الإيمان الذي يحملك على طاعة الله، فالإيمان الذي لا يمنعك أن تؤذي مخلوقاً، ولا يحملك على طاعة الله، لا قيمة له إطلاقاً، أنا أسميه: إيمان إبليسي،
﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾
حينما تؤمن تلتزم، حينما تؤمن تنضبط، حينما تؤمن تعمل حركتك وفق منهج الله، حينما تؤمن تعطي لله وتمنع لله، وتغضب لله وترضى لله، هكذا الإيمان، الإيمان درجة علمية، ما اتخذ الله ولياً جاهلاً، لو اتخذه لعلمه، درجة أخلاقية درجة جمالية، المؤمن سعيد جداً لأنه اتصل بخالق السماوات والأرض.
بالإيمان يتعرف الإنسان إلى الله وبالعمل الصالح يتقرب إليه :

أيها الأخوة،
﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾
الإيمان الذي يحملك على طاعة الله والإيمان الذي يمنعك أن تؤذي نملة:
(( دخلت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت فدخلت فيها النار؛ لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ))
[ مُتَّفَقٌ عَلَيْه عن ابن عمر]
فما قولك بما فوق الهرة؟ كلام خطير:
﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾
[ سورة العصر: 3 ]
بالإيمان تتعرف إلى الله، وبالعمل الصالح تتقرب إليه، أما الثمن الثالث:
﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾
[ سورة العصر: 3 ]
هذه الدعوة إلى الله كفرض عين على كل مسلم:
(( بلغوا عني ولو آية ))
[ أخرجه البخاري والترمذي عن ابن عمرو ]
سمعت خطبة تأثرت اكتب عدة كلمات عنها، وانقلها لزوجتك، لأولادك، لجيرانك، لشركائك في العمل، خذ الشريط ووزعه على أقربائك:
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾
[ سورة العصر الآيات : 1-3 ]
وتواصوا بالصبر على طلب الإيمان، والعمل الصالح، والدعوة إلى الله.
من عرف الله عرف كل شيء :


هناك جهد وهناك متاعب، الذي يريد أن يسهم في عمل يدخله الجنة هناك متاعب، لا بد للمؤمن من كافر يقاتله، ومن منافق يبغضه، ومن مؤمن يحسده، ومن نفس ترديه، ومن شيطان يغويه، هناك خمس مشكلات، لا بد للمؤمن من كافر يقاتله، ومن منافق يبغضه، ومن مؤمن يحسده، ومن نفس ترديه، ومن شيطان يغويه، فنحن في معركة مع أنفسنا لا بد أن نعرف الله، أن نعرف منهجه، لأن الإنسان إذا عرف الله عرف كل شيء.
(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي، من أقبل عليّ منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب، أهل ذكري، أهل مودتي، أهل شكري، أهل زيادتي أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ))
[ رواه البيهقي والحاكم عن معاذ، والديلمي وابن عساكر عن أبي الدرداء ]
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين، أستغفر الله.
***
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أصل الدين معرفة الله :
أيها الأخوة ، ورد في الأثر القدسي:
(( ليس كل مصلٍّ يصلي، إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي))
[ أخرجه الديلمي عن حارثة بن وهب ]
أي تفكر في خلق السماوات والأرض، فعظّم الله عز وجل، وخشع له، والتزم أمره ونهيه، عندئذ تتقبل صلاته.
(( ليس كل مصلٍّ يصلي، إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي))
هذا التفكر في خلق السماوات والأرض:
((...وكفّ شهواته عن محارمي- الاستقامة- ولم يصر على معصيتي- التوبة- وأطعم الجائع- العمل الصالح- وكسا العريان، ورحم المصاب، وآوى الغريب، كل ذلك لي- الإخلاص- وعزتي وجلالي إن نور وجهه لأضوأ عندي من نور الشمس، على أن أجعل الجهالة له حلماً، والظلمة نوراً، يدعوني فألبيه، ويسألني فأعطيه، ويقسم عليّ فأبره، أكلأه بقربي، وأستحفظه ملائكتي، مثله عندي كمثل الفردوس لا يمس ثمرها، ولا يتغير حالها))
أيها الأخوة الكرام، هذا الأثر القدسي جامع مانع:
(( ليس كل مصلٍّ يصلي، إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي))
أصل الدين معرفة الله، تفكر في خلق السماوات والأرض فعظّم الله، تواضع لعظمتي:
(( ....وكفّ شهواته عن محارمي- الاستقامة- ولم يصر على معصيتي- المؤمن كثير التوبة- وأطعم الجائع- العمل الصالح- وكسا العريان، ورحم المصاب، وآوى الغريب، كل ذلك لي- الإخلاص- وعزتي وجلالي إن نور وجهه لأضوأ عندي من نور الشمس، على أن أجعل الجهالة له حلماً، والظلمة نوراً، يدعوني فألبيه، يسألني فأعطيه، ويقسم عليّ فأبره، أكلأه بقربي، وأستحفظه ملائكتي، مثله عندي كمثل الفردوس لا يمس ثمرها، ولا يتغير حالها))
الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين، اللهم بفضلك ورحمتك أعل ِكلمة الحق والدين، وانصر الإسلام والمسلمين، في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم وفق ولاتهم إلى ما تحب وترضى، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.
والحمد لله رب العالمين