العقيدة الاسلامية - اسماء الله الحسنى 2008 - الدرس (049-100)ب : اسم الله العفو 2لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-12-09


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( العفو):
أيها الأخوة الكرام، لازلنا مع اسم العفو، ومرات و مرات، نذكر بأن قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾
( سورة الأعراف)
لأنه جلّ جلاله ذات كاملة ولا سبيل إلى التقرب إليه إلا أن تكون كاملاً، لأن الله طيب ولا يقبل إلا طيباً، أحد أكبر أسباب القربات إليه، أن تتخلق بكمال مشتق منه، فإذا كان الله عفواً، ما من قربة إلى الله أعظم من أن تعفو عمن ظلمك، ورد في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( أمرني ربي بتسع، خشية الله في السر والعلانية))
[ القرطبي عن أبي هريرة]
المؤمن الصادق باطنه كظاهره:
المؤمن الصادق خلوته كجلوته، باطنه كظاهره، سره كعلانيته، ازدواجية لا يوجد عنده، واضح وضوح الشمس كما قال عليه الصلاة والسلام، لأن منهج النبي واضح قال:
(( تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ))
[ الذهبي عن العرباض بن سارية ]
فالنبي الكريم يوجهنا ويقول متحدثاً عن نفسه:
(( أمرني ربي بتسع، خشية الله في السر والعلانية، كلمة العدل في الغضب والرضا، القصد في الفقر والغنى ))
[ القرطبي عن أبي هريرة]
معظم الناس يلجؤون إليه عند الشدة، هذا شيء طبيعي لكن بطولة المؤمن أنه يعرف الله في الرخاء وهو صحيح، وهو معافى، وهو في قمة النجاح لا ينسى الله، النبي صلى الله عليه وسلم حينما دخل مكة فاتحاً، دخلها مطأطئ الرأس حتى كانت ذؤابة عمامته تلاصق عنق بعيره تواضعاً لله، فالمؤمن يعرف الله في الرخاء، والقصد في الفقر والغنى، وأن أصل من قطعني، وأن أعفو عمن ظلمني، هنا الشاهد وأن أعطي من حرمني. ﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) ﴾
( سورة فصلت )
دققوا الآن، وأن يكون صمتي فكراً، وأنا ساكت أتفكر في ملكوت السماوات والأرض، وأنا أنظر إلى آيات الله أسبح الله وأعظمه وأمجده، وأن يكون صمتي فكراً ونطقي ذكراً، أذكر الناس بآياته، بكمالاته، بأنبيائه، برسله، بالدار الآخرة، ونظري عبرة، ومن لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر. من معاني اسم العفو:
إذاً الله سبحانه وتعالى ذات كاملة لا سبيل إلى التقرب إليه إلا بالكمال، هذا شأن أهل الإيمان، أما الأقوياء يتقرب إليهم بإعلان الولاء فقط، برفع صورة، بكلام طيب يلقى في حضرتهم، وانتهى الأمر، لكن عظمة هذا الدين أن أهل الإيمان لا سبيل لهم إلى الله إلا أن يكونوا كاملين، لذلك الله جل جلاله من أسمائه العفو هذا الاسم ماذا يعني ؟ يزيل عن النفوس ظلمة الزلات برحمته، ووحشة الغفلات عن القلوب بكرامته، والعفو هو الذي أزال الذنوب من الصحائف، وأبدل الوحشة بفنون اللطائف، والعفو هو الذي يمحو آثار الذنوب ويزيل ريحها بمغفرته، العفو هو الذي يترك المؤاخذة على الذنوب ولا يذكر بالعيوب، فالله سبحانه وتعالى عفو يمحو ذنوب العبد التائب من ديوان الكرام الكاتبين الملائكة، ولا يطالبه بها يوم القيامة وينسيهم إياها حتى في أعماق قلوبهم كي لا يخجلوا عند تذكرها. الحب في الله أصل في خلق الإنسان:
يوجد تعليق مأخوذ من السيرة حول هذا، أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الصحابي الجليل شهد مصرع خبيب، سيدنا خبيب ألقي القبض عليه عقب معركة بدر، وأراد أهل مكة أن ينتقموا بصلبه ثأراً لقتلاهم ببدر، فجمعوا كل من وصل إلى علمه هذا الخبر وأرادوا أن يصلبوه على مرأى من كل هؤلاء، طبعاً سأله أبو سفيان قال: يا خبيب أتحب أن يكون محمد مكانك ؟ قال: والله ما أحب أن أكون في أهلي وولدي وعندي عافية الدنيا ونعيمها. بالمقاييس المعاصرة بيت فخم أربعمئة متر، له إطلالة رائعة، فيه كل الأجهزة الكهربائية، أثاث فخم، لوحات زيتية، زهور ورود فواكه إلخ.
والله ما أحب أن أكون في أهل وولدي وعندي عافية الدنيا ونعيمها ويصاب رسول الله بشوكة. فقال أبو سفيان: ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً.
الدين حب يقال لك في عيد حب، من قال لك إن الحب ليس أصلاً في خلق الإنسان، أي إنسان لا يجد حاجة في نفسه إلى أن يُحِب أو إلى أن يُحَب ليس من بني البشر، لأن الله سبحانه وتعالى أراد أن تكون العلاقة بيننا وبينه علاقة حب، قال تعالى: ﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (54) ﴾
( سورة المائدة )
ما أرادنا أن نطيعه مكروهين قال: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي (256) ﴾
( سورة البقرة )
ما أراد أن نأتيه قصراً، أراد أن نأتيه طائعين، أراد أن نأتيه بمبادرة منا، أراد أن نأتيه محبين، أراد الله عز وجل أن تكون المحبوبية أصل العلاقة بيننا وبينه، لكن البطولة أن تعرف من تحب، قد تحب جسداً فانياً تنتهي علاقتك به إلى كآبة وإلى فضيحة، وقد تحب الذات الكاملة، لذلك الحب في الله أصل في خلق الإنسان. الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك:
هناك حب في الله وهناك حب مع الله، وفرق كبير بين الحب في الله وبين الحب مع الله، الحب في الله عين التوحيد، والحب مع الله عين الشرك، لذلك يقول الإمام علي رضي الله عنه: الشرك أخفى من دبيب النملة السمراء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، وأدناه أن تحب على جور. أن تحب إنساناً غير مستقيم لكن لك معه مصالح، تحبه، هذا شرك، أو تبغض على عدل، إنسان نصحك بأدب ما تحملته سفهته، فالذي يرفض النصيحة عنده نوع من أنواع الشرك، أشرك ذاته مع الله، هو لا يغلط، والذي يحب على جور أشرك الذي أحبه مع الله، لذلك: ﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ ﴾
( سورة يوسف )
هذا هو الشرك الخفي، أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي أما إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً ولا حجراً ولكن شهوة خفية، وأعمال لغير الله.
فلذلك أتحب أن يكون محمد مكانك ؟ قال له: والله ما أحب أن أكون في أهلي وولدي وعندي عافية الدنيا ونعميها ويصاب رسول الله بشوكة، فقال أبو سفيان: ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً.
أما القصة أن هذا الصحابي الجليل قال: شهدت مصرع خبيب بن عدي، هذا السؤال سئل ما الذي يصيبك ؟ كان يغيب عن الوعي من حين إلى آخر، يغيب عن الوعي كلياً، فلما سئل عن هذا الغياب ؟ قال: شهدت مصرع خبيب بن عدي وأنا مشرك ورأيت قريشاً تقطع جسده، وهي تقول أتحب أن يكون محمد مكانك ؟ فيقول والله ما أحب أن يكون محمد مكاني ويصاب بشوكة، لذلك يقول هذا الصحابي الجليل إني والله كلما ذكرت ذلك اليوم وكيف إني تركت نصرته إلا ظننت أن الله لن يغفر لي، وتصيبني الغشية. هذا الذي يتقاعس عن نصرة المؤمنين هذا الذي يتقاعس عن نصرة إخوانه المؤمنين لو يعلم ماذا سيلقى يوم القيامة ؟ الفرق بين العفو والغفران:
أيها الأخوة، الفرق بين العفو والغفران فرق كبير، الله عز وجل عفو غفور، لكن بين العفو والغفران فروق، الغفران يقتضي إسقاط العقاب ونيل الثواب ولا يستحقه إلا المؤمن أما العفو يقتضي إسقاط اللوم والذم ولا يقتضي الثواب، الفارق بين الغفران وبين العفو، العفو يكون قبل العقوبة أو بعدها، لكن الغفران لا يكون معه عقوبة إطلاقاً، العفو إسقاط العقاب والغفران ستر للذنب وصون عن الفضيحة، أما الفرق بين العفو والصفح، فالعفو أقل من الصفح والصفح أبلغ من العفو والصفح لا تأنيب معه، قد أعفو عن إنسان وأؤنبه، أما الصفح لا تأنيب مع الصفح. كلما ارتقى الإنسان عند الله عز وجل قلّت ذنوبه و تاب توبة نصوحة:
أيها الأخوة، لكن الشاهد دقيق جداً، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( لله أفرح بتوبة عبده من العقيم الوالد، ومن الضال الواجد، ومن الظمآن الوارد ))
[ أخرجه ابن عساكر في أماليه عن أبي هريرة ]
لله أفرح بتوبة التائب من الظمآن الوارد كان على وشك الموت فلقي نبع ماء، والعقيم الوالد، يقول لك ثماني عشرة سنة أنجبت لي ولد ثم جاءه ولد، ومن الضال الواجد ضيّع شيئاً ثميناً جداً، ثم وجده.
فمن تاب إلى الله توبة نصوحة هنا الشاهد، فمن تاب إلى الله توبة نصوحة أنسى الله حافظيه وجوارحه وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه، فالله سبحانه وتعالى عفو غفور، المؤمن من كمال الإيمان أن يُحدث المؤمن عند كل ذنب توبة لكن بعدها مباشرة، بعد الذنب مباشرة والدليل قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ ﴾
( سورة النساء الآية: 17 )
و تقلّ ذنوبه عدداً وتقلّ حجماً، فإذا ارتقى أكثر وأكثر يكاد يبتعد عن مقارفة الذنوب كلياً إلا ما كان دون قصد أو عن ذلة لم تكن متعمدة، هذا حال المؤمن. نماذج من عفو النبي عليه الصلاة والسلام :
1 – عفو النبي عليه الصلاة والسلام عن أهل مكة:
الآن من نماذج العفو البشري، الله عز وجل عفو وأرادنا أن نتخلق بهذا الكمال من أرقى نماذج العفو البشر عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل مكة الذين ناصبوه العداء عشرين عاماً، أخرجوه من دياره، نكلوا بأصحابه، حاربوه، تفننوا في إيذائه ثم انتصر عليهم هم في قبضته، هم تحت رحمته، بإشارة تقطع رؤوسهم جميعاً ينتهي وجودهم، فقال لهم: ما تظنون أني فاعل بكم ؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء، عندها قال أبو سفيان: ما أعقلك وما أرحمك وما أوصلك.
النبي صلى الله عليه وسلم كان يمارس بالفعل كل ما كان يدعو إليه بالقول:
أحد كتاب السيرة الغربيين الذين هداهم الله إلى الإسلام يقول عن سيد الأنام: كان محمد ملكاً، وسياسياً، ومحارباً، وقائداً، ومشرعاً، وقاضياً، وفاتحاً، ومهاجراً، مارس بالفعل جميع المبادئ التي كان يلقنها للناس، ولم تجد في القرآن حكماً أو أمراً لم يعمل به النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان يمارس بالفعل كل ما كان يدعو إليه بالقول.
هنا تكمن عظمة الأنبياء ما في مسافة أبداً بين أقوالهم وأفعالهم، ما اكتشف أصحابهم أنهم يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر، كان يمارس بالفعل كل ما كان يدعو إليه بالقول، فالمرء مثلاً لن يكون عفواً (الكلام دقيق) إلا أن يكون له عدو يلقى منه أشد الإساءة ثم تدور الدائرة على هذا العدو فيقع في قبضته ويصبح تحت رحمته ثم يملك القدرة عليه، وأن ينتقم منه ثم يعفو عنه، وقد خرت جزيرة العرب صريعة تحت قدميه وأصبحت مكة قلعة العدو تحت رحمته، فلو شاء لقطع رؤوس القوم الذين كانوا بالأمس ألدّ أعدائه الذين اتخذوه هزواً وأمعنوا في اضطهاده والاستخفاف به ولو أنه عاقبهم بذنبه كان محقاً، ولم يكن ملوماً ولم تظهر فضيلة العفو قط بصورتها الكاملة في تاريخ أي دين من الأديان حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم، ولولاه لظلت هذه الفضيلة معطلة إلى الأبد، هو سيد الخلق وحبيب الحق وسيد ولد آدم، وقد أقسم الله بعمره الثمين.
2 – عفو النبي عليه الصلاة والسلام عن أهل الطائف:
عفو آخر له صلى الله عليه وسلم، تصور إنساناً سافر إلى بلد مشياً على قدميه ثمانون كيلو متراً إلى الطائف، وفي الطائف دعاهم إلى الله، كذبوه وسخروا منه، واستهزؤوا به، وقال له أحدهم: لو أنك صادق فيما تقول لمزقت أثواب الكعبة. ثم أغروا صبيانهم ونالوه بالأذى حتى سال الدم من قدمه الشريف، وهو يقول: إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولك العتبى حتى ترضى لكن عافيتك أوسع لي. الآن انظروا إلى عفوه أرسل الله له ملك الجبال، وقال: يا محمد أمرني ربي أن أكون طوع إرادتك، لو شئت لأطبقت عليهم الجبلين، كلام دقيق يعني مكنه الله أن ينتقم منهم.
وفي رواية الأخشبين، اسمعوا الجواب قال: لا يا أخي، اللهم اهدِ قومي، انتمى لهم، ما تخلى عنهم، الإنسان اليوم يذهب إلى أوروبا يرجع كأنه ليس من هذه الأمة متخلفون، اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون، انتمى إليهم، واعتذر عنهم، ودعا لهم، وتمنى على الله أن يخرج من أصلابهم من يوحده، لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحده، هذه النبوة.
3 ـ عفو النبي عليه الصلاة والسلام عن حاطب بن بلتعة:
حاطب بن بلتعة، أرسل كتابا إلى قريش إن محمداً سيغزوكم فخذوا حذركم، كيف تقيّم هذا الكتاب في أي نظام في العالم ؟ خيانة عظمي يستحق القتل، جاءه الوحي وأبلغه ذلك، أرسل من يأتي بالمرأة التي معها الكتاب في منتصف الطريق، ثم استدعى حاطب، قال: يا حاطب ما هذا ؟ قال: والله يا رسول الله ما كفرت ولا ارتددت، قبل أن يقول حاطب قال سيدنا عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، قال: لا يا عمر، إنه شهد بدراً، انظروا إلى الوفاء، إنه شهد بدراً، لا يا عمر، يا حاطب ما هذا ؟ قال: والله يا رسول الله ما كفرت ولا ارتددت وإني لصيق في قريش وإني موقن أن الله سينصرك، أردت بهذا الكتاب أن تكون لي يد عندهم أحمي بها أهلي ومالي، فقال عليه الصلاة والسلام: إني صدقته فصدقوه، ولا تقولوا فيه إلا خيراً، هذه النبوة.
عفو النبي يوسف عليه السلام عن إخوته:
أيها الأخوة، عندنا نموذج آخر لسيدنا يوسف، طبعاً قصة معروفة إخوته تآمروا عليه وضعوه في الجب ليموت، الآيات، فلما دخلوا عليه وهو عزيز مصر:
﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ(88) ﴾
( سورة يوسف )
ضعاف فقراء وهو عزيز مصر: ﴿ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ(89)قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ (90)﴾
( سورة يوسف )
هو في الجب وانتهى ومات. منتهى الكمال أن يعفو الإنسان عمن ظلمه:
لذلك:
﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ(21) ﴾
( سورة يوسف )
﴿ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ(90) قالوا تالله لقد آثرك الله علينا (91) ﴾
( سورة يوسف )
إذا كان الله معك فمن عليك في الجب: ﴿ وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ(91) ﴾
( سورة يوسف )
اسمعوا العفو: ﴿ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ(92) ﴾
( سورة يوسف )
﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ(99)وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي (100) ﴾
( سورة يوسف )
هنا، ما قال من الجب، قال: من السجن، لئلا ليذكرهم بفعلتهم، هذا منتهى الكمال أن تعفو، وألا تذكر الذي عفوت عنه بجريمته.
قمة العفو ألا تذكر المذنب بجريمته:
﴿ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنْ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنْ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي (100) ﴾
( سورة يوسف )
ما قال هم بحقي خاطئون لا، لا، قال: دخل بيننا الشيطان هذه قمة العفو، ألا تذكر المذنب بذنبه، ألا تمن عليه بعفوك، ألا تذكره بجريمتك: ﴿ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ(100) ﴾
( سورة يوسف )
هذه القصص، قصص الأنبياء من أجل أن نتعلم منها، لذلك اعفُ عمن ظلمك تكون كبيراً ولا تنتقم فتغدو صغيراً، الله عز وجل يحبنا إذا عفونا عن خصومنا. من تطاول على المسلمين ينبغي ألا نعفو عنه:
لكن: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) ﴾
( سورة الشورى)
هذا معنى آخر إذا كان في تطاول في استخفاف من أجل أن يُصغر المؤمن هذا المستخف: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ(39)وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا (40) ﴾
( سورة الشورى)
من غلب على ظنه أن العفو عن المسيء يصلحه ينبغي أن يعفو عنه و أجره على الله:
إذا غلب عن ظنك أن عفوك عنه يصلحه ينبغي أن تعفو عنه، فمن عفا وأصلح يعني غلب على ظنك أن عفوك عن هذا الإنسان يقربه إلى الله الآية الكريمة: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ(39)وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ(40) ﴾
( سورة الشورى)
حسابك عندي أي ملك وعدك بعطية ماذا سيعطيك ؟ قلم رصاص ؟ سيارة ؟ بيت: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (40) ﴾
( سورة الشورى)
إذا في تطاول يجب أن تنتصر، أما في تطاول لكن في خطأ صار فإذا عفوت عنه تصلحه عندئذ أجرك على الله.
أيها الأخوة، ينبغي أن نتقرب إلى الله بكمال مشتق من كماله، هو عفو وينبغي أن نعفو.والحمد لله رب العالمين