العقيدة الاسلامية - اسماء الله الحسنى 2008 - الدرس (024-100)ب : اسم الله الإله 2لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-08-18


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى الإله ):
أيها الإخوة الكرام، لازلنا في اسم ( الإله )، والإله هو المعبود، ومعنى: لا إله إلا الله أي: لا معبود بحق إلا الله، أي أن الله وحده يستحق العبادة، لأنه الخالق، لأنه الرب، لأنه المسير.
1 ـ العبادةُ من لوازم ألوهية الإله:
في اللقاء السابق أيها الإخوة، عرفنا العبادة بأنها طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة، يقينية تفضي إلى سعادة أبدية، وكان الحديث أيضاً عن العبادات الشعائرية، كالصلاة والصوم والحج والزكاة، وعن العبادات التعاملية، كالاستقامة والصدق والأمانة والعفة، وأكدت مع الأدلة القرآنية أن العبادات الشعائرية لا تقبل ولا تصح إلا إذا صحت العبادات التعاملية، واليوم ننتقل إلى موضوع متعلق بالعبادة، لأن ( الإله ) هو المعبود، وعلة وجودنا على وجه الأرض أن نعبد الله:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
( سورة الذاريات )
2 ـ مفهومُ العبادة واسعٌ:
ولكن المشكلة أن معظم المسلمين إذا ذكروا كلمة عبادة ينصرف ذهنهم إلى العبادات الشعائرية ؛ من صيام وصلاة وحج وزكاة، ولكن الحقيقة أن العبادة لها مفهوم واسع جداً، هي غاية الخضوع لله، مع غاية الحب، ومنهج الله ولا أبالغ يقترب من مئة ألف بند في كل شؤون حياتك، بدءً من فراش الزوجية، إلى العلاقات الدولية.
أنواع العبادة:
فلذلك هناك أنواع من العبادة:
النوع الأول: عبادة الهوية:
النوع الأول هو عبادة الهوية، أنت من ؟ كل واحد منا له موقع في المجتمع، فقد يكون غنياً، فالغني عبادته الأولى إنفاق المال، بل إن المال مادة امتحانه الأولى، فإما أن ينجح في إنفاق المال في الوجوه التي ترقى به في الآخرة، وإما أن ينفق هذا المال على شهواته ونزواته، لذلك ورد في الأثر القدسي:
(( عبدي أعطيتك مالا فماذا صنعت فيه ؟ في الآخرة لسان الحال لا لسان المقال، يقول: يا رب لم أنفق منه شيئاً مخافة الفقر على أولادي من بعدي، فيقول الله له: ألم تعلم بأني الرزاق ذو القوة المتين ؟ إن الذي خشيته على أولادك من بعدك قد أنزلته بهم ـ يسأل عبد آخر ـ أعطيتك مالاً فماذا صنعت في ؟ يقول: يا رب أنفقته على كل محتاج ومسكين، لثقتي بأنك خير حافظاً، وأنت أرحم الراحمين، فيقول الله له: أنا الحافظ لأولادك من بعدك ))
[ ورد في الأثر ]
لذلك قد يكون موقع الإنسان في الحياة أنه غني، والغني عبادته الأولى إنفاق المال، الآن سوف نسمي هذه العبادة عبادة الهوية، أنت من ؟ هناك إنسان آخر قوي يحتل منصبا رفيعا بجرّة قلمٍ يحق حقاً، ويبطل باطلاً، بجرة قلم يقر معروفاً، ويزيل منكراً، والإنسان كلما علا موقعه في مجتمعه اتسعت رؤيته.
أذكر مرة أنني أتيت إلى دمشق بالطائرة من قبرص، وحينما دخلنا سواحل بلدنا الطيب رأيت بيروت وطرابلس معاً، على ارتفاع أربعين ألف قدم يتاح لك أن ترى مئة كيلو متر معاً، علمتني هذه الرؤية درساً ؛ أنه كلما ارتفع مقام الإنسان تتسع رؤيته، وكلما ارتفع مقام الإنسان تزداد مسئوليته، معلم في صف مسئول عن ثلاثين طالبا، لكن مدير المدرسة مسئول عن ثلاثمئة وستين طالبا، لكن مدير التربية مسئول عن محافظة، إلا أن وزير التربية مسئول عن المناهج في البلاد كلها، فكلما ارتفع مقام الإنسان ازدادت مسئوليته، وهذا ما دعا سيدنا عمر بن الخطاب إلى أن يقول: << لست خيراً من أحدكم، ولكنني أثقلكم حملاً >>.
والمسئول الكبير حينما يدقق في معنى كلمة مسئول كبير يجب أن ترتعد فرائصه، لأنه سيُسأل عن كل شيء، سيدنا عمر أدرك هذه المسئولية، وقال: << والله لو تعثرت بغلة في العراق لحاسبني الله عنها >>.
دخلت فاطمة بنت عبد الملك على سيدنا عمر بن عبد العزيز ورأته يبكي في مصلاه، قالت له: " مالك تبكي ؟ قال: دعيني وشأني، فلما ألحّت عليه قال: ويحك يا فاطمة، إني قد وليتُ أمر هذه الأمة، ففكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهول، واليتيم المكسور، والمظلوم المقهور، والغريب والأسير، والشيخ الكبير والأرملة الوحيدة، وذي العيال الكثير والرزق القليل، وأشباههم في أطراف البلاد، فعلمت أن الله سيسألني عنهم جميعاً، وأن خصمي دونهم رسول الله، فخفت ألا تثبت حجتي، فلهذا أبكي ".
لذلك أيها الإخوة، القوي عبادته الأولى إحقاق الحق وإبطال الباطل، رد المظالم لأصحابها، هذه عبادته الأولى.
نتحدث الآن عن عبادة الهوية، مَن أنت ؟ أنت غني العبادة الأولى إنفاق المال، أنت قوي العبادة الأولى إحقاق الحق، أنت عالم العبادة الأولى التبيين والتوضيح، وألا تأخذك في الله لومة لائم، سئِل الإمام الحسن البصري: بمَ نلت هذا المقام ؟ قال: " باستغنائي عن دنيا الناس، وحاجتهم إلى علمي ". ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ (39) ﴾
( سورة الأحزاب )
فلو أن هذا الإنسان الذي تصدى للدعوة خشي غير الله فما تكون النتائج ؟ يسكت عن الحق خوفاً منه، وينطق بالباطل إرضاءً له، انتهت دعوته كلياً، لذلك قالوا: كلمة الحق لا تقطع رزقاً، ولا تقرّب أجلاً. ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً (39) ﴾
( سورة الأحزاب )
هذه عبادة العلماء التبيين، التوضيح.
أنت امرأة، هويتك كامرأة عبادتك الأولى رعاية الزوج والأولاد، وقد ورد في بعض الأحاديث، (( اعلمي أيتها المرأة، و أعلمي من دونك من النساء أن حسن تبعل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله ))
والجهاد كما تعلمون ذروة سنام الإسلام، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام حينما فتح مكة دعته بيوتاتها أن يبيت عندهم، فقال:
(( انصبوا لي خيمة عند قبر خديجة ))
[ ورد في الأثر ]
وركز لواء النصر أمام قبرها، ليعلم العالم كله أن هذه المرأة التي في القبر شريكته في النصر.
أنت غني أو قوي أو عالم، أو أنت امرأة، لذلك العبادة الأولى متعلقة بهوية الإنسان، هذا معنى آخر من معاني العبادة. النوع الثاني: عبادة الظرف:
أحياناً هناك ما يسمى بعبادة الظرف، عندك أب مريض، العبادة الأولى رعاية المريض، عندك ضيف، العبادة الأولى إكرام الضيف، عندك ابن عنده امتحان، العبادة الأولى أن تهيئ له الجو المناسب للامتحان، هذه عبادة الظرف.
النوع الثالث: عبادة الوقت:
عبادة الوقت، إن لله عملاً في الليل لا يقبله في النهار، وإن لله عملاً في النهار لا يقبله بالليل.
تروي بعض السير أن عامل سيدنا عمر على أذربيجان أرسل له رسولاً، هذا الرسول وصل إلى المدينة في منتصف الليل، فكَرِه أن يطرق باب أمير المؤمنين، فدخل إلى المسجد، وما كان فيه إضاءة، سمع رجلاً يبكي ويناجي ربه يقول: يا رب، هل قبلت توبتي فأهنئ نفسي، أم رددتها فأعزيها ؟ سأله: من أنت يرحمك الله ؟ قال: أنا عمر، قال: أنت أمير المؤمنين ؟!!! يا أمير المؤمنين ألا تنام الليل ؟ فقال عمر: << إني إن نمت ليلي كله أضعت نفسي أمام ربي، وإن نمت نهاري أضعت رعيتي >>، لذلك ورد في بعض الآثار أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى رجل شاب يتعبد الله في وقت العمل، فسأله:
(( مَن يطعمك ؟ قال: أخي، قال: أخوك أعبد منك ))
[ ورد في الأثر ]
وقت العمل عمل، ووقت الفجر عبادة وتلاوة القرآن وقيام الليل، وصلاة الفجر في المسجد:
(( مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ ))
[ مسلم ]
أحياناً العصر بمجمله له عبادة، إن أراد الطرف الآخر إفقار المسلمين فالعبادة الأولى استصلاح الأراضي، وإنشاء السدود، واستخراج الثروات، وتطوير الصناعات من أجل أن نأتي بمال نحل به مشكلات المسلمين، هذه العبادة الأولى، وإذا أراد الطرف الآخر إضلالنا فتوضيح معالم الدين، وترسيخ القيم الأخلاقية، ورد الشبهات، وتأليف الكتب والأبحاث هذه عبادة أيضاً، وإذا أراد الطرف الآخر إفسادنا فتأسيس المناشط الإسلامية، وصيانة أولادنا وشبابنا من الفساد الأخلاقي، هذه عبادة أيضاً، وحينما يريد الطرف الآخر إذلالنا يجب أن نضحي بالغالي والرخيص، والنفس والنفيس.
هذه عبادة تسمى عبادة العصر، كل عصر له سمة.
بين المبادئ والأشخاص والأشياء:
مثلاً: هناك عصر المبادئ، البشرية تمر بعصور ثلاثة:
عصر المبادئ، أنا أوضح هذا العصر بهذه القصة ؛ مَلِك من ملوك الغساسنة أتى إلى المدينة مسلماً في عهد عمر، سيدنا عمر رحب به، وفرح بإسلامه، في أثناء طوافه حول الكعبة داس بدويٌّ من فزارة طرف ردائه، فانخلع رداؤه عن كتفه، فالتفت إلى هذا الأعرابي من فزارة، و ضربه ضربة هشمت أنفه، هذا الأعرابي ليس له إلا عمر يشتكي إليه، وذهب إليه، واشتكاه، سيدنا عمر جاء بهذا الملك جبلة، وقف أمامه نداً لند، وقال له، وقد دار حوار بينهما شاعر معاصر صاغه شعراً:
أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح ؟
قال جبلة:
لست ممن ينكر شياً
يعني شيئاً مراعاة للوزن.
أنا أدبت الفتى، أدركت حقي بيديا
قال عمر:
أرضِ الفتى، لابد من إرضائه
مازال ظفرك عالقاً بدمائه
أو يهشمن الآن أنفك
يخاطب ملِكًا.
و تنال ما فعلته كفك
قال:
كيف ذلك يا أمير ؟
هو سوقة، وأنا عرش وتاج ؟
كيف ترضى أن يخر النجم أرضاً ؟
قال عمر:
نزوات الجاهلية، ورياح العنجهية قد دفناها
أقمنا فوقها صرحاً جديداً
وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً
قال جبلة:
كان وهماً ما جرى خلدي أنني عندك أقوى و أعز
أنا مرتد إذا أكرهتني
قال عمر:
عالم نبنيه، كل صدع فيه يداوى
وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى
هذا عصر مبادئ، هذا أرقى عصر، المبادئ فوق كل شيء، المبادئ فوق الجميع، هذا هو العصر الذهبي الإسلامي، << لو تعثرت بغلة في العراق لحاسبني الله عنها >>.
هناك عصر مبادئ وهناك عصر أشخاص وهناك عصر أشياء، من أرقى العصور عصر المبادئ، ومن أسوئها عصر الأشياء، الإنسان سلعة، يسمع الإنسان في اليوم أربعمئة إلى خمس إنسان مئة ماتوا، ويكون هذا خبرا طبيعيا جداً.
أيها الإخوة، هناك عبادة شعائرية، كالصوم والصلاة والحج والزكاة، هناك عبادة تعاملية كالصدق والأمانة والعفة، هناك عبادة الهوية، الغني له عبادة، والقوي له عبادة، والعالم له عبادة، والمرأة لها عبادة، وهناك عبادة الظرف، هناك عبادة الوقت، هناك عبادة العصر، وهناك عصر المبادئ وعصر الأشخاص وعصر الأشياء.
3 ـ الدعاء باسم ( الإله ):
الآن الدعاء بهذا الاسم.
دعاء سيدنا يونس وهو بطن الحوت:
أيها الإخوة الكرام، نبي كريم وجد نفسه فجأة في بطن حوت، والإنسان يمكن أن يقف في فم الحوت، ووجبة الحوت المعتدلة أربعة أطنان، الإنسان لقمة واحدة، الوجبة المعتدلة بين وجبتين أربعة أطنان، و وزنه خمسون كيلوا، الإنسان لقمة واحدة، وهو في بطن الحوت:
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ ﴾
( سورة الأنبياء )
بماذا دعا ؟
﴿ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ ﴾
( سورة الأنبياء )
أول الآية: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ (88) ﴾
( سورة الأنبياء )
أيها الإخوة الكرام، والله الذي لا إله إلا هو، هذه الآية وحدها لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآية لكفت، قلبها الله تعالى إلى قانون، قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ﴾
( سورة الأنبياء )
في أي عصر، في أي مصر، في أي زمان، في أي مكان، في أي ظرف: ﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ﴾
( سورة الأنبياء )
الله عز وجل أعطاك حالة نادرة، بل مستحيلة لإنسان يجد نفسه فجأة في بطن حوت في ظلمة الليل، وفي ظلمة البحر، وفي ظلمة بطن الحوت، وينادي ربه في هذا المكان:
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ﴾
( سورة الأنبياء )
الآن أصغوا معي إلى الحديث الشريف:
(( دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ هُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ ))
[ أحمد عن سعد ]
تعلموا هذا الدعاء:
(( دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ هُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ ))
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ يَقُولُ:
(( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ))
[ متفق عليه ]
وما أكثر الكربات التي أصابت المسلمين.
الله قويٌّ جبّار حليم لطيف:
أحياناً يتسلم وزارةً إنسان جديد، الموظفون يسألون: كيف هو، أخلاقي نظيف ؟ مادام الأمر بيد واحد يهمنا أخلاق الواحد، دقق في هذا الكلام:
(( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ))
معنى ذلك أن الأمر بيد الله وحده والله عز وجل صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى، الله عز وجل كامل كمالا مطلقا، لذلك لا يجتمع حزن مع إيمان بالله، الأمر بيده وحده.
أحياناً تجد إنسانا صالحا جداً، لكن ليس بيده شيء، تقول: مسكين ما بيده شيء، وتجد إنسانا لئيما جداً، لكن بيده كل شيء، معه سلطة قوية، دائماً هناك مفارقة، إما أن ترى إنسانا قويا غير أخلاقي، أو أخلاقيا ضعيفا، كلاهما لا يرضيك، لأنك بحاجة إلى إنسان بقدرِ ما هو قوي منضبط هو أخلاقي رحيم، هذا شخصية فذة ونادرة الآن، إما أن ترى إنسانا صالحا ضعيفا، أو إنسانا قويا غير صالح، لكن أن ترى إنسانا بقدر ما هو صالح، بقدر ما هو قوي، فهذه نعمة من نعم الله العظمى.
لذلك ولله المثل الأعلى، الله عز وجل بيده كل شيء، هو القوي، هو المتصرف، هو المعطي، هو المانع، هو المعز، هو المذل، هو العدل، في الوقت نفسه هو رحيم، هو اللطيف، هو الكريم، لذلك حينما تقول: ﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78) ﴾
( سورة الأنبياء )
بقدر ما تعظمه تحبه.
في حياتنا أشخاص كثر قد تحترمهم ولا تحبهم، أو إنسان بسيط طيب جداً، لكنه لا يفهم شيئًا، ترى شخصيات لا تعجبك، مَن الذي يلفت نظرك في مجتمع البشر ؟ إنسان متفوق جداً في اختصاصه، وأخلاقي جداً.
أنا أقرب الأمور، هذا معنى قول الله عز وجل: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) ﴾
( سورة الأنبياء )
بقدر ما هو عظيم قوي بقدر ما هو رحيم، فلذلك:
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾
( سورة الأعراف)
معنى الدعاء بأسماء الله الحسنى:
الدعاء بأسماء الله الحسنى أمر إلهي، وقد ذكرت كثيراً أن الدعاء بالأسماء الحسنى له معنيان:
أن تتخلق بخلق مشتق من كمال الله، فتتقرب به إلى الله، فإذا كان الله رحيماً كن رحيماً، تقبل عليه، أو أن تذكر أسماءه الحسنى حتى تسأله.

والحمد لله رب العالمين