إبداعات وابتكارات يتقنها الطلاب بقدرات رائعة قد تغير صورة البلد إذا ما حظيت بالرعاية والاهتمام



كلية الهندسة - صنعاء .. أحــلام مؤجلــة !

استطـــلاع: وضـــاح الأحمــدي
الجمعة 12 نوفمبر- تشرين الثاني


2010 لم يكن في الحسبان أن لقاء عابرا مع أحد خريجي كلية الهندسة بجامعة صنعاء هذا العام هو بوابتنا الرئيسية نحو عالم مليء بالإبداع والتفوق حتى على الذات حيث الرغبة والإصرار على الابتكار والتجديد ومجاراة من سبقونا في كل شيء.
وفي مقدمتها العلم والعمل..في كلية الهندسة بجامعة صنعاء أحلام مؤجلة وإبداع يكاد يثور على نفسه ضاربا بكل قوانين المعاناة عرض الحائط في قصة درامية لم تكتمل فصولها بعد .
لم تكتمل خطة بنائه الثانية وكادر متخصص يعمل بكفاءة عالية جزء كبير منها مجاني؛ حبا في العلم واحتراما لمبدأ الوطنية .. طلاب من كوكب آخر .. طموحاتهم لا يحدها إلا شيئان فقر الحال وربما السماء ..مشاريع تخرج عبارة عن ريبوتات آلية تتكلم اللغة العربية وأخرى تميز الصورة وآلات للنحت على الخشب والحديد ورسم الأشياء والصور بدقة عالية وأداء في منتهى الجمال فيما طالبات يبتكرن آلة تساعد على إجراء العملية الانتخابية بطريقة الكترونية حديثة وآخر يبتكر آلة لحصر الأشياء ورصدها وأفكار فاقت التوقع والحدس ..في هذه الزاوية رصدت صحيفة “ الجمهورية “ مشاريع تخرج مجموعة من الطلاب بكلية الهندسة جامعة صنعاء ..الفكرة والطموح .. وناقشت مع عمادة الكلية وكادر التدريس المشاكل والحلول في سياق الاستطلاع التالي:
إمكانيات عالية
يقول عميد الكلية الدكتور حسان عبدالمغني: إن الإمكانيات في الكلية من حيث هيئة التدريس والطلاب إمكانيات عالية وذات كفاءة وقال: لدينا طلاب مبدعون في كل الأقسام، وتشهد بذلك الدول التي سافر اليها خريجونا للدراسة ومشاريع التخرج لهذا العام، أثبتت أن الكلية متفوقة على إمكانياتها، وعلى معاناتها لكن ما ينقصنا - إلى جانب المادة والإمكانيات - هو الإعلام؛ فالإعلام في بلدنا لم يكن بالشكل المأمول وبدا قاصرا في إظهار إمكانيات الطلاب والكلية؛ لذلك عمدنا العام الماضي إلى تنظيم المهرجان الهندسي الأول، وكان هدفه التواصل مع الآخرين كالشركات، والقطاعات الصناعية، وغيرها وحصلنا من خلاله على 120 عقد عمل لـ120 خريجا.
يقول عبدالمغني: إنه وُضع حجر الأساس مرتين لاستكمال الخطة الثانية لمباني الكلية، لكنها إلى الآن لم تنفذ وهذا بحد ذاته عائق كبير بالإضافة إلى شحة الإمكانيات، وعدم تطوير المعامل، وهو ما قد ينعكس بالسلب على أداء الكلية والطلاب ..وهو الأمر ذاته الذي ذهب إليه الدكتور سامي المقطري، لكنه انتقد وبشدة منع ادخال متطلبات مشاريع الخريجين من قطع الكترونية وغيرها في المطار والمنافذ الرئيسية وأخذ ضرائب عليها مع أنها مشاريع طلاب، وكان بالإمكان تشجيعها وليس حجرها، حد قوله .
ابتكار قد يغير وجه اليمن
في خطوة غير مسبوقة أقدم المهندسان حديثا التخرج أنس مالك السياغي وبلال عبد الوهاب الحمودي على تطوير جهاز يعمل على تقنية cnc التي تتركز على القيام بعمليات الحفر والثقب والقطع وصناعة الألواح الالكترونية والرسم على الألواح الحديدية والخشبية، ونحت الأحجار وغيرها، وذلك بواسطة رؤوس دقيقة جداً من الحديد والليزر والبلازما، وقد أقيمت المناقشة في كلية الهندسة بحضور عميد الكلية ونخبة من الدكاترة المشرفين على الطالبين حيث تم عرض نسخة تجريبية من الجهاز الذي تم تطويره، والذي تم تسميته بـ (الإزميل)، وأثناء ذلك قام الطالبان في استفاضة بشرح مكونات الجهاز المادية والبرمجية ، وكذلك الجدوى الاقتصادية، التي من المفترض أن تساهم بشكل فاعل في خلق فرص عمل كثيرة في مجالات متعددة، كالبناء وأعمال الحديد والألمنيوم، ونحت الأخشاب، إضافة إلى إمكانية عمل ورش فنية متخصصة، تقوم بصناعة الألواح الالكترونية الدقيقة التي يحتاجها طلاب كلية الهندسة، وكذا القائمون على الشركات المهتمة بالتصنيع الإلكتروني.
أجهزة باهظة الثمن
الجدير بالذكر أن الجهاز المشار إليه يختلف عن أجهزة cnc المعروفة علميا بالأجهزة المحوسبة وأجهزة الذكاء الاصطناعي، وذلك من عدة نواح، أهمها تكلفة الجهاز الذي تم تطويره من قبل الطالبين المشار إليهما، والتي لا تذكر مقارنة بالأسعار الخيالية، التي تباع بها أجهزة cnc ؛ فمن المعلوم أن تلك الأجهزة باهظة الثمن، وقد يصل ثمن البعض منها إلى أكثر من مليوني دولار، ومن ناحية أخرى فالجهاز الذي تم تطويره والمسمى بـ (الإزميل)، تم برمجته من قبل الطالبين بواسطة الحاسوب؛ كون مصدر برمجة ذلك الجهاز مفتوحة المصدر وبإمكان أي شركة أو شخص ما، أن يقوم بتطوير برمجة الجهاز بما يتلاءم مع احتياجاته ونوعية الأعمال التي يريدها ، وفي ذلك ميزة قوية تجعل ذلك الجهاز يتفوق على أجهزة cnc التي تعتمد على برمجيات باهظة الثمن وألواح إلكترونية، تم برمجتها مسبقاً ؛ الأمر الذي يصعب معه تطوير تلك الأجهزة إلا من الشركة صانعة الجهاز، وفي ذلك مشقة كبيرة لا يمكن تقبل تكلفتها لدى قطاعات الصناعة في اليمن، كما أن الجهاز المشار إليه يصل في دقة النحت والرسم إلى مستويات دقيقة جدا تقاس بالميكرومتر ، وذلك كما هو عليه الحال في أجهزة cnc العالمية ، ويمكن التأكيد على فرق جوهري بين أجهزة cnc العالمية وجهاز (الإزميل) من جهة أن ذلك الجهاز يستطيع النحت مباشرة من أي صورة يتم إدخالها إلى البرنامج المخصص للتشغيل بدون أي تعقيدات حيث إن البرنامج قادر على التعامل بكل سهولة مع مختلف الصور والخطوط ليقوم بإرسال أوامر النحت والقص والثقب إلى الجهاز ومن جهة أخرى فبإمكان الشخص العادي فهم برنامج تشغيل الجهاز بدون أي دورات مسبقة؛ كون البرنامج تم تصميمه بأسلوب مبسط، يفهمه كل من لديه خلفية بسيطة في الحاسوب وذلك الأمر لا وجود له في أجهزة cnc العالمية التي تأتي مع برمجيات معقدة نسبياً، وتحتاج إلى خبراء لتشغيلها وصيانتها وفي ذلك تكلفة كبيرة، وهو ما تم التنبه له وتجاوزه من قبل الطالبين اللذين قاما بتطوير الجهاز .
الأهمية الاقتصادية
ومن هنا تبرز الأهمية الاقتصادية للجهاز الذي سيشكل رافداً اقتصادياً هاماً، يخدم مختلف شرائح المجتمع في القطاع الاقتصادي والتقني، والشرائح الأدنى من ذلك كالحدادين والبنائين والنجارين، حيث إن الأعمال التي تتطلب وقتاً وجهداً يمتد نحو عدة أيام بالإمكان القيام به بواسطة ذلك الجهاز في غضون ساعات .
وبمقارنة بسيطة للجهاز المشار إليه وأجهزة cnc نجد أن ذلك الجهاز يتسم بميزتين قويتين هما توفير المال والجهد وهو ما يبحث عنه أي مستثمر؛ ولكون الجهاز لديه القدرة على النحت الثلاثي الأبعاد كحال أجهزة cnc المشار إليها بدون التعقيدات المذكورة بخصوص تلك الأجهزة؛ فذلك يجعله في المقام الأول من حيث كونه قد تجاوز عدة عقبات لطالما وقفت أمام العديد من التجار الذين تمنى العديد منهم استيراد تلك الأجهزة لأهميتها البالغة في المجال الاقتصادي.
حلبوط المخلافي
لم يكن أسامة المخلافي بمنأى عن العالم وأفكاره الجامحة، بل كان له كلمة الكترونية الحروف، وهو يحدثنا بلهجة لا تخلو من مرح وكوميديا تلقائية عن مشروعه“حلبوط” الذي ابتكره بمعية زميليه حسين وبدر محمد .
يقول أسامة: إن الاسم “حلبوط” اشتقه من المعاناة والتعثر المتكرر أثناء مراحل المشروع حتى تم تنفيذه بسبب شحة الإمكانيات ومعوقات أخرى .
يؤكد أسامة أن الغرض من الروبوت "مشروع تخرجه" هو أن يثبت للعالم أن الطالب اليمني قادر على الإبداع والتألق والمنافسة، وحتى نستطيع أن ننهض بوطننا الغالي ليلحق بركب التقدم العلمي والتقني؛ كان المشروع بمثابة التحدي لنا وتمكنا بفضل الله من إنجازه.
تصميم الروبوت
تم تصميم هذا الروبوت كمشروع تخرج في كلية الهندسة- شعبة الحاسبات والتحكم لنيل درجة البكالوريوس في هذا التخصص، وهو مشروع لفريق متكون من المهندس أسامة محمد المخلافي والمهندس بدر محمد والمهندس حسين علي. الروبوت “حلبوط” قادر على الحركة لاسلكيا عن بعد، ويتم التحكم به بواسطة الحاسب الآلي. .ويشبه الروبوت في فكرته الروبوتات المصنعة من قبل وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، والتي تستخدم الروبوتات في مجالات الاستكشافات خارج كرتنا الأرضية، ويتركز أهم جزء في الروبوت على تصميم الدماغ الالكتروني الموضوع فيه والذي ينظم ويدير عمليات الروبوت ويتخذ الإجراءات المناسبة ويتوفر لدى “حلبوط” نظام رؤية للتعرف على البيئة التي يقوم باستكشافها ويقوم بإرسال الصور، التي يلتقطها لاسلكيا إلى الشخص المتحكم فيه والمسئول عن توجيهه ، كما أنه مزود بحساسات تمكنه من قياس حالات الطقس مثل درجة الحرارة والرطوبة، وقد تم تزويد الروبوت بخاصية النطق وإن كانت في صورتها البدائية، لكنها قابلة للتطوير بالإضافة إلى ذلك يتميز الروبوت بالقدرة على التقاط الصور، ومن ثم تحليلها، والتعرف على الألوان، وتحديد الأجسام المتحركة أمامه وتتبعها وملاحقتها.
مهام الروبوت
لقد صمم هذا الروبوت للأغراض العامة بحيث يصبح نواة بإمكانها أن تطور في أي اختصاص مرغوب، على سبيل المثال يمكن استخدامه في استكشاف المناطق الخطرة على الإنسان كالمناجم، أو الأماكن التي يصعب على الإنسان الوصول إليها كالأنفاق، أو الحفر الضيقة، أو قد يستخدم كجهاز صديق للبيئة، ويقوم بمتابعة التغيرات المناخية للبيئة التي يزورها، وكاستخدام آخر للروبوت في المجال الأمني والحراسة بحيث يقوم بحراسة الأماكن وتعقب الأجسام المتحركة حيث إنه قادر على محاكاة الوسط المحيط، وتحديد الأجسام المتحركة، وتعقبها، أو قد يطور في مجال نزع الألغام بعد إجراء بعض الإضافات إليه، فيمكن الخبراء من تفكيك الألغام دون تعريض حياتهم للخطر.
ويناشد المخلافي وزميلاه وزير التعليم العالي بتوفير منح دراسية للموهوبين والمبدعين من الطلاب اليمنيين؛ حتى يتسنى لهم تطوير قدراتهم وإمكانياتهم وبما يخدم الصالح العام .
نظام الانتخاب الالكتروني
في الزاوية من الاستطلاع نسلط الضوء على فكرة مغايرة تماما حيث تم اختراع نظام الكتروني للقيام بعملية الانتخابات بطريقة الكترونية بحتة وربما تكون أكثر أمنا وضمانة للحصول على عملية ناجحة لا يشوبها تزوير، أو اختراق.
المشروع مشروع مقدم لقسم الهندسة الكهربائية وهو جزء من متطلبات نيل درجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية- تخصص حاسبات و تحكم قدم المشروع كل من م. أماني عبد الرحمن الوزير م. ســلمى نصر الدين الفقيـه م. سنــاء حسنــي الشامـــي م. فاطمة إسماعيل الهـــادي م. ميمونة محمد عصفور م. ميساء حمود الحميري .
وبهذا الصدد تقول أماني الوزير: إن اختيارهن للانتخابات كفكرة لمشروع تخرجهن؛ لأهميتها كونها تحدد مصير الدول الديمقراطية برمتها وعدالة العملية الانتخابية وشفافية تضمن أحقية الشعب في اختيار من يمثلهم بحرية تامة؛ لأن الانتخابات من أكثر الأنظمة اليدوية المعقدة، والتي تتطلب الكثير من الوقت والتكاليف وتعاني الازدحام الشديد بسبب وقتها المحدود، بالإضافة إلى عدم الدقة المقترنة بها.
وأوضحت أن فكرة المشروع تتمحور باختصار على تحويل العملية الانتخابية اليدوية إلى الكترونية، ابتداءً بتسجيل المرشحين والناخبين، ثم العملية الانتخابية في يوم الانتخاب وانتهاءً بفرز الأصوات وإعلان النتائج.
وتقول: إن الهدف الرئيس الذي سعت إلى تحقيقه وزميلاتها، هو جعل العملية الانتخابية نزيهة، موثوقة ونظامية، وتتمتع بشفافية عالية، بالإضافة إلى التقليل من التكاليف، والوقت الطويل و إلغاء التعقيدات الموجودة في الأنظمة اليدوية المتعارف عليها.


مميزات النظام واستخداماته
1 - استخدام الرقم الوطني في التسجيل، وبالتالي التخلص من البطاقة الانتخابية التي يمكن تزويرها حيث يتم الانتخاب بالبطاقة الشخصية الالكترونية.
2 -التسجيل والانتخاب والفرز يتم إلكترونيا.
3 -القدرة على التسجيل والانتخاب من أي دائرة انتخابية.
4 -يدعم ميزة الامتناع عن التصويت.
5 -الحصول على نتائج فورية بدقة عالية.
6 -يدعم آلية ازدواجية الانتخابات في نفس الوقت، مثل البرلمانية والمحلية معاً.
7 -تحديد يوم محدد، ووقت محدد، حيث لا يتفعل النظام إلا ضمن نطاق هذه الفترة.
8 -استخدام قاعدة بيانات مركزية لحفظ جميع بيانات الناخبين؛ وللتأكد من حفظها لمرة واحدة وأن كل ناخب انتخب لمرة واحدة فقط.
9 -مرونة الانتخاب في حال تلف أو ضياع البطاقة الشخصية، يمكن الانتخاب باستخدام البطاقة العسكرية أو العائلية أو جواز السفر.
10 -القدرة على حذف الوفيات من سجلات الناخبين.
11 - القدرة على حذف بيانات الناخبين المكررة والذين تم تسجيلهم في أكثر من دائرة.
مشروع السفارة الألمانية
ولأن للبناء رواده ومكانته كفن قائم بذاته بين فنون الأرض فإن الإنسان اليمني ببساطة معيشته كان وما زال يتربع على عرشه وهنا نلتقي المهندس ياسين الشرفي أحد خريجي الكلية هذا العام الذي فاز مشروعه أو مخططه لبناء السفارة الألمانية في اليمن بثقة الاختيار وهذا ليس قليلا لطالب خريج .
يقول ياسر: إنه قدم المشروع كهدف سام يخدم العلاقات الأخوية بين البلدين الصديقين الألماني واليمني وللمساعدة على تقريب الثقافات بين البلدين وتعزيز روابط الود وإحلال السلام .
ختاما
عند هذا الحد من الإبداع نتوقف ليس لأننا استنفدنا طاقة عقولنا في صناعة الفكرة، بل لأننا نحاول تخفيف زحامها علنا نستطيع أن نحولها إلى واقع ملموس .

كلية الهندسة - صنعاء .. أحــلام مؤجلــة !