اخوتي الأعزاء أهدي لكم هذا الكتاب الذي أعجبني..وأتمنى ان تستفيد منه أنتم ايضا..
وارجوا ان تدعوا لي بالتوفيق..وبالدعاء الصالح لكم مني أرقى التحيات

العلاقة الحميمة بين الجسد والروح
دكتور / محمد المهدى


استشارى الطب النفسى
مقدمه :


العلاقة الزوجية هى علاقة خاصة , علاقه دافئة , علاقة حميمة بين زوجين .. هى علاقة تبدأ باسم الله وبكلمة الله , يباركها أهل السماء والأرض ويفرح بها الكون .... علاقة مقدسه , لأنها علاقة بناء .. علاقة مليئة بأجمل مشاعر وأعلى درجات من اللذة التى خلقها الله , فهى علاقة بناء المشاعر الحب فى الحياة ’ وهى علاقة ينتج عنها بعد ذلك قدوم طفل أو طفلة الى الحياة , أى علاقة بناء انسان جديد تعمر به الحياة .
ولذلك فليس مصادفة أن عقود الزواج فى كل الحضارات والثقافات تتم بواسطة رموز الدين وبصيغ تضفى عليها معنى القداسة والعهود التى يجب احترامها , وتتم فى كثير من الأحيان فى دور العبادة , وهذا يعطى معنى هاماً وهو أن علاقة الزواج ليست مجرد علاقة ثنائية بين رجل وامرأة وإنما هى علاقة يرعاها الله فى الأساس ولا تتم فى شكلها الصحيح إلا بكلمته . هذا المعنى شديد الأهمية لكى تتم بقية خطوات الحياة الزوجية بشكل صحيح , ولكى يصبح الحب بين الزوجين والقرب بينهما من الأشياء ذات القيمة العليا فى الحياة وبالتالى تأخذ العلاقة الحميمة بينهما أبعادا رائعة أكثر من كونها لقاء جسدين , فهى علاقة جسدية ممتعه لأقصى ما تكون درجات المتعه ( فى حالة ممارستها بشكل صحيح ) ولكنها لا تتوقف عند حدود الجسد , وإنما هى علاقة لها امتدادات عاطفية وإنسانية وروحية هائلة , لأنها كما قلنا – علاقة حميمة توضع فيها بذرة الحب وتوضع فيها بذرة الإنسان .
والجنس هو ممارسة للحب ( Making love ) وليس حركات ميكانيكية تؤدى , وبالتالى فالتداخل بينه وبين أرق المشاعر الإنسانية قائم طول الوقت ( أو هكذا يجب أن يكون ) , وحين ينفصل عن هذه المشاعر تفقد العلاقة الجنسية أبعادها الوجدانية والروحية والإنسانية وحينئذ يأتى أحد الزوجين ( أو كليهما ) إلى العيادة النفسية يعانى , وقد تكون المعاناة صريحة أو تكون ( وهذا هو الأغلب ) متسترة خلف أشياء أخرى مثل آلام جسمانية أو أعراض قلق أو اكتئاب , أو مشكلات اجتماعية ليست لها قيمة , وفى الحقيقة يكون عدم التوافق الجنسى رابضا خلف كل هذا .
الحب والجنس فى العلاقة الزوجية :
كان فرويد يرى أنه لاشى اسمه الحب وإنما هو الجنس , وبالتالى حاول أن يمسح من تاريخ البشرية شيئاً اسمه الحب على اعتبار أنه وهم أو هو وسيلة فقط للوصول إلى الجنس وأن كل الغزل والأشعار والفنون ماهى إلا مقدمات للجنس , أى أن الجنس هو الأصل والحب هو الفرع . وقد كان وراء هذا الرأى وغيره موجات من الإنفجار والإنحلال الجنسى بكل أنواعه , فهل ياترى كان هذا الكلام صحيحاً , وما مدى صحته بشكل خاص فى العلاقة الحميمة بين الزوجين ؟
دون الدخول فى تنظيرات معقدة أو محاولات فلسفية نحاول ان نرى مساحة كل من الحب والجنس فى الوعى الانسانى وارتباطات كل منهما .
الجنس ( فى حالة انفصاله عن الحب ) فعل جسدى محدود زماناًًًً ومكاناً ولذة , أما الحب فهو احساس شامل ممتد فى النفس بكل أبعادها وفى الجسد بكل أجزائه , وهو لا يتوقف عند حدود النفس والجسد بل يسرى فى الكون فيشيع نوراً عظيماً .
الجنس حالة مؤقتة تنتهى بمجرد إفراغ الشهوة , أما الحب فهو حالة دائمة تبدأ قبل إفراغ الشهوة وتستمر بعدها , فالشهوة تعيش عدة دقائق والحب يعيش للأبد .
والرغبة الجنسية بين الزوجين قد تذبل أو تموت فى حالة المرض أو الشيخوخه , ولكن الحب لايتأثر كثيراً بتلك العوارض فى حالة كونه حباً أصيلاً .
الحب غاية والجنس وسيلة
الحب شعور مقدس والجنس ( فى حالة أنفصاله عن الحب ) ليس مقدساً .
الحب يخلق الرغبة فى الاقتراب الجميل والتلامس الرقيق والتلاقى المشروع تحت مظلة السماء ويأتى الجنس كتعبير عن أقصى درجات القرب .
المحبون ليسوا متعجلين على الجنس كهدف ... وإنما يصلون إليه كتطور طبيعى لمشاعرهم الفياضة وبالتالى حين يصلون إليه يمارسونه بكل خلجات أجسادهم وبكل جنبات أرواحهم , وحين تحدث الشهوة يهتز لها الجسد كما تهتز لها الروح .
الجنس فى كنف الحب له طعم آخر مختلف تراه فى نظرة الرغبة الودودة قبله وأثناءه وتراه فى نظرة الشكر والإمتنان ولمسات الود من بعده .
الحب هو التقاء انسان ( بكل أبعاده ) بإنسان آخر ( بكل أبعاده ) ...... رحلة من ذات لذات .. عبور للحواجز التى تفصل بين البشر .. أما الجنس ( المجرد من الحب ) فهو التقاء جسد محدود بجسد محدود , وأحيانا لا يكون التقاء جسد بجسد بل التقاء عضو جسدى بعضو جسدى أخر .
وفى ظل الحب يتجاوز الجنس كثيراً من التفاصيل فتصبح وسامة الرجل أو فحولته غير ذات أهمية , ويصبح جمال وجه المرأة أو نضارة جسدها شيئا ثانويا .. الأهم هنا هو الرغبة فى الاقتراب والالتقاء والذوبان .
حين يلتقى اثنان فى علاقة غير مشروعة ومنزوعة الحب فإنهما يكرهان بعضهما , وربما يكرهان أنفسهما بعد الإنتهاء من هذه العلاقة الآثمة ويحاول كل منهما الإبتعاد عن الآخر والتخلص منه كأنه وصمة ... أما فى حالة اللقاء المشروع فى كنف الحب فإن مشاعر المودة والرضا والإمتنان تسرى فى المكان وتحيط الطرفين بجو من البهجة السامية .
فى وجود الحب الحقيقى وفى ظل العلاقة الزوجية المشروعه لا يصبح لعدد مرات الجماع أو أو أوضاعه أو طول مدته أو جمال المرأة أو قدرة الرجل , لا يصبح لهذه الأشياء الأهمية القصوى , فهى أشياء ثانوية فى هذه الحالة , أما حين يغيب الحب تبرز هذه الأشياء كمشكلات ملحة يشكو منها الزوجان مر الشكوى , أو يتفنن فيها ممارسى الجنس للجنس فيقرأون الكتب الجنسية , ويتصفحون المجلات , ويشاهدون المواقع الجنسية بحثاً عن اللذة الجسدية الخالصة , ومع ذلك فهم لا يرتوون ولا يشعرون بالرضا أو السعادة , لأن هذه المشاعر من صفات الروح , وهم قد جردوا الجنس من روحه .. وروح الجنس هو الحب المقدس السامى .. فالباحثين عن الجنس للجنس أشبه بمن يشرب من ماء البحر .
وفى وجود الحب يسعى كل طرف لإرضاء الآخر بجانب إرضاء نفسه أثناء العلاقة الجنسية , بل إن رضا أحد الطرفين أحيانا يأتى من رضا الطرف الأخر وسعادته , فبعض النساء مثلاً لا يصلن للنشوة الجنسية( الرعشة أو الإرجاز ) ولكن الزوجة فى هذه الحالة تسعد برؤية زوجها وقد وصل الى هذه الحالة وتكتفى بذلك وكأنها تشعر بالفخر والثقة أنها أوصلته الى هذه الحالة كما تشعر بالسعادة والرضا انها أسعدته وأرضته ويشعر هو أيضاً بذلك .. أما فى غياب الحب فتتحول العلاقة الجنسية إلى استعراض جنسى بين الطرفين فتتزين المرأة وتتفنن فى إظهار مفاتنها لتسعد هى بذلك وترى قدرتها على سلب عقل الرجل وربما لا تشعر هى بأى مشاعر جنسية أو عاطفية فهى تقوم بدور الإغراء والغواية فقط ... وأيضاً الرجل نجده يهتم بإستعراض قدرته فقط أمام المرأة , وإذا لم تسعفه قدرته الذاتية استعان بالمنشطات لكى يرفع رأسه فخراً ويعلن تفوقه الذكورى دونما اهتمام إذا ما كانت هذه الأشياء مطلباً للمرأة أو إسعاداً لها أم لا , المهم أن يشعر هو بذاته .
فى وجود الحب لايؤثر شيب الشعر ولا تجاعيد الوجه ولا ترهلات الجسم , فلقد رأيت من خلال مهنة العلاج النفسى أزواجا فى الثمانينات من عمرهم يشعرون بإشباع عاطفى وجنسى فى علاقتهما حتى ولو فشلا فى إقامة علاقة كامله , فى حين أن هناك فتيات فى ريعان الشباب يتمتعن بجمال صارخ ولكنهن يعجزن عن الاشباع الجنسى لهن أو لغيرهن على الرغم من علاقاتهن المتعددة , لأن تلك العلاقات تخلو من الحب الحقيقى والعميق اللازم للإشباع . فالجنس لدى المحبين نوع من التواصل الوجدانى والجسدى , وبالتالى فهو يحدث بصور كثيرة ويؤدى إلى حالة من الإشباع والرضا , فقد حكى لى أحد المسنين ( حوالى 80 سنة ) بأن متعته الجسدية والعاطفية تتحقق حين ينام فى السرير بجوار زوجته (75سنة ) فتلمس ساقه ساقها لا أكثر , فالاشباع هنا ليس اشباعاً فسيولوجياً فقط وإنما هو نوع من الإرتواء النفسى يتبعه إشباع فسيولوجى أو حتى لا يتبعه فى بعض الأحيان فيكون الإرتواء النفسى كافياً خاصة حين يتعذر الاشباع الفسيولوجى بسبب السن أو المرض .
وهذا المستوى من الوعى الإنسانى والوجدانى ومن الثراء فى وسائل التواصل والتعبير يحمى الرجل والمرأة من مخاوف الكبر والشيخوخة لأنه يعطى الفرصة للإستمرار حتى اللحظات الأخيرة من العمر فى حالة التوصل الودود المحب , بل ربما لا نبالغ اذا قلنا أن الزوجية المحبين ذوى الوعى الممتد يشعران بأن علاقتهما ممتدة حتى بعد الموت فهما سيلتقيان حتماً فى العالم الآخر ليواصلا ما بدآه فى الدنيا من علاقة حميمة فى جنة الله فى الآخرة , وهذا هو أرقى مستويات الوعى الإنسانى وأرقى مستويات العلاقة الحميمة .

التوافق النفسى الجنسى :
هو يعنى أن كلا من الشخصين المتوافقين يستوفى حاجاته من الآخر ويشبعه وبالتالى يسعد الطرفان باستمرار العلاقة .
والتوافق فى العلاقة الزوجية شىء مهم جداً لأن هناك حاجات لا يمكن أن تلبى إلا من خلال هذه العلاقة ومنها الإشباع العاطفى والجنسى , وتستطيع أن تلمح علامات التوافق على زوجين محبين بسهوله , فترى علامات الراحة والشبع بادية عليهما فى صورة نضرة فى الوجه وراحة تبدو فى الملامح , وإحساس بالأمان والبهجة ونجاح فى البيت والعمل والحياة .
إذن التوافق نعمة من الله يمنحها للأزواج الأوفياء المخلصين الذين يمنحون حبهم ورعايتهم لزوجاتهم أو لأزواجهم .
والتوافق تظهر بوادره منذ لحظات التعارف الأولى فيشعر كل طرف بالراحة والسعادة فى وجود الآخر , ويسعى كل طرف لتلبية احتياجات شريكه , ويشعر كل منهما أنه لا يحتاج أى شىء من طرف آخر ليكمل به نقصاً عنده , وتحدث حالة من التناغم بين الطرفين وكأنهما موجتان التقتا وكونتا لحنا رائعاً , وحين يستقر التوافق بين الزوجين ويتأكد نجد أن كلا منهما لا يجد نفسه إلا مع الآخر , فلا يمكن أن تتحرك مشاعره أو تتحرك ميوله الجنسية إلا مع شريك حياته , فهو بالتالى لا يستطيع الا أن يكون وفياً ومخلصاً لشريكه , أو بمعنى آخر هى حالة من الإخلاص اللا إرادى لأنه لا يقدر على الخيانة حتى لو أتيحت له فرصتها .
ولو قدر أن أحد هذين الزوجين المتوافقين ترك الآخر بسبب الموت فإن الطرف المتبقى منهم لا يستطيع إقامه علاقة زوجية جديدة مع آخر لأن موجته انضبطت مع موجة شريكه ولا يستطيع ( أو لاتستطيع ) تغييرها مع آخر. وهذا يفسر لنا عزوف زوجات أو أزواج عن الزواج بعد موت شريك الحياة رغم كونهم صغار السن .
والتوافق لا يتطلب أن يتشابه الزوجين أو يتطابقا , ولكنه يتطلب كما قلنا قدرة كل طرف على تلبية احتياجات الآخر واشباعها على الرغم من اختلافهما , فهما متكاملين أكثر منهما متشابهين .
والسكن والمودة والرحمة هم الأضلاع الثلاثة للتوافق الزوجى , فالسكن يعنى الطمأنينة والهدوء والراحة فى كنف الطرف الآخر , والمودة تعنى الحب والقرب الجميل والرعاية الصادقة المخلصة وهى ( أى المودة ) أقرب ما تكون فى حالة الرضا , والرحمة تعنى الرفق بالطرف الآخر ومسامحته ونسيان إساءته والإحسان إليه وهى أقرب ما تكون فى حالة الغضب أو عدم الرضا .
وفترة الخطوبة مهمة جداً فى اختبار مدى قدرة الطرفين على التوافق , وهى مهمة لزرع شجرة المحبة ورعايتها حتى إذا تم الزواج كانت هذه الشجره التى اشتد عودها قادرة على تحمل أعاصير مسئوليات ومشكلات ما بعد الزواج , أما إذا أجلنا زراعة هذه الشجرة لما بعد الزواج فربما لا تستطيع الصمود للرياح التى تهب على الزوجين وهما يخوضان غمار الحياة اليومية بمشكلاتها وضغوطها .
والتوافق الزوجى ليست له شروط صارمة أو شديدة التحديد , فهو يحث بين أنماط مختلفة من البشر , يختلفون فى الأعمار والثقافات والميول , ولكن هناك عوامل ربما تنبىء باحتمالات أكثر للتوافق ومنها :
1- سن الزوجيين : فيستحب أن يكون الزوج أكبر سناً من 3- 5 سنوات , ولا يستحب أن يزيد الفرق عن 10 سنوات . ومع هذا هناك أزواج خرجوا عن هذه القاعدة وتوافقوا . ويراعى هنا مسألة الصلاحية العمرية للمرأة حيث إذا فقدت المرأة قدرتها البيولوجية فى سن معين على تلبية احتياج الزوج الذى ما يزال صغيراً فإن مشكلة اختلاف الإحتياجات ربما تنشأ وتهدد التوافق .
2- التكافؤ الإجتماعى : فكلما كان الزوجان من طبقات اجتماعية متقاربة كلما كان ذلك أدعى للتوافق . وهناك استثناءات أيضاً لهذه القاعدة .
3- التقارب الفكرى والثقافى والدينى: بحيث لا تتعارض كثيراً أفكار وثقافات وانتماءات الطرفين .
وكان يعتقد أن الخبرة الجنسية والعاطفية السابقة لأحد الزوجين تجعله أكثر قدرة على التوافق مع شريكه , ولكن ثبت أن هذا غير صحيح , فالشخص صاحب العلاقات العاطفية أو الجنسية قبل الزواج كثيراً ما يفشل فى التوافق مع زوجته ( أو زوجها ) , لأن التوافق حالة شخصية تماماً تتصل بالشريك العاطفى والجنسى الحالى , وكثيراً ما تكون الخبرة السابقة سببا للفشل لأن صاحب الخبرة يتمسك بنمط نجاحه مع الطرف السابق أو يكون متأثراً بعوامل فشله السابقه .
والتوافق الجنسى يعتبر من أهم أركان الزواج السعيد , فالنجاح فى العلاقة الجنسية يعتبر ترمومتر للعلاقة الزوجية لأنه يعكس النجاح فى علاقات أخرى مثل العلاقة العاطفية والعلاقة الاجتماعية والتوافق العقلى والثقافى والرضا المادى .
والتوافق الجنسى قد يحدث مع بداية الزواج وقد يتأخر بعض الوقت لعدة شهور وأحياناً سنوات ,وهو يعنى الإنسجام بين احتياجات الطرفين وقدرة كل منها على تلبية احتياجات الآخر وإشباعها فى صورة طيبة , فهما متوافقان فى معدل الممارسة ومتوافقان فى زمن الممارسة ومتوافقان فى طقوسها وراضيان بكل ذلك.
أما إذا كان هناك إختلاف شديد فى ذلك كأن يكون لدى أحد الطرفين شراهة ولدى الطرف الآخر عزوفاً أو بروداً فإن ذلك يتسبب فى مشكلات كثيرة حيث تؤثر هذه التناقضات فى الإحتياجات على العلاقة الزوجية برمتها . وبعض الأزواج يسألون عن عدد مرات الجماع المناسبة , ولا توجد إجابة محددة لذلك ولكن العدد هو ما يرتضيه الطرفان ويقدران عليه . وقد يكون لأحد الطرفين مطالب فى العلاقة لا يقبلها الطرف الاخر بناءاً على اعتبارات دينية ( كالإتيان فى الدبر ) أو اعتبارات شخصية ( كالجنس الفموى ) أو أى اعتبارات أخرى , وهنا يحدث الشقاق , وكثيراً ما يأتى الزوجان إلى العيادة النفسية بأعراض كثيرة وشكاوى متعددة ولكن تكون المشكلة الأصلية هى عدم التوافق الجنسى بينهما , لأنه لو حدث التوافق فإن كل منهما يغفر خطايا الآخر ويتقبلها .
وقد يأتى عدم التوافق نتيجة لاختلاف الطباع الشخصية , كأن تكون المرأة قوية ومسترجلة , والرجل ضعيف وسلبى , وفى هذا الوضع المقلوب يستحيل التوافق الجنسى أو العاطفى , ومع هذا يمكن أن يستمرا فى علاقتهما الزوجية نظراً لاعتبارات أخرى , وهذا الوضع نسميه ( سوء التوافق المحسوب ) فعلى الرغم من تلك المشاكل بينهما إلا أن هناك أشياء تجمعهما , قد تكون احتياجات مادية أو اجتماعية أو غيرها .
وقد يكون عدم التوافق نتيجة أصابة الزوج بالضعف الجنسى ( العنة ) أو اصابة الزوجة بالبرود الجنسى , وهذه اضطربات تحتاج للمساعدة العلاجية , ولكن المشكلة فى مجتمعنا أن الناس تخجل من عرض هذه المشكلات على متخصصين , وتظل المشكلة تستفحل وتفرز مشكلات أخرى حتى يصل الطرفان إلى الطلاق .
مراحل النشاط الجنسى :

يمكن إيجاز مراحل النشاط الجنسى كالتالى :
1- الرغبة
2- الإثارة
3- النشوة الجنسية ( رعشة الجماع - الإرجاز - الذروة )
4- ما بعد النشوة .
ولنأخذ كل منها بشئ من التفصيل لمعرفة أسرارها واضطراباتها

أولا : الرغبة

هى المرحلة الأولى فى مراحل العملية الجنسية , وهناك تساؤلات هامة تدور حول نشأة الرغبة ومسارها :

هل تأتى الرغبة من الداخل أم من الخارج ؟
هل يشعر الإنسان بالرغبة تحت تأثير هرمونات الذكورة أو الأنوثة , أو تحت تأثيرات تخيلات جنسية ثم يتوجه بتلك الرغبة وتلك التخيلات إلى الخارج فيستقبل الآخرين أو الأخريات فى صورة مثيرة لأنه هو الذى أسقط عليهم الإثارة من داخله ؟ أم أن مصادر الإثارة فى الخارج هى التى توقظ مراكز الإثارة فى الداخل ؟
فى الحقيقة أن الأمر لايمكن رؤيته بطريقة هل ...... أم ..... كما ذكرنا , فالرغبة الجنسية هى نتاج تفاعل بين الداخل الملىء بالرغبة الباحثة عن الإشباع والخارج الملىء بعوامل الإثارة المنشطة . إذن لكى تكون هناك رغبة جنسية قوية سيتوجب علينا الإهتمام بالداخل والخارج .
أولاً : الداخل ويمثله التركيب الفسيولوجى والنفسى للزوجين , وذلك بان يكونا فى حالة صحية جيدة وفى حالة نفسية جيدة , وفى حالة ارتياح واسترخاء .
ثانيا : الخارج ويمثله مظهر كلا الزوجين من شكل الوجه وتناسق الجسم ورشاقته ونوع الملابس والإكسسوارات والعطور , والمكان المحيط بهما وما يتمتع به من عوامل الراحة والأمان وإثارة المشاعر .
وكما أننا عند تناولنا الطعام نبدأ بتقديم السلطات والمخللات كعوامل منشطة للشهية , فإننا فى موضوع العلاقة الحميمة نهتم بالمشهيات من ملابس مثيرة وعطور مؤثرة وجو رومانسى ومشاعر دافئة وغيرها من المثيرات لكى تستيقظ الرغبة وتتصاعد فتدفع الكيانين الانسانيين للإقتراب فالالتحام فالذوبان .
إذن الرغبة هى طاقة الاقتراب والإلتحام والذوبان فكلما زادت سهلت هذه العمليات أما حين تكون فاترة وضعيفة فإن هذه العمليات لا تحدث أساساً أو تحدث بشكل فاتر وضعيف .
ومثيرات الرغبة تختلف من شخص لآخر فبعض الناس تثيرهم المناظر وبعضهم تثيرهم الأصوات وبعضهم تثيرهم الروائح وبعضهم تثيرهم المشاعر وحالة الحب ... وهكذا , ولكن على الإجمال يمكننا القول بأن عين الرجل وقلب المرأة مفاتيح مهمة للإثارة , وهذا يدفعنا الى تنبيه الزوجة لأن تهتم بما يراه زوجها منها وفيها وحولها فهو يستثار جنسياً من عينه وهذا لا ينفى أو يستبعد بقية الحواس ولا ينفى إثارته من قلبه . ويدفعنا إلى تنبيه الزوج لأن يهتم بقلب زوجته فهو مفتاح إثارتها , وهذا لا يستبعد أيضاً ما تقع عليه عينها أو تسمعه أذنها أو تشمه أنفها .
والرغبة الجنسية تختلف حدتها وقوتها من شخص لآخر فهناك بعض الأشخاص لديهم رغبة مستمره لا تشبع أبداً , وهذا ربما يبدو ميزة ولكنه فى بعض الأحيان يسبب مشكلة حيث يلقى عبئاً على الطرف الآخر لإشباع هذه الرغبة التى لا تشبع , كما يسبب مشكلات لصاحب الرغبة ( أو صاحبتها ) حين لايجد ( او لا تجد ) إشباعاً كافياً و بالتالى ربما يندفع
( أوتندفع ) لمحاولات اشباع خارج اطار الزواج مع ما يصاحب ذلك من مشكلات وكوارث . وعلى الجانب الآخر هناك بعض الأشخاص لديهم رغبات خافتة وضعيفة تجعل إقبالهم على العلاقة الجنسية فاتراً وضعيفاً , وهؤلاء الأشخاص نجدهم مقلين فى الممارسة الجنسية وغالباً ما يكونوا مقلين أيضاً فى العطاء العاطفى , ومقلين أيضاً فى العطاء المادى ..... باختصار هؤلاء هم البخلاء فى كل شىء .

وبعض الناس يعتقد خطأ أن مشاهدة الصور العارية أو الأفلام الجنسية كفيل بإشعال الرغبة وتحسين الحالة الجنسية بين الزوجين , وهذا غير صحيح تماماً من الناحية العملية والواقعية , فقد تبين أن من يشاهدون هذه الأشياء تضعف رغبتهم نحو زوجاتهم لأنها تعمل على تسريب الرغبة فى مسارات جانبية , كما أنها تتعود على الإثارة بمستويات صارخة وأحياناً شاذة من الإثارة لا تكون متوفرة فى الأحوال العادية .
وبعض الناس لا تحركهم إلا مثيرات شاذة وأوضاع شاذة وممارسات شاذة , وهذا يسبب مشكلة نفسية وأخلاقية ودينية للطرف الآخر .
وعلى أى حال فالرغبة هى مفتاح العملية الجنسية وهى الشرارة الأولى التى تبدأها ولذلك وجب الإهتمام بها وبسلامتها وصحتها .
وهى تقل مع السن ولكنها لا تختفى , وفى بعض الناس أحيانا تزيد مع السن وتصبح أقوى من قدرة الشخص على الممارسة .
والرغبة تمر بفترات نشاط وفترات فتور طبيعية , وعلى الإنسان أن يواكيها صعوداً وهبوطاً ولا ينزعج من هذه التناوبات فى نشاط رغبته .
والحب هو أقوى ضمان لاستمرار الرغبة رغم عوامل السن والمرض والضعف ورغم الظروف الإجتماعية أو الاقتصادية الضاغطة , فالحب هو شهادة ضمان الرغبة الجنسية , وليس شىء آخر .
ثانيا : الإثارة

مرحلة الاثارة هى المرحلة الثانية فى النشاط الجنسى وتلى مرحلة الرغبة , وفيها يحدث الإنتصاب لدى الرجل ويحدث انتفاخ فى الشفرين الصغيرين والبظر لدى المرأة وتحدث إفرازات من غدد فى جدار المهبل تؤدى إلى ترطيب المهبل استعدادا للقاء .
ولكى يصل الزوجان الى هذه المرحلة يحتاجان لأن يكونا فى حالة راحة جسمانية ونفسية وفى حالة حب وتوافق وانسجام , وأن يكون الجو حولهما مهيأ للقاء وأن يشعران كليهما بالرغبة فى ذلك .
والمداعبة الكافية والمناسبة ضرورية جداً للوصول إلى حالة الإثارة , ولذلك فالممارسة الفجائية دون التمهيد بمداعبة كافية تؤدى إلى مشكلات كثيرة خاصة لدى المرأة .
والإثارة تحتاج لتجديد دائماً ... تجديد فى الملابس ... تجديد فى الروائح ... تجديد فى المكان ... تجيد فى الجو المحيط بالزوجين , حتى لا يحدث ملل وفتور وانطفاء .
وحين لا تتم الإثارة بشكل كاف نواجه مشكلات مثل الإرتخاء الجنسى عند الرجل أو آلام الجماع عند المرأة .
ثالثا : النشوة الجنسة ( رعشة الجماع – الإرجاز - الذروة )
هى ذروة المشاعر الجنسية ولذلك تهتز لها كل أجزاء الجسم وتنتفض الخلايا كلها فرحاً وطرباً ونشوة , ومن شدة هذه النشوة أحياناً يصاحبها أصوات أو حركات لا إرادية تختلف من شخص لآخر . والشعور باللذة فى هذه اللحظة يكون هائلاً لدرجة أن العلماء قرروا بأن لذة الرعشة الجنسية هى أعلى درجات اللذة التى يمكن ان يتذوقها الجهاز العصبى .. إذن فهى نعمة عظيمة من الله حين تكون فى موضعها ومع من نحب .
وهى ليست رعشة نشوة جسد فقط وإنما هى شعور شامل لكل مستويات الإنسان الجسدية والنفسية والروحية .
ولذلك قسم علماء النفس النشوة الجنسية الى عدة مستويات هى :-
1- النشوة البيولوجية ( Biological orgasm ) : وهى تحدث نتيجة التفاعل الجسدى لأعضاء الجنس خاصة البظر والمهبل .
2- النشوة العاطفية (Biological orgasm ): وهى بلوغ حالة الحب بين الزوجين إلى قمتها حيث حدث الإقتراب فالإلتحام فالذوبان العذب والرقيق واللذيذ .
3- النشوة الإرتجاعية ( Feed back orgasm ) : وهى تحدث حين يرى أحد الطرفين ( أو كليهما ) سعادة الآخر فيسعد لذلك ويشعر بالنشوة حتى ولو لم يكن قد وصل إلى النشوة البيولوجية .
4- النشوة الإجتماعية (Social orgasm ): وهى تحدث حين يكون الزوجان متوافقين فى حياتهما الاجتماعية , وكأن نجاحهما الإجتماعى يتواصل مع نجاحهما فى بلوغ نشوة الجماع فتتصل دائرتى النجاح وتعطى نشوة أوسع وأعمق .
5- النشوة الروحية ( Spiritual orgasm ): فحين تكون المستويات الروحية نشطة لدى كلا الزوجين فيحدث تلاقى بين النشاط الروحى والنشاط الجسدى والاجتماعى فى صورة دوائر متداخله وأخذة فى الإتساع .
وهكذا يمكن أن تتمدد النشوة الجنسية فى صورة دوائر تتسع , تبدأ من الدائرة البيولوجية ثم الدائرة العاطفية ثم الدائرة الروحية , وهذا ما نعنيه بأن النشوة الجنسية حين تحدث فى علاقة مشروعه وساميه تتمدد فى الكيان الإنسانى كله فيرتعش فرحاً وطرباً عبر كل مستوياته , وهذا إحساس لا يدركه إلا المحبون الصالحون الأوفياء المخلصون أصحاب المشاعر الفياضة والنفوس الرحبة والأرواح السامية .
وهناك بعض النساء لا يستطعن لسبب أو لآخر الوصول إلى نشوة الجماع بشكلها المعروف , ومع هذا إذا كان هناك حب بين الزوجين فإن الزوجة لا تشكو من هذه المشكلة , فهى تشعر بالرضا لمجرد إحساسها بحالة الحب فى لحظات اللقاء وتشعر بالرضا لأنها أسعدت زوجها الذى تحبه . أما إذا كان الحب غائباً فإن عدم بلوغ الذروة الجنسية يؤدى إلى مشكلات جسدية ونفسية مؤلمة , حيث تشعر المرأة بآلام فى منطقة الحوض نتيجة للإحتقان الذى لم يتم تفريغه , كما تشعر بتقلصات فى البطن وغثيان وأحيانا يحدث قىء , وفوق ذلك تشعر بالحرمان , والألم النفسى والغضب . وهذه الأشياء حين يتحدث تحتاج للعلاج بشكل مبكر لأن تراكمها مع الوقت يؤدى الى عزوف المرأة عن الجنس وإصابتها بحالة البرود الجنسى والعلاج هنا سوف يكون على عدة مستويات :
1- المستوى الجسدى : وذلك لبحث المشكلات الجسدية التى تعطل الوصول الى النشوة مثل وجود التهابات فى عنق الرحم تسبب ألماً , أو ضعف التنبيه لأعضاء الإحساس الجنسى أثناء العلاقة أو غير ذلك .
2- المستوى النفسى : أن يكون لدى المرأة مشكلات نفسية تجعلها تستقذر العلاقة الجنسية من الأساس أو تخاف منها لأنها تخاف الحمل والولادة , أو أن لديها ميول ذكورية ( مسترجلة ) تجعلها ترفض هذه العلاقه , أو أن لديها شعور قديم وعميق بحرمة العلاقة الجنسية لم تستطع التخلص منه بعد الزواج .
3- المستوى الزواجى : وذلك يكون بسبب مشكلات فى التوافق بين الزوجين كأن تكون هناك خلافات زوجية كثيرة او أن يكون الرجل صغيراً فى عين زوجته فلا تشعر بتفوقه وتميزه , وبالتالى لا يمنحها الشعور بأنوثتها .
أما الرجل فتحدث لديه مشكلات فى هذه المرحلة إما فى صورة سرعة قذف أو فى صورة بطء إنزال أو انعدامه . وسرعة القذف مرتبطة كثيراً بمشاعر القلق أو فرط الإثارة , وهذه يمكن علاجها بعلاجات دوائية وتدريبات تؤدى الى التحكم فى سرعته , أما تأخر النشوة وتأخر الإنزال بالتالى فغالباً ما يكون بسبب تعاطى بعض الأدوية أو يكون بسبب ضعف الإثارة من الطرف الأخر .
والمرأة لديها القدرة على الوصول الى رعشة الجماع مرات عديدة فى اليوم الواحد , والشاب ما بين 15 الى 25 سنة لديه أيضاً هذه القدرة ولكنها تقل لدى الرجل مع التقدم فى السن بحيث يحتاج الى بعض الوقت ( عدة ساعات غالباً ) قبل أن يصبح قادراً على الوصول إليها مرة أخرى , وبعض الرجال يحاولون أن يعاودوا المحاولة قبل استعداد جهازهم العصبى لها وهذا يسبب لهم اجهاداً ويجعل العملية غير ممتعة , ولكنهم يفعلون ذلك كنوع من اثبات القدرة وكنوع من المنافسة للأقران الذين يتباهون بقدرتهم على تكرار الفعل الجنسى مرات عديدة فى وقت قصير وكثيراً ما يكون فى كلامهم مبالغات كثيرة تخرج عن نطاق القابلية الفسيولوجية الطبيعية لتكرار الممارسة .
رابعا : ما بعد مرحلة النشوة
هى مرحلة مهمة ومع هذا يتغافل عنها الكثيرون خاصة الأزواج , فبمجرد الانتهاء من حالة النشوة يعطى الزوج ظهره لزوجته وكأنه لا يعرفها , وهذا يؤذى الزوجة كثيراً ويؤلمها وتشعر لحظتها بأنانية الرجل وإهماله لها خاصة أذا لم تكن هى قد وصلت الى حالة النشوة أو الرغبة التى وصل هو إليها .
إذن يجب أن يستمر سريان المشاعر الهادئة والرومانسية فى هذه المرحلة التى تتسم بحالة من الإسترخاء الجسدى والنفسى , وهذه المشاعر تنتقل بين الزوجين فى صورة نظرات امتنان ورضا ولمسات حب وحنان .
مشكلات ليلة الزفاف :

فى مجتماعتنا العربية المحافظة يعتبر موضوع الجنس من المحرمات وبالتالى تنشأ ثلاث مشكلات أساسية :
المشكلة الأولى : الجهل بأسرار الجنس .
المشكلة الثانية : المعلومات الخاطئة عن الجنس .
المشكلة الثالثة : القلق تجاه الممارسة الجنسية
والمشكلة تتجسد أكثر فى الفتاة حيث يصعب عليها الوصول إلى معلومات جنسية صحيحة , وهى إذا تجرأت وحاولت أن تعرف فغالباً ما تصلها معلومات خاطئة من صديقاتها. والفتاه تنشأ ولديها اعتقاد بان جهلها بأمور الجنس أحد علامات عفتها وأدبها , كما تنشأ ولديها اعتقاد أن الجنس لذة فقط للرجل وأن المرأة ما هى إلا أداة لتحقيق هذه اللذة . بل إن بعض الفتيات تترسب فى ذهنهن صورة للجنس على أنه شىء مثير للإشمئزاز أو شىء " مقرف " , وهن لا يفرقن فى هذه النظرة بين الجنس الحلال والحرام فكله فى نظرهن سواء.
وبالتالى حين تأتى ليلة الزفاف يتحول الأمر إلى صراع فالزوج يريد أن يثبت رجولته فيفض الغشاء فى أول ليلة وعادة ما يكون متعباً أو متوتراً بسبب طقوس الزواج , والزوجة خائفة بسبب ما لديها من رواسب ومعلومات خاطئة , والأهل سيأتون فى الصباح ليطمئنوا .
وهكذا يصبح العروسين تحت ضغوط صعبة , ولذلك نرى بعض الأزواج يصابون بالإرتخاء ويعزون ذلك الى أنهم " مربوطين " بواسطة أحد الأشخاص الأشرار , وبعض الزوجات يصبن بالتشنج المهبلى , أو رهاب الجنس أو البرود الجنسى نتيجة المخاوف الشديدة ونتيجة الطريقة غير المناسبة من الزوج .
وأغلب مشكلات ليلة الزفاف يمكن حلها بمجرد التعليم والتوجيه والشرح والصبر على العروسين حتى يتوافقا عاطفياً وجنسياً وعدم تعجل فض الغشاء , فالموضوع ليس معركة فض الغشاء .
وهذه المشكلات التى تحدث فى ليلة الزفاف كثيراً ما تمد بظلالها الكثيفة على الحياة الزوجيه لسنوات طويله فيما بعد .
وتدور مشكلات ليلة الزفاف حول ما نسميه ( قلق الأداء )Performance anxiety وهو يؤدى الى حالة ارتخاء للزوج كلما اقترب من زوجته وإلى حالة انقباض لعضلات المهبل والحوض والفخذين لدى الزوجة كلما اقترب منها زوجها . ويساعد فى تخفيض حدة القلق وجود المعلومات الصحيحة وإعطاء فرصة كافية للزوجين دون تدخل من الأهل . وفى بعض الحالات نحتاج لاستخدام بعض مضادات القلق بجرعات بسيطة وأحيانا نحتاج لبعض العلاجات السلوكية للزوجين .
وأحيانا تتأزم الأمور بين الزوجين ويدخلان فى مجالات العلاج بالسحر والشعوذة ويتلقيان إيحاءات مزعجة ومخيفة من المعالجين الشعبيين تؤدى الى مزيد من تأزم العلاقة وقد تنتهى الأمور بالطلاق .
وإذا كانت طريقة التربية شديدة التزمت فإنها تلقى على أى شىء يتصل بالجنس سياجاً غليظاً من الحرمة وبالتالى يتم كبت الموضوع الجنسى برمته , فإذا وصلت الفتاة الى ليلة الزفاف فإنها لا تستطيع فجأة أن تلغى هذا التاريخ من الكبت والخوف , وأحيانا تحتاج لشهور أو سنوات حتى تتخلص من آثار التحريم والاستقذار التى علقت بهذا الموضوع .
ونحن هنا لا ندعو إلى أن يكون الحديث عن الجنس بطريقة فجة وخالية من كل معانى الحياء كما يحدث فى المجتمعات المتحررة من القيم والأخلاق , وانما ندعو لأن يكون الموقف معتدلاً وانتقائياً فنعلم أولادنا وبناتنا استقذار الجنس الحرام فقط ونعلمهم أن الجنس فى حالة كونه حلالا هو أحد نعم الله على الإنسان .
ومن المخاوف المؤرقة فى ليلة الزفاف خوف الفتاة من عملية فض غشاء البكارة خاصة اذا كان لديها معلومات خاطئة عن أن فض الغشاء عملية مؤلمة , فى حين أنه فى الحقيقة عملية بسيطة جداً ونادرا ما يصاحبها ألم , وقلق العروس لايتوقف عند فض الغشاء فقط وإنما يمتد إلى وجود الغشاء من عدمه .
ولكى نتجنب الكثير من مشكلات ليلة الزفاف لابد وأن تكون هناك فترة خطوبة كافية يتعرف فيها الطرفان على بعضهما ويألفان بعضهما فكرياً ووجدانياً وتنمو بينهما شجرة الحب والود اللازمة لقيام حياة زوجية سليمة .
ومن الضرورى قبل الوصول الى ليلة الزفاف أن يتأكد العروسان أن لديهما معلومات كافية عن الأعضاء الجنسية وعن كيفية الممارسة , ويمكن الحصول على هذه المعلومات من مصادر صحيحة مثل الكتب العلمية أو من طبيب متخصص أو من أحد الأقارب الموثوق بهم.
ولا يكفى المعلومات عن تركيب الأعضاء الجنسية وكيفية الممارسة وإنما يحتاج العروسين لمعرفة ذوقيات وآداب الممارسة , فهما فى الأساس بشر لديهما مشاعر وأحاسيس ولديهما مخاوف أيضاً من هذا الشىء الجديد اللذيذ والمخيف فى آن واحد , لذلك يحتاجان لطقوس تقلل من هذا القلق , فمثلا حين يدخل العروسان شقتهما يقومان بجولة فيها ليفرحا بمحتويات الشقة التى تعبا وتعب معهما الأهل لتأسيسها بهذا الشكل الجميل , ثم يجلسان سوياً فى غرفة الصالون أو الأنتريه , ثم يضع العريس يده على جبهة عروسه ويدعو بأن يوفق الله بينهما ويبارك لهما , ثم يتوضآن ويصليان , ثم يجلسان لتناول العشاء سوياً , على أن يكون عشاءاً خفيفاً وليس عشاءاً شديد الدسم كما هو معتاد عند الناس , حيث أن العشاء الثقيل شديد الدسم يؤثر على الأداء الجنسى .
وبعد العشاء يتخففان من ملابسهما شيئاً فشيئاً مع الإقتراب الودود المحب والمداعبة اللطيفة غير المتعجلة ويكون هدفهما أن يسعدا معاً وليس الهدف فض غشاء البكارة أو إثبات القدرة والكفاءة .
أما بخصوص العادات البالية التى تحدث ضغطاً عل الزوجين حين ينتظر أهل العروسين ومعهم أهل القرية أو الحى خارج شقة العروسين انتظاراً لمنديل ملطخ بدم غشاء البكارة فهذا عمل غير آدمى ويسبب ضغوطاً على العروسين تؤدى إلى حدوث قلق الأداء وبالتالى الى حالة الإرتخاء فى الفترة الأولى للزواج يسميها العامة " ربطاً " وهى فى الحقيقة حالة من القلق تؤدى الى الارتخاء والعجز الجنسى المؤقت .
والأفضل ترك العروسين يحققان العلاقة بينهما فى أى وقت دون تعجل , فالعلاقة بسيطة وتتم بين سائر الكائنات ولكن يعقدها ويربكها المعتقدات والممارسات الخاطئة .
ولا يستحب أخذ أى منشطات فى هذه الليلة بل يترك الأمر على طبيعته فإن ذلك أفضل , مع العلم بأن هناك مشكلات كثيرة تحدث نتيجة تعاطى المنشطات ربما تؤدى الى نفور وكراهية بين الزوجين طوال الحياة .
وأخيراً نذكر العروسين بأن الزواج ليس علاقة جسدية أو جنسية فقط وإنما هو علاقة لها أبعاد متعددة جسدياً ونفسياً واجتماعياً وروحياً , وأنهما معا لسنوات طويلة بإذن الله فلا داعى لإختزال العلاقة ولا داعى للتعجل فيها .
العجز الجنسى

لا نستطيع فهم العجز الجنسى دون الرجوع الى ماسبق الحديث عنه من العلاقة بين الحب والجنس , والتوافق النفسى الجنسى , ومراحل النشاط الجنسى , وأحداث ليلة الزفاف لأنها كلها موضوعات مترابطة .
والعجز الجنسى كلمة عامة تطلق حين يعجز الزوج أو الزوجة عن أداء العلاقة الجنسية بشكل سليم ومرض للطرف الآخر .

وهذا العجز قد يصيب أحد المراحل الثلاثة فى العملية الجنسية أو بعضها وهى : الرغبة , والإثارة والنشوة ( أو هزه الجماع أو الإرجاز ) .
وفى الرجل تكون المشكلة الأكثر هى ضعف الإنتصاب وقد يكون راجعاً لمرض عضوى مثل السكرى أو التهاب الأعصاب لأى سبب آخر أو مرض عضوى يؤثر فى الحالة الصحية العامة أو نتيجة تعاطى أدوية مثل أدوية القلب أو الضغط أو بعض الأدوية النفسية .
ويكون العلاج فى هذه الحالة بعلاج السبب , إضافة الى استخدام الأدوية الحديثة المنشطة للإنتصاب مثل الفياجرا والسيالس وغيرها على أن يكون ذلك بدرجة معتدلة ويتم التوقف عنها والرجوع الى الحالة الطبيعية فى أقرب فرصة ممكنة .
ويمكن البدء بتعاطى جرعه صغيرة من هذه الأدوية المنشطة مثلاً : ½ قرص 50 مجم قبل الجماع بساعتين على معده غير ممتلئة , وإذا لم يكن ذلك كافياً فيمكنه فى المرة التالية زيادة الجرعة الى قرص كامل 50 مجم . وفى حالات قليلة قد نحتاج لقرص 100 ملجم كاملا . ويراعى الإعتدال فى استخدام هذه المنشطات خاصة لمرضى القلب والضغط وكبار السن عموماً .
ويراعى أيضاً تفادى الإعتماد عل هذه المنشطات بحيث لا يستطيع الشخص القيام بواجباته الجنسية إلا بها , فليس أفضل فى النهاية من الممارسة الطبيعية المعتدلة , خاصة وأن الجسم ينظم احتياجاته الجنسية بشكل طبيعى طبقا لاعتبارات الصحة العامة والسن , أما ال الصناعى فإنه يتجاوز هذه الاعتبارات وبالتالى قد تكون له بعض المضاعفات . وهناك بالإضافة لذلك بعض التدريبات والإرشادات يقوم المعالج بتعليمها لمن يعانى من مشكلة ضعف الإنتصاب لتساعده على المدى الطويل .
أما فى المرأة فيطلق وصف البرود الجنسى وهو يعنى نقص الإحساس باللذة الجنسية لدى المرأة , وهذا يجعلها لا تستثار جنسياً بأى حال من الأحوال , وقد يكون هذا البرود موجوداً فى المرأة منذ البداية أو يكون نشأ لديها نتيجة مشكلات فى الممارسة من قبل الزوج كأن يكون أسلوبه قد نفرها أو أحدث لها آلاماً لذلك تبدأ فى النفور من هذه العلاقة وتموت مشاعرها وأحاسيسها تجاهها .
وعلاج البرود يستدعى دراسة حالة المرأة الباردة من حيث الرغبة والاستثارة وبلوغ النشوة أو الهزة الجنسية , ومحاولة علاج الأسباب الموجودة أو تعديل أسلوب الممارسة من قبل الزوج أو الرجوع لما قبل ذلك والبحث فى العلاقة العاطفية بين الزوجين ودرجة التوافق بينهما . وإذا لم يكن هناك أسباباً واضحة أو هناك أسباباً لا يمكن علاجها , فيمكن مساعدة المرأة بإعطاء تعليمات لتدريبات تزيد من استجابتها الجنسية , وهذه التدريبات تتضمن اكتشاف الذات بمعنى اكتشاف مناطق الجاذبية الجنسية والإحساس الجنسى فى جسدها من خلال برنامج يتم فى أسبوعين , لمدة ساعة كل يوم تقضيها فى الأسبوع الأول فى التأمل فى جسدها أمام المرآه وفى الأسبوع الثانى تتحسس جسدها لإكتشاف مناطق الإحساس والإثارة فيه . وهناك تدريبات أخرى يقوم بها الزوجان سوياً لتحقيق هدف إعادة اكتشاف الخريطة الحسية الجنسية لكل منهما و مراكز تلك الأحاسيس , هذه التدريبات تسمى تدريبات البؤرة الحسية .
وهناك فترات فتور مؤقته قد تعترى أحد الزوجين وهذه الفترات تمر بشكل طبيعى دون الحاجة لأى علاج . وقد تمتد هذه الفترات لأسابيع وأحيانا شهور ثم يعود النشاط الجنسى لطبيعته دون أى تدخل علاجى .
وهناك مشكلة أخرى تصيب الكثير من الزوجات حيث ثبت إحصائياً أن 60% من النساء لا يبلغن هزة الجماع , فى حين أن بعض النساء قد يبلغنها أكثر من مرة أثناء اللقاء الواحد . ومن لا تبلغ هزة الجماع قد تعانى من آلام ومشكلات نفسية أثناء وبعد اللقاء الجنسى خاصة إذا أفتقد هذا اللقاء لأبعاده العاطفية . أما إذا كان اللقاء يتسم بالحب والود والتعاطف من الطرف الآخر فإن الزوجه تستمتع باللقاء على الرغم من عدم بلوغها هزة الجماع , فهى تستمتع بحالة الحب التى تعيشها فى تلك اللحظات , خاصة وأن الجنس بالنسبة للمرأة لا يفترق أبداً عن الحب , بل قد يسبق الحب الجنس فى الأهمية لديها عكس الرجل الذى قد يسبق الجنس الحب لديه .
وبعض الرجال قد يتأخر القذف لديهم وهذا إما أن يكون نتيجة تعاطى العقاقير خاصة مضادات الإكتئاب , أو يكون نتيجة ضعف الإثارة أو تكرار الجماع بشكل يجعله روتينياً والعلاج هنا يكون بعلاج السبب .
العلاقات الجانبية وأثرها على العلاقة الجنسية بين الزوجين :
أحياناً يكون للزوج ( أو للزوجة ) علاقات عاطفية أو جنسيه اخرى ( كاملة أو غير كاملة ) خارج إطار الزواج .. فماذا ياترى سيكون أثر هذه العلاقات الجانبية على العلاقة الجنسية بين الزوجين ؟
أولاً : يحدث تسريب للطاقة الجنسية لأن الطاقة الجنسية عبارة عن شحنة , فلو صرفنا هذه الشحنه فى مسارات جانبية سوف يضعف بالضرورة المسار الرئيسى , وأحياناً يحدث تحول بالكامل لهذه الطاقة إلى مسار بديل فتفشل تماماً العلاقة الجنسية داخل إطار الزواج ويبدأ الزوج فى إلقاء اللوم على زوجته على أنها لا تستطيع مساعدته ولا تتزين له بالقدر الكافى , فى حين أن المشكلة تكمن فيه هو .
ثانياً : المقارنة بين زوجته وبين عشيقته , وهى مقارنة ظالمة لأن الزوجة ليست مجرد موضوع عاطفى أو جنسى خالص وإنما هى كل ذلك بالإضافة لكونها أم وربة منزل وموظفة أحياناً , أما العشيقة فهى تتجرد من كل ذلك فى لحظة اللقاء فتصبح موضوعاً عاطفياً أو جنسياً فقط , ولو وضعت فى مكان زوجته وقامت بنفس الأدوار فستفقد بالضرورة الكثير من سحرها وجاذبيتها . وهذا ما يحدث حين يتزوج الرجل عشيقته ويبدأ فى رؤيتها فى سياق الحياة اليومية الطبيعية , فيراها وهى تصحو من نومها بغير زينة , ويراها وهى مهمومة بشئون البيت والأولاد والوظيفة , وهنا يكتشف أنها أمرأة أخرى غير التى عرفها فى لحظات اللقاء العاطفى أو الجنسى التى كانا يختلساها قبل الزواج .
ثالثاً : أثناء لقاء الرجل – ذو العلاقات العاطفية الجانبية – بزوجته فإنه تنتابه مشاعر متناقضه مثل الشعور بالذنب تجاه زوجته , أو تداخل صورة زوجته مع صورة عشيقته , أو الخوف من أن تعرف زوجته بما يفعله , كل هذا يؤدى الى تشتت ذهنه وإلى أضعاف قدرته الجنسية .
هذه هى الجوانب النفسية فى تأثير العلاقات غير المشروعه على العلاقة الزوجية , ولكن هناك جانب روحى ودينى آخر غاية فى الأهمية , خلاصته أن من يمد عينيه أو أذنيه أو يديه خارج حدود بيته يعاقبه الله على ذلك فى الدنيا والأخرة وعقابه فى الدنيا يأتى فى صورة فشله واضطرابه فى علاقته الزوجية , وهذا الشىء ملحوظ بوضوح , فكلما كان الرجل وفياً لزوجته مخلصا لها كلما كانت علاقته الجنسية بها متوافقه وموفقه , أما إذا بدأ فى العبث خارج المنزل فإن علاقته بها تضطرب , وليست فقط علاقته بها بل علاقاته فى عمله وعلاقاته فى الحياة كلها وكأن ذلك عقاب له من الله على خيانته , وهذا الكلام الذى ذكرناه ينطبق أيضا على المرأة حين تخون , وكأن هناك قانون يقول بأن من يسعى للحصول على لذته الجنسية فى الحرام يحرم منها فى الحلال ولا يجدها حتى فى الحرام ذاته.
وهناك نقطة أخيرة فى موضوع تسريب الطاقة الجنسية فى العلاقات الجانبية , وهى أنه ربما لايكون لأحد الزوجين علاقة بآخر , ومع هذا تتسرب الطاقة الجنسية من خلال العادة السرية , فبعض الأزواج والزوجات يستمرون فى ممارسة العادة السرية حتى بعد الزواج , ونسبة منهم ربما تفضلها على العلاقة الجنسية وذلك إما بسبب تعودهم عليها قبل الزواج أو بسبب ما تتيحه من تخيلات مثيرة , أو ربما لفقد الإثارة مع الطرف الأخر . المهم أن الاستمرار فى ممارسة العادة السرية بعد الزواج لأى سبب من الأسباب يعمل على تفريغ الطاقة الجنسية ويؤدى بالتالى الى قصور فى العلاقة الجنسية أو فتور تجاهها .
ويلحق بذلك العلاقة بالمواقع الجنسية على الإنترنت أو على الفضائيات فهى تؤدى إلى حالة من الإجهاد والاستنزاف ليس فقط للطاقة الجنسية ولكن أيضاً للطاقة الذهنية والجسمانية , حيث أن خداع التصوير وإبهاره وتغير المناظر والأوضاع يستلزم حالة عالية من التركيز والإنتباه وبالتالى يؤدى الى إجهاد شديد للجهاز العصبى , إضافة الى أنه يحدث ارتباط شرطى بين مشاهدة هذه المواقع وحدوث اللذة الجنسية فتصبح بديلاً للذة الحاصلة من اللقاء الجنسى مع الزوجة أو الزوج