تكنولوجيا السيارات تشهد في السنوات الخمس المقبلة تطورا يفوق ما اختبرته خلال المائة سنة الماضية
سباق السيارة المحابية للبيئة انطلق من جانبي المحيط الأطلسي
سيارة «إف سي إكس» (هوندا): 300 واحدة منها تعمل في كاليفورنيا («الشرق الأوسط»)
لندن:«الشرق الأوسط»
التسارع الرشيق والهدوء الغريب لصوت المحرك باتا الظاهرتين المرافقتين للسيارة التي تسير بقوة الهيدروجين، ولا ينتج عنها أي انبعاثات من غاز ثاني أوكسيد الكربون المتهم الابرز بتلويث البيئة. هذا ما حققته سيارة «إيكوينوكس» التي تعمل من خلال مجموعة من خلايا هيدروجينية، التي تقوم بدورها بتشغيل المحرك الكهربي. وتفاخر هذه السيارة التي انتجتها شركة «جنرال موتورز» الاميركية بأن محركها لا ينتج سوى بخار الماء الذي يتم تصريفه عبر 4 فتحات في نهاية السيارة. وفيما خلا ذلك، تسير هذه السيارة كأي سيارة أخرى تعمل بالوقود التقليدي وباستطاعتها تسجيل سرعة تصل الى 60 ميلا (نحو 100 كيلومتر) في الساعة.
في وقت يشكو فيه اصحاب السيارات وسائقوها من الارتفاع الحاد في اسعار الوقود، وتتصاعد فيه الاصوات المحذرة من تبعات الانبعاثات الكربونية على البيئة، تبدو سيارة «ايكوينوكس» وكأنها الحل الامثل لشكاوى السائقين ومطالب البيئيين، فكل جهاز فيها، تقريبا، منظم الكترونيا بما في ذلك مقودها الموجه الكترونيا. ولكن سيارة «ايكوينوكس» لا تزال، حتى الآن، غير متاحة على نطاق تجاري في الاسواق. وتؤكد شركة جنرال موتورز ـ التي تواصل، شأنها شأن العديد من شركات السيارات الأخرى، اختبار السيارات التي تعمل بخلايا الوقود ـ إلى أن عملية إنتاج طراز «ايكوينوكس» بكميات كبيرة ما زال يحتاج الى عقد من الزمن على أقل تقدير. وقد بدأت شركة جنرال موتورز العام الماضي في طرح 100 سيارة من طراز «إكوينوكس» على سبيل التجربة لسائقي السيارات المقيمين قرب محطات الإمداد بالهيدروجين. ويتشكك بعض المحللين في أن تلك السيارات التي تعمل بخلايا الوقود ستصبح منتشرة الاستخدام في يوم من الأيام، وذلك نظرًا لمتطلبات البنية التحتية المكلفة الخاصة بها، أي محطات الإمداد بالوقود الخاصة اللازمة. من ناحية أخرى، حظيت السيارات التي تعمل بخلايا الوقود ـ بالإضافة إلى السيارات الهجين والسيارات الأخرى التي تعمل ببطاريات قابلة للشحن ـ بحافز تشجيع قوي بسبب الأسعار المرتفعة للوقود. وبعد قرن من تمهيد شركة هنري فورد الطريق أمام الابتكار في عالم السيارات، بدأت شركات السيارات الكبرى في صنع وتطوير وبيع موديلات السيارات الجديدة الهجين التي تعمل بالهيدروجين وتلك التي تعمل بالكهرباء، ومن المنتظر أن تؤدي تلك الموديلات في المستقبل إلى الإقلال من التعويل على محركات الحرق الداخلي. ويتوقع «دويتش بنك» الالماني، في تقرير نشره قبل فترة وجيزة، بأن «تكنولوجيا السيارات ستتغير بصورة كبيرة على مدار السنوات الخمس المقبلة أكثر مما تغيرت خلال الـ100 سنة الماضية». وفي هذا السياق يعتبر كاتسواكي واتانابا رئيس شركة تويوتا ـ أكبر منافسي شركة جنرال موتورز ـ ان سيارة المستقبل ستكون السيارة السيارة التي «تحافظ على نظافة الهواء» أثناء قيادتها. وفي ما يبدو اقتراع ثقة بمستقبل السيارة العاملة بالهيدروجين نقلت شركة جنرال موتورز، اخيرا، الاشراف على تطوير تكنولوجيا خلايا الوقود من قسم الأبحاث والتنمية التابع لها إلى وحدة الأعمال والتشغيل، بحيث تسرع تطوير واستخدام تلك التكنولوجيا في مجال تصنيع السيارات. وقد تكبدت جنرال موتورز، أكبر شركات السيارات الأميركية، خسارة قدرها 15.5 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام الحالي نتيجة انخفاض مبيعات السيارات الرياضية والشاحنات، ومع ذلك اتجهت إلى تطوير سيارة شيفروليه «فولت»، وهي سيارة تعمل بالبطارية، ومن المقرر تدشين إنتاجها بحلول 2010. ومع ارتفاع أسعار الوقود إلى معدلات قياسية، احتلت تكنولوجيا السيارات حيزا لافتا في برامج الكثير من مرشحي الرئاسة الأميركية، فقد تعهد المرشح الديمقراطي باراك أوباما بتخصيص مبلغ 4 مليارات دولار لتطوير البطاريات الهجين القابلة للشحن، أملا في توفير مليون سيارة من هذا الطراز تطرح في الأسواق بحلول عام 2015. كما ساند اقتراح تأمين مزايا ضريبية لمشتري السيارات الكهربية مستقبلاً. الجدير بالذكر أن شركة جنرال موتورز تنوي طرح سيارة شيفروليه «فولت» في الاسواق بسعر سيكون في متناول المواطن الأميركي العادي. وبدوره اقترح «جون ماكين» المرشح الجمهوري، جائزة مقدارها 300 مليون دولار لأي مخترع لجيل ثانٍ من البطاريات الكهربية التي يمكن استخدامها في السيارة لفترات طويلة.
إلا ان الملاحظ بأن الكثير من الاستثمارات في مجال السيارات الصديقة للبيئة وبدائل الوقود، تأتي بمبادرات من شركات صناعة السيارات غير الأميركية. فإلى جانب شركتي جنرال موتورز وفورد، تتجه شركة دايملر كرايسلر الألمانية وشركة تويوتا اليابانية، كذلك شركة هوندا، باطراد، نحو تطوير برامج خلايا الوقود المتقدمة في ما يبدو سباقا محموما لاحتلال المركز الأول في الاسواق العالمية.
وقد دشنت شركة هوندا في الفترة الأخيرة السيارة «إف. سي. إكس. كلاريتي»، وهي السيارة السيدان التي تعمل بالهيدروجين. وبدأت الشركة ـ التي أضافت 3 موديلات جديدة إلى سيارتها الهجين ـ في تسليم تلك السيارات إلى حوالي 200 عميل في جنوب ولاية كاليفورنيا وذلك لاستعمالها لمدة 3 سنوات «بإيجار» يبلغ 600 دولار في الشهر. وبالإضافة إلى خفضها فواتير الوقود وانبعاثات ثاني اوكسيد الكربون، تساهم السيارات التي تسير بالهيدروجين في تخفيض نفقات مواد التصنيع بالنسبة لشركات السيارات. رغم كل هذه الميزات لا يزال صناع السيارات والبيئيون يتشككون في احتمال تعميم استخدام السيارات التي تعمل بخلايا الوقود، بحيث تصبح فعلا البديل المستقبلي للسيارات العاملة بالوقود العادي. الا ان المشكلة الابرز التي تواجه انتشار السيارات العاملة بالهيدروجين هي محدودية محطات الإمداد بالوقود الهيدروجيني، الأمر الذي يحد ايضا من حرية السائق في التوجه الى أماكن بعيدة عن مصدره المؤكد من الهيدروجين.