إن عملية الحصول على الطاقة اللازمة لتغطية الاحتياجات البشرية تمثل مشكلة ثلاثية الجوانب : التكلفة - البيئة - الطاقة ، وهي الاتجاهات الثلاثة التي يصبو العلماء والباحثين باستمرار لموازنتها ، وإيجاد أفضل الحلول والنتائج الوسطية فيما بينها .



1- نوعية الطاقة التي نريد الحصول عليها ومدى الأمان في استخدامها والفعالية والكفاءة في استخراجها واستعمالها .

2-البيئة التي نتعامل معها ونؤثر فيها يجب أن تبقى نظيفة ضمن الحدود المطلوبة فسلامة البيئة تحفظ سلامة البشر .

3-التكلفة المادية التي نحتاجها للحصول على تلك الطاقة واستمرار استخراجها لايجب أن تتجاوز الحدود المدروسة وإلا كانت خسارة على مستثمريها وبالتالي على العامة .

وبعد الجهود المضنية في البحث عن بدائل الوقود الحفري وما استهلكته هذه الأبحاث من مبالغ هائلة تقدر بمليارات الدولارات عاد العلماء مرة أخرى لخلايا تم اكتشافها من
160 سنة ؛ لتكون هي الطاقة البديلة التي يمكن استخدامها في العديد من التطبيقات المختلفة .



فلم يكن عالم الفيزياء الإنجليزي "وليم جروف" (
William grove ) مجرد عالم قدم اختراعه ورحل ، فلم يكن يعلم أنه سيكتب لاختراعه أن يحتل مساحات واسعة من الإنجازات الضرورية في عصرنا هذا ، ويصبح هو العالم الذي حل المعادلة الصعبة قبل أن يُعرف بها. فقد توصل وليم جروف (William grove) عام 1839 لاكتشاف خلايا الوقود ( Fuel Cells ) التي يمكن عن طريقها الحصول على الكهرباء من الهيدروجين أو الكحول دون أي عملية احتراق؛ وبذلك يكون قد حل المعادلة الصعبة، وهي الحصول على طاقة نظيفة من غير أن نلوث البيئة وبأقل الأسعار .




وقد عادت خلايا الوقود مرة أخرى للحياة في عقد الستينيات، وذلك عندما طورت شركة «جنرال إليكتريك» ( GENERAL ELECTRIC ) خلايا تعمل على توليد الطاقة الكهربائية اللازمة لإطلاق سفينتي الفضاء الشهيرتين «أبوللو» و«جيمني»، بالإضافة إلى توفير مياه نقية صالحة للشرب ، وقد كانت الخلايا في تلك المركبتين كبيرة الحجم وباهظة التكلفة، لكنها أدت مهامها دون وقوع أي أخطاء، واستطاعت أن توفر تيارا كهربائيا وكذلك مصدرا للمياه النقية الصالحة للشرب.


ومن الممكن أن نعقد مقارنة بين تقنية خلايا الوقود الهيدروجينية وبطارية السيارة، من حيث فكرة دمج عنصري الهيدروجين والأكسيجين لإنتاج الكهرباء، ففي حين أن البطاريات تتولى تخزين الوقود والعامل المؤكسد بداخلها مما يستوجب إعادة شحنها من حين لآخر، فإن خلايا الوقود تعمل بصفة مستمرة لأن وقودها والأكسجين يأتيان من مصادر خارجية، كما أن خلايا الوقود في حد ذاتها ليست سوى رقائق مسطحة تنتج كل واحدة منها فولطاً كهربائياً واحداً، وهذا يعني أنه كلما زاد عدد الرقائق المستخدمة كلما زادت قوة الجهد الكهربائي




للتعريف بخلايا الوقود فهي عبارة عن جهاز لتحويل الطاقة الكيميائية الى طاقة كهربائية وذلك بتحويل الهيدروجين والاوكسيجين الى مياه ويبتج عن هذه العملية طاقة كهربائية .



وتتلخص مجمل العملية الكيميائية في خلايا الوقود :
الهيدروجين + الأوكسجين = الماء ------- + طاقة كهربائية

وهي عملية شبيهة جدا بالبطارية العادية التى يمكن شحنها وفي نفس الوقت سحب الطاقة منها، ولكن بدل شحنها بواسطة الكهرباء فان خلايا الوقود تشحن بواسطة الهيدروجين والاوكسيجين.
br>



التفاعلات الكيميائية في خلايا الوقود:

تتم في خلايا الوقود تفاعلات كيميائية متكاملة نفصلها نظرياً هنا في كل منطقة من مناطق الخلية ، ولكنها عمليا تفاعلات سريعة جدا تعطي طاقة كبيرة تصل تبعا لحجم الخلية الى قيادة العربات الثقيلة والسيارات بسرعات تصل الى 100 كم/ سا ، وتتم التفاعلات بالشكل التالي :

جهة الانود:anode side



2H2=4H+ (+)4e


جهة الكاتود: cathode side

O2(+)4H+(+)4e-=2H2O


التفاعل النهائي:

2H2(+)O2=2H2O




مبدأ عمل خلية الوقود

تنتج خلايا الوقود تيارا كهربائيا مستمرا يمكن استخدامه في تغذية محولات التيار والانارة او أي نوع من الادوات الكهربائية ، وهناك انواع مختلفة من خلايا الوقود كل منها تستعمل كيمياء مختلفة. وهي عادة تصنف حسب نوع الـ electrolyte المستعمل.








وفكرة عمل خلية الوقود تعتمد على وجود غشاء فاصل (membrane) من الحديد سطحه مغطى بمساعد حفزي (catalyst) من البلاتنيوم (platinum) وعند دخول الهيدروجين ((H2 يعمل البلاتنيوم على فصله إلى بروتون (protons) وإلكترون (electrons) ويسمح الغشاء الفاصل بمرور البروتونات، ولا يسمح بمرور الإلكترونات التي لا تجد وسيلة للعبور إلا من خلال سلك حول الغشاء الفاصل؛ ليتولد فيض من الإلكترونات في السلك، والحصول على تيار كهربي مستمر (DC) وفي الناحية المقابلة من الغشاء يتحد الإلكترون مع البروتون مرة أخرى وفي وجود هواء جوي يتكون ماء (H2O) وحرارة.

إن خلية الوقود ذات غشاء تبادل البروتون تستعمل احدى ابسط التفاعلات الكيميائية لخلايا الوقود. لتعرف اولا ماذا هناك داخل هذا النوع من خلايا الوقود أي خلية الوقود ذات غشاء تبادل البروتون:

- الانود Anode:هو القطب السالب لخلية الوقود وله عدة مهام، فهو يقود الالكترونات المحررة من جزئيات الهيدروجين ليتم استعمالها في تغذية دائرة كهربائية خارجية . كما انه يحتوي على مجاري وظيفتها تشتيت غاز الهيدروجين على سطح الـ catalyst.

- الكاثود Cathode: هو القطب الموجب لخلية الوقود، ويحتوي على مجاري لتوزيع الاوكسيجين على سطح الcatalyst . كما انه يقود الالكيرونيات بالاتجاه الخلفي من الدائرة الكهربائية الخارجية الـ catalyst حيث يمكن ان تتوحد مع الاوكسيجين وايونات الهيدروجين لتشكل الماء.

- الالكتروليت Electrolyte : هو غشاء تبادل البروتون، هذه المادة المعالجة بشكل خاص والشبيهة بالبلاستيك تقود فقط الايونات المشحونة ايجابيا" وتعيق مرور الالكترونيات.

- الـمحفزات Catalysts : وهي مؤلفة من مادة خاصة تسهل الاوكسيجين تفاعل مع الهيدروجين. تصنع عادة من مسحوق البلاتينيوم الذي يكسو ورق الكاربون او القماش بطبقة رقيقة جدا".



يوضع الجانب المطلي بالبلاتينيوم جهة غشاء تبادل البروتون أي الـ Electrolyte ، ويقسم الـ catalyst الهيدروجين الى اثنين من ايونات الهيدروجين الموجبة (H+) والى اثنين من الالكترونات (e-) ، وتجري الالكترونات عبر الانود حيث تأخذ طريقها عبر الدائرة الكهربائية الخارجية( حيث تشغل محركا على سبيل المثال) وتعود الى الكاتود Cathode.

في هذه الاثناء ومن جهة كاتود خلية الوقود يتم ضخ غاز الاوكسيجين (O2) باتجاه الــ catalyst حيث يشكل ذريتن من الاوكسيجين (O) ، وكل ذرة تحتوي على شحنة سالبة قوية ، هذه الشحنة السالبة تجذب اثنين من ايونات الهيدروجين(H+) عبر الغشاء (الذي يسمح بمرور الشحنات الموجبة فقط ) حيث تتحد أيونات الهيدروجين مع ذرة الاوكسيجين واثنين من الالكترونيات من الدائرة الكهربائية الخارجية لتشكل ذرة المياه (H2O) .




ملاحظــــة :ان خلايا الوقود ذات غشاء تبادل البروتون تعمل على درجة حرارة منخفضة ( حوالي 80 درجة مئوية )


إن التفاعل الذي يحصل في خلية الوقود الواحدة ينتج 0.7 فولت ، ومن أجل رفع الجهد الى مستوى معقول أي عند الحاجة الى استطاعات حمل كبيرة ، يجب علينا زيادة عدد خلايا وقود المنفصلة لتشكل رزمة خلايا ، وتزداد الاستطاعة الناتجة بازدياد عدد الخلايا ، والملاحظ انه مع التطور التكنولوجي السريع الذي يشهده حق العلوم التطبيقية نجد أن المواد الحالية المستعملة في صناعة خلايا الوقود قد زادت كثافة الطاقة الى درجة ان جهاز الخلايا بحجم امتعة صغيرة يستطيع ان يشغل سيارة.




مزايا استخدام خلايا الوقود الهيدروجينية


1-الميزة الأولى والأهم هي صداقة البيئة حيث لا يوجد تلوث أو استهلاك لمصادر الوقود: فالهيدروجين ينتج من الماء، وبالأكسدة يعود إلى ماء مره أخرى، فلا يوجد أي أي مظهر من مظاهر التلوث أو أية عوادم جانبية ضارة .

2-الأمان المرتفع في مختلف ظروف العمل : حيث أن هذه التكنولوجيا غير خطرة ولا تحتوي على مواد قابلة للانفجار أو مواد حمضية كالأسيد في البطاريات السائلة ....إلخ .

3-الفعالية العالية وكفاءة التشغيل المرتفعة جدًّا : بسبب تحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة كهربائية بشكل مباشر دون أدنى هدر في الطاقة بالأشكال المعروفة ( بشكل حراري ) .

4-الهدوء أثناء التشغيل : لا يرافقها ضجيج حيث لايوجد هنا حركة اهتزازية ضمن المجال المسموع فلا يسمع لخلية الوقود أي صوت أثناء عملها.

5- بساطة التصميم يرافقه دائما الصيانة الأقل ، ويسمح بالعمر الطويل للاستخدام .

6-يمكن التحكم في كمية القدرة اللازمة من خلال التحكم بحجم الخلية (التحكم بالطاقة الكهربائية التي تحتاجها للتشغيل.

7- وهو من أهم الميزات أن المواد الأساسية الداخلة في التفاعل هي مواد مستدامة من الطبيعة كالهيدروجين والماء ويمكن الحصول عليها بسهولة ووفرة .




مما سبق نستشف أن خلايا الوقود تتمتع بكفاءة عالية في تحويل الطاقة الكيميائية الى طاقة كهربائية ،ومع تقدم الوقت أصبحت تكنولوجيا وتقنيات الخلايا الوقودية أكثر شعبية و شيوعا في توليد القدرة وتطبيقات المحركات المعقدة ، ومن المتوقع أن تنافس في وقت ليس ببعيد مختلف أنواع الوقود ، وتنصب الأبحاث حالياً على إيجاد تطبيقات جديدة لخلايا الوقود؛ حتى تصبح بديلًا لكل صور الطاقة الأخرى .