التحكم control


التحكم control هو فرع من العلوم الهندسية التي تعتمد على قاعدة رياضية متينة لدراسة سلوك المنظومات systems والتحكم فيها. والهدف الرئيس لنظم التحكم في الصناعة هو توفير السيطرة والتنظيم الجيد للعمل في شروط تشغيل محددة والسماح بالانتقال التدريجي إلى نقاط عمل وتشغيل جديدة مع ضمان عمل موثوق وآمن، إضافة إلى تحديد شروط العمل العادية والحرجة وتجهيز محطات عمل متطورة لتطبيق استراتيجيات تحكم متقدمة.
نظام التحكم هو تشكيل لمجموعة مكونات فيزيائية صممت لتغيير برنامج ما وتنظيمه أو للتحكم بنظام آخر، على أن تحقق خصائص أو سلوكاً محدداً. وتقسم نظم التحكم عادة إلى نظم تحكم ذات دارة مفتوحة (يكون فيها التحكم مستقل عن الخرج الفيزيائي للنظام) ونظم تحكم ذات دارة مغلقة، أو تسمى أحياناً ذات تغذية خلفية (يعتمد فيها فعل التحكم على الخرج الفيزيائي للنظام).
التحكم الخطي
يعتمد هذا الفرع على وصف المنظومة المطلوب التحكم بها بمجموعة من المعادلات التفاضلية الخطية تربط بين مخارج المنظومة ومداخلها أو بين متحولات تصف سلوكها الداخلي (تسمى متحولات الحالة state variables) ومداخلها. قد تكون هذه المنظومات وحيدة المدخل أو متعددة المداخل، ووحيدة المخرج أو متعددة المخارج. ويقال عن النظم التي توصف بمعادلات تفاضلية خطية بالنظم الخطية linear systems(إذ تربط المخارج علاقات خطية بمداخل النظام). ويمكن أيضا أن توصف النظم الخطية بأنها متغيرة مع الزمن time variant أو غير متغيرة مع الزمن time invariant وفقاً لعوامل المعادلات التفاضلية الواصفة لسلوكها.
وقد تكون المنظومات تمثيلية إذا كانت موصوفة بمجموعة من المعادلات التفاضلية في مستوي الزمن، بينما تكون رقمية إذا كانت موصوفة بمجموعة من معادلات الفرق المتقطعة discrete في مستوي الزمن. وقد توصف هذه المنظومات في مستوي التردد (في مستوي لابلاس للنظم التمثيلية ومستوي Z للنظم الرقمية).
وتستخدم الطرق ذاتها في التحكم في مثل هذه النظم للوصول إلى الأداء المطلوب، مثل تغذية متحولات الحالة خلفياً، أو استخدام دارات تعويض خارجية مناسبة توصل على أنها تغذية أمامية أو تغذية خلفية أو استخدام حواسيب مناسبة تربط مع المنظومات الخطية عبر دارات ترابط وحساسات مناسبة ودارات قيادة مناسبة أيضاً للوصول إلى الأداء المطلوب.
التحكم اللاخطي
يعتمد هذا الفرع على وصف المنظومة بمجموعة من المعادلات التفاضلية غير الخطية تربط بين مخارج المنظومة ومداخلها أو بين متحولات تصف سلوكها الداخلي (تسمى متحولات الحالة أيضاً) ومداخلها. ويقال عن النظم التي توصف بمعادلات تفاضلية غير خطية «النظم غير الخطية» nonlinear systems.
ويستخدم أحياناً ما يسمى بالتوابع الواصفة describing functions لدراسة سلوك النظام وبيان استقراره. والتحكم الموائم adaptive control أيضاً هو نوع من التحكم اللاخطي الذي يُتحكم فيه بنظم غير خطية.
أما التحكم العشوائي stocastic control فهو فرع من علوم هندسة التحكم يهتم بدراسة وسائل لبيان استقرار النظم التي تكون عرضة لمداخل عشوائية وطرق تحسين مواصفاتها وتحسين أدائها.
التحكم الموزع/ اللامركزي
نتيجة لتطور النظم الصناعية وتطور التقانات المستخدمة صارت معظم نظم التحكم تمتد على رقعة جغرافية كبيرة نسبياً، وفضلاً عن ذلك صارت هذه المنظومات أكثر تعقيداً. وقد فرض هذا على مهندس التحكم تقسيم النظام الواسع النطاق إلى عدة نظم فرعية أصغر مرتبة وحجماً تترابط فيما بينها ترابطاً قوياً أو ضعيفاً. وكان على المهندس دراسة مزايا استقرار كل نظام جزئي على حدة (وهو أمر أيسر من دراسة النظام الكلي دفعة واحدة) إضافة إلى أثر الترابط على ذلك. تطور هذا الاتجاه في التحكم اللامركزي decentralized control بالنظم الكبيرة large scale systems وطُوّر كثير من الدراسات النظرية الداعمة لهذه الطريقة في التحكم.
تقانات التحكم المتقدمة الجديدة
أسهمت بعض التطورات العلمية في مجال الشبكات العصبونيه neural networks وتقانات الحواسيب والمعالجات الصغرية في تطوير فعاليات وتطبيقات جديدة في مجال التحكمو الاتمته. كما أن النزوع إلى جعل المنشآت أكثر ربحية كان في أهم العوامل التي قادت إلى تطوير البرمجيات التي تخدم الصناعة وتقدمها، واستخدام تقانات التحكم المتقدمة يزيد في الربحية ربحاً. ومن هذه التقانات التي شاع استخدامها حديثاً في الصناعة: الشبكات العصبونية، والتحكم متعدد المتحولات، والتحكم العائم ، والنظم الخبيرة، والشبكات الحاسوبيه المستخدمة في الاتمته الصناعية.
التحكم العائم
وهو فرع من فروع التحكم يجمع بين نظريات التحكم وتقاناته بجميع أشكالها ونظريات المنطق العائم fuzzy logic. إن معظم المشكلات التي تواجهها الصناعة في تحليل نظم التحكم و الاتمته وتصميمها هي مشكلات معقدة. وتوفر نظرية المنطق العائم وسيلة للتحكم بالعمليات التي تكون غير خطية وصعبة النمذجة، إذ يمكن التعبير عن طريقة العمل بتعابير فقط ولا حاجة لنمذجة وثيقة للنظام كما تتطلبه طرق التحكم التحليلية السابقة.
يتألف نظام التحكم العائم من مكونات عدة هي: وحدة لتحويل الدخل إلى متحول عائم fuzzification unit(تحول التابع المعطى إلى إشارة عائمة ممثلة بعدد من توابع العضوية membership functions)، وقاعدة معارف knowledge base، ومولد طرائق استدلال inference ووحدة لمنطق اتخاذ القرار fuzzy decision making unit ووحدة لإزالة التعويم defuzzification unit عن المتحولات المتحكم فيها.
الشبكات العصبونيه
هي تقنية تنشد بناء برنامج ذكي باستخدام نماذج تحاكي في عملها عمل العصبونات في الدماغ البشري. وهي تتألف عادة من عدة طبقات (تسمى طبقات مخفية hiden layers) تربط الدخل بالخرج . تعرف هذه الشبكات على مجموعة من المعطيات المعروفة التي تربط بين دخل مسألة محددة وخرجها للحصول على شبكة قادرة على حل مسائل مشابهة. بدأت هذه الشبكات تجد موقعها في النمذجة الاستنتاجية (الاستدلالية).
النظم الخبيرة
يتزايد تعقيد نظم التحكم والصناعة شيئاً فشيئاً، مما يجعل من الصعب على المهندسين المشرفين في المعامل معرفة كيفية معالجة جميع المشكلات المتعلقة بالعملية الإنتاجية. وتزايد محددات التصنيع يعوّق المشغّل عن متابعة التشغيل بما يتساير مع العملية الإنتاجية ويضطره إلى استخدام نظم خبيرة للمساعدة في إدارة الإنتاج. جُمعت في هذه النظم نظريات التحكم والذكاء الصنعي وقواعد المعرفه وطر ق الاستدلال في تطوير نظم تساعد الإنسان في تشغيل بعض النظم المعقدة وقيادتها.