تبدو المصابيح السوداء من حيث الشكل مشابهة تماما لتلك المصابيح الكهربائية العادية أو مصابيح الفلوريسنت , لكنها تقوم بعمل مختلف كليا عما تقوم به تلك المصابيح . حالما " تضيئ " أحد تلك المصابيح تبدأ أشياء مختلفة من حولك بالتوهج
( الملابس البيضاء – الأسنان ... ) , في حين أن المصباح لا يصدر إلا ضوءاً خافتا أرجواني اللون .

سوف نتعرض في هذه المقالة إلى شرح الآلية التي تعمل وفقها هذه المصابيح بالإضافة إلى بعض التطبيقات التي تستخدم هذه التقنية .

كيف تعمل تلك المصابيح ؟

إن المصابيح السوداء ما هي إلا نوع من مصابيح الفلوريسنت , لكنها تتمتع بتعديلين أساسيين يميزانها عن باقي مصابيح هذا النوع .
وحتى نفهم طريقة عملها , دعونا نبدأ بطريقة عمل مصابيح الفلوريسنت




تعمل مصابيح الفلوريسنت وفق المبدأ التالي :

يتم إمرار تيار كهربائي في أنبوب يحوي غاز خامل وكمية صغيرة من الزئبق . تطلق ذرات الزئبق حينئذ كميات من الطاقة على شكل فوتونات . بعض هذه الفوتونات يحمل طاقة تجعله ضمن الطيف المرئي من الضوء لكن معظم الفوتونات تحمل طاقة تجعل منها أشعة فوق بنفسجية غير مرئية , ولكي نستفيد من هذه الأشعة في توليد الضوء تطلى الطبقة السطحية من هذه المصابيح بالفوسفور .

عند سقوط الأشعة الضوئية على الفوسفور , تنتقل الالكترونات في الذرات إلى طبقات أبعد عن النواة لاكتسابها الطاقة على شكل فوتونات, وذلك يسبب اهتزاز الذرة وتوليد الحرارة , لكنها ماتلبث أن تشع تلك الطاقة من جديد لتعود لوضعها الأولي , لكنها تشع هذه المرة فوتونات ذات طاقة أقل من الأولى لأن قسما من الطاقة قد تحول إلى حرارة
والفوتون الذي يتم إصداره هذه المرة يقع ضمن الطيف المرئي وهو يمثل ذلك الضوء الأبيض الذي نراه يشع من تلك المصابيح .

لنعد الآن إلى موضوعنا الأساسي , المصباح الأسود .

هناك نوعان أساسيان من هذه المصابيح :

النوع الأول أنبوبي الشكل , يتم إضافة طبقة مختلفة من الفوسفور على سطحه الخارجي . هذه الطبقة تمتص الأشعة الضارة ذات الطول الموجي القصير UV-B و
UV-C وتصدر أشعة ذات طول موجي أطول (من النوع UV-A ) بنفس الطريقة التي تم شرحها أعلاه .
يأتي الآن دور الغلاف الأسود الذي يفطي الأنبوب الضوئي والذي يحجب معظم الضوء المرئي , فلايسمح بالمرور إلا للأشعة من النوع UV-A وجزءا من الضوء المرئي ذو اللون الأزرق والبنفسجي .

النوع الثاني شبيه بالتي نستخدمها ونراها حولنا كل يوم . لكنها تستخدم مرشحات ضوئية (light filters) لامتصاص الضوء الصادر عن السلك المتوهج . و تمتص هذه المصابيح جميع أنواع الأشعة إلا الأشعة فوق البنفسجية و الأشعة تحت الحمراء ونذرا يسيرا من الضوء المرئي .



في كلا النوعين السابقين , فإن الأشعة فوق البنفسجية الصادرة تسبب تألق الفوسفور الذي يتواجد في معظم الأشياء التي نراها حولنا . بنفس الطريقة التي يتفاعل فيها الضوء الصادر عن مصباح فلوريسنت عادي مع الغطاء الفوسفور لطبقته الخاجية والذي يتألق كما ذكرنا عند سقوط الإشعاع الضوئي عليه .

فالأسنان تحوي الفوسفور وكذلك الأظافر . الأجهزة الصناعية أيضا تحوي الفوسفور ومثالها شاشات أجهزة التلفاز . بعض أنواع الطلاء وأنواع من البلاستيك وحتى بعض المنسوجات يدخل الفوسفور في تركيبها .


تستفيد بعض شركات الألبسة من هذه الخاصة للفوسفور حيث تضيف إلى منتوجاتها الفوسفور عند التصنيع , وتحت أشعة الشمس يبدو الأبيض أكثر نصوعا بسبب الفوسفور و تعرضه للأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس .

بعض التطبيقات التي تستخدم هذه التقنية

1- كشف اللوحات الفنية المزيفة . معظم الألوان المستخدمة حديثا لرسم اللوحات تحوي الفوسفور بينما لا تحوي اللوحات القديمة الفوسفور

2- كشف مواضع الأعطال في أجهزة عديدة . مثال ذلك نظام التكييف في سيارة مثلا , فعند تعرض نظام الأنابيب لتلف ما , تبخ كمية من الفوسفور في الهواء المار عبر منظومة الأنابيب وباستخدام مصباح أسود نستطيع بسهولة التعرف على مكان العطل بتتبع حركة الفوسفور عبر الهواء المتدفق

3- كشف النقد المزور بإضافة مواد خاصة لاترى إلا باستخدام المصباح الأسود

4- يستخدم العلماء الجنائيون المصباح الأسود في العديد من مجالات عملهم

الطريف في الموضوع أن بعض الشركات المنتجة لمثبتات الشعر بدأت بإنتاج أنواع تحوي الفوسفور بهدف استعمالها في الحفلات وأعياد الميلاد حيث يتم استخدام بعض أنواع المصابيح السوداء في هذه المناسبات .