مع أن تزويد الأرض بالطاقة الشمسية من خلال القمر يبدو غير معقول، فإن ذلك سوف يوفر مصدر طاقة نظيف وغير محدود.

يقول ديفيد كريسويل David Criswell - العالم المخضرم في مجالي الفيزياء والفضاء – إن ذلك سوف يوفر احتياجات العالم من الطاقة في القرن الـ21 وما يليه. ويستطرد كريسويل قائلاً ((إن التفكير ببث الطاقة


من القمر يبدو غريباً، ولكن ذلك حصل لمدة 15 عاماً . فذلك يشبه استخدام رادار كبير)). ويقترح كريسويل إنشاء نظام طاقة شمسية قمري (Lunar Solar Power System (LSP)) وذلك باستخدام مواد

قمرية المنشأ لبناء قواعد على القمر لتحويل الطاقة الشمسية إلى مواجات دقيقة (Microwaves)تبث إلى الأرض و يتم تجميعها هنا بواسطة الآلاف من المستقبلات (receivers) و من ثم يتم تحويلها إلى طاقة

كهربائية تغذي شبكات الكهرباء على الأرض.

يوجد حالياً أنظمة لنقل الطاقة من القمر إلى الأرض قيد الاستخدام فجهاز اللاسلكي الذي يعمل في الرصد (المِقراب اللاسلكي radio telescope) والموجود في بيورتوريكو يستخدم حزم الموجات الدقيقة لرصد

وارسال صور للقمر .

ويقول بول لومان عالم الجيواوجيا في مركز الفضاء التابع لوكالة ناسا ((من حيث المبدأ فإن ذلك ممكن، ولكن المشكلة هي الكلفة. مشروع كريسويل يتطلب وجود عدد كبير من الناس على القمر وذلك سيكون


مكلفاً)) . ويضيف جون جلين – السيناتور السابق ورائد الفضاء- ((لدينا مشكلة في تمويل قاعدة الفضاء العالمية (International Space Station –ISS-) بما فيها من مشاريع و أبحاث مهمة. إن عملية

العودة إلى القمر و تأسيس قواعد صالحة و فعالة لتولد الطاقة مع ضمان فعاليتها سيكون مكلفاً جداً وأرى أن الأولوية أن يوجد تمويل أكثر لدعم قاعدة الفضاء العالمية)).

قواعد الطاقة المنشأة على سطح القمر:

سوف يتكون نظام الطاقة الشمسية القمري المقترح من 20 إلى 40 قاعدة موجودة على الجانبين الشرقي و الغربي للقمر. ويتوقع كريسويل وصول التعداد السكاني في عام 2050 تقريباً إلى 10 بليون وذلك سيتطلب


20 تيراواط (terawatts) من الطاقة. ويقول ((يتلقى القمر أكثر من 13000 تيراواط من الطاقة الشمسية و استغلال واحد بالمئة منها يمكن أن يؤمن احتياجات الأرض من الطاقة)) .

يقول مارتن هوفر عالم الفيزياء في جامعة نيويورك ((المشكلة أننا لم نزر القمر منذ أكثر من 30 سنة و لا توجد لدينا فكرة واضحة عن كيفية استغلال موارد القمر، ولكن من وجهة نظر تقنية فإن الموضوع قابل


للنجاح)).

بدأ كريسويل بدراسة نظام قواعد الطاقة القمرية منذ 20 عاماً وذلك خلال عمله في معهد العلوم القمرية – المسمى الآن معهد علوم القمر و الكواكب – والذي شارك من خلاله في إدارة و مراجعة المقتراحات المتعلقة


بالقمر و الكواكب مما جعله مطلعاً على الأبحاث و التطورات المتعلقة بالقمر . وبعدما حصل كريسويل على منحة متواضعة من مركز ناسا للأبحاث وذلك لمشروع التحقق من كيفية تحويل المواد القمرية إلى هندسية –

مثل تحويل البروكست (المادة التي يستخرج منها الألومنيوم) إلى ألومنيوم – أصبح كريسويل مقتنعاً بأن ((لدينا الخبرة الكافية لاستخدام الموارد الموجودة في القمر)).

كما أشار كريسويل أيضاً إلى صخور القمر المشهورة على أنها ليست فقط هدايا وتذكارات فخلال السبعينيات والثمانينات من هذا القرن انفق حوالي نصف بليون دولار لتحليل الصخور التي جمعت خلال رحلات أبوللو


الست إلى القمر. و نتيجة هذه التحاليل تبين وفرة وجود عناصر السيليكون والمغنسيوم والألمنيوم والتيتانيوم، وهي تعتبر المواد الرئيسية في تركيب الخلايا الشمسية.

العوائق التي تواجه المشروع:

يقول كريسويل ((يمكن صنع المعدات الآلية المستخدمة في تصنيع الخلايا الشمسية من مواد قمرية المنشأ، أو من الممكن شحن هذه المعدات من الأرض. إننا لا نتحدث عن أخذ مصنع كامل إلى القمر وإنما نتحدث عن


آلات وتحديداً معدات بناء الطرق و التي يتراوح حجمها من 10 إلى 20 ضعف حجم مركبة استكشاف القمر العادية)). وسوف تحرك هذه المعدات التراب وتستخرج منه المعادن وبعد ذلك تنتج الخلايا الشمسية

الزجاجية الرقيقة .

يقول جلين ((ولكن الطاقة القمرية سوف تتطلب العودة إلى القمر , وحالياً لا توجد خطط فعّالة لهذه المهمة)) . ويضيف لومان (( إن القمر قد شطب من اهتمامات ناسا وتحول اهتمام العلماء إلى علم أحياء الفضاء



والحياة على المريخ. فقط في حال ازدياد نسبة ثاني أكسيد الكربون على كوكبنا بسبب التلوث فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع حرارة الأرض وبالتالي ستعطى أولوية لمثل هذه الأفكار)) .



يقول هوفر ((إن حوالي 30 إلى 40 بالمئة من سكان الأرض غير موصولون بشبكة الطاقة الكهربائية والمشكلة في مصادر الطاقة البديلة – مثل طاقة الريح و الطاقة الشمسية – أنها متقطعة، ومن الصعب نقل الطاقة

إلى المكان المناسيب وفي الوقت المناسب، أما نقل الطاقة من الكواكب أو القمر فسيعتبر قفزة نوعية في مجال توزيع الطاقة)).