يرتكز التخطيط الكهربائي على التنبؤ بالأحمال المستقبلية وكل ما يضمن أداء المنظومة بدرجة مرضية. إلا أنه لم يؤخذ بعين الاعتبار فى التخطيط الكهربائي التلوث البيئي الناجم عن وجود المنظومة الكهربائية بالرغم من البحث الدقيق الذي تم بخصوص أثر التلوث البيئي - الناتج عن الأتربة والأملاح العالقة بالجو - على المنظومة الكهربائية. فنجد فى هذا الخصوص أن الدراسات انطلقت بدءاً من أثر التلوث البيئي على خطوط النقل عموماً ودخلت فى التفصيلات بدءاً من أثر التلوث على أداء العوازل إلى أثر التلوث على الموصلات وكذلك الأبراج. ولذلك كان هناك اهتمام واضح فى هذا الخصوص وبناءً عليه تم إنشاء محطات لاختبار شدة التلوث ومعرفة ما قد يسببه من أثر سلبي على أداء خطوط النقل والعوازل والأبراج . وإن كان هناك من دراسة لتأثير المنظومة الكهربائية على البيئة فتكاد تنحصر فيما تحدثه محطات التوليد من تلويث للجو بسبب ما تنفثه من دخان ورماد متطاير . أضف إلى ذلك ما تسببه أبراج التبريد بمحطات التوليد من ارتفاع فى درجة حرارة مياه البحر وما ينعكس سلباً على البيئة البحرية. فى مقالتي هذه نحن بصدد الكشف عن بعض الجوانب التي تمثل الصورة غير المرضي عنها فى مجال الهندسة الكهربائية ، ودائما تأتي وجهة نظر الباحث علي أنه من المهم جداً طرح مسألة الأثر السلبي البيئي لاستخدام الكهرباء ومناقشتها واقتراح الحلول الناجحة والمناسبة لها. كما وأن مراجعة المقاييس والمعايير لكل ما يرتبط بتوليد ونقل وتوزيع الكهرباء سيكون من الخطوات المهمة فى طريق التخفيف من الأثر السلبي للكهرباء، ومن هنا نستطيع أن نضمن إلى حد ما تخطيطاً كهربائياً ينطلق من أرضية صلبة وبأقل الأضرار البيئية . هناك العديد من المواضيع البيئية التي من الممكن أن تكون جديرة بالدراسة كنتيجة وانعكاس لوجود محطات التوليد ومحطات المحولات الكهربائية:
1. الآثار الصحية على الإنسان.
2. الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية.
( 2 )
3. منظر الأرض.
4. الانعكاسات على البيئة النباتية والحيوانية.
5. المياه والتربة والهواء.
6. الطقس.
7. الآثار القديمة.
8. التقاليد الثقافية.
الضجيج والاهتزاز:
التلوث السمعي :
من مصادر الضجيج بمحطات التحويل، القواطع والفواصل وأجهزة التنبيه، وهذه تكون فى العادة لفترة قصيرة ولا تشكل مصدراً للانزعاج واللوم، أما بالنسبة للمولدات الكهربائية فأينما وجدت فهي مصدر إزعاج وخاصةً بمحطات التوليد، بل إن التعامل معها عن قرب سواء بالتوربينات أو المولدات سيعكس على الجسم اهتزازات إذا تعدت حدوداً معينة كان لها أثر سلبي مباشر على صحة الإنسان. حدة الضجيج الصادر عن حركة بعض الآليات والمواقع الكهربائية وعلى بعد ثلاثة أقدام قدر مستوي الضجيح كما بالجدول الآتي :
الجدول (1) يوضح تقديرات لمستوى الضجيج لمعدات بمحطات التحويل والتوليد الكهربائية
مصادر الضجيج حدة الضجيج (ديسبل)
حجرة مولد ديزل 125
محطة تحويل كهربائية 120
محطة توليد كهربائية بخارية 95
آلات دوارة Spinning Machine 87-84
( 3 )
باختلاف مستوى الضجيج تتغير المدة المسموح بها للتعرض لهذا الوسط فعدد الساعات المسموح بها فى وسط ضجيجي فى اليوم يقل بزيادة مستوى الضجيج ببيئة العمل، وعلى هذا النحو حددت التشريعات الصوتية بالمصانع الأمريكية عدد الساعات المسموح بها تحت ظروف ضجيج مختلفة كما هو موضح فى الجدول رقم (2)
فترة العمل ساعة/يوم 1 2 4 6 8
درجة الضجيج ( dB ) 102 200 95 85 72
بالطبع لا يكفي أن توجد معايير لمستوى الضجيج إذا لم تتم الاستفادة منها فى التخطيط المستقبلي للإنجازات الكهربائية والحث على ضمان أن يكون مستوى الضجيج أقل ما يمكن. يجب أن يكون هناك أيضاً حرص على ألا يتجاوز مستوى الضجيج ما هو مسموح به للمعدات والآلات الكهربائية- سواءُ بمحطات التحويل أو التوليد-حسب ما حددته المقاييس والمعايير العالمية.
التلوث بالاهتزاز :
التلوث لضجيج نتيجة حركة الآلات الدوارة يتحول إلى اهتزازات عنيفة إذا تجاوزت الحد، فحركة الدوران، إضافة إلى التلوث السمعي، تحدث أيضاً اهتزازاً بجسم الإنسان له مؤثرات فسيولوجية وسيكولوجية. توجد تقديرات عالمية للمستوى الذي تصل إليه قدرة الجسم على تحمل الاهتزازات (الأفقية والعمودية) والمدى الأوسع لذلك، وتجاوز هذه الحدود سيؤدي إلى إعياء واضح ونقص فى القدرة الإنتاجية بالنسبة لأغلب العمال. كذلك الاهتزازات على اليد والساعد تنتج عنها أضرار فيزيائية عندما يكون مستوى الاهتزازات مرتفعاً ومتكرراً على المكان الذي تعرض للاهتزاز .
التشويش اللاسلكي :
يحدث التشويش اللاسلكي نتيجة التفريغ الجزئي Partial Discharges P.D. أو الهالة Corona.كذلك يكون نتيجة التفريغ الكامل بين الفجوات. التيار الذي يسرى فى التفريغ الهالي يحتوي على مركبات ذرات القدرة، وقد يحدث هذا التداخل بواسطة الحث المغناطيسي Electromagnetic induction أو الحث الكهروستاتيكي Electrostatic induction
( 4 )
نظراً لوجود المحاثة المتبادلة Mutual inductance بين موصلات خط القدرة وخطوط الهاتف فينتج عن ذلك سريان تيارات تتداخل مع التيارات الأصلية السارية فى خطوط الهاتف قد يصل إلى درجة يصبح معها استعمال أجهزة الهاتف خطراً، التشويش اللاسلكي بمحطات التحويل الكهربائية يتضمن أيضاً التالي:
1- عمليات الفصل.
2- الشرارة بالأجزاء المعطوبة مثل، عطب بمغير اللفائف Tap Changer بالمحولات.
التلوث بالزيوت:
من السهل جداً حدوث تلوث بيئي بالزيوت نتيجة انشراخ بإحدى جدران صفيحة لمحولات القدرة، فنجد أن المحولات الكبيرة تحتوى على كمية هائلة تصل إلى حوالي 50000 لتر من الزيت العازل، وعادة ما يحدث انسكاب الزيت من المحولات - كمشكلة بيئية نتيجة لسببين:
1. خطأ فى المناولة.
2. عطل بالمحول ينتج عنه تمزق بجدران المحول فينسكب الزيت.
هذان السببان من الممكن أن ينطبقا على القواطع الزيتية، إلا أن الزيت بالقواطع الزيتية وخاصة الحديثة منها تكون كميته قليلة.
التلوث بغاز سادس فلوريد الكبريت SF6
التقديرات المسجلة حتى سنة 1996 للمنتوج العالمي لغاز SF6 تفيد بأن القدرة الإنتاجية فى السنة تصل إلى حوالي 8000 طن متري، ونتيجة لثقله بالنسبة إلى الهواء فيجب على العاملين بمحطات التحويل أن يكونوا على إلمام تام بهذه الخاصية ليأخذوا حذرهم عند تواجدهم بخنادق الموصلات الأرضية، والأنفاق، والسلالم حيث تسنح فرصة تجمع الغاز وطرده للهواء، مما قد يسبب الاختناق.
فتصميم المباني التى تحوي على غاز SF6 يجب أن يتوفر بها مجال للتهوية الطبيعية أو التهوية الصناعية بواسطة مراوح كهربائية يتم تشغيلها بعد تحسس جهاز كاشف خاص لتسرب غاز SF6 هذه الأيام نسمع بتصريحات وكالات البيئة العالمية بأن غاز SF6 يسهم فى ظاهرة
( 5 )
البيوت الزجاجية (الاحتباس الحراري) وكذلك احتمالية تأثيره على طبقة الأوزون وإن كان هذا التأثير ضئيلاً جداً بالمقارنة مع غيره من الغازات الأخرى. كذلك هناك تأثير على صحة الإنسان نتيجة المركبات by-products التى تتحلل من الغاز بسبب مايحدث بأنظمة إطفاء الشرارة أو العزل بغاز SF6 .
التلوث بالمجالات الكهرومغناطيسية :
المجالات الكهرومغناطيسية EMF مرتبطة بمعدات نقل الجهد العالي، ومحطات التحويل الكهربائية، وكذلك خطوط الجهد العالي، فتنتج هذه الموجات من ترددات منخفضة جداً وترددات غير مؤينة. فمصادر المجالات الكهربائية والمغناطيسية بمحطات التحويل الكهربائية ممكن أن تعدد على النحو التالي:
1. خطوط الجهد العالي. 2. حاسبات آلية. 3. شواحن البطاريات.
4. شبكة التأريض. 5. المحولات . 6. قضبان التوصيل.
7. قواطع. 8. مصائد الخطوط. 9. مكثفات.
تجنباً للمخاطر الناتجة عن الموجات الكهرومغناطيسية علينا أن نغير أحياناً فى مسارات خطوط النقل المارة بالمناطق الآهلة بالسكان، بالطبع التغيير فى مسار خط نقل ما سيزيد من تكلفة بنائه إلا أن ذلك سيضمن تجنب آثار سلبية قد تؤثر على صحة الإنسان، وفى الجدول التالي توضيح لدراسة مقارنة لتكاليف بناء خط نقل. والأضرار المتوقعة لمرور خط نقل بمنطقة آهلة بالسكان تتمثل فى مرض سرطان موضحة بالجدول رقم (4) . الجدول (4) عدد حالات الإصابة بالسرطان المتوقع حدوثها خلال مدة افتراضية عند مرور خط نقل بمنطقة آهلة بالسكان .
الخط نسبة الاصابة بالسرطان في السنة متوسط عدد السنوات المفترض لحدوث مثل العدد المدون من حالات الاصابة بالسرطان (سنة) .
أ 0.002 500
ب 0.016 64
ج 0.0024 417
د 0.0009 1111
( 6 )
لقد قامت العديد من الهيئات العلمية الأمريكية مثل:
EPRI : Electric Power Research Institute.
IITRI : Illinois Institute of Technology Research Institute. &
EPA : Environmental Protection Agency.
بإعداد مقاييس بخصوص قيم شدة المجالات الكهرومغناطيسية الناتجة عن بعض الأجهزة الكهربائية المنزلية، أنظر الجدول رقم (5) .
الجدول (5) شدة المجال بالمللى جاوس لبعض الادوات الكهربية المنزلية
الجهاز المستخدم معدل شدة المجال بالاعتماد على البعد عن المصدر مقاساً بوحدة مللي جاوس
6بوصة 1قدم المسافة
مصنف الشعر 300 1 شدة المجال
ماكينة الحلاقة الكهربية 100 20
الخفاقات الكهربية 70 10
الفرن الكهربائي 9 4
الثلاجات 2 2
مروحة السقف -- 3
التلفزيون الملون -- 7
نشافة الملابس 3 2
الغسالة 20 7
المكوى 8 1
الخلاط 100 10
مصفبات الهواء 180 35
( 7 )
نتيجة لمستويات شدة المجالات الكهرومغناطيسية الناتجة عن الأنظمة الكهربائية أو عن استخدام الطاقة الكهربائية لتشغيل الأجهزة الكهربائية تم اقتراح مواصفات للحدود الزمنية المسموح بها حتى لا يسبب التعرض لها مشاكل صحية، هذه الحدود موضحة بالجدول رقم (6).
الجدول (6) الحدود المقترحة لمواصفات شدة المجالات الكهربية والمغناطيسية
بالنسبة للعمل خلال يوم عمل كامل 0.5 mT 10kV/m
لفترة قصيرة لاتتجاوز ساعتين 5mT 30Kv/m
لعامة الناس خلال حوالي 24 ساعة يومياً 0.1mT 5Kv/m
لبضع ساعات في اليوم 1mT 10Kv/m
أخذ التلوث صوراً وأشكالاً مختلفة ووصل إلى حد تلويث منابع التغذية عند المستهلك، فبدلاً من أن تصل جهود الكهرباء بترددها المطلوب وبالشكل الجيبي الذي هى عليه صارت تصل مشوهة بتوافقيات متعددة، ترجع مشكلة تلوث النظام الكهربائي إلى التشويه الزائد للتيار أو الجهد للقدرة التى يقدمها نظام توزيع القدرة للمستهلك، فينتج عن هذا التشويه زيادة فى تسخين معدات نظام التوزيع والاهتزازات الميكانيكية فى المحركات والمولدات الكهربائية وتلف العزل والمكثفات الناتج عن التناغم الكهربائي أضف إلى ذلك زيادة الضجيج في موجات الراديو والتردي في أنظمة الاتصالات المستخدمة في خطوط القوى الكهربائية .

( 8 )
حيث تم تقدير تكلفة التلوث بالنسبة للاستخدامات التي تكون فيها القدرة المنخفضة حيث تزداد أهمية الكلفة ويزداد الأمر كلفة وصعوبة إذا زاد مستوى القدرة عن ذلك ، وإن كان المقياس الأمريكي يعتبر أن الحد من مشكلة التلوث بالتوافقيات مسؤولية المستهلك وشركة الكهرباء معاً فنحن نرى بأن لا يمكن أن يكون ذلك على إطلاقه فالمستهلكون لأحمال كبيرة جداً يجدر بهم أن يشتركوا في المسؤولية ، فمصنع الحديد والصلب كجهة مستهلكة ومنتجة للكهرباء لابد وأن يكون لها مسؤولية في التخلص أو الحد من التوافقيات التي تتولد من محولات أفران الكهرباء أثناء صهر المعدن.
الخلاصة والتوصيات :
نستخلص من دراستنا بأن هناك العديد من الأمور البيئية التي نحتاج للوقوف عندها ونحن نخطط لمستقبل الكهرباء ، فلا يكفي أن نقتصر في تخطيطنا على تلبية متطلبات المستهلك للطاقة الكهربائية ، بل يجب أن يكون الحرص على أن يكون التخفيض من الضرر البيئي من أولويات بنود جدول أعمالنا في التخطيط الكهربائي ، بالرغم من أن الكثير من المواصفات السابقة قد تمت إعادة النظر فيها بحكم الوعي بالمشاكل البيئية ، إلا أنه مع ذلك تبقي مشكلة التلوث الناجمة عن الأنظمة الكهربائية مسئوليتنا ، وهذه المسؤولية مرهونة بعاتقنا لضمان تنفيذ هذه الضوابط والحرص على أن يتم تنفيذ المشاريع المخطط لها في إطار هذه الضوابط .
ومع تأكيدنا على أهمية إدراج المشكلة البيئية ضمن التخطيط الكهربائي نوصي بالتالي :
1- مراجعة المواصفات والضوابط الجديدة والحرص على أن تأخذ طريقها في التخطيط والتنفيذ .
2- في إطار التخطيط لضمان أداء جيد يحرص على تحسين ما أمكن من أداء المعدات الكهربائية بحيث يكون تأثيرها البيئي السلبي في أضيق الحدود .
3- خلق وعي لدى العاملين في مجال الكهرباء بالأضرار البيئية التي من الممكن أن تنتج عن الأنظمة الكهربائية وتعليمهم طرق التعامل مع المشاكل البيئية وتخفيف حدة ضررها