بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (4)

الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)

اللغة:


(الْوَسْواسِ) اسم بمعنى الوسوسة، كالزلزال بمعنى الزلزلة وأما المصدر فوسواس بالكسر كزلزال والمراد به الشيطان سمّي بالمصدر كأنه وسوسة في نفسه لأنه صنعته وشغله وأريد ذو الوسواس. وفي المصباح أنه يطلق أيضا على ما يخطر بالقلب من الشر وكلّ ما لا خير فيه. وفي المختار: حديث النفس يقال: وسوست إليه نفسه وسوسة ووسواسا بالكسر والوسواس بالفتح الاسم.
(الْخَنَّاسِ) في المختار «خنس عنه تأخر وبابه دخل وأخنسه غيره أي خلفه ومضى عنه، والخناس الشيطان لأنه يخنس إذا ذكر الله عزّ وجلّ» . قال في أساس البلاغة: «خنس الرجل من بين القوم خنوسا إذا تأخر واختفى وخنّسته أنا وأخنسته وأشار بأربع وخنس إبهامه ومنه الخناس وفي الحديث: «الشيطان يوسوس إلى العبد فإذا ذكر الله خنس» وفي أنفه خنس وهو انخفاض القصبة وعرض الأرنبة. والبقر خنس» .
الإعراب:

«قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس» قل فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وجملة أعوذ مقول القول وأعوذ فعل مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر تقديره أنا وبرب الناس متعلقان بأعوذ وملك الناس وإله الناس بدلان أو صفتان أو عطفا بيان، وكرّر الإضافة فيهما زيادة للبيان. قال في الكشاف: «فإن قلت: فهلّا اكتفى بإظهار المضاف إليه الذي هو الناس مرة واحدة قلت: لأن عطف البيان للبيان، فكان مظنّة للاظهار دون الإضمار» (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ) جار ومجرور متعلقان بأعوذ والوسواس مضاف إليه والخناس صفة (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) الذي نعت لوسواس قال في الكشاف: «يجوز في محله الحركات الثلاث فالجرّ على الصفة والرفع والنصب على الشتم» ويوسوس فعل مضارع وفي صدور الناس متعلقان بيوسوس (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) بيان للذي يوسوس فمن بيانيّة، ويصحّ كونها ابتدائية متعلقة بيوسوس أي يوسوس في صدورهم من جهة الجنة ومن جهة الناس.
ويصحّ كونها تبعيضية أي كائنا من الجنة والناس. وفي الخطيب قيل أنه بيان للناس الذي هو في صدورهم فقد قيل إن إبليس يوسوس في صدور الجن كما يوسوس في صدور الناس.

الكتاب : إعراب القرآن وبيانه
المؤلف :
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش (المتوفى : 1403هـ)