ماتشوبتشو منتزه الأنكا الملكي

بعد انسحاب محاربو الشاناكا الأقوياء من الشمال إلى مدينة الأنكا كوزكو حوالي العام /1438م/، انسحب حكام الأنكا من المنطقة، ولكن أحدهم رفض الهروب وقاوم الغزاة، ونجح بطردهم، واتخذ لقب بوشا كيوتي، وصار الإمبراطور على الأنكا، وبدأ بتوسيع الإمبراطورية بمشاريع بناء تعتبر رمزاً لتلك الحضارة، وأحدها كان ماتشو بتشو، والتي يعتقد بأنها كانت ملكية خاصة للإمبراطور.

وتقع إلى الشمال الغربي من مدينة كوزكو على قمة تغطيها الغيوم، وترتفع ثلاثة آلاف قدم على سطح وادي يورومبابا، ويحيط بالقمة " هاماتشو بتشو " القمة القديمة، و" هويانا بيشو " القمة الحديثة، ولم يتعدى عدد سكانها / 750 نسمة /، وكمقر إجازة للإمبراطور فإنها لم تكن مركزاً ينتج احتياجاته الذاتية من الغذاء، وكانت المدينة من مراكز حضارة الأنكا القليلة التي لم يكتشفها الأسبان ساعة غزوهم لذلك لم يذكروا أي شيء عنها، وربما يعود السبب بعدم وصول الأسبان إلى القصر هو موقعه الغامض الذي كان يضم بعض أهم مقدسات الأنكا، والذي كان مجهولاًَ لأغلب الشعب، والمدينة مبنية من الغرانيت الأبيض المحلي، ومثل معظم مباني مدن الأنكا فإن أحجار البناء مقطوعة بحرفية عالية ولا تستخدم مونة إسمنتية في بنائها إنما توضع الأحجار فوق بعضها البعض بحيث لا يمكن إدخال نصل سكين بينها فيما يتم تركيز السقوف الخشبية بطريقة مائلة لتوجيه المطر في بيئة مطرية، وبسبب الرطوبة العالية فإن السقوف كانت تآكلت منذ زمن.
ويظهر بأن المدينة هجرت أيام الأنكا وقبل الغزو الأسباني فحسب تقاليد شعب الأنكا لا تنتقل ممتلكات الإمبراطور إلى خلفائه، ولذلك تشير إحدى النظريات بأن المدينة تركها سكانها حتى مات الإمبراطور بوشاكيوتي وغطتها الغابات المدارية النشطة النمو وضاعت بالنسيان.
وفي العام /1911م/ كان حيرام بينغهام المستكشف الأمريكي يحاول الوصول إلى مدينة فيانكاباميا حصن الأنكا الأخير، والذي قادوا من خلاله مقاومة ضد الغزاة الأسبان لـ /40 عام/، وقد استعان بينغهام بمراجع تاريخية تعود للقرن السادس عشر ميلادي للوصول إلى المدينة.
وقد ساعده على الوصول الطرقات التي شقت حديثاً آنذاك إلى مناطق كانت منعزلة وذلك لنقل محصول الكوكا.
وبمساعدة مزارع محلي من البيرو، وصل حيرام بينغهام إلى ماتشو بتشو، وعاد إليها عدة مواسم لإعداد خرائط وصور فوتوغرافية.
وعلى الرغم من التفسيرات والافتراضات الخاطئة التي نشرها وروج لها بينغهام، يسجل للرجل لفت الانتباه نحو مواقع حضارة الأنكا المعزولة، وبعدما نجح بتكريس نفسه كعالم آثار هاو ٍ، استخدم مواهبه بالترويج للحصول على دعم مالي لترك العالم الأكاديمي، ودخول عالم السياحة حيث توج حياته المهنية كحاكم لولاية كينيكت الأمريكية.