يوم نطوى السماء كطى السجل

أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما

تشير الدراساتالحديثة عن توزيع العناصر المعروفة في الكون إلي أنغاز الإيدروجين يكون أكثر قليلا من‏74%‏ من مادته‏,‏ ويليه في الكثرةغاز الهيليوم الذي يكون حوالي‏24%‏ من تلك المادة‏,‏ ومعني ذلك أن أخفعنصرين معروفين لنا يكونان معا أكثر من‏98%‏ من مادة الكون المنظور‏,‏وأن باقي‏105‏ من العناصر المعروفة لنا يكون أقل من‏2%,‏ مما يشير إليتآصل العناصر‏,‏ ويدعم نظرية الانفجار العظيم‏,‏ لأن معظم النماذجالمقترحة لتلك النظرية تعطي حوالي‏75%‏ من التركيب الكيميائي لسحابةالدخان الناتجة من ذلك الانفجار غاز الإيدروجين‏,25%‏ من تركيبة غازالهيليوم‏,‏ وهي أرقام قريبة جدا من التركيب الكيميائي الحالي للكونالمدرك‏,‏ كما لخصها عدد من العلماء


هذه الشواهد وغيرها دعمتنظرية الانفجار الكوني العظيم وجعلتها أكثر النظريات المفسرة لنشأةالكون قبولا في الأوساط العلمية اليوم‏,‏ ونحن المسلمين نرقي بهذهالنظرية إلي مقام الحقيقة الكونية لورود مايدعمها في كتاب الله الذيأنزل من قبل ألف وأربعمائة من السنين يخبرنا بقول الخالق‏(‏ سبحانهوتعالي‏):‏أو لم ير الذين كفروا أن السماواتوالأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون‏(‏الأنبياء‏:30)


وهذه الآية القرآنيةالكريمة التي جاءت بصيغة الاستفهام التوبيخي للكافرين والمشركينوالملاحدة تشد انتباههم إلي قدرة الله التامة‏,‏ وسلطانه العظيم اللذينيتضحان من إبداعه في خلقه‏,‏ ومن صور ذلك الابداع خلق السماوات والأرضمن جرم ابتدائي واحد سماه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ باسم مرحلة الرتق‏,‏والرتق في اللغة الضم والالتئام والالتحام‏,‏ وهو ضد الفتق‏(‏ يقالرتقت الشيء فارتتق أي التأم والتحم‏),‏ ثم أمر الله‏(‏ تعالي‏)‏ بفتقهذا الجرم الابتدائي فانفتق وهي مرحلة يسميها القرآن الكريم باسم مرحلةالفتق‏,‏ وتحول إلي سحابة من الدخان‏(‏ مرحلة الدخان‏)‏ الذي خلق منهربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ كلا من الأرض والسماء‏,‏ وماينتشر بينهما منمختلف صور المادة والطاقة مما نعلم ومالا نعلم‏,‏ ثم يأتي العلمالمكتسب في منتصف القرن العشرين ليكتشف شيئا من معالم تلك الحقيقةالكونية‏,‏ ويظل يجاهد في إثباتها حتي يتمكن من شيء من ذلك بنهاياتالقرن العشرين‏,‏ حيث نادي بحتمية انعكاس تلك النظرية تحت مسمي نظريةالانسحاق الكبير‏,‏ ويبقي هذا السبق القرآني بالإشارة إلي الفتق بعدالرتق‏,‏ أو مايسميه علماء الفلك بالانفجار العظيم‏,‏ وما أدي إليه منتحول الجرم الابتدائي إلي سحابة دخانية خلقت منها الأرض والسماوات‏,‏وإلي توسع الكون إلي عصرنا الراهن وإلي أن يشاء الله‏,‏ ثم طي ذلك كلهمرة أخري إلي جرم واحد وانفجاره وتحوله إلي دخان وخلق أرض غير الأرضوسماوات غير السماوات‏,‏ يبقي ذلك كله من أعظم الشهادات علي أن القرآنالكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ وعلي أن هذا النبي الخاتم‏(‏ صلي اللهعليه وسلم‏)‏ كان موصولا بالوحي ومعلما من قبل خالق السماواتوالأرض‏.