الطلاق و العدة في الشريعة و القانون
الطلاق كثير في مجتمعنا لا ننكر ذلك ، هو حقاً قد يعتبره البعض حل كريه نوعاً ما إلا أنه يبقى حل من بين الحلول ، فالطلاق أفضل كثيراً من أن يعيش زوج وزوجة حياة يشوبها نوعاً من التعاسة ، وهو أيضاً أفضل مليون مرة من أن يخون أحد الزوجين الآخر بسبب عدم تلبية الطرف الآخر لإحتياجاته الشرعية .
اليوم راح نتكلم عن حالة من الحالات التي نسمع عنها يومياً وللأسف المطلقة تهضم حقوقها بسبب جهلها بالشريعة والقانون فيما يتعلق بهذا الشأن، لذلك خصصت الحديث اليوم عن كلاً من الآتي : تعريف الطلاق وصيغته والحكمة منه، الحكم الشرعي للطلاق والحكمة من التعدد فيه ، تعليق الطلاق على شرط أوإضافته الى زمن ، أنواع الطلاق وأعداده ، صيغة الطلاق الثلاث بلفظ واحد وحكمه ، الشروط الواجب توافرها لكي يقع الطلاق ، العدة وتعريفها والحكمة منها وأنواعها ، الرجعة وتعريفها وكيفيتها ، نفقة المعتدات .

بسم الله نبدأ

تعريف الطلاق وصيغته والحكمة منه :
الطلاق كما عرفه الفقهاء هو حل رباط الزوجية الصحيحة من جانب الزوج سواء كان ذلك في الحال أو في المستقبل بما يدل عليه صراحة أو كناية . وسنعرف مما سيأتي معنا ماهو المقصود بالحال والمستقبل والصراحة والكناية .
هذا فيما يخص تعريف الطلاق ولكن هذا التعريف قد أتى بالأصل في من له الحق في الطلاق إلا أنه قد يرد على هذا الأصل بعض الإستثناءات كأن يفوض الزوج أحد غيره لحل رباط الزوجية نيابة عنه ، أو قد يكون الطلاق بيد القاضي متى طلبت الزوجة ذلك ، أو قد يكون الطلاق في يد الزوجة نفسها متى تنازل لها الزوج عن ذلك وأعطاها الحق في أن تطلق نفسها منه متى شائت .
أما فيما يتعلق بالصيغ التي يقع بها الطلاق هي كالآتي :
1- طلاق صريح : وهو ما يكون باللفظ صراحةً كأن يقول الزوج لزوجته أنتي طالق . وفي مثل هذا النوع يقع الطلاق حتى وإن لم تتوافر نية الطلاق وقت النطق بها .
2- كنايات الطلاق : وهي ما تحتمل في معناها الطلاق وغيره من المعان ، كأن يقول الزوج لزوجته إذهبي الى بيت أهلك . فهنا تحتمل عدة إحتمالات الطلاق وغيره . لذلك هو لا يقع الا إذا توافرت نية الطلاق لدى الزوج وقت التلفظ بها .
أما لو نظرنا إلى الحكمة من الطلاق فسوف نجد أنه لما كان اساس الزواج هو التراض والتراحم وما قد يرتب على الزوجين والمجتمع بأكمله أضرار متى حدث خلاف الأساس لذلك شرع الطلاق لكي يحل هذا الرباط الذي أصبحت إستمراريته شبه مستحيله . كما أن الطلاق من شأنه أن يجعل كلاً من الزوجين يمارس حياته بصورة طبيعية أكثر ويكون أسرة أفضل من تلك التي سبقتها .

الحكم الشرعي للطلاق والحكمة من التعدد فيه :
قد نتفق جميعاً بأن الزواج نعمة ، وبما أن الطلاق هو حل لرباط الزوجية ( الزواج) إذاً يتحقق معه قطع لهذه النعمة ، لذلك إتفق جمهور الفقهاء على أن الزواج في غير موضع الحاجة يكون محرماً شرعاً ، ولكن لا يختلف الجميع على أن حكمه مكروهاً على أقل تقدير ، ولعل هناك حالات قد يتغير فيها الحكم الشرعي للطلاق وهي كالآتي :
1- يكون الطلاق محرماً إذا كان طلاق بدعياً كأن يطلقها وهي في فترة الحيض أو يطلقها في طهر جامعها فيه وغيره من الامور التي نهت الشريعة عن الطلاق فيها.
2- ويكون مكروهاً متى كان طلاقاً صحيح في طهر لم يجامعها فيه ولكن لايوجد سبب قوي لحدوثه . يعني في الظروف العادية للطلاق .
3- ويكون مباح إذا دعت الحاجة لذلك كأن كون المرأة سيئة الخلق ، وأنه بإستمرار معايشتها سيترتب عليه ضرر محقق الوقوع.
4- ويكون مستحب متى كان هناك ضرر سيقع على المرأة مع إستمرار النكاح ، كأن يكون الزوج سيء الخلق وهو يعلم ذلك فيطلقها لمصلحتها هي ليس لمصلحته هو .
5- ويكون واجب متى كان هناك إيلاء .
أما الحكمة من التعدد فيه فشرع ذلك رحمة للمسلمين لأنه قد يطلق الرجل زوجته ثم تأخذه حسرة وندم بعد وقوع هذا الطلاق لذلك جعلت الشريعة الإسلامية السمحاء التيسير على الأزواج في حق رد زوجاتهن وأعطتهم الحق في الثلاث طلقات حفاظاً على الترابط الأسري الذي هو الأصل في الزواج .

تعليق الطلاق على شرط أوإضافته الى زمن :
لما جعل الطلاق من حق الزوج أو من يسمح له الزوج بممارسة هذا الحق عنه لذلك أصبح له الحق أيضاً في تعليقه على شرط أو إضافته الى زمن بحيث أنه متى تحقق الشرط وقع الطلاق كأن يقول لزوجته إن خرجتي خارج المنزل فأنتي طالق وهذا ما يسمى بالطلاق المعلق ، فمتى خرجت الزوجة وقع الطلاق ، كذلك يمكن له إضافته الى زمن كأن يقول لها بعد شهر أنتي طالق وهو ما يسمى بالطلاق المضاف ، فمتى إنقضى الشهر أصبحت الزوجة مطلقة من زوجها ، إلا أنه عند ابن تيمية وابن القيم جاء أنه لايقع الطلاق متى كان مضافاً او معلقاً إلا إذا أقترن من وجود النية بالطلاق لا التخويف والترهيب . وذلك عكس رأيهم فيما يعلق بالطلاق المنجز الذي يقع في الحال كأن يقول لزوجته أنتي طالق دون تعليق ولا إضافة فهو لا يحتاج لنية الطلاق فهو يقع بمجرد اللفظ .


أنواع الطلاق وأعداده :
للطلاق ثلاثة أنواع وهي كالآتي :
1- الطلاق الرجعي : وهو الطلاق ما دون الثلاث ولم تنتهي العدة فيه ، فهو كأن يطلق الزوجة الطلقة الأولى أو الثانية ولم تنتهي عدتها بعد ، فيحق له ردها بأي طريقة كانت ، ولا تخرج من بيته الزوجة وتتزين له لعل ذلك يكون دافعاً له لردها والحفاظ على هذه الأسرة ، وفي حال وفاة أحدهما يرثه الآخر وكأنها زوجة أو زوج لا مطلق أو مطلقة .ويشترط لحدوث مثل هذا الطلاق أن يكون هناك دخول حيث انه في حال عدم الدخول يصبح ذلك طلاقاً بائناً بينونة صغرى ولا عدة لها .
2- الطلاق البائن بينونة صغرى : وهو الطلاق الذي يحل معه العقد ، فلا يحق له رد الزوجة إلا بنكاح جديد وعقد جديد ومهر جديد ، وتظهر البينونة الصغرى متى كان الطلاق دون الثلاث طلقات ولكن إنتهت فيه فترة العدة أو كان الطلاق دون دخول .
3- الطلاق البائن بينونة كبرى : وهو مالا يحق للزوج مراجعة زوجته إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره نكاحاً صحيح ليس بالإتفاق بينهم كي يحلل الزوج الجديد الزوجة للزوج القديم ، بل يكون نكاحاً من دون نية الطلاق ولا التحليل . فإن طلقها الزوج الجديد حق لذلك الأول أن يتزوجها بعد ذلك . وهذه البينونة تكون متى تطلقت الزوجة ثلاث مرات وسنعرف ما المقصود بالثلاث مرات في الجزئية القادمة .


صيغة الطلاق الثلاث بلفظ واحد وحكمه :
لقد تساهل الناس فيما يتعلق بصيغة الطلاق مع التعداد ، كأن يقول الزوج لزوجته انتي طالق بالثلاث أو أنتي طالق طالق طالق ، فقد كان الغرض من ذلك هو أن يجعل الزوج زوجته بائناً بينونة كبرى وهو جاهل لا يعلم بحكم هذا اللفظ ومقدار خطورته ، ولكن جائت الشريعة الإسلامية السمحاء وعالجت هذا الوضع ، حيث جاء الله عز وجل في كتابة الكريم ونص على ((الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أوتسريح بإحسان)) ولعل كلمة مرتان تثبت الإعجاز في القرآن الكريم وحكمة الشارع والمراد من هذه الآية فكل دقة ، حيث أنه عز وجل ذكر أن الطلاق مرتان ولم يذكر أن الطلاق طلقتان وذلك يثبت أن المقصود في عدد الطلقات ليس العدد اللفظي إنما عدد مرات الطلاق ، فهذا يثبت أنه لابد أن الطلاق مرتين أي أن يطلقها ثم يراجعها ثم يطلقها ثم يراجعها فإن طلقها الثالثة فهي بذلك تصبح بائن بينونة كبرى عليه ، ولا تحل له بعد ذلك الا بعد أن تنكح زوجاً غيره كما مر معنا سالفاً .

الشروط الواجب توافرها لكي يقع الطلاق :
كي يقع الطلاق لابد أن يكون صحيحاً ، ولكي يكون الطلاق صحيحاً لابد فيه من توافر شروط معينة في المطلق ، ومن يقع عليها الطلاق .
فيما يخص المطلق لابد أن تتوافر فيه الشروط التالية :
1- البلوغ . لذلك طلاق الصبي الغير بالغ لا يقع الا بإذن القاضي فقط .
2- العقل . لذلك طلاق المجنون و السكران والغضبان والموهوس لا يقع .
3- أن يكون مختاراً أي أنه غير مكره .
4- أن لا يكون مريض في مرض الموت .
أما فيما يخص من يقع عليها الطلاق فهناك شروط لابد أن تتوافر فيها وقت وقوع الطلاق كي يصبح طلاقاً صحيحاً وهي كالآتي :
1- أن يكون هناك عقد نكاح ويكون ذلك العقد عقداًً صحيحاً مكتملة أركانه .
2- أن يكون الطلاق في طهر لم يجامعها فيه . ونظراً لأنه يصعب التحقق من ذلك قضائياً لذلك بعض القضاة لا يعتد بهذا الشرط إلا إذا أقر أحد الزوجين بذلك .
3- علم الزوجة بهذا الطلاق . فلو طلقها وتوفي وهي لم تعلم بهذا الطلاق فهي ترث منه الا إذا كان هناك شهود عدول .
هذا فيما يخص شروط المطلق ومن يقع عليها الطلاق ، ولكن هذه الشروط لا تكفي لجعل الطلاق صحيحاً منفذ لأثره ، لذلك أصبح هناك شرط الإشهاد يجب توافره ، فكما يقع الزواج بالإشهار أيضاً يقع الطلاق بالإشهار .


العدة وتعريفها والحكمة منها وأنواعها :
العدة هي المرحلة اللاحقة للطلاق أو وفاة الزوج للتأكد من براءة رحم الزوجة من الحمل حفاظاً على عدم إختلاط الأنساب . والحكمة منها كما ذكرنا قبل قليل أنها شرعت للتأكد من براءة رحم الزوجة من الحمل ، فلو لم يكن هناك دخول ولا مساس فلا عدة للزوجة .
والعدة أربعة أنواع :
1- أولات الأحمال : عدتهن أن يضعن حملهن.
2- اللاتي توفي عنهن أزواجهن : عدتهن أربعة أشهر وعشرة أيام .
3- المطلقات من ذوات القروء : عدتهن ثلاثة قروء أي ثلاثة حيضات مع الغسل .
4- اللاتي يئسن المحيض : عدتهن ثلاثة أشهر .


الرجعة وتعريفها وكيفيتها :
هو حق الزوج في رد زوجته متى كانت في فترة العدة لأنه هو أولى بها وهي أولى به ، وتكون الرجعة بأي طريقة كانت ، سواء بالقول أو بالإشهاد أو بالوطء أو أي طريقة تدل على رد المطلق لزوجته .

نفقة المعتدات :
للمعتدات حق النفقة ولكن تختلف هذه النفقة من معتدة عن الأخرى ، نسردها هنا :
1- المعتدة في طلاق رجعي : فلها النفقة على زوجها والسكنى .
2- المعتدة في طلاق بائناً : فلا سكنى لها ولها النفقة إن كانت حاملاً أو لديها أبناء من المطلق وإلا فليس لها شيء .
3- المتوفي عنها زوجها : ليس لها نفقة ولا سكنى .

هذه العناصر الرئيسية المتعلقة بالطلاق وما يخصه

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

المصدر
http://knol.google.com/k/-/-/1wxccbw6trvvm/10#