الإتيكيت (etiquette) كلمة إنجليزية من أصل فرنسي وترجمتها إلى العربية تعني آداب السلوك أو قواعد المجاملات أو قواعد المراسم والتشريفات أو أصول اللباقة والذوق. وهذه الآداب تهتم بما يجب على الإنسان فعله عندما يكون مع الآخرين. وبعضها قواعد عامة تنطبق على كل الشعوب ، وبعضها يخص شعباً بعينه. ومعلوم أن الذين ينخرطون في السلك الدبلوماسي في بلدان العالم يدرسون هذه القواعد جيداً ، العام منها والخاص ، وذلك لأنهم يمثلون شعوبهم أولاً ، وثانياً لأنهم يتعاملون مع كبار المسئولين في الدول المضيفة لهم ، وثالثاً لأنهم يتعاملون مع دبلوماسيي البلدان المختلفة الذين يمثلون بلادهم أيضاً في الدول المضيفة. وهناك عدد من الكتب بالإنجليزية عن الإتيكيت ، ولكن الكتب في العربية نادرة تحت هذا المسمى . ولعله من المناسب أن أشير هنا إلى أن الإمام البخاري – رحمه الله – قد أفرد كتاباً خاصاً بالأحاديث التي تهتم بالآداب وسماه "الأدب المفرد" . كما أني وقعت على كتيب صغير في حجمه ، كبير في محتواه ، واسمه "من أدب الإسلام" ، وهو مدخل ممتاز لما يمكن أن يُسمَّى " الإتيكيت الإسلامي ".
والإتيكيت مبني أساساً على ما ترتاح إليه نفوس الناس فيحسن أن تعمله ، أو تنفر منه طباعهم فيجب أن تتركه. ويدخل الإتيكيت في تفاصيل كثيرة منها مثلاً أنه عندما تستخدم الصابون عليك أن تغسل قطعة الصابون ولا تترك أثر الرغوة عليها لأن الذي بعدك قد ينفر من منظرها. وهناك قواعد تختص بكيفية تقديم الطعام ، هل نقدم الحلوى أولاً أم الفاكهة ، وهل بعد الوجبة أم قبلها ، إلى غير ذلك من القواعد التي قد تختلف من شعب إلى آخر. وفي الإتيكيت الإنجليزي أنك إذا كنت مدعواً إلى طعام في مطعم فعليك أن تكون في مكان الدعوة على الوقت بالضبط ، أما إذا كانت الدعوة في بيت المضيف فمن الأدب أن تتأخر خمس دقائق عن الموعد وذلك لإعطاء فرصة إضافية لأهل البيت ليكملوا استعدادهم. وعندما علمت بهذه القاعدة في بريطانيا قلت في نفسي : إذا كان الذي يتأخر خمس دقائق يكون مؤدباً فلا شك أننا أكثر أدباً لأن أحدنا قد يتأخر نصف ساعة أو أكثر. ومن طرائف التأخر ما رواه صديق لي عن انه كان مدعواً على الغداء وتأخر الغداء كثيراً ، وكان صاحب البيت يخرج ثم يعود فيظنون أن الفرج قد حان ، ولكن دون جدوى ، فتوجهت الأنظار إلى أحدهم ليقول شيئاً ، فذكر حديث المرأة التي عُذِّبت في هرة حبستها ، ولمَّح إلى ضرورة إطلاق سراح الضيوف ، فلعل ظروف صاحب البيت قد تغيرت. وأخيراً وصل أحد المدعوين متأخراً جداً فحضر الطعام ، فقد كان صاحب البيت ينتظر مجيء هذا الضيف المهم ، والذي كان أكثرهم أدباً حسب القاعدة التي استنتجتها قبل قليل ..
والإتيكيت يمتد إلى المراسلات بأنواعها المختلفة. فأسلوب المخاطبات يختلف حسب العلاقة بين المتراسلين ، وحسب طبيعة الرسالة. وهناك مجاملات في البداية والخاتمة لابد منها ، وخصوصاً عندما تراسل من لا تعرفه. وعندما تكون الرسالة موجَّهة إلى من هو أكبر منك سناً أو علماً أو مقاماً يكون الالتزام بهذه القواعد لزاماً. وكذلك الحال في المراسلات التجارية.
ومع دخول شبكة الإنترنت وانتشارها أصبح لزاماً أن يوضع إتيكيت خاص بها. وقد سمَّوا الإتيكيت الخاص بالإنترنت بكلمة جديدة هي نِتيكيت (netiquette) ، أي إتيكيت الشبكة. ويدخل الإتيكيت في شبكة الإنترنت في أمور عديدة منها : البريد الإلكتروني ، والتخاطب ، ومجموعات المناقشة. وقد يبدو غريباً أن يكون هناك إتيكيت خاص بالإنترنت ، ولكن الذي حصل هو أن كثيرين من مستخدمي الشبكة يستخدمون أسماء مستعارة ، وبالتالي نشأت فكرة أنه مادمت غير معروف فلا مانع أن تكون غير مؤدب. وأشدد على هذه الفكرة الغير أخلاقية من بدايتها ولكن هيهات قد أسمعت لو ناديت حياً لكن لا حياة لمن تنادي ..
فأهل الأخلاق الحميدة لا يكونوا بوجهين أبداً. وفي الحقيقة فإننا على الشبكة لدينا الفرصة لأن نكون أكثر أدباً لأننا في الغالب نكون في وضع غير متوتر، بخلاف الحياة الحقيقية حيث قد ينزعج أحدنا من الذي أمامه ، وقد لا تتاح له الفرصة لترك المجلس. أما على الشبكة فإن ترك النقاش أمر سهل جداً. والقاعدة العامة في التعامل تبقى نفسها سواء أكنَّا على الشبكة أم أمام الناس ، وهي : (( عامل الناس كما تحب أن يعاملوك )) . ومن النصائح في هذا المجال أنك إذا كنت تتلقى بريداً من شخص مزعج فما عليك إلا أن تطلب من البرنامج الذي تعمل عليه أن يضع اسمه في قائمة الممنوعين فيقوم البرنامج بحذف بريده تلقائياً.
وهناك مواقع كثيرة على الإنترنت يقصد بها أصحابها إزعاج فئات مختلفة من الناس. ومن هؤلاء من وظف نفسه للإساءة للإسلام أو للمسلمين أو للعرب. ولكن مما أعجبني في هذا الشأن موقف إحدى الجمعيات الإسلامية في أمريكا ، فقد كان رأيها أنه من الأفضل عدم الرد أو الاحتجاج عليهم. فهؤلاء قد يكون قصدهم أن يصلوا إلى الشهرة ، أو يكون قصدهم إشغالنا بردود الفعل أو غير ذلك. وبالتالي فإن هذه الجمعية ترى أن يقوم الغيورون بعمل مواقع تبين الحق وتدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة دون أن تأتي على ذكر المناوئين ...
وقد قيل بأن هناك طرق عديدة للدخول على حاسبات الناس الذين يستخدمون الشبكة ومعرفة ما فيها من برامج وملفات. وقد قيل كذلك بأن هناك برامج يمكن أن تكشف لك إن كان أحد يحاول الدخول على حاسبك وأن تمنعه من الدخول. ويكفي أن تعرف أن بعض هؤلاء المتجسسين قد دخلوا على حسابات بعض البنوك في الغرب وتلاعبوا فيها ، وقد قرأنا بأن بعضهم قد دخل على حاسوب وزارة الدفاع الأمريكية. ولذا فإن الأمر لم يعد موضوع إتيكيت وإنما أصبح موضوع الحفاظ على أمن المعلومات. ومن النصائح المعقولة بهذا الصدد أن تخصص حاسباً لعملية الاتصال بالشبكة ليس فيه أي معلومات أخرى. ولكن حتى هذا لن يسلم من أن يرسلوا إليه الفيروسات ليفسدوا عمله.


فاصلة :
- هناك فئة من مستخدمي الشبكة يضيعون أوقاتهم في محاولة معرفة ما يفعله الآخرون وهم أضحوكة للمتابعين لهم وهم من يكثر الغل في صدورهم ولا أعلم هل هو حسد أم استهزاء بالآخرين لكن كما قيل القافلة تسير ...... لذا فليعلم هؤلاء بأن المميزون سائرون رغم أنوفهم وليموتوا بغيظهم أينما كانوا ..

- فلا تكتب بكفك غير خطٍ يسرك في القيامة أن تراه


المصدر
http://www.albarg.org/inf/articles.php?action=show&id=433