السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مع تزايد الدور الذي تقوم به منظمات الاعمال في اقتصاديات الدول ازدادت الحاجة إلى إدارات تسويق متخصصة ، تكون من مهامها رسم الخطط والاستراتيجيات بما يتماشى مع التطور المتسارع في مجال تقديم الخدمات ، بما يتواكب مع متطلبات المرحلة القادمة ، والتي بلا شك ستكون فيها المنافسة قوية جدا" ونقصد هنا مرحلة العولمة والانفتاح الاقتصادي .

من هنا ظهرت الحاجة في العديد من منظمات الاعمال إلى إنشاء إدارات تسويق تتمتع بدرجة عالية من الكفاءة في تسويق المنتجات أو الخدمات المصرفية . وقد ظهرت في السنوات القليلة الماضية توجهات جادة نحو تطبيق مفاهيم وأساليب التسويق الحديث ، حيث أصبح التسويق ضرورة تقتضيها الطبيعة التنافسية ، وقد بدأ التفكير جديا" من قبل منظمات الاعمال بالكيفية التي تستطيع بها الوصول إلى إشباع رغبات وحاجات العميل باعتباره حجر الزاوية الذي يصمم المنتج او الخدمة لإجلة . وفي هذا السياق سنحاول التعرف على العناصر المكونة لمفهوم التسويق الحديث:

1- العميل :

إن العميل هو نقطة الارتكاز في الجهد التسويقي ، فعليه يجب أن تبنى الخطط والبرامج والسياسات التي تتبناها المنظمة ، ولهذا فأن دراسة سلوكه وأنماطه ورغباته والتنبؤ باتجاهاته تعتبر من مرتكزات بناء أي إستراتيجية تسويقية ، فالإدارة الموجهة بمفهوم التسويق الحديث يجب أن تستهدف في المقام الأول تلبية حاجات ورغبات العميل والحرص على إشباعها . وفي ظل هذا المفهوم يقول خبير التسويق J.B.McKitterick : "ليس من المهارة أن تكون المنشأة قادرةً على جعل العميل يقوم بعمل ما يناسب رغبته و مصلحته ، بل المهارة أن يكون العميل قادراً على جعل المنظمة تقوم بعمل بما يناسب رغبته ومصلحته هو" ، ومن هنا فأن الرضا الحقيقي يجب أن يكون الشعار الذي تتبناه هذه المنشآت أو المنظمات .

2- الربحية :

إن مفهوم التسويق الحديث لا يتضمن التركيز على العميل واعتبار إشباع حاجاته ورغباته هو الهدف النهائي فحسب . فمن غير المنطقي تبني هذا الهدف على حساب المصلحة العامة للمنظمة . بل إن مفهوم التسويق الحديث يقوم على التوازن بين أهداف الطرفين ، ومن هنا نقول أن ربحية المنظمة لا تأتي من حجم الخدمات التي تقدمها المنظمة فقط بل من نوعية الخدمات ومن قدرتها على تلبية رغبات العميل .

3-توحيد الجهود :

إن تبني مفهوم التسويق الحديث يجب أن يكون فلسفة عمل عامة للمنظمة ككل وليس لإدارة التسويق فقط .ومن هنا يجب أن يكون التكامل والانسجام في الأنشطة والجهود التي يقوم بها موظفو المنظمة بين جميع الإدارات ، كذلك فإن للبعد الشخصي أثر مهم جدا" في تسويق المنتج أو الخدمة ، فرجل التسويق يقوم بتسويق هذه الخدمات في كل وقت ، وسلوكه من شأنه أن يقود إلى تكوين انطباعات جيدة أو سيئة عن المنظمة . وما يتمتع به الموظف من كفاءة مهنية وخلقية في تقديم الخدمة يعكس قدرا" كبيرا" من شخصية المنظمة . فالمنظمات التي استطاعت أن تكسب تقدير واحترام الجمهور هي التي أولت أفراد هذا الجمهور التقدير والاهتمام وبالتالي فأن تدريب موظفيها على أساليب وفنون التعامل مع الجمهور يعتبر أمرا" ضروريا" لبناء الصورة الإيجابية لها . وعندما ي لا يتمتع رجل التسويق بالأخلاق الحميدة والكفاءة المهنية فهذا يعني أن المنظمة أيضا" ربما تكون كذلك ، كما أن تكامل وتفاعل الجهود في ظل مناخ عملي جيد من شأنه أن يساعد على تنفيذ الخطط وتحقيق الأهداف بالأسلوب الذي ينسجم مع مفهوم التسويق .

4 - المسؤولية الاجتماعية :

تمثل المسؤولية الاجتماعية بعداً إستراتيجياً في مفهوم التسويق . إذ يجب أن تقوم المنظمات بدور فعال ونشط في مجال تطوير المجتمعات والعمل على خدمة قضاياها العامة ، ولهذا يجب على رجال المنظمات أن ينخرطوا في مؤسسات العمل الاجتماعي والمشاركة في رعاية الأحداث والمناسبات العامة ( اجتماعية ، ثقافية ، رياضية ). وإذا نظرنا إلى المؤسسات التي لا تزاول أعمالها بحس اجتماعي نجد أن دورها في المجتمع يأتي خاليا" من أي مضامين يمكن أن تربطها بأفراد هذا المجتمع وهي بذلك تضع حاجزا" منيعا" بينها وبين جماهيرها ،

ومن هنا ندرك أهمية صورة المنظمة المشرقة في أذهان العملاء كمحدد أساسي في اختيار المنتج او الخدمة ، لا سيما إذا أدركنا ما تنطوي عليه بعض الخدمات من المضامين اللامحسوسة ( كالخدمات المصرفية وخدمات التأمين ) وهو ما يستدعى بذل جهد أكثر كثافة لإيصال هذه المضامين لتفضيلات العملاء . وبالتالي يجب على المنظمات أن تطور لنفسها من الوسائل ما يجعلها مرتبطة ومنشدة لمجتمعاتها ، فمن هذه المجتمعات يأتي عملائها وموظفوها وإليهم تقدم خدماتها