[ ص: 71 ] الآية الرابعة قوله تعالى : { ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } .

فيها مسألتان : المسألة الأولى : في سبب نزولها : روي أنها نزلت في أبي جهل ; كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم فأمر عليه السلام بالعفو عنه . وقيل له : { فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } . المسألة الثانية : اختلف ما المراد بها على ثلاثة أقوال :

الأول : قيل المراد بها ما روي في الآية أن نقول : إن كنت كاذبا يغفر الله لك ، وإن كنت صادقا يغفر الله لي ، وكذلك روي أن أبا بكر الصديق قاله لرجل نال منه .

الثاني المصافحة ، وفي الأثر : { تصافحوا يذهب الغل } ، وإن لم ير مالك المصافحة ، وقد اجتمع مع سفيان فتكلما فيها ، فقال سفيان : قد صافح النبي صلى الله عليه وسلم جعفرا حين قدم من الحبشة ، فقال له مالك : ذلك خاص له ; فقال له سفيان : ما خص رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصنا ، وما عمه يعمنا ، والمصافحة ثابتة ، فلا وجه لإنكارها .

وقد روى قتادة قال : قلت لأنس : هل كانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . وهو حديث صحيح .

وروى البراء بن عازب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا } .

وفي الأثر : { من تمام المحبة الأخذ باليد } .

ومن حديث محمد بن إسحاق وهو إمام مقدم عن الزهري عن عائشة قالت : { قدم زيد بن حارثة المدينة في نفر ، فقرع الباب ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانا يجر ثوبه ، والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده ، فاعتنقه وقبله } . الثالث : السلام ، لا يقطع عنه سلامه إذا لقيه ، والكل محتمل . والله أعلم .