دوات اذاعية - اذاعة القدس - فاسألوا أهل الذكر - الحلقة 30 : فضل العشرة الأخيرة من رمضان.لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2004-11-10
هذه الصورة تم تصغيرها . إضغط على هذا الشريط لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي . أبعاد الصورة الأصلية 711x16 .
بسم الله الرحمن الرحيم
المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الأخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أهلا و مرحبا بكم إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم اسألوا أهل الذكر، أيها الأخوة الكرام: موسم الخيرات يكاد ينقضي فما نحن فاعلون ؟ أيام قليلة يأتي يوم الجائزة للصائمين، ما هي خصوصية هذه الأيام القليلة المتبقية من هذا الشهر العظيم ؟ ما هي خصوصية ليلة القدر ؟ ما هي الأعمال المستحبة في هذه الأيام ؟
عن ذلك كله يحدثنا ضيفنا الكبير الدكتور محمد راتب النابلسي.
أستاذي الكريم ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، أحيا المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ليلة القدر الليلة الماضية، ونحن اليوم في السابع والعشرون من رمضان نتحدث عن خصوصية ليلة القدر، خصوصية هذه الأيام القليلة الباقية من هذا الشهر العظيم.
الأستاذ: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالميين وصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين الله عز وجل يقول :
﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾
(سورة الزمر)
عند علماء الأصول المعنى المعاكس أو المعنى المخالف ماذا ينبغي أن نفعل ؟ ينبغي أن نقدره حق قدره، ذلك لأن أصل الدين معرفة الله عز وجل، ومعرفة منهجه فرع من فروع هذا الأصل، معرفة الحلال والحرام فرع آخر، فما لم نتعرف إلى الله عز وجل ونقدره حق قدره فإننا لن نفلح، لذلك أمضى النبي صلى الله عليه وسلم سنوات طويلة في مكة المكرمة يعرِّف أصحابه بالله عز و جل ولو تتبعنا الآيات القرآنية المكية لوجدنا
﴿وَالْفَجْرِ(1)وَلَيَالٍ عَشْرٍ(2)﴾
﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا(1)وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا(2)﴾
﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ(17)وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ(18)وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ(19)﴾
كأن هذه المرحلة مرحلة تعريف للآمر، ذلك لأن الإنسان إذا عرف الآمر ثم عرف الأمر تفانى في طاعة الآمر، كما كان عليه الصحابة الكرام، أما إذا عرف الأمر ولم يعرف الآمر تفننا في التفلت من الأمر، كما نحن عليه الآن فالقضية في ليلة القدر أن نتعرف إلى الله لاشك أن هناك حد أدنى من المعرفة هذا لا يقدم و لا يؤخر، كأن تقول أن الله خالق الكون، لكن هل تعرفت إلى أسمائه الحسنى، إلى صفاته الفضلى ؟ هل تتبعت ما في القرآن عن أوصافه ؟ في ذاته العلية ؟ هل عرفت سر وجودك ؟ وغاية وجودك؟ فليلة القدر تعني أن نتفكر في خلق السماوات و الأرض، ولو عدنا إلى سورة القدر لوجدنا أن الله عز وجل يقول:
﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3)﴾
قال بعض العلماء: لو أنك عبدت الله ثلاث و ثمانيين عاماً عبادة متواصلة، يفضلها ليلة واحدة أن تقدره حق قدره، و هذا يدلنا على أنه هناك فرق كبير بين العلـماء و العبَّاد، العبَّاد يعبدون الله فـقط، يؤدون ما عليهم، هؤلاء العبَّاد ! المشكلة أنه يمكن أن ينجو الإنسان بعبادته قبل مائة عام ! لـكنه في زمن الفتن، في زمن الضلالات، في زمن الترهات، في زمن الشبهات، في زمن الشهوات، في زمن الضغوط، في زمن المغريات، في زمن العقبات، في زمن الصوارف، في زمن أن يـذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى ولا يستطيع أن يغير، في زمن أن نأمر بالمنكر وننهى عن المعروف، في زمن أن يصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً، في زمن أن النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات، في زمن تطاول فيه الأعداء على إسلامنا، و على نبينا، و على قرآننا، في زمن يحاك بينا من أجل أن نغير هويتنا، أن نغير انتمائنا، أن ننسى ديننا.
و الحروب اليوم ليست حروب احتلال أرض، و نهب ثروات، حروب تغيير هويات، وتغيير ثقافة وغسل أدمغة، في هذا الزمن الصعب إنا مؤمن أشد الإيمان أنه لا يمكن أن ينجو الإنسان بعبادته، لأن هذه العبادة لا تصمد أمام المغريات، ولا أمام الشهوات، ولا أمام الصوارف، و لا أمام العقبات و لا أمام الضغوط، هذه العبادة هشة المقاومة، فتجد الإنسان كما حدَّث النبي العدنان يصبح مؤمنا و يمسي كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل.
والحقيقة في غزوة الخندق إشارة دقيقة أن هذه الشدة التي أصابت المسلمين قال بعضهم:
﴿مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا(12) ﴾
(سورة الحشر)
العبَّاد انتهوا، العباد لم يصمدوا أمام هذه الشدة، لكن المؤمنون ! قال:
﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا(23)﴾
(سورة الأحزاب)
لذلك الله عز وجل من خلال هذه الشدة التي أرادها امتحان للمؤمنين أن الله عز وجل يقول:
﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾
(سورة آل عمران)
فهذه الشدة محك الرجال، محك الإيمان، ألوف مؤلفة يقولون بلسان حالهم أين الله ؟ أراد الله أن يمتحن هذه الأمة امتحاناً صعباً لأنها شردت عن الله عز وجل فأما أن نصمد فنكون أهلا لنصر الله عز وجل، و إما أننا قد خرجنا من دائرة العناية الإلهية.
المذيع: نتابع الحديث أستاذي الكريم لكن اسمح لي بعد أن نتلقى الاتصال الأول آلو السلام عليكم.
المستمعة:وعليكم السلام و رحمة الله
مستمعة: أنا فتاة عازبة، طالت فترة بقائي في بيت أهلي، مما أدى لانزعاج والدي، فصار يسمعني الكلام المزعج، مما أدى بي لتعرف على شيخ أو عرَّاف يكتب لي ليعجل زواجي، ما رأي الشيخ بهذا الشيء ؟
المذيع: نعود لنتابع الحديث
الأستاذ: إذاً نستخلص من هذا الكلام أننا إذا عرفنا الله تفانينا في طاعته، وإن لم نعرفه تفننا في التفلت من الأمر، وأن العبادة الآن في هذا الزمن الصعب لا تنجي، لأنها لا تصمد لا أمام المغريات ولا أمام العقبات ولا الشهوات ولا الضغوط، إذاً ما لم نطبق مضمون هذه السورة:
﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1)وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(2)لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3)﴾
(سورة القدر)
لكن السؤال الآن: ما الطريق إلى معرفة الله وقد أكدت قبل قليل أن أصل الدين معرفته.
أستاذ زهير أنت حينما تقرأ آية فيها أمر يقتضي أن تأتمر بما أمر الله، وحينما تقرأ آية فيها نهي يقتضي أن تنتهي عما نهى الله عنه، و حينما تقرأ مشهداً من مشاهد يوم القيامة يقتضي أن تتعظ، لكنك حينما تواجه ألف و ثلاثمائة آية في كتاب الله تتحدث عن الكون هل تصدق أن يكون في القرآن كلاماً ليس لك منه موقف ؟ لا يمكن، هذا كتاب هداية وليس كتاب إعلام، وليس كتاباً علمياً، وليس كتاباً تاريخياً، يقتضي أن نتفكر في خلق السماوات و الأرض، كيف لا و قد قال الله عز وجل في آية صريحة قطعية الدلالة:
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ(190)الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(191)﴾
(سورة آل عمران)
يقول عليه الصلاة و السلام عن هذه الآية(الويل لمن لم يفكر في هذه الآية.))
فيما أرى و يرى معظم الدعاة إلى الله أن التفكر أرقى عبادة على الإطلاق لأن فيها تعريف بالله عز وجل و لأن الله عز وجل يقول:
﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ(28)﴾
(سورة فاطر)
ومعنى إنما وهي أداة قصر وحصر أي أن العلماء وحدهم ولا أحد سواهم يخشى الله فمن أجل أن نطيعه ينبغي أن نتعرف إليه ورد في الأثر القدسي قال( يا ربي أي عبادك أحب إليك حتى أحبه بحبك أحب عبادي إلي تقي القلب نقي اليدين لا يمشي إلى أحد بسوء أحبني و أحب من أحبني وحببني إلى الخلق قال يا ربي أنك تعلم أني أحبك و أحب من يحبك فكيف أحببك إلى خلقك قال ذكرهم بألأي و نعمائي و بلائي.))
أنت حينما تذكر آلاء الله عز وجل، أنت حينما تعلم أنه كي تصل إلى نجم أكتشف حديثاً عشرين مليار سنة ضوئية من أجل أن تصل للنجم، أقرب نجم إلينا ملتهب خارج المجموعة الشمسية و درب التبانة بعده عنا أربعة سنوات ضوئية، من أجل أن تصل إلى هذا النجم تحتاج إلى خمسين مليون عام بمركبة أرضية، فهذا الذي يبعد عنا عشرين مليار سنة، فإذا قرأت قوله تعالى:
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ(75)وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ(76)﴾
(سورة الواقعة )
أنا لا أرى طريقا لمعرفة الله فضلاً عن المعرفة الفطرية لا أرى طريقا لمعرفة الله إلا التفكر في آياته لأن الله عز وجل يقول:
﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَءَايَاتِهِ يُؤْمِنُونَ(6) ﴾
(سورة الجاثية)
وسيدنا إبراهيم حينما تفكر في النجوم و في الشمس و القمر مرة قال هذا ربي هذا أكبر ثم توجها إلى الذي فطر السماوات و الأرض حنيفا قال:
﴿وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(161)قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(162)﴾
(سورة الأنعام)
المذيع: اسمح لي بان نتلقى اتصالا آخر
المستمع: آلو السلام عليكم، أتمنى أن يستمر البرنامج بعد شهر رمضان، أحب أن أسأل سؤالاً مرضت أختي مرضاً شديداً، وقد أمرها الطبيب أن تفطر، وذلك كي تأخذ الحب في وقته، بهذه الحالة هل عليها أن تدفع كفارة غير الصيام عن اليوم الذي أفطرته ؟
وأنا منذ شهرين ذهبت إلى العمرة وقد أديت مناسك العمرة، نسيت أن أنوي النية للسعي بين الصفا و المروة، بهذه الحالة هل تكون عمرتي صحيحة أم يلزمها فدية ؟
وسؤال ثالث: عندي زميلة في العمل، كلما حملت تجهض حملها، وقد استمر هذا الأمر لثلاثة عشر سنة، وكانت دائماً ترى في منامها أن هناك أفعى أو غيرها، فقال لها الناس أن لديها تابعة، فهل هذا الشيء صحيح و كيف تداوي نفسها ؟ غير قراءة القرآن !!
المذيع: مازلنا نتحدث عن خصوصية هذه الأيام و خصوصية العبادة فيها.
الأستاذ: نحن على مشارف العيد و العيد في الحقيقة عودة إلى الله فإذا رجع العبد إلى الله نادى مناد في السماوات والأرض أن هنئوا فلان فقد أصطلح مع الله و الحقيقة أستاذ زهير لا يمكن أن تقول لإنسان هنيئا لك بالمعنى الدقيق بكل ما تعنيه هذه الكلمة إلا إذا تاب إلى الله ذلك لان تمام نعمة الهدى ذكرت البارحة أن معرفة الله واحد.
الآن الصحة صفر، أمامه الزوجة الصالحة، صفرا آخر أمامه الأولاد الأبرار، صفر آخر أمامه الدخل الوافي الكافي، صفر آخر أمامه الوسامة، صفر آخر أمامه الذكاء، صفر آخر أمامه مــاذا نفعل بهذه الأصفار لو ألغي الواحــد ؟ فحينما ينقطع الإنسان عن الله عز وجل تماماً..!! و لتوضيح الفكرة: إنسان في بيته كل الأجهزة الكهربائية، من ثلاجة إلى مكيف إلى مكرويف إلى مكواة إلى مسجلة إلى كل جهاز كهربائي في البيت موجود، لو لم يوجد كهرباء لا قيمة لهذه الأجهزة إطلاقا أما حينما تسري الكهرباء في البيت كل جهاز يعمل فأنت من دون اتصال بالله الحياة مملة فيها انقباض، فيها كآبة فيها تشاؤم و فيها سوداوية و فيها سلوك طائش و فيها مواقف قاسية وفيها حماقات لا تنتهي.
فإذا صار اتصالا بالله اشتق الإنسان الرحمة من الله من خلال اتصاله اشتق الحكمة اشتق المحبة اشتق التواضع اشتق العفو اشتق الإنصاف فلذلك أنا لا أصدق أن تستقيم من دون إيمان بالله وقد قال الله عز وجل:

﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124)﴾
(سورة طه)
هذه الآية تنطبق على كل إنسان كائن من كان حتى الذي يملك ألوف المليارات فقال بعض علماء التفسير: ما بال الأغنياء و الملوك و ما علاقتهم بهذه الآية ؟ قال: ضيق القلب قد يصل الإنسان من ضيق قلبه إلى أنه لو وزع ضيقه على أهل بلد لكفاه، و قد يصل المؤمن من شعوره بالسكينة أنه لو وزع سكينته على أهل بلد لكفته، فقضية الإنسان أن يتصل بالله، فالعيد عودة إلى الله، ولهذا جاءت أعياد المسلمين عقب عبادات قدرة، فنحن حينما نصوم ونوفق في صيامنا وقيامنا وإحياء ليلة القدر نشعر أننا حققنا إنجاز كبير، حق لنا أن نفرح، لا شك أن كل طالب حينما في ينجح في الشهادة الثانوية بمجموع مرتفع يغمر قلبه فرحا لا يوصف، يظهر على تألقه وعلى نظارة وجهه، وعلى زئبقية عينيه، وعلى حركته، وعلى الطرفة التي يرويها أحياناً، لأنه فرح ربنا عز وجل قال:

﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ(58) ﴾
(سورة طه)
فالعيد هو العودة إلى الله، أما مفهوم العيد عند الشعوب الأخرى أو المفهوم الساذج للعيد موضوع طعام وشراب ولباس جديد، هذا الشيء بمفهوم الأطفال فقط، أن الإنسان يفرح بالطعام الطيب ويفرح باللباس.
المذيع: ليس العيد لمن لبس الجديد وإنما العيد لمن طاعته تزيد
مستمعة: السلام عليكم، هل يجوز للمرأة أن تنوي أن تصوم أيام القضاء التي عليها و ستة أيام من شوال معاً ؟
الأستاذ: الآن العيد، من معاني العيد هو أيام أكل شرب، لذلك محرم أن يصوم الإنسان يوم العيد تحريماً قطيعاً، لأنه يخالف منهج الله عز وجل، و ينبغي أن يفرح بالعيد لأنه أدى هذه الطاعة، و انتهت متاعبها و بقيَ ثوابها بينما الذي لم يصم و كان عاصياً انتهت لذائذ هذه الطاعة، و بقيت هذه المعصية، و بقيت تبعاتها، إذاً العيد أيام فرح، أيام أكل و شرب، و العيد فضلاً عن ذلك أيام وصال بين الأقرباء، التراحم، فنحن في إسلامنا عندنا ما يسمى التضامن الاجتماعي، أساس التضامن الاجتماعي في الإسلام هو القرابة، البعيد أنت له و غيرك له، لكن القريب من له غيرك، لذلك أكد النبي عليه الصلاة و السلام على أن الصدقة للقريب صدقتان صدقة و صلة، بل أن النبي عليه السلام يؤكد أنه لا تقبل زكاة غني و في أقربائه محاويج، إذا العيد تواصل، و الحقيقة صلة الرحم عبادة من أرقى العبادات التعاملية، يكفي أن الله سبحانه و تعالى يخاطب الرحم فيقول:
((أما ترضين أن أصل من وصلك و أن أقطع من قطعك ))
و كان عليه الصلاة والسلام من أشد الناس على الإطلاق صلة بأرحامه، بعد فتح مكة أنبئ أن أخته من الرضاع بالباب، أو تحب أن تقابله، أي أخت له يوم رضع من حليمة السعدية، هناك طفلة رضعت من حليمة السعدية معه رضاعات، إذاً هي أخته من الرضاعة، فقام من مكانه و أنطلق إليها تكريماً لها، و هش لها و بش، و استقبلها كأخت شقيقة، و سألها عن أحوالها، و جاء بها إلى مكانه و أجلسها مكانه، و ظللها بردائه، وقال: كيف حالك يا أختي ؟ أتحبيين أن تبقي عندنا ؟ أم أن تلحقي بأهلك ؟ فاختارت الثانية، فأعطاها مائة ناقة، ما عرف التاريخ البشري إنسـان أوصل برحمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إن أبا سفيان حين فتحت مكة قال: يا ابن أخي ما أعقلك وما أوصلك و ما أرحمك و ما أحكمك.
فصلة الرحم من صفات المسلم، لكن مفهوم هذه العبادة التعاملية مفهوم ابتعد عن روحها، يعني أنا ينبغي في العيد أن أزور بعض الأقرباء، و في عندي قائمة طويلة، و في جيبي بطاقات جاهزة ودائما أتمنى أن لا أجده، حتى أضع له هذه البطاقة، و أقول سقط الوجوب، وإن لم يحصل المطلوب مسخت صلة الرحم إلى هذا، لكن صلة الرحم في الحقيقة قد تكون باتصال هاتفي، تبدأ برسالة ثم تنتقل إلى زيارة، زيارة على موعد زيارة متأنية وفي خلال هذه الزيارة يكون التفقد، تفقد أحوال هذا القريب، أحواله المعيشية، دخله، مشكلاته، أحواله الدينية، أحواله الاجتماعية، زوج بناته أم لم يزوج بناته، فإذا كان القريب الأقوى و الأغنى زار الأضعف و الأفقر، ينبغي أن يتفقد أحواله، ثم تنتقل هذه الصلة إلى مساعدة , أحياناً مالية، مساعدة اجتماعية، ابنه يحتاج قسط في الجامعة، فأحياناً بنته تحتاج إلى من يدل عليها كي تتزوج وتتحصن، فمساعدة مالية أحياناً، مساعدة اجتماعية أحياناً، مساعدة علمية، ثم تتوج هذه الصلة بأن يدلهم على الله عز وجل، و أن نجعلهم مؤمنين، فكأن الله سبحانه و تعالى أراد من هذه الصلة أن تبدأ باتصال، و نتابعها بزيارة، و بتـفقد و بمساعدة، و بهداية، لذلك أقرب الناس إلى الله الذي أستوعب أهله، و أكرمهم، وأعطاهم، ودلهم على الله، و قربهم إلى الله عز وجل، فكأن صلة الرحم نوع من الهداية، وهـذا يـؤكده قول الله عز وجل:
﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ(214)﴾
(سورة الشعراء)
لماذا ؟ لأنك لو رأيت إنسان في الطريق قلت له تعال إلى هذا المسجد يخاف منك، لكن قريبك واثق منك، يوجد جدار بينك و بين الناس، غير موجود بينك و بين أقاربك، أخوك يثق بك، فلو دللته على الله، دللته على مسجد، أعطيته شريط، أعطيته كتاب، جلست معه، لذلك
((عن ابْنَ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ..... فَقَالَ أَيْنَ عَلِيٌّ...... فَقَالَ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا فَقَالَ انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ ))
(صحيح البخاري)
خير لك من الدنيا و ما فيها هذه كلها من الموضوعات التي تتداول في العيد.
المشكلة الإنسان الشارد عن الله كلامه كله في المغيبة و النميمة، أو في موضوعات سخيفة لا تقدم و لا تؤخر، يتناقشوا على درجة حرارة كم !!! أنا متأكد النشرة غير صحيحة، بتلاقي موضوعات أما أنها سخيفة أو في أشياء لا نستطيع أن نغيرها، يعني الحقيقة أن المسلمون الآن في حالة ضعف شديد، و صناع القرار لا يصغون إلينا إطلاقاً، فأما أن نعالج موضوعات سخيفة أو موضوعات مستحيلة، لكنني إذا ذكرت الله عز وجل لعلي أخذ بيد هذا الأخ القريب الى الله، لعلنا إذا استقمنا جميعا على أمر الله يصلح الله أحوالنا، لعلنا إذا أطعنا الله عز وجل يعطف الله علينا فينصرنا، ومن الأدعية " اللهم انصرنا على أنفسنا حتى ننتصر لك فنستحق أن تنصرنا على أعدائنا"
هذا الكلام الدقيق انصرنا على أنفسنا و المهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يفعل شيء منتهٍ.
الأستاذ: فإذا انتصرت على نفسي نصرت دين الله عز وجل، فإذا نصرت دين الله الآن أستحق أن ينصرني الله على عدوي الألد اللئيم.
المذيع: نبدأ بالإجابة عن الأسئلة أستاذي الكريم، الأخت رزان سمعتها في الاتصال الأول تشكوا من قسوة والدها، و قيل لها اقصدي شيخاً لكي يعالج لك هذا الموضوع، و يفتح باب الزواج و ما شابه ذلك.
الأستاذ: أنا والله في حيرة شديدة من أمري !! كيف أن إنسان يؤمن بالخرافات بالترهات بضاعة المشعوذين رائجة، الآن مشعوذ دجال كذاب له مصالح مادية القرآن بين أيدينا:
﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾
(سورة البقرة)
﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(22)﴾
(سورة إبراهيم)
الإنسان أحياناً حينما يغفل عن الله يكون قاسياً، حينما يغفل عن الله عز وجل يكون أباً شرساً، يكون أخاً لئيماً، يكون زوج غير رحيم بزوجته، فينبغي أن لا نغفل عن أية مشكلة، العلة أن الانقطاع عن الله عز وجل له أعراض لا تنتهي، أنا أسمي كل مشكلاتنا أعراض الإعراض عن الله عز وجل، أي أب بعيد عن الاتصال بالله، بعيد عن تلاوة القرآن، بعيد عن أخلاق الإسلام، سيكون قاسياً في البيت، و سيسب، و يشتم، و يضرب، ويكسر، لوجود الضغوط على الإنسان، ضغوط البعد عن الله صعبة جداً، هذه تترجم إلى مواقف قاسية، ماذا يفعل الإنسان ؟ يدعي أنه شيخ !! ماذا يفعل بهذا ؟ ابتزاز للأموال، و أنا بالمناسبة لشدة شيوع هذه الظاهرة، و لشدة رواج عمل السحرة، و المشعوذين، و الدجالين، ألقيت في جامع النابلسي تقريباً حوالي خمسة عشر شريط أو درس، حول المشعوذين و السحرة و الكهان و الدجالين، هؤلاء كلهم يبتزون أموال الناس بالباطل، و ليتهم يقفون عند هذا الحد، أنا مضطر أن أقول أن بعضهم يتجاوز حدوده، فيهتك عرض التي تسأله وتستشيره، وهناك حالات كثيرة جداً، والله جاءتني رسائل لا تصدق، معظم النساء حينما يلجأن إلى شيخ مشعوذ دجال كذاب نصاب جاهل ينتهي الأمر بالفاحشة، و بأساليب ذكية جداً.
فهذه تذهب إلى الشيخ كي ينقذها من جفاء زوجها، فإذا بها تقع في فاحشة كبيرة جداً، فلذلك إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، و إذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، معنا القرآن الكريم، معنا كلام سيد المرسلين، فبذلك يجب أن نبتعد عن هؤلاء الدجالون، والله إن الوقت لا يتسع، و المقام لا يليق، عندي معلومات دقيقة جداً عن هؤلاء الدجالين، هم حثالة في المجتمع، حثالة يبتزون أموال الناس، ينتهكون أعراضهم، يدجلون يكذبون.
المستمع: السلام عليكم، لدي سؤالين بالنسبة للجماع بالغرفة الزوجية، قالوا لي أنه لا يجوز أن يكون هناك آية قرآنية معلقة بالحائط فهل هذا صحيح ؟
السؤال الثاني: هل صحيح أن الإنسان عليه أن يضع المئزر وهو يستحم ؟
المذيع: طيب يا أخي الكريم , أستاذي مستمعة تقول مرضت أختها و نصحت بالإفطار ماذا يترتب عليها قضاء كفارة؟
الأستاذ: لا يترتب عليها إلا القضاء لأنه
﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾
لكن الآية الثانية
﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾
(سورة البقرة)
يعني إذا كانت القضية سهلة جداً يعني سفر إلى بيروت فرضاً و أفطر يعني هو صار في شرخ في عبادته أو أنه رشح خفيف و أفطر
﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾
فالمرض الحقيقي الذي يمنع من الصيام يكفي أن يصوم الإنسان مكان هذه الأيام التي أفطرها.
المذيع: الأخت المستمعة نسيت النية عند الطواف ما حكم ذلك في العمرة ؟
الأستاذ: الحقيقة هذا سؤال متعب يعني الفقهاء حينما أكدوا أن تتلفظ بالنية من باب التأكيد فقط، أنا حينما أجهز المنبه لأستيقظ على السحور و أتسحر ماذا أنوي النية من عمل القلب، لماذا انتقلت من دمشق إلى مكة المكرمة، لماذا استيقظت، لكي تطوف حول البيت، هذا كل ما نواه، أنا حينما أكلف الناس مالا يطيقون أكلفهم أن يبدؤوا كل عمل بأن أتقوى على طاعة الله، أنا حينما أتناول الطعام لماذا آكل لأتقوى على طاعة الله، فبذلك النية في عمل القلب، وحينما نقرأ في كتب الفقه أن الفقهاء أشاروا إلى التلفظ بها هذا من باب التأكيد فقط أن النية حاصلة.
مستمع: السلام عليكم، أنا كنت بالعمرة من فترة، و بعد الطواف و الإفاضة والسعي نسيت أن أحلق ولبست ثياب المخيط و بعد ما يقارب النصف ساعة تذكرت فحلقت فما الكفارة ؟
الأستاذ: إن شاء الله لا شيء عليك
المذيع: نعود إلى القرينة أو التابعة كيف تعالج نفسها هذه الأخت سألت عن هذا الموضوع ؟
الأستاذ: الحقيقة كما قلت قبل قليل كل إنسان معه قرين من الشياطين، كل إنسان الله جعل له ملك يلهمه الخير و شيطان يوسوس له الشر، هؤلاء محركان، الإنسان ينبغي أن يأخذ موقف، معه كائن يوسوس له الشر، وكائن يلهمه الخير، بمثل بسيط هذا الإمام الذي كان بلندن انتقل إلى بلدي و ركب مركبة و أعطى السائق ورقة نقدية كبيرة، و رد له التتمة، فلما عدها وجدها تزيد بعشرين بنس فقال له المَلَك: أنت مسلم، عليك أن تؤدي هذا لأنه هذا مال حرام، لا يجوز أن تأكله، هذا دور المَلَك، و بعد قليل جاءه الشيطان، هذه شبكة عملاقة و دخلها فلكي، و المبلغ زهيد لا قيمة له عندها، أنت بحاجة ماسة له، وعليه أن يأخذه فهو هدية من الله !!. هذا كلام القرين و ذاك كلام المَلَك، فلما أراد أن ينزل يبدو أن كلام الملك كان الأغلب عنده، فمد يده إلى جيبه و أعطى السائق عشرين بنس فابتسم السائق، قال له: الست إمام هذا المسجد ؟ قال: بلى. قال: والله حدثت نفسي من يومين أن أزورك في المسجد لأتعبد الله، و لكني أردت أن أمتحنك فيقع هذا الإمام مغشياً عليه، لأنه عرف عظم الجريمة التي كاد يقترفها لو أبقى هذه العشرين بنس في جيبه، فلما صحا من غفوته قال: يارب كدت أبيع الإسلام كله بعشرين بنس.
دائماً يوجد مَلَك يلهم بالخير، الآن أحدهم دعي إلى حفلة لا ترضي الله، يقول يارب من عندك الرحمة، يقول المَلَك لست بحاجة لهذا الحفل، هذا الملك !! لكن تعلم السحر و لا تعمل به، كن واقعي ! في الحفلة يكون فيها اختلاط، انظر كن واقعياً، عش مع المجتمع، عش ضد المجتمع، عش واقع المجتمع، فالمَلك يأتيهم بالمسك.
المذيع:سؤال من الأخ نبيل هل خسر المسلمون حرباً في رمضان من المعروف أن شهر رمضان شهر الانتصارات و الفتوحات هل لله حكمة فيما يجري في فلسطين و العراق ؟
الأستاذ: كل شيء وقع أراده الله، و كل شيء أراده الله وقع، و إرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، وحكمته المطلقة بالخير المطلق، يعني إذا كان طالب مجتهد جداً أنا أقول كقاعدة نجح بالامتحان وكان برمضان، وجاء طالب آخر برمضان كان غير مجتهد ورسب، أي أن النجاح قد لا يكون في صالحه فرضاً، فليس كل من قدم امتحان برمضان لابد ناجح، لا ليس الكلام له قاعدة أساسية، لكن الله عز وجل قال:
﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا﴾
(سورة آل عمران)
فأنا حينما أنتصر أشكر الله عز وجل، و حينما لا أنتصر أراجع نفسي، و أعيد الكرة، فأسأل الله أن ينصرني لأنه قال تعالى:
﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ(46) فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ(47)﴾
(سورة ابراهيم)
و من قول النبي الكريم(عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجِبْتُ لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَ الْمُؤْمِنِ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ لَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ.... ))
(مسند الإمام أحمد)
النبي الكريم و هو قمة البشر على الإطلاق، و معه أصحابه و هم قمم في التقوى و الورع، و في أُحُد لأنهم خالفوا أمر قائدهم لم ينتصروا، و قد علَّق بعض كتَّاب السيرة أنه لا ينتصروا لسقط أمر النبي عليه الصلاة و السلام، و نحن والله في حياة المسلمين مليون معصية، و مليون تقصير، فنحن نسأل الله النصر، و نتوب و نرجع و نصحح و نبتهل و نتورع، و لكن أنا لا أستطيع أن أطالب الله بشيء هو من فعله بحكمته، و أحياناً الأحداث تبدو سيئة جداً و لكن من أدراك أن هذا السوء سيكون نصراً بإذن الله في القريب العاجل !
الله عز وجل لا يتخلى عن المؤمنين لكن يمتحنهم، والله أستاذ زهير أحياناً تكون الشدة إلى درجة أن ضعيف الإيمان يقول أين الله ؟ وقد قيلت الآن: أين الله ؟ فأتى النصر ! حتى يقول الكافر: لا اله إلا الله، الله في عنده امتحانات صعبة جداً، فأسأل الله أن لا نكون ممن يمتحنون هذا الامتحان الصعب < آمين >
نحن كلنا مع إخواننا في العراق، مع إخواننا في فلسطين، و الله نتمنى كل شيء لهم، لكن الأمر الآن يعني خرج عن دائرة السيطرة، فنسأل الله أن ينصرهم في القريب العاجل.
المذيع: ثم أن التغيير لا يأتي فجأة هكذا
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾
(سورة الرعد)
الأستاذ: دورة الحق و الباطل أطول من عمر الإنسان، يعني الله عز وجل نقطة دقيقة جداً نحن الآخرة ما أدخلنها في حساباتنا، هذا الذي يموت في سبيل مبدأه و دينه و قرآنه هذا في الجنة يقول سبحانه وتعالى:
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ(169)﴾
(سورة آل عمران)
نحن ماذا نرى ؟ المسكين مات، مسكين قتل، مسكين كذا، التفكير على الدنيا فقط، ثم من خسر الدنيا خسر كل شيء، لا هذا هو الخطأ، الدنيا مجاعة الآخرة و الإنسان حينما ينجو في الآخرة حقق الكسب الكبير، و النجاح الكبير، و النصر الكبير، في أصحاب الأخدود أريد أن أذكر الأخ الذي قال القصة، ألم يحرقهم الملك ؟..
المذيع: نسمع القصة بعد أن نتلقى هذا الاتصال.
مستمعة: السلام عليكم، أخي الكريم أنا أحيض أربعة أيام، في رمضان الحالي جاءتني يومين، ففطرت ثلاثة أيام، فهل علي كفارة ؟
سؤال ثاني: ابن عمي قصد دجالاً فك عنه السحر هو يريد أن يعرف هل عليه كفارة ؟ أم التوبة وحدها تكفي ؟
سؤال ثالث: المرأة إذا أجنبت هل عليها الوضوء قبل الاستحمام ؟ وممكن فضيلة الشيخ أن يعلمنا على صلاة التسابيح ؟ وشكراً.
الأستاذ: أصحاب الأخدود الملك أحرقهم، والله أثنى عليهم، معنى ذلك أن هناك نصر اسمه نصر مبدئي، هذا الإنسان حينما يموت مقهورا لكنه مات على عقيدة سليمة، وعلى طاعة الله، هذا عند الله هو المنتصر حقاً، وفي مثل تقليدي تسأل الله أن يرزقنا إياه، قلنا: إن الله له حكم أنا لا أعرفها بالمواظبة أنا لا أستطيع أن أكتشف عدل الله بعقله إلا أن يكون لي علم كعلم الله، وهذا مستحيل !! لكن أنا أكتشف عقل الله من خلال إخلاله بي، وما واجب ربك أحدا، الدنيا دار ابتلاء ودار استواء، ترى أحلام ومنزل فرح، ومن عرفها لم يفرح ببقاء، ولم يحزن لشقاء، ولقد جعلها الله دار بلوى، هذا الذي يدافع عن مبادئه وقيمه ودينه ويموت يموت شهيداً، والشهادة أعلى مرتبة في الجنة، فنحن حين نؤمن بالآخرة والصحابة قتلوا والصحابة أصابتهم الأمراض والأوجاع فنحن نريد الحياة الدائمة ونريد الدنيا فلو خسرها لعرف أنه خسر كل شيء ثم ربح كل شيء.
مستمع: السلام عليكم. من أجل العيد القادم، إني أرى في العيد صبية وبنات أعمارهم عشرة سنوات يدخنون، ويقومون بأمور حتى الكبار لا يتوقعونها، لذا نرجو التنبيه.
كما أننا نرى فتيات بالعشرين من العمر يركبون المراجيح فيتطاير لبسهم بالهواء مما يشكل مشكلة مع الشبان.
يرجى تبيان كيف كان النبي يعامل العبيد، كيف كان يأكل معهم، كيف كانت حرية العبد بالإسلام.
الأستاذ: هل يوجد عبيد في هذا الوقت ؟.
المستمع: لا، ولكن الأمريكيين يقولون أن ما يفعلونه بأبو غريب شيء طبيعي لأن المسلمين كانوا يأخذون الأسرى كعبيد.
الأستاذ: موضوع حديث رعاية الإسلام سنجيب عن هذا الموضوع بوقت أخر وممكن نتحدث فيه بلقاء أخر قادم إن شاء الله.
المذيع:عندي سؤال من الأخت فاطمة تنوي القضاء ما عليها مع نية صيام 6 أيام من شوال هل يجوز ذلك.
الأستاذ: ورد ببعض الأحاديث أنه يجمع بين قضاء ما عليها وبين نية صيام هذه الأيام البيض الستة.
المذيع: إذا وجدت آيات قرآنية معلقة في الجدار.
الأستاذ: قال تعالى:
﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ(32)﴾
(سورة الحج)
يعني غرفة واحدة أم يوجد غرفة ثانية ؟ فالآية ضعها في الغرفة الثانية فهذا من باب تعظيم شعائر الله عز وجل.
المذيع: هل يجب أن يضع المئزر عند الاغتسال ؟.
الأستاذ: الأكمل هكذا، لأن الرسول الكريم رأى رجل يغتسل فقال له(خذ أجارتك لا حاجة لنا بك فإني أراك لا تستحي من الله.))
المذيع: الأخت المستمعة تسأل أنها حاضت لمدة يومين والعادة عندها أربعة أيام، فهل تغتسل وتقضي يومين أم أربع ؟
الأستاذ: هي أفطرت ثلاثة أيام فتقضي ثلاثة أيام فقط.
المذيع: ما كفارة الذهاب إلى المشايخ المشعوذين.
الأستاذ: التوبة النصوح فقط.
المذيع: ماذا عن صلاة التسابيح ؟
الأستاذ: هذه الصلاة أربع ركعات بعد النية يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمسة عشر مرة، وقبل الركوع عشر مرات، وفي الركوع عشر مرات، وعند الوقوف عشر مرات، وفي السجود عشر مرات، وعند القعود عشر مرات، وفي السجود الثاني عشر مرات، وفي الوقوف خمسة عشر مرات، و قبل الركوع عشر مرات، وفي الركوع عشر مرات، وعند الوقوف عشر مرات، وفي السجود عشر مرات، وعند القعود عشر مرات، وفي السجود الثاني عشر مرات، فيكون المجموع خمسٌ وسبعون مرة تقول فيها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. في كل ركعة، في الأربع ثلاثمائة مرة. هذه هي صلاة التسابيح.
المذيع: نختم أستاذي الكريم بكلمة للأهالي بشأن العيد.
الأستاذ: والله مرة كنت في القاهرة وأعجبني عيدهم، تقليد اجتماعي، لا يمكن أن يرسل الأب ابنه يفرح بالعيد وحده، مهما علت مرتبة الإنسان، فقد يكون وزير، قد يكون معاون وزير، قد يكون ضابط كبير، العرف هناك أن الطفل يجب أن يكون بصحبة والديه في العيد، الذي تكلمه الأخ مقيت جداً، فأحياناً يكون هناك انتهاكات، أحياناً يكون هناك ملامسات، أخطاء في الطعام والشراب، أحياناً يكون الطعام ملوث وغير صحي، ممكن أن يسبب أمراض، ويوجد أشخاص عندهم بذاءة باللسان، وأطفال عندهم سرعة عدوى من الآخرين، الأب الجيد والأم الجيد لا يمكن أن يقولا لابنتهم اذهبي وعيدي هذه عيدية، هذا شيء مرفوض، هذه في القاهرة مطبقة، أنا لم أكن أصدق ذلك، إلى أن رأيته بعيني، لا يمكن أن يسمح أب أو أم لابنه أو ابنته أن يعِّيد وحده، بصحبة والديه، وأنا أتمنى أن يفرغ الإنسان يوم من أيام العيد ليأخذ أولاده إلى أماكن يقضون فيها العيد، بشكل جيد.
المذيع: بارك الله فيكم أستاذي، نشكر الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ الإعجاز العلمي في كليات الشريعة وأصول الدين. المحاضر في كلية التربية جامعة دمشق ؟، جزاك الله عنا كل خير.
والحمد لله رب العالمين