فإن الله فرض الحج على عباده فقال: ( و لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) و قد رغب النبي صلى الله عليه و سلم في الحج و بين فضله؛ و وأنه سبب لدخول الجنة و تكفير السيئات و العتق من النار، إضافة لما يحصل للحج من استجابة الدعاء، و تكثير الحسنات.

و عندما يسمع بعض المسلمين بهذه الفضائل تشتاق نفوسهم و تحن قلوبهم للحج إلى البيت الحرام – و حق و الله للنفوس أن تشتاق، بل والله لو ذابت تلك النفوس من شوقها لما كان عليها من لوم، و كلنا سمع قبل سنوات بتلك المرأة التي جاءت حاجة فما أن وصلت إلى جدة و نزلت في المطار حتى سجدت لله شكرا على وصلها لبلاد الحرمين ففاضت روحها و هي ساجدة لله و شوقا للبلد الحرام.
و أقول عندما يسمع بعض المسلمين بهذه الفضائل يبادرون بالحج إلى البيت الحرام و لو لم يكن عندهم التصريح الذي وضعه ولاة الأمر لهذا.

و ها هنا وقفات:

الأولى:
اعلم أخي أن من حق ولاة الأمر- و فقهم الله - و هم المسئولون عن هذه الأمة – أن يراعوا مصلحة المسلمين العامة فوق المصلحة الفردية الخاصة، بل لو لم يفعلوا ذلك لأثموا عند الله.
و وضع التصريح من هذا الأمر: فعدد الحجاج في ازدياد كل عام و منى منطقة محدودة فلابد من تقليص العدد حتى يتم أداء الحج بكل سهولة و يسر، و ما مثل هذا إلا كمثل المسجد إذا امتلئ فمن حق ولي الأمر وقف دخول المصلين لعدم اتساع المكان لهم و حتى لا يؤذي بعضهم بعضا

الثانية:

يلجأ بعض الحجاج إلى الحيل للدخول إلى مكة و أداء الحج: فمنهم من يدفع رشوة، و منهم من يلبس الثياب حتى يتجاوز التفتيش فيقع في محظور من محظورات الإحرام، و بعضهم يترك الإحرام من ميقاته ليحرم بعد نقطة التفتيش، الى غبر ذلك من الحيل.

الثالثة:
و هنا يأتي السؤال؛ هل الله يريد و يحب مني أن أحج و لو بدون تصريح؟
أخي المسلم :
أليس الذي قال ( و لله على الناس حج البيت... ) هو الذي قال: ( و أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم ) و في صحيح مسلم يقول صلى الله عليه و سلم: ( من أطاع الأمير فقد أطاعني و من أطاعني فقد أطاع الله، و من عصى الأمير فقد عصاني و من عصاني فقد عصى الله ) أليس الآمر واحدا وهو الله سبحانه و تعالى، فلماذا تطيعه في هذه و لا تطيعه في تلك.
أليس هذا من إتباع الهوى؟
أخي المسلم:
ألم تتأمل في الأحاديث التي في فضل الحج و رأيت الشروط المرتبة على تحقق الجزاء ( من حج فلم يرفث و لم يفسق....) و أنت قد بدأت حجك بمعصية، فكيف تريد القبول من الله و كيف تريد تحقق الجزاء و أنت أخللت بالشرط.
إن النبي صلى الله عليه و سلم لم يرخص لكعب بن عجرة في حلق رأسه إلا لما بلغ به القمل مبلغه، و أنت تريد أن ترتكب ما نهاك الله عنه بل و حتى بالحيل المحرمة.
أخي المسلم:
لا تقل: سيسمح لي رجال الأمن بالدخول يوم 8 أو 9 فإذا أخل هؤلاء بالأمانة لم يجز لك أن تخل بها أنت.
و لا تقل أيضا: إنني واحد و ماذا يضر شخص واحد.!
فأقول: إن السيل الكبير الهادر المدمر كان نقطة واحدة في بدايته.
و قد بلغ عدد الحجاج المخالفين ستمائة ألف ( ربما كل واحد يقول: أنا واحد لن أؤثر على الحجاج) .
أخي المسلم:
إن الله يريد منك أن تطيع الله و ولاة الأمر في هذا و تترك المجال لإخوانك المسلمين الذي لم يحجوا بعد.
و إني لأرجو من الله أنك إذا نويت الحج و لم يمنعك إلا هذا و جلست في بيتك أن الله يكتب الله أجر حجة كاملة، يقول النبي صلى الله عليه و سلم: ( و لكل امرئ ما نوى) و إذا أبيت و أصررت على الحج بدون تصريح فأخشى عليك:
1- عدم القبول: لأنك بدأت حجك بمعاصي لله.
2- أن تعود محملا بالأوزار فكم من حاج أخذت حقه في الطريق، و كم من حاج أخذت حقه في المكان، و كم من حاج تسببت في أذيته.
3- أن تتعرض لدعوات الحجاج و بعضهم ربما يكون مستجابة الدعوة، وقد كنت في طريق المشاة بالعام الماضي عندما انطلقنا يوم العيد لرمي الجمرة الكبرى و كان الطريق ثلثيه مسدودا من قبل المفترشين، فرأيت من يدعو عليهم.( نسأل الله العافية )

كتبه أخوك محمد الجابري