بسم الله الرحمن الرحيم
يصعقون .لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق
الوعد الأمين.
أيها الأخوة:
في آيتين من سورة الطور، الأولى:
﴿ فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)﴾
[ سورة الطور: الآية 45]
معنى يصعق أي خبر لا يحتمل، لعلي أوفق بمثل يبين معنى يصعق و هي قصة واقعية وقعت في هذا البلد، إنسان ضاق ذرعاً بالإقامة في هذا البلد عنده معمل ضخم و بيت في أرقى أحياء دمشق و عنده متجر في أهم أسواق دمشق و عنده بيت في أرقى مصايف دمشق فجمع و طرح و خطط لو أنه باع بيته و باع معمله و باع مركبته و باع بيته في المصيف و جمع هذه المبالغ أودعها في بنك في بلد أوربي و وقتها كانت الفائدة ثمانية عشر في المائة، فوجد يأتيه دخل من مبالغه يعيش فيه ناعماً إلى آخر أيام حياته، أي عشرين ضعفاً عن حاجته، دخله من فوائد مبالغه فخطط بهدوء باع البيت ثم المتجر ثم بيت المصيف و آخر شيء باع سيارته و المبالغ حولها بصعوبة بالغة إلى بلد أجنبي، النتيجة القصة دقيقة جداً لكن الذي حصل أن هذه الأموال لا تودع في حساب رسمي باسمه إلا بوثائق فاضطر ان يضعها باسم صديق له ريثما يؤمن هذه الوثائق، أمن الوثيقة في اليوم التالي ذهب إلى صديقه ليحول له المبلغ قال له: لا يوجد لك عندي شيء، إنسان فجأة فقد كل ما يملك، ليس معه ثمن طعام، أليس هذا الخبر صاعقاً ؟ إنسان في أوج حياته شعر بآلام معينة عمل فحصاً فظهر معه مرض خبيث، هو يقرأ التقرير ماذا حصل له في جسمه ؟ انتهى، قال الطبيب لإنسان معه مرض خبيث سوف تعيش أربعة أشهر فمات في ثاني يوم لم يتحمل الخبر، هذه في الدنيا و الموت محقق و نحن جميعاً سوف نموت، و لا يبقى أحد على وجه الأرض، و مع ذلك عندما الإنسان يجد أنه سيلاقي عذاباً إلى أبد الآبدين الله عز وجل صاحب الجلال و الكمال قال:
﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175)﴾
[ سورة البقرة: الآية 175]
لذلك ما هو الفوز ؟ يوجد مئات المقاييس للفوز، الفوز أن تزحزح عن النار هذا هو الفوز ؟
﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾
[ سورة آل عمران: الآية 185]
لا الفوز أن تكون غنياً في الدنيا، الدنيا لها سقف مهما تكن غنياً استيعابك للطعام محدود، تأكل وجبة طعام واحدة، تنام على سرير واحد، ترتدي ثياباً واحدة، بل أكاد أقول إن التمايز في الدنيا هوامشه ضعيفة جداً، ائت بإنسان يعمل في نقل الرمل، يمكن أقل عمل في الأرض، فاعل، هو جائع جداً صحن فول متقن يستمتع به كما يستمتع به ملك، و إنسان متزوج من امرأة يحبها يستمتع بها كما يستمتع بها ملك، فالفوارق بسيطة جداً لكن هناك مظاهر صارخة، قد تكون حنفية بيت بثمن بيت، و لكن بالنهاية تصب الماء، فحينما الإنسان يقع في معصية الله استحق العذاب الأبدي، لذلك قال تعالى:
﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104)﴾
[ سورة الكهف ]
ماذا أقول لكم ؟ قصر في رأس جبل يمكن أجمل قصر في العالم إنسان نازل منه ليشنق في مكان، و إنسان صاعد من هذا المكان ليسكن هذا القصر التقيا في نصف الطريق، الذي ينزل بأبهى مظهر، بأرقى مركبة، و الذي هو صاعد يمشي حافياً فرضاً، التقيا في نصف الطريق تقول أنت: هنيئاً لمن ـ على العين ـ يركب هذه المركبة أما على المصير للصاعد، فكلما قست الناس في مقاييس الدنيا تقع في وهم كبير، و كلما قست الناس بمقاييس الآخرة تقع في توازن عظيم، من هنا قال عليه الصلاة و السلام:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ))
[ مسلم ]
قد تجد إنساناً في أدنى مرتبة اجتماعية لكنه موصول بالله، الله عز وجل يتجلى على قلبه و هو يقنع برحمة الله، و هو معتقد أن له عند الله شيئاً، يوجد بهذا الإنسان أمن و سعادة و طمأنينة و توازن و استقرار و راحة لو وزعت على أهل بلد لكفتهم هذا كله من قوله تعالى:
(( فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) ))
[ سورة الطور: الآية 45]
لذلك كفاك على عدوك نصراً أنه في معصية الله، لو لم تنتصر عليه في الدنيا، لو قهرك و هدم لك بيوتك كلها و قتل و مثّل و قال أنا أدافع عن نفسي، قتل الألوف من أناس لا علاقة لهم بالموضوع إطلاقاً، موضوع مفتعل، تهمة باطلة، حقد دفين، قتل مئات الألوف و دمر كل شيء و لأنه قوي مسموع كلامه قال: أنا أدافع عن نفسي، و لم يكن على حق الذي مات مات في أجله و الذي لم يمت لابد من أن يموت أين الفوز ؟ أن تكون في طاعة الله:
﴿ فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)﴾
[ سورة الطور: الآية 45]
الخبر لا يحتمل، أنا أعلم أن هناك أخباراً كثيرة أودت بأصحابها، موت مفاجئ سمع الخبر لم يحتمل فصعق وقع ميتاً، هناك كثير من الحالات الخبر الذي يتلقاه الإنسان لا يحتمله فيموت من هوله، لكن خبر الدنيا الدنيا محدودة أما الصعق الحقيقي يوم يكتشف الإنسان أن مصيره في النار لذلك:
﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)﴾
[ سورة آل عمران: الآية 12]
مهما رأيت كافراً مستعلياً و مستكبراً و متغطرساً و متحدياً، مهما رأيت هذا الكافر إن رأيته بعين البصيرة تشفق عليه لجهله و لمصيره الأسود، فالبطولة أن تكون على الحق، البطولة أن تكون محسناً، البطولة أن تكون مؤمناً، البطولة أن تعرف الله، البطولة أن تكون مستقيماً على أمره، البطولة أن تكون مهتدياً بهدي نبيه، هذه البطولة:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ))
[ مسلم ]
النبي مرة وقف بصحابي فقير جداً قال له: أهلاً لمن خبرني جبريل بقدومه، هذا الصحابي لم يصدق معقول من أنا ؟ قال: أو مثلي ؟ قال: نعم يا أخي، أنت خامل في الأرض علم في السماء، قد تجد إنساناً عادياً بوظيفة عادية ضارب آلة كاتبة، قد يكون حاجباً، لكنه يخاف الله، قلامة ظفره تساوي مليون رجل من وجهاء الدنيا، يوجد مقاييس بالدنيا صارخة لكن المؤمن يقيس بمقاييس القرآن، سيدنا بلال كان عبداً و كان يعذب كل يوم من قبل سيده أمية بن خلف، و بالمناسبة طرفة معهد شرعي عامل تمثيلية باحتفال، تمثيلية بسيطة بين سيدنا بلال و بين أمية بن خلف، الذي أخذ دور أمية بن خلف طبعاً عنده حوار يحفظه فكان يضرب زميله الذي يمثل دور بلال بسوط و يقول له لن أرفع عنك العذاب حتى تكفر بمحمد صلى الله عليه و سلم، دور غير متقن:
﴿ فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)﴾
[ سورة الطور: الآية 45]
ذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون، فالعبرة أن يكون لك عند الله مقعد صدق، لا تعبأ بالمظاهر الصارخة، يوجد غنى صارخ، يوجد مركبات صارخة، يوجد بيوت فخمة جداً، يوجد ولائم، يوجد قصور، يوجد فنادق، يوجد شركات ضخمة، العبرة أن تكون طائعاً لله، و الله ذكرت هذا مرات كثيرة، كنت مرة في مؤتمر في المغرب و في أفخر فندق في العالم مع وقت الفجر سمعت تلاوة قرآن تذيب القلب، نظرت من شرفة الغرفة فإذا عامل حديقة يصلي الفجر في أرض الحديقة يبدو أنه موصول بالله عز وجل، و الله شعرت لعل هذا الرجل الذي هو مستخدم في فندق يكون له مقام عند الله يفوق كل المؤتمرين، كل هؤلاء الأسماء الكبيرة التي في الفندق.
على كل ابتغوا الرفعة عند الله، الآية الثانية:
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾
[ سورة الطور: الآية 48]
أقول أنا كلمة حديثة أنا أحترم كلام الله عز وجل، بالأحداث الأخيرة الله له القرار، توقعنا شيء و كان شيء، الذي كان غير متوقع إطلاقاً و تمنينا على الله أن يذل هذه الدولة العظمى، أن يذل كبرياءها، القرار كان غير ذلك، و ظهرت في العالم أنها هي المسيطرة و أن أمرها هو النافذ، هذا قرار الله عز وجل، لا يمكن أن تفعل شيئاً ما أراده الله عز وجل، فثقتك بالله عز وجل و بحكمته و علمي بقصور تفكيري و قصور إدراكي و ضعف رؤيتي، أنا مستسلم لله، فقال له:
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾
[ سورة الطور: الآية 48]
هذا قرار إلهي، طبعاً يوجد عندنا بالسيرة مثيل، في صلح الحديبية الاتفاقية مهينة و الأصحاب كانوا أقوياء، كانوا في أوج قوتهم، أي عملاق الإسلام اختل توازنه سيدنا عمر قال له:
(( عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ أَسْأَلُهُ فَقَالَ كُنَّا بِصِفِّينَ فَقَالَ رَجُلٌ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ عَلِيٌّ نَعَمْ فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ يَعْنِي الصُّلْحَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُشْرِكِينَ وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ ؟ ألَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا فَرَجَعَ مُتَغَيِّظًا فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى جَاءَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ قَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ ))
[ البخاري، مسلم، احمد ]
لم يتحمل عمر فراجع رسول الله، قال له: إني رسول الله، أنا معي تعليمات من الله، التقى بسيدنا الصديق قال له الكلام نفسه، لو تقرؤوا السيرة ظهر خير من بنود الاتفاقية التي رآها الصحابة مهينة لا يعلمه إلا الله، و الله يظهر خير من هذه الأحداث التي وقعت في الحادي عشر من أيلول و الله لا يعلم أبعادها إلا الله، و إن كان الشيء الظاهر سيئ، لكن الإسلام كان طي الكتمان قفز إلى بؤرة الاهتمام، إحصاء قرأته في موقع معلوماتي أربع و عشرون ألف إنسان دخلوا في الإسلام من الحادي عشر في أيلول حتى الآن، ما هذا الإسلام ؟ قد نخسر معركة لكن الحرب لا نخسرها إن شاء الله لأن الله عز وجل:
﴿ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾
[ سورة التوبة: الآية 33]
و الله من قبل عشرين أو خمس و عشرين عاماً الإسلام خارج اهتمام البشر كلها إلا المسلمين طبعاً، أما الآن الإسلام هو القضية الأولى، لا يوجد خبر الآن إلا محوره الإسلام، قد يكون هناك تهجم، قد يكون هناك افتراء، قد يكون...لكن شيء يهتم به، فأنت لا ترى إلا الظاهر لعل الله سبحانه و تعالى يخبئ لنا انفراج أو هداية أو تعريف بهذا الدين العظيم، فهذه الآية:
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾
[ سورة الطور: الآية 48]
يوجد معنى دقيق أرجو أن أمكن من توضيحه، أحياناً الأب يعاقب ابنه، يؤدبه لكن قلبه يتفطر ألماً بما يفعل، لكن هذا الذي فعله لابد من أن يفعله، فالابن يظن أن الأب تخلى عنه، لا لم يتخلى عنه لكن الأب حكيم و رحيم و لابد من معالجة هذا الابن، لابد من معالجته، شخص منا لو عنده ابن يحبه حباً جماً و وجد بيده مبلغاً ليس له، سرقه من رفيقه يمكن أن يظل الأب ساكتاً ؟ يمكن أن يبتسم له ؟ ممكن أن يسكت؟ ممكن يعفي عنه ؟ لا يمكن، لابد من إحداث خبرة مؤلمة لابد من أن يضربه، الطفل بريء يكون أنا لا أسميها سرقة، تصرف غير منضبط فأنا موقن أن الأب حينما يضرب ابنه و قد تلبس بعمل لابد من التأديب عليه قلب الأب يتفطر حينما يضرب ابنه لكن لابد من أن يضربه، هذا المعنى لعله يستنبط من قوله تعالى:
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾
[ سورة الطور: الآية 48]
رحمة الله تمثلت في هذه الكلمة، أحياناً تكون أم جالسة في حديقة و لها ابن صغير قدر ما تكلمت معها عينها على ابنها، هي تكلمها و حديث مهم ليست معها بل هي مع ابنها، هذا يقع، اهتمامها بابنها، أين يمشي ؟ ابنها في عينها أي في مركز اهتمامها، في مركز رحمتها، في مركز رعايتها، إنسان أحياناً يصاب بمرض قريب من الله: يا داود مرضت فلم تعدني ؟ قال: كيف أعدك وأنت رب العالمين ؟ قال: مرض عبدي فلان فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده، لو الله ساق لإنسان مرض أو مشكلة أو فقر أو سجن أي يوجد بأعلى درجة من الرعاية و حسن الظن بالله ثمنه الجنة، و الله هذه الآية سمعت أن إنساناً دخل السجن ظلماً و تأثر تأثراً بالغاً فنام فرأى رسول الله عليه الصلاة و السلام يقول له:
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾
[ سورة الطور: الآية 48]
هذه آية جبر خاطر لكل مؤمن، لو كنت في ضائقة، لو كنت في مشكلة، لو كنت تعاني من قضية صعبة، هذا قرار إلهي، الله عز وجل أراد أن يسوقك إليه سوقاً، وضعك في ظرف صعب من أجل أن تقبل عليه، قد يغلق لك كل أبواب الأرض يفتح لك باب السماء فقط من أجل أن تتضرع إليه:
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾
[ سورة الطور: الآية 48]
لذلك إن الله مع كل قلب حزين، الحزانى في كنف الله، الحزانى معرضون للرحمة، الإنسان إذا انكسر الله معه لأنه أعطاه دواء مراً و الله يتمنى عليه أن يصبر قال له:
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾
[ سورة الطور: الآية 48]
إذا أب طبيب أسنان يعالج ابنه و تقتضي المعالجة ألا يعطيه مخدراً و صرخ فأثناء حفر الضرس يقول له طول بالك تحملني قليلاً، الأب يعلم أنه يوجد ألم شديد تقتضي حالة هذا الابن ألا يعطيه مخدراً و الابن يصرخ يقول له تحملني سوف ننتهي أطل بالك:
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾
[ سورة الطور: الآية 48]
لا ننساك، أنت محل اهتمام و رعاية و إكرام، لا تظن إذا الله عز وجل حرم إنساناً شيئاً أو ساق له مرضاً، أو بعث له مشكلة، إن الله نسيك، بالعكس يكون بهذه الحالة بأعلى درجة من الاهتمام:
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾
[ سورة الطور: الآية 48]
يوجد حديث قدسي يذيب القلب يقول الله عز وجل ما ترددت ـ الله يتردد و لكن تعويض عن المحبة ـ في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن، يكره الموت و أنا أكره مساءته، مهيأ له حياة ناعمة في الآخرة و الدنيا متعبة و الله سيسوق له سكرات الموت فإذا الله منحك السعادة، منحك الأمن، منحك القرب، هذا العطاء الحقيقي لذلك الآية إذا شخص لا سمح الله و لا قدر أصابه شيء يكرهه يقرأ هذه الآية:
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾
[ سورة الطور: الآية 48]
و قد يتوهم الإنسان أن هذه الآية لرسول الله، كل آية موجهة إلى النبي هي حكماً موجهة لكل مؤمن بقدر استقامته و إخلاصه و ورعه:
﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾
[ سورة الطور: الآية 48]
إنسان أحياناً يحب أن يمسك يد ابنه و يقربه على الساقية و هي عميقة لأنه مستحيل أن يفلت يده، فالطفل يخاف لكن مكانة الطفل عند أبيه لا يمكن أن يتركه، لا يتخلى عنه، كيف نحن وضع المسلمين الآن يبدو أن الله تخلى عنا، كلا لا يتخلى، لا يمكن أن يتخلى الله عنا لكن يؤدبنا، و يريد منا أن نكون على غير ما نحن عليه، أن نحب بعضنا، أن نتعاون، أن نكون مسلمين حقيقة، ملتزمين، يكون إسلامنا صارخ بمعاملاتنا و ليس بعياداتنا، بالعيادات الإسلام صارخ، تجد إسلاماً فلكلوريا عندنا، أسمع قصصاً و الله ما أنزل الله بها من سلطان، فلذلك أيها الأخوة إذا شخص أصابه خير فليحمد الله، إذا أصابه شيء آخر هو مؤمن بالله ليقل و اصبر لحكم ربنا فإنك بأعيننا، لن يتخلى الله عنه.