ضوابط السوق فى الاقتصاد الإسلامي - التجارة الالكترونية
أهلا وسهلا بك إلى معهد توب ماكس تكنولوجي.
  1. ما شاء الله تبارك الله ( يا ربي لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك )
  2. معهد توب ماكس تكنولوجي | أعلى قمة للتكنولوجيا الحديثة في الشرق الأوسط - صرح علمي متميز
  3. طريقة تسجيل عضوية في معهد توب ماكس تكنولوجي بشكل سريع
    مع ملاحظة أن التسجيل مجاني ومفتوح طيلة أيام الأسبوع عند تسجيل العضوية تأكد من البريد الالكتروني أن يكون صحيحا لتفعيل عضويتك وأيضا أن تكتبه بحروف صغيره small و ليست كبيرة تستطيع أيضا استخدام الروابط التالي : استرجاع كلمة المرور | طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية
  4. اشترك ألان في خدمة رسائل المعهد اليومية لتعرف كل جديد اضغط هنا للاشتراك
التفاصيل : الردود : 3 المرفقات : 0 المشاهدات: 10251 مشاهدة
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
أرسل هذا الموضوع إلى صديق…

المواضيع المتشابهه

  1. دكتوراه في الاقتصاد الإسلامي للعقيد حامد داخل
    بواسطة كاتب الأخبار في المنتدى المركز الاخباري
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-23-2012, 03:10 AM
  2. مناقشة آلية إطلاق مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي في جامعة (موسكو)
    بواسطة كاتب الأخبار في المنتدى المركز الاخباري
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-28-2012, 03:10 AM
  3. الاقتصاد الإسلامي - د.محمد ناهض القويز
    بواسطة كاتب الأخبار في المنتدى مقالات وأخبار الحوادث
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-24-2010, 03:10 AM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-04-2009, 04:00 AM
  5. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-03-2009, 09:10 PM

النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية عبدالله الكهالي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    1,040
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي ضوابط السوق فى الاقتصاد الإسلامي

    ضوابط السوق فى الاقتصاد الإسلامي

    د محمد عوده العمايده
    خاص بالمركز العربي للدراسات والأبحاث
    ويمتاز السوق في الاسلام بقيامه على أساس المنافسة الحرة المنضبطة بميزان الشريعة الاسلامية فلا يعتمد المنافسة الحرة المنفلته والمطلقة ولا التقييد وتحكم الدولة فيها ، ولا يسمح بتدخل الدولة إلا عند الضرورة وانحراف السوق عن خط سيره الطبيعي الذي رسم الخالق عزّ وجل الحياة التجارية على أساسه كالتسعير في حالة عدم تكون الأسعار نتيجة للعرض والطلب وانما نتيجة تدخلات غير حقيقية مفتعلة مثل الاحتكار ، ويضمن السوق في الاسلام حرية الدخول في السوق والخروج منه وحرية انتقال عناصر الإنتاج بين وجوه الاستخدام المختلفة ، مما يساعد على توزيع القوى الاقتصادية، وعدم حصرها فى مشروع معين أو عدد قليل التجار الأمر الذى يساعد على محاربة الاحتكار والاستغلال ومنعهما وبالتالي المحافظة على الاسعار المتولدة من العرض والطلب الحقيقيين ،

    تعتبر التجارة من طرق الكسب منذ قديم الزمن ، والاسواق هي العمود الفقري لنشاط التجارة ، لذا كان من الأمور التي منّ الله سبحانه وتعالى بها على قريش تهيئة التجارة الآمنة في أسواق اليمن والشام والحبشة ، فقال عزّ وجل " لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ "[i] .

    ووثق القرآن الكريم أن من أسباب اعتراض الكفار على نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه بشر يرتاد الاسواق فقال تعالى " وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا "[ii] ورد عليهم سبحانه وتعالى بقوله " وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا "[iii] ، ونظرا للارتباط الوثيق للاسواق بالحلال والحرام من حيث الربا والبيوع المحرمة وما يرافق البيوع من غش وتدليس اهتم الاسلام بتنظيمها وكان من أوائل الامور التي قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وصوله الى المدينة المنورة بعد الهجرة إقامة سوق للمسلمين ، على أسس وضوابط وقواعد واحكام تتفق مع تعاليم الاسلام وصولا إلى الطريق المستقيم الذى تتحقق فيه مصلحة الفرد والجماعة على حد سواء.

    ويمتاز السوق في الاسلام بقيامه على أساس المنافسة الحرة المنضبطة بميزان الشريعة الاسلامية فلا يعتمد المنافسة الحرة المنفلته والمطلقة ولا التقييد وتحكم الدولة فيها ، ولا يسمح بتدخل الدولة إلا عند الضرورة وانحراف السوق عن خط سيره الطبيعي الذي رسم الخالق عزّ وجل الحياة التجارية على أساسه كالتسعير في حالة عدم تكون الأسعار نتيجة للعرض والطلب وانما نتيجة تدخلات غير حقيقية مفتعلة مثل الاحتكار ، ويضمن السوق في الاسلام حرية الدخول في السوق والخروج منه وحرية انتقال عناصر الإنتاج بين وجوه الاستخدام المختلفة ، مما يساعد على توزيع القوى الاقتصادية، وعدم حصرها فى مشروع معين أو عدد قليل التجار الأمر الذى يساعد على محاربة الاحتكار والاستغلال ومنعهما وبالتالي المحافظة على الاسعار المتولدة من العرض والطلب الحقيقيين ، ويحظر الإسلام إنتاج وعرض السلع الضارة التى تستنزف جزءا من موارد الإنسان دون أن تعود عليه بالنفع ، فمثلا حرم الاسلام سلعة الخمر وعملية انتاجها وتسويقها ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ عَشْرَةً عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا وَالْمُشْتَرِي لَهَا وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ"[iv] .

    ولضمان سير السوق بالشكل الطبيعي ولضمان عدم انحرافه نتيجة التصرفات والسلوكيات المفتعلة فقد وضعت الشريعة الاسلامية جملة من القواعد والضوابط كي تتحقق مصلحة البائع والمشترى على حد سواء مما يزيد الثقة بين الناس ويضمن استقرار التعامل والمحبة والمودة والأخوة بين أفراد المجتمع ، ومن هذه الضوابط والاحكام :

    1: المحافظة على مقاصد الشريعة فى العبادات ، وأن لا يكون البيع والشراء سببا في التقصير بالعبادات ، يقول الله تبارك وتعالى " رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَـنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافـُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ "[v] وقال القرطبي رحمه الله " وإنما خص الله سبحانه وتعالى التجارة لأنها اعظم مايشتغل به الانسان عن الصلاة " ، وقال سبحانه وتعالى بشأن بعض الصحابة رضوان الله عليهم الذين تركوا الرسول صلى الله عليه وسلم يخطب الجمعة وهرعوا الى قافلة تجارية جاءت من الشام " وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ "[vi] .

    2: تحري الحلال في الكسب والحرص عليه ، والابتعاد عن الكسب الحرام وإن كثر عائده ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ مَا يُبَالِي الرَّجُلُ مِنْ أَيْنَ أَصَابَ الْمَالَ مِنْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ "[vii] .

    3: الحرص على أن يكون البيع والشراء عن طريق التراضي وبتوافق ارادة البائع والمشتري من خلال الايجاب والقبول ، وأكد الله سبحانه وتعالى على ذلك في قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا "[viii] .

    4: تحري فضيلة وخلق الصدق في القول والتعامل والحرص عليه ، والتزام البيان والوضوح في السلع بائعا أو مشتريا ، وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم التاجر الصادق بأنه سيحشر يوم القيامة مع الانبياء والشهداء ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قـَالَ " التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ "[ix] ، وعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِرَارًا قَالَ أَبُو ذَرٍّ خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ"[x] ، ومن فضائل الصدق فى التجارة أنه يولد الثقة والاطمئنان بين البائع والمشترى ، لذا كان على البائع المسلم بيان مافي سلعته وعدم كتمان أي عيب فيها ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إِلَّا بَيَّنَهُ لَهُ "[xi] .

    5: الامانة وعدم الاستغلال والغش والظلم ، تطبيقا لمعاني الأخوة الأيمانية ، ولضمان ذلك حرّم الاسلام العديد من البيوع التي تنطوي على الغش والخداع والغـرر ، ودعا الى عرض السلع بطريقة تتيح للمشتري الاطلاع عليها بشكل سليم ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ " مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ " قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ " أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي "[xii] ، ودعا إلى ضبط الموازين والمكاييل وحرم التطفيف فيها بل وتوعد من يفعل ذلك بالويل ، قال سبحانه وتعالى " وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِين َالَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُـوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ "[xiii] ، وقال تعالى " وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ "[xiv]، وقال عزّ وجل " أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَوَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ "[xv] ، بل وأكثر من ذلك دعا إلى تطبيق مبدأ النصيحة بين البائع والمشتري ، فعَنْ جَرِيرٍ قَالَ " بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَأَنْ أَنْصَحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قَالَ وَكَانَ إِذَا بَاعَ الشَّيْءَ أَوْ اشْتَرَاهُ قَالَ أَمَا إِنَّ الَّذِي أَخَذْنَا مِنْكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا أَعْطَيْنَاكَ فَاخْتَرْ"[xvi].

    6: السماحة في البيع والشراء ، في القضاء والاقتضاء ، والسماحة هي السهولة في التعامل ، عَنْأَبِي الْعَلَاءِ، سَمِعَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، عَنِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " أَفْضَلُ الْمُؤْمِنِينَ رَجُلٌ سَمْحُ الْبَيْعِ ،سَمْحُ الشِّرَاءِ ، سَمْحُ الْقَضَاءِ ، سَمْحُ الِاقْتَضَاءِ "[xvii] ، ويدخل في السماحة الإقالة عند رغبة احد المتعاقدين ابطال العقد بعد إبرامه أو الغاء البيع بعد إنشائه ، دفعا للضيق والحرج .

    7: تحريم كل ما من شأنه الحاق الضرر بالمسلمين والتأثير على قوى السوق ، فحرم الاحتكار الذي هو حبس السلعة حتى يقل عرضها في السوق فيرتفع تبعا لذلك سعرها وعندها تطرح للبيع بسعر أكثر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ احْتَكَرَ حُكْرَةً يُرِيدُ أَنْ يُغْلِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَاطِئٌ "[xviii] ، ونهى الاسلام عن المنافسة غير الشريفة من خلال بيع النجش والبيع على بيع الآخر وتلقي الركبان واستغلال جهلهم بالسوق والبيع عليهم بسعر أعلى أو الشراء منهم بسعر أقل ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ " نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّجْشِ"[xix] ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَلَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا "[xx]، وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ وَلَا يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ قُلْتُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا قَوْلُهُ لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ قَالَ لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا "[xxi].

    8: التزام البائع والمشتري بشروط صحة العقود في الشريعة الاسلامية ، كون البيع عقدا ، كأن يكون المعقود عليه مما يجوز التعامل فيه شرعا ، ومعلوما ، وموجودا ومقدورا على تسليمه ، ومملوكأ ملكية تامة لصاحبه وخلو العقد من الشروط الفاسدة أو الأجل المجهول ، وغير ذلك .

    9: التأكيد على توثيق العقود والاشهاد عليها لضمان حقوق البائع والمشتري وإحقاق العدل ومنع الخلافات والنزاعات بين الناس ، واستثني من التوثيق التجارة الحاضرة أي البيع الفوري في المحلات التجارية تيسيرا على التجار فى معاملتهم لما فيها من السرعة وتعذر الكتابة ، قال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"[xxii] ، ولضمان حقوق البائع والمشتري شرع الاسلام وأباح الرهن والضمان والكفالة .

    10: ولضمان التزام الاسواق وسلامتها في الاسلام فإنها تخضع لنوعين من الرقابة : الرقابة الذاتية وهي شعور الفرد واحساسه بمراقبة الله سبحانه وتعالى له في كل صغيرة وكبيرة مما يمنعه من الغش والتلاعب ، ورقابة الدولة من خلال مراقبي التموين والصحة والتجارة للتأكد من سلامة بيوعهم وتعاملهم .

    "حقوق النشر محفوظة لموقع "المركز العربي للدراسات والأبحاث"، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر

    [i]ـ سورة قريش الاية 1 ـ 4

    [ii]ـ سورة الفرقان الاية 7

    [iii]ـ سورة الفرقان الاية 20

    [iv]ـ سنن الترمذي . كِتَاب الْبُيُوعِ . عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أيتخذ الخمر خلا قال لا . حديث رقم 1295 ، سنن ابن ماجه . كِتَاب الْأَشْرِبَةِ . لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة . حديث رقم 3381

    [v]ـ سورة النور الاية 37

    [vi]ـ سورة الجمعة الاية 11

    [vii]ـ سنن النسائي . كِتَاب الْبُيُوعِ . يأتي علــى الناس زمان ما يبالي الرجل من أين أصاب المال من حــلال أو حرام . حديث رقم 4454

    [viii]ـ سورة النساء الاية 29

    [ix]ـ سنن الترمذي . كِتَاب الْبُيُوعِ . حديث رقم 1209 ، سنن ابن ماجه . كِتَاب التِّجَارَاتِ. حديث رقم 2139 ، سنن الدارمي . كِتَابِ الْبُيُوعِ. حديث رقم 2539

    [x]ـ صحيح مسلم . كِتَاب الْإِيمَانِ. حديث رقم 106

    [xi]ـ سنن ابن ماجه . كِتَاب التِّجَارَاتِ. حديث رقم 2246

    [xii]ـ صحيح مسلم . كِتَاب الْإِيمَانِ . حديث رقم 147 102

    [xiii]ـ سورة المطففين الاية 1ـ5

    [xiv]ـ سورة الأنعام الاية 152

    [xv]ـ سورة الشعراء الاية 181 ـ 182

    [xvi]ـ سنن أبي داود . كِتَاب الْأَدَبِ. حديث رقم 4945

    [xvii]ـ المعجم الأوسط للطبراني . الجزء الثامن . حديث رقم 7540

    [xviii]ـ مسند أحمد . بَاقِي مُسْنَدِ الْمُكْثِرِينَ . حديث رقم 8403

    [xix]ـ صحيح البخاري . كِتَاب الْبُيُوعِ . بَاب النَّجْشِ. حديث رقم2035

    [xx]ـ صحيح البخاري . كِتَاب الْبُيُوعِ . لا يبيع بعضكم على بيع أخيه . حديث رقم2033

    [xxi]ـ صحيح البخاري . كِتَاب الْإِجَارَةِ . بَاب أَجْرِ السَّمْسَرَةِ . حديث رقم2154

    [xxii]ـ سورة البقرة الاية 282


    اللّهمَّ إنِّي أَسأَلُكَ خَيرَ الـمَسألَة، وَخَيرَ الدُّعَاء، وَخَيرَ النَّجَاح، وَخَيرَ العَمَل، وَخَيرَ الثَّوابِ، وَخَيرَ الحـيَاة، وَخَيرَ الممات، وثبِّتني، وثقِّل موازيني، وحَقِّقْ إِيـمَانِي، وارفَعْ دَرَجَاتِي، وَتَقَبَّل صَلاَتِي، واغفِرْ خَطيئَتِي، وَأَسأَلُكَ الدَّرَجَاتِ العُلَى مِنَ الـجَنَّةِ

  2. #2
    عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية عبدالله الكهالي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    1,040
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: ضوابط السوق فى الاقتصاد الإسلامي

    ضوابط السوق
    فى النظام الاقتصادي الإسلامى
    الدكتور/ عطية السيد فياض
    مدرس الفقه المقارن بجامعة الأزهر

    مصر
    السوق فى النظام الاقتصادي الإسلامى

    أولى الإسلام عناية فائقة بالحضارة والتقدم والرقى والتمدن وحث على النشاط المالي وتوفير الرفاهية للمجتمع، ولذلك امتن الله على قريش بأن سهل لهم الوصول إلى أهم الأسواق فى عصرهم ووفر لهم نعمة أمن الطريق حيث يقول تعالى: ( لإيلاف قريش* إيلافهم رحلة الشتاء والصيف * فليعبدوا رب هذا البيت* الذى أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف )(1). وقد عاب القرآن الكريم على العرب عندما كانوا يعتقدون أن المشى فى الأسواق يتنافى مع الهيبة والجلال وينبغى أن يكون النبى بعيدا عن هذه الأماكن، فقال تعالى على لسانهم: ( وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق.. )(2) فرد الله عليهم بقوله: ( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق 00) (3).
    ولما تأثم المسلمون آن يشتغلوا بالتجارة فى مواسم الحج نزل قوله تعالى) : ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم.. ) (4) ولذلك حظيت التجارة التى هى أس التعامل فى الأسواق بكثير من النصوص الشرعية،
    (1) قريش: ا-4. (2) الفرقان: 7.
    (3) الفرقان: 0 2 (4)ا لبقرة: 98 1.
    وعنى الإسلام بوضع الضوابط والأسس وإرساء القواعد والأحكام والإكثار من التوجيهات والنصائح التى تأخذ بيد هذا النشاط البالغ الأهمية إلى الطريق المستقيم الذى تتحقق فيه مصلحة الأفراد والجماعات على حد سواء. ويقوم السوق فى الإسلام على أساس المنافسة الحرة ولكنها ليست حرية مطلقة أو منفلته ولكنها حرية منضبطة بميزان الإسلام.
    ونتناول فى هذا البحث المنافسة فى السوق الإسلامية ثم ضوابط هذه المنافسة وآدابها فى مطلبين مستقلين.
    المطلب الأول حرية المنافسة فى السوق الإسلامية

    يقوم الفهم الإسلامى للسوق ودوره فى الحياة الاقتصادية أساسا على أنه يخضع للمنافسة الحرة بين المتعاملين فيه، وأن أى تدخل فى السوق- من حيث المبدأ- هو ضد السير الطبيعى للقوانين التى يسير الله بها الحياة، سواء كان هذا التدخل من السلطة الممثلة للمجتمع (الدولة) فى صورة تسعير السلع، أو من الأطراف المتعاملة فيه فى صورة اتجاهات احتكارية. ويقتضى نظام المنافسة الحرة فى السوق أن تكون الأسعار نتيجة للعرض والطلب، وأن أى تغير فى السعر ارتفاعا أو انخفاضا يكون نتيجة لتفاعلهما، ولذلك فالأصل فى الإسلام عدم التسعير إلا لضرورة تقتضيها ظروف المجتمع.
    كذلك يقتضى هذا النظام أن تكون هناك حرية كاملة فى السوق من حيث الدخول فيه والخروج منه وحرية انتقال عناصر الإنتاج بين وجوه الاستخدام المختلفة، ويؤدى توافر هذه الحرية فى السوق الإسلامية إلى توزيع القوى الاقتصادية، وعدم حصرها فى مشروع واحد أو عدد قليل من المشروعات الأمر الذى يحول دون ظهور الاتجاهات الاحتكارية التى تحاول حصر الإنتاج وتحديده ورفع الأسعار وإيجاد الاستغلال.
    ولذلك فقد حث الإسلام على كل الأعمال التى فيها خير للمجتمع من زراعة وصناعة وتجارة وغيرها، وذلك لحاجة المجتمع إلى كل هذه الأنشطة مجتمعة.
    قال تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله.
    والمؤمنون " (1) وقال تعالى) :وآخرون يضربون فى الأرض يبتغون من فضل الله) (2) وقال تعالى (فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه) (3).
    وأخرج البخارى عن المقدام رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه و سلم قال: ( ما أكل أحد طعاما قط- خيرا من أن يأكل من عمل يد ه، وإن نبى الله داود- عليه السلام- كان يأكل من عمل يده) (4).
    والحرف والصناعات من المصالح العامة للمسلمين وليس الحق فيها
    لواحد بعينه، ولا يجوز لأهل أية صناعة أن يمنعوا أحدا من الدخول فيها إذا أراد ذلك وهو متقن لها. قال ابن عابدين فى باب الحجر: " يعلم من هذا عدم جواز ما عليه بعض أهل الصنائع والحرف من منعهم من أراد الاشتغال فى حرفتهم وهو متقن لها، أو أراد تعلمها فلا يحل التحجير" (5) وقال الشاطبى " كل فعل يؤدى إلى مصلحة لا يجوز المنع طالما يحقق هذه المصلحة" (6)، ومعنى ذلك أن حصر الإنتاج واحتكاره وهو عين الاحتكار فى العرف الاقتصادى الحديث لا يجوز سواء جاء من جانب أصحاب الحرف أو من ولى الأمر، وخاصة إذا كان هذا الاحتكار لمصلحة خاصة أو طبقة معينة، أما إذا كان لأجل المصلحة العامة التى تقدر بقدرها فلا بأس تطبيقا للقواعد العامة فى الإسلام.
    وإذا كان الفقهاء قد حاربوا احتكار الصنائع والحرف فإنهم قد حاربوا احتكار التجارة فى الأسواق وجعلوا من الظلم البين حصر البيع فى السوق بأناس مخصوصين وإغلاق السوق عليهم، والتحكم فى الإنتاج عن طريق منع مؤسسات أخرى من الدخول فى صناعة سلعة أو خدمة معينة، وأيضا احتكار السلع وحبسها عن الناس بإرادة إغلائها عليهم وهنا يكون لولى الأمر
    (1) التوبة: 105 (2) المزمل: 20 (3) الملك: 15.
    (4) ابن حجر- فتح البارى- 4\355

    (5) ابن عابدين- رد المختار على ا لدر المختار-5\93
    (6) الشاطبى- ا لموافقات فى أصول ا لأحكام- 2\196
    أن يجبر المحتكرين على تحرير السلع والخدمات يقول ابن تيمية: وأبلغ من هذا أن يكون الناس قد التزموا أن لا يبيع الطعام أو غيره إلا أناس معروفون لاتباع تلك السلع إلا لهم، ثم يبيعونها هم، فلو باع غيرهم ذلك منع، فهاهنا يجب التسعير عليهم بحيث لا يبيعون إلا بقيمة المثل ولا يشترون أموال الناس إلا بقيمة المثل بلا تردد فى ذلك عند أحد من العلماء.
    وقد بين ابن خلدون خطر احتكار السلطان لتجاة ما والتضييق على
    الرعايا فقال " مضايقة الفلاحين والتجار فى شراء الحيوان والبضائع وتيسير أسباب ذلك، فإن الرعايا متكافئون فى اليسار، متقاربون، ومزاحمة بعضهم بعضا تنتهى إلى غاية موجودهم أو تقرب، وإذا رافقهم السلطان فى ذلك وماله أعظم كثيرا منهم، فلا يكاد أحد منهم يحصل على غرضه فى شىء من حاجاته ويدخل على النفوس من ذلك غم ونكد" (1).
    وإذا أعطى السوق مثل هذه الحرية الكاملة فى المنافسة، فإن السوق
    يقوم بدوره فى الحياة الاقتصادية من حيث توزيع السلع والخدمات، وفى توجيه الإنتاج وتوزيع الدخل، ونشير إلى هذه الأمور الثلاثة بشىء من التفصيل:
    أولا: دور السوق فى توزيع السلع والخدمات
    التوزيع العادل للثروة والدخل يضمن عدالة توزيع السلع والخدمات،
    وذلك لأن الفرد فى ظل المنافسة الحرة يسعى لترتيب إنفاقه ليحصل على أكبر منفعة ممكنة له أما إذا حدث احتكار ولم تكن القوة الشرائية للمتعاملين متقاربة فإن هذا ينتج عنه كما قال ابن خلدون: أن معظم الرعايا لا يكاد أحد منهم يحصل على غرض من شىء من حاجاته وفى ذلك من العواقب السيئة مافيه.
    وعلى ذلك فالأسواق الإسلامية تعكس الأهمية النسبية للسلع المختلفة،
    وذلك لأن الثروة والدخل سوف يوزعان توزيعا مناسبا بين أفراد المجتمع، وبناء على ذلك يعمل جهاز الثمن على تصنيف المستهلكين حسب مقدرتهم الشرائية، ويتحدد مجموع السلع والخدمات وتوزيعها بين مختلف السكان بواسطة الأسعار ويبقى دور الدولة الرقابى على السوق لضبطه وتصحيح النتائج التى تسفر عنها هذه الحرية (1).
    (1) ابن خلدون- ا لمقدمة- 2\172.
    (2) مستعين عبد الحميد- السوق وتنظيماته-59
    ثانيا: دور السوق فى توجيه الإنتاج

    يتم تحديد عناصر العملية الإنتاجية بواسطة السوق الحرة فى النظام الإسلامى حيث يعمل جهاز الأسعار على توجيه الموارد الإنتاجية إلى الاستخدامات التى يتولد عنها منتجات يطلبها الأفراد كمستهلكين على. أساس أن ما يدفعونه من ثمن لهذه المنتجات يغطى تكاليف إنتاجها وبذلك تتوقف قرارات المنتجين وأصحاب رؤوس الأموال فى الإنتاج على حسب توقعاتهم للأرباح فارتفاع الأسعار على سلعة ما. نتيجة لزيادة الطلب الفعلي عليها تشجع المنتجين على التوسع فى الإنتاج كما أن الأسعار المتدهورة هى إشارة للمنتجين لتخفيض إنتاجهم وتحويل الموارد لإنتاج صنف آخر، ويرى أبن خلدون أن الكسب والمعاش إنما يكون بالصنائع والتجارة، وأن المنتجين دائما ينظرون إلى الكسب فإذا قلت احتمالات الكسب قلت تبعا لذلك رغبتهم فى الإنتاج وكسد سوقهم فيقول: " إذا استديم الرخص فى سلعة أو عرض ما من مأكول أو ملبوس أو متمول على الجملة، فسد الربح والنماء بطول تلك المدة وكسدت سوق ذلك الصنف فقعد التجار عن السعى فيها وفسدت رؤوس أموالهم واعتبر ذلك بالزرع فإنه إذا استديم الرخص يفسد به حال المحترفين بسائر أطواره من الفلح والزراعة لقلة الربح فيه أو ندرته أو فقده، فيفقدون النماء فى أموالهم أو يجدونه على قلة، ويعودون بالإنفاق على رؤوس أموالهم وتفسد أحوالهم ويصيرون إلى الفقر والخصاصة. ويحظر الإسلام إنتاج السلع الضارة التى تستنزف جزءا من موارد
    الإنسان دون أن تعود عليه بالنفع، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه و سلم ( فى الخمر عشرة، عا صرها، و معتصرها، وشا ر بها، و حا ملها، وا لمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشترى لها، والمشتراة إليه ) (1) فيتضح من هذا أن التحريم لم يقع على شارب الخمر وحده بل على كل النشاطات الاقتصادية الأخرى التى تعمل فى هذه الصناعة ابتداء من عمليات الإنتاج وتسويقها حتى المرحلة النهائية فيها.
    وقد يكون الإنتاج فى حد ذاته مباحا ولكن المنتجين له استغلوا السوق
    (1) الحديث رواه الترمذى وابن ماجة، قال عنه الترمذى: (2) حديث غريب سنن والترمذى 2\380، سنن ابن ماجة 2-1122
    ومارسوا سياسة احتكارية، هنا لا يحرم الإنتاج نفسه بل يحرم الفعل
    ا للاحق.
    ويمكن القول بناء على ذلك إن عملية تخصيص الموارد الإنتاجية فى الاقتصاد الإسلامى تهتدى بمؤشرات الأسعار والأرباح على ضوء القواعد الشرعية المجمع عليها.
    ثالثا: دور السوق فى توزيع الدخل:
    يتحدد نمط توزيع الدخل بما يحصل عليه كل فرد من دخل نتيجة لعوامل
    الإنتاج التى يملكها وعلى أسعار هذه العوامل ويتضح ذلك فيما يلى:-
    1- دور السوق فى تحديد الأجور:
    يخضع تحديد الأجر- كعائد للعمل فى الاقتصاد الإسلامى- لقواعد
    ومبادئ خاصة تعمل على تنظيم الأجر فى مرحلة أولى تسبق العرض الفعلي للعمل فى السوق، بحيث لا يقل عن كفاية الملبس والمسكن والى كل فى المستوى المقرر عرفا لأصحابه.
    أما بعد هذا الحد الأدنى فإن الأجر يتحدد تبعا لظروف السوق، أي عرض
    العمال والطلب عليهم، وتتفاوت الأجور تبعا لطبيعة الإنتاج ومتطلباته وقوة أو ضعف الطلب عليه، والمهارة المطلوبة فى العمال وقدراتهم واستعدادهم الفطري والمكتسب وطول فترة التدريب أو قصرها، ومن أشهر التطبيقات لتقدير الأجر ما ذكره الإمام الماوردى من أصول تقدير عطاء الجيش أما تقدير العطاء فمعتبر بالكفاية حتى يستغنى بها عن التماس مادة تقطه عن حماية البيضة.. والكفاية معتبرة من ثلاثة أوجه:-
    أحدها: عدد من يعوله من الذرارى والمماليك، والثانى: عدد ما يربطه من الخيل والظهر، الثالث: الموضع الذى يجله فى الغلاء والرخص، فيقدر كفايته فى نفقته وكسوته لعامة كله، فيكون هذا القدر فى عطائه ثم تعرض حالة فى كل عام فإن زادت رواتبه الماسة زيد وإن نقص نقص.
    وبناء على ذلك فإن على الدولة فى النظام الإسلامى أن تتدخل لحماية العمال
    من أرباب العمل وذلك بسن القوانين التى تكفل لهم حد الكفاية المعتدل فى أجورهم وأيضا تحسين ظروفهم الصحية والترفيهية والاجتماعية.
    2- دور السوق فى تحديد الربح:
    يعترف الإسلام بنصيب رأس المال فى العائد الذى يدره هذا المال، وهذا يعنى أن الأرباح المسموح بها فى الاقتصاد الإسلامى هى التى تأتى عن طريق استثمار رأس المال فى الإنتاج وقد حقق الإسلام بذلك توازنا بين العناصر الإنتاجية التى تساهم فى الإنتاج حينما حرم الربا الذى يعنى أن يضمن أحد عناصر الإنتاج- صاحب رأس المال- الربح دون مشاركته فى الخسارة، ولكنه أقر أسلوب المشاركة فى الغنم والغرم، وهذا الغنم والغرم إنما يتحدد عن طريق عوامل السوق وهو ما يعرف فى الفقه بنظام المضاربة.
    3- دور السوق فى تحديد الريع:
    الريع هو مقابل السعر الذى يدفع لقاء خدمات الأرض، وتتحدد قيمة الريع حسب جودة الأرض وما تنتجه من محاصيل وثمار، وقيمة الإنفاق على هذه الأرض.
    المطلب الثانى
    ضوابط المنافسة وآدابها
    لكى يسير السوق سيره الطبيعي و لضمان عدم انحرافه بما قد يفتعله البعض من أمور تخل بنظامه وتفسد صورته وحتى لا يظلم فيه أحد ولا يعتدى فيه على مال أحد، فإن الإسلام قد وضع جملة من القواعد والضوابط التى تكفل لحركة السوق أن تسير سيرها الطبيعي فى مسارها الصحيح الذى تتحقق فيه المصلحة لكل من البائع والمشترى والذي به تزداد الثقة بين الناس ويستقر التعامل داخل المجتمع.
    وتتمثل هذه الضوابط فيما يلى:-

    أولا: عدم مخالفة مقاصد الشريعة فى العبادة

    من الواجب على المسلمين ألا تلهيهم التجارة والأسواق عن- ذكر الله وأداء فرائضه واجتناب محارمه وإقامة شعائر الإسلام
    ثانيا: التحرى فى الكسب الحلال.
    يوجب الإسلام على التاجر أن يتحرى الحلال فى كسبه وفى معاملاته،
    وأن يجتنب كل ما حرمه الله ورسوله، وقد حذر النبي صلى الله عليه و سلم من التهاون فى الأمر وعدم تمحيص الكسب فيقول " يأتى على الناس زمان ما يبالى الرجل من أين أصاب المال من حل أم من حرام."
    ولذلك يجب على المسلم أن يبتعد فى تجارته عن كل شئ حرمه الإسلام،
    فلا يتعامل بالربا ولا يتاجر فى المحرمات كالخمر والخنزير والميتة، بل يبتعد
    عن بيع كل ما يعين على معصية إذا علم أن مشتريها سوف يستخدمها فى المحرمات
    فالاتجار فى العنب- مثلا- مباح، كذا السلاح، ولكن لا يجوز بيع

    العنب لمن يتخذه خمرا أو بيع السلاح للكفار أو اللصوص الذين يهددون أمن المسلمين ويروعون المجتمع.
    عن عبد الله بن بريدة- رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
    "من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه ليهودى أونصرانى أو ممن يتخذه خمرا فقد تقحم النار على بصيرة" (1) ويستدل بهذا عل تحريم بيع العنب لمن يتخذه خمرا، وتحريم كل بيع أعان على معصية قياسا على ذلك.
    وقد ذهب إلى عدم صحة هذا العقد.
    ثالثا: قيام التجارة على التراضى

    يهتم الإسلام أن يكون التعاقد بين الناس نتيجة إرادة حرة مبعثها رضا الطرفين وموافقتهما على التعاقد، ولذلك كانت الصيغة ركنا من أركان العقد حتى تدل على وجود التراضى، والقرآن الكريم عندما أباح التجارة قيدها بشرط وجود التراضى فيها (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) (2) والتراضى يقتضى أن يكون المشترى مختارا فى الشراء، والبائع مختارا فى البيع، وكلاهما مختار فى تقدير الثمن الذى يشترى به
    أو يبيع به، فإذا كان أحدهما مضطرا للشراء بأى ثمن فإن عنصر الرضا لايكون قائما وتفقد التجارة أعظم عناصرها وأركانها وهى حرية التعاقد، ولذلك كان الاحتكار والتجارة نقيضين لا يجتمعان، لأن التجارة تقتضى التراضى والاحتكار لا يعتمد على الرضا بل يعتمد على الاضطرار (3).
    --------------------------
    (1) الشوكانى- نيل الأوطار- 5\154 الصنعانى- سبل ا لسلام- 3\29- 30.
    (2)1 لنساء:29.
    31) سعيد أبو ا لفتوح- الحرية الاقتصادية فى ا لإسلام- 517.
    ا- معاملة ناقص الأهلية.
    أ- بيع الصبى وشراؤه، اتفق الفقهاء على أن الصبى إن كان. غير مميز فلا ينعقد بيعه ولا شراؤه سواء أذن له وليه أم لم يأذن، أما الصبى المميز فيرى الحنفية والمالكية وقول فى مذهب الحنابلة: أن بيع. الصبى المميز ينعقد ويتوقف نفاذه على إجازة وليه، لأن البلوغ ليس شرطا لانعقاد البيع وإنما شرط لنفاذه (1) بينما يرى الشافعية وقول فى مذهب الحنابلة أن بيع الصبى باطل وكذلك شراؤه سواء أذن له وليه أم لم يأذن لأن رفع القلم عنه يقتضى إسقاط أقواله وأفعاله (2).
    ب- أما المجنون فإن زال عقله بسبب لا دخل له فيه، فلا يصح بيعه ولا شراؤه، وإن زال عقله بسبب، فإن كان بسبب تعاطيه شيئا غير محرم فلا يصح أيضا وإن كان بسبب محرم ففيه أربعة أقوال أقربها. للقبول رأى الحنابلة وقول فى مذهب الشافعية: أن بيع السكران لا يصح لأن البيع يعتبر فيه الرضا وهو غير معروف من السكران لأنه لا يعقل فهو كالمجنون (3). لأن القول بغير هذا يؤدى إلى تضييع الحقوق وأكل أموال الناس بالباطل.
    ب- المكره، فإن كان إكراهه بحق كما لو كان على شخص دين أو نفقة واجبة فامتنع عن أدائها ومعه متا ع يمكن الوفاء منه، فالقاضى مخير بين أن يبيع ماله بغير إذنه أو يكرهه على البيع ويصح (4) وإن كان الإكراه بغير حق كما لو أجبره ظالم على بيع ماله.
    والراجح أن المكره لا يلزمه شئ من تصرفاته لقول النبى صلى الله عليه و سلم رفع عن
    أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه (5).
    --------------------------------
    (1) ابن عابدين- رد المختار-4\25، الخرشى على خليل- 5\9، ابن قدا مة.
    (2) النووى- ا لمجموع-9\155.
    (3) البهوتى- المرجع السابق- 2\14
    (4) الخرشى على خليل-5\9
    (5) الحديث رواه ابن ماجة- سنن ابن ماجة- ا/659.
    د- السفيه (1)، إن تصرف قبل الحجر عليه من قبل الحاكم فيجوز تصرفه عند جمهور الفقهاء لأن المانع من التصرف هو الحجر عليه ولم يوجد. وهناك قول بأن تصرفه فى هذه الحالة لا يجوز لأن المانع من التصرف هو السفه وهو موجود.
    أما تصوفه بعد الحجر، فالراجح عدم صحة تصرف السفيه لأنه فى معنى الصبى وقد يستغل البعض سذاجته وطيشه البين لاستنزاف أمواله وبعثرتها فيما لا ينفعه.
    هذا وقد أعطى الإسلام للمشترى حق رؤية السلعة التى يرغب شراءها ومنحه مهلة ليتدبر أمره، ويشاور غيره حتى يكون قراره صادرا عن إرادة جازمة صحيحة، بل إذا ظهر فى السلعة بعد شرائها عيب لم يكن يعلم به المشترى وقت الشراء فللمشترى ردها على صاحبها إن أراد.
    وبهذا يفسح الإسلام المجال للخيار بين المتعاقدين وبذلك تبنى المعاملات
    على قاعدة متينة وأسس واضحة تتوفر فيها الجدية الكاملة والإرادة الحرة والرضا التام.
    رابعا: الصدق فى التعامل

    الصدق فضيلة وخلق إسلامى حث عليه الإسلام وأمر به المسلمين عامة،
    وركز على التجار بأن يلتزموا جانب البيان والوضوح فيما يشترون أو يبيعون، ووعدهم على ذلك أحسن الجزاء، عن أبى سعيد الخدرى- رضى الله عنه- عن النبى صلى الله عليه و سلم - قال: (التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء ) (1).
    فالصدق فى التعامل يغرس الثقة فى نفوس المتعاملين، ويبعث الاطمئنان فى قلب كل من البائع والمشترى، ويجعلهما على بينة من أمرهما فإن شاءا أتما البيع، وإن شاءا لم يتماه، ولا شك أن هذا من أعظم أسس التجارة، ويجنب الأسواق الهزات العنيفة التى يكون سببها المعلومات المضللة وا لدعاية الكاذبة والخادعة.
    -----------------------
    (1) السفه: خفة الحلم، وقيل نقيض الحلم، وأصله الخفة والحركة وقيل الجهل، واصطلاحا: خفة تعترى الإنسان فتبعته على التصرف فى ماله بخلاف مقتضى العقل،
    (2) الحديث رو اه ا لترمذى والحاكم بإسناد حسن، الجا مع الصغير للسيوطى 1\134
    عن أبى ذر- رضى الله عنه- عن النبى قال: ( ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، قال: فقالها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات، فقلت: خابوا وخسروا، ومن هم. يا رسول الله؟ قال: المسبل والمنان، والمتفق سلعته بالحلف الكاذب أوفى رواية أخرى( ورجل جعل الله بضاعته لا يشترى إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه. ورجل اتخذ الأيمان بضاعته يحلف فى كل حق وباطل ) (1).
    ومن أجل ذلك أمر الإسلام البائع أن يظهر ما فى سلعته من عيوب
    وألا يكتم شيئا منها، وأرشد المشترى أنه إذا اشترى شيئا لم يره فالو بالخيار إذا رآه على خلاف ما اتفق عليه.
    وورد عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا فيه عيب إلا بينه له، ويذكر العداء بن خالد- رضى الله عنه- قال كتب لى النبى- صلى الله عليه وسلم -: هذا ما اشترى محمد رسول الله من العداء بن خالد بيع المسلم للمسلم، لا داء، ولا خبثة، ولا غائلة (2) أى لا عيب ولا أخلاق سيئة ).
    خامسا: الأمانة فى التعامل:
    إن التجارة إذ أباحها الإسلام واعتبرها طريقا من طرق الكسب الحلال
    فإنه من قبيل التعاون الإنسانى والتكافل الاجتماعى بين بنى الإنسان، والإسلام بهذا يغرس فى نفس التاجر المسلم معنى ساميا من معانى الأخوة الإسلامية، فلا يسمح لنفسه أن يستغل أخاه المسلم أو يظلمه، ولا يحاول أن يغشه أو يخدعه، وتكون التجارة بهذا عملا إنسانيا فى المقام الأول.
    -------------------------
    (1) الحديث رواه مسلم و أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجة وقال عنه والترمذى حديث حسن انظر: سنن ابن ماجة 2/755 .
    (2) الحديث رواه البخارى- الفتح- 4/362.
    ومن أجل ذلك حرم الإسلام الأفعال التى تنطوى على الغش والتدليس والخداع من كلأ الطرفين، بل من تسول له نفسه أن يقوم بشئ من هذا فليس من المسلمين وفى هذا ذم له.
    وقد مر النبى- صلى الله عليه وسلم - على صبرة طعام فى السوق فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا، فقال: أما هذا يا صاحب الطعام؟ قال يا رسول الله: أصابته السماء، قال أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس، من غشنا فليس منا ) .
    كذلك أوجب الإسلام ضبط الموازين وتوخى الدقة فى أدوات الكيل،
    ووجه التاجر المسلم إلى الاحتياط فى ذلك لكيلا يقع فى جريمة التطفيف المتوعد عليها بالويل، قال تعالى: ( أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين * وزنوا بالقسطاس المستقيم * ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا فى الأرض مفسدين " (1).
    كما اهتم الإسلام بسلامة النقود من العبث بمادتها وجوهرها وأن الغش
    فى النقد هو بمثابة الغش فى السلعة بل أشد ضررا.
    هذه التوجيهات كلها لضبط التعامل فى السوق وتوجيهه التوجيه الصحيح، ولم يكتف الإسلام بضرورة ترك الخيانة فقط بل أفاض فى بيان ضرورة أن ينصح المسلم أخاه ويبين له ما يراه عند إتمام صفقته من عيب أو مزية. عن جرير- رضى الله عنه- أنه قال بايعت رسول الله- صلى الله عليه سلم- على السمع والطاعة، وأن أنصح لكل مسلم، وكان إذا باع الشئ أو اشترى، قال: أما الذى أخذنا منك أحب إلينا مما أعطيناك، فاختر، وكان إذا قام للسلعة يبيعها بصر بعيوبها، ثم خير المشترى بقوله: إن شئت فخذ، وإن شئت فاترك فقيل له: إنك لو فعلت هذا لم ينفذ لك بيع، فذكر الحديث " (2).
    سادسا: السماحة فى التعامل
    يحرص الإسلام على ترشيد سلوك الإنسان وهو يتعامل مع غيره، فيوصى بالسماحة فى المعاملات كلها بيعا وشراء، قضاء، واقتضاء، وينهى
    ---------------------
    (1)1 لشعراء:181-183.
    (2) الحديث متفق عليه، انظر ا لعراقى فر تخريج أحاديث ا لإحياء- 2/69.
    عما يخدش !لك من كثرة الحلف والمماطلة والتسويف فى أداء الحقوق ورد ا لديون (1).
    وعن أبى سعيد الخدرى- رضى الله عنه-: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفضل المؤمنين رجل سمع البيع، سمح الشراء، سمح القضاء، سمح الاقتضاء (2). ومن السماحة فى التعامل أن يحسن المدين فى الأداء، فلا يخلف وعدا ولا يكذب فى الحديث ولا يماطل. عن أبى رافع رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استلف من رجل بكرا فقدمت عليه إبل من الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضى الرجل بكره، قال: لا أجد إلا خيارا رباعيا، فقال عليه الصلاة والسلام: أعطه إياه، فإن خيار الناس أحسنهم قضاء! (3).
    وهذا من مكارم الأخلاق ومن مقتضيات حسن المعاملة المحمودة عرفا وشرعا، بل وحث الإسلام على حسن النية عند بدء التعامل، فمن أبرء عقدا مع أخيه وفى نيته المماطلة وأكل الحقوق كان آثما، عن أبى هريرة- رضى الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله أ (4). ومن السماحة فى المعاملة أن يقيل من يستقيله، فقد يشترى الإنسان شيئا أو يبيع سلعة ثم يشعر بعد تمام الصفقة بالندم على عقده لها، فيريد العدول فيل! إلى من يتعامل معه يطلب منه إقالته من هذه الصفقة، هتا نجد الإسلام يحث على قبول الإقالة وذلك رفعا للضيق والحرج الذى وقع فيه طالب الإقالة.
    سابعا: تحريم الأعمال التى تلحق الضرر بالسوقي وتحد من حريته.
    حرص الإسلام على الحرية الكاملة للأسواق فى إطار الضوابط الشرعية فى الكسب والربح ولذلك حرم جملة من الأعمال التى تلحق الضرر بالمسلمين
    ------------------------
    (1) أحمد ا لعسال- النظام الاقتصادى فى ا لإسلام- 164.
    (2) رواه الطبرانى فى الأوسط ورواته ثقات.
    (3) روا5 أبو داود فى سننه:: س!ق أبى داود 2483.
    (4) رواه البخارى، الفتح 66/5.
    فى سوقهم وتمنع الناس من الحصول على حاجاتهم بسهولة ورفق:-
    منع الإسلام التسعير الجبرى إذا كان فيه ظلم لأصحاب السلع ولم يكن
    ثمة احتكار من جانب التجار، عن أنس- رضى الله عنه- قال: غلا السعر على عهد رسول الله- صلى الله عليه و سلم - فقالوا يا رسول الله: لو سعرت، فقال: إن الله هو القابض الباسط الرازق المسعر، وإنى لأرجو أن ألقى الله- عز وجل
    - ولا يطلبنى أحد بمظلمة ظلمتها إياه فى دم ولا مال صلى الله عليه و سلم (1).
    - منع الإسلام احتكار السلع لما فى حبسها عن الناس من التضييق عليهم فضلا عن غلائها، عن. أبى هريرة- رضى اللة عنه- قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من احتكر حكرة يريد أن يغلى بها على المسلمين فهو خاطىء) (2). النهى عن المنافسة على صفقة لم يتم إبرامها، كأن يبيع على بيع أخيه أو يشترى على شراء أخيه لما فى ذلك من الإضرار والإفساد، عن عبد الله بن عمر- رضى الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه و سلم - قال: لا يبع بعضكم على بيع أخيه.
    - النهى عن التناجشر وهو الزيادة فى السلعة لا ليشتريها بل ليغرى غيره، وروى عن ابن عمر- رضى الله عنه- أن رسول الله- !- نهى عن الن!ش (3)..
    - النهى عن تلقى الركبان والمراد بهم الذين يجلبون إلد البلد السلع للبيع، سواء كانوا ركبانأ أو مشاة، جماعات أو وحدانا والمراد من التلقى: انتظارهم بعيدأ عن الأسواق وفى ذلك إضرار بالحاضرين من الناس (4)، كما نهى أن يبيع حاضر لباد أى يكون له سمسارا، حيث أن البادى لا يعرف أمر السوق بخلاف الحاضر.
    (1) الحديث رواه الخعسة إلا النسائى وصححه الترمذى، نيل الآوطار219/5،
    (2) الحديث رواه احمد والحاكم، نيل الأوطار221/5.
    (3) الحديث رواه البخارى- الفتح 416/4.
    (4) يوسف قاسم- التعامل ا لتجارى فى ميزان الإسلام- 55.
    ثامنا: منع البيو! المردية إلي الضرر.
    كما نهى الإسلام عن الأساليب والوسائل التى يتخذها التجار أو غيرهم لإلحاق الضرر بالناس، نهى أيضا عن البيوع التى تؤدى إلى ذلك، وقد تكلفت الأحكام التفصيلية بوضع هذا النهى موضع التطبيق العملى، وذلك بتفصيل كثير من المسائل المحظورة التى تؤدى إلى ضرر أو مفاسد وقد وضعت الشريعة الإسلامية لكل عقد شروطا وضوابط تضمن له صيانته من العبث أو يؤدى التعامل به إلى شقاق أو نزاع بين أطرافه.
    فمن شروط صحة العقد أن يكون المعقود عليه مما يجوز التعامل فيه،
    وأن يكون معلوما، موجودا مقدورا على تسليمه، مملوكأ ملكية تامة لصاحبه وألا يقترن به ما يفسده من شرط فاسد أو أجل مجهول، وغير ذلك. تاسعأ: توثيق العقود ضمانأ للحقوق وإقامة للعدل بين الناس. يهتم الإسلام بتوثيق العقود وتوكيدها، وقد نظم جملة من العقود عليها عقود التوثيقات وذلك ليضمن كل ذى حق حقه، ليبتعد الناس عن التنازع والتغابن، وليستطيعوا إقامة العدل عند حدوث الاختلاف والتخاصم (1). ومن الوسائل التى شرعها الإسلام للتوثيق: الكتابة (يا أيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه 00) (2) ومنها: الإشهاد: أو أشهدوا إذا تبايعتم " (3) ومنها: الرهن:! فرهان مقبوضة! (4) ومنها: الضمان أو الكفالة: إوأنا به زعيم) ().
    وهذه التشريعات تؤدى إلى ما قاله الله تعالى: (ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا) (6).
    وقد استثنى التشريع الحكيم التجارة الحاضرة لما فيها من السرعة من الكتابة تيسيرا على التجار فى معاملتهم، وقد استقى القانون الوضعى
    ------------------------
    (1) أحمد ا لعسال- المرجع السابق-107.
    (2) البقرة: 282. (3) البقرة ش 282. (4) البقرة: 281.
    (0) يوسف: 72. (6) 1 لبقرة: 282.
    التجارى هذا الحكم وجعله من أحكامه، قال تعالى: (إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها! (1). عاشرا: الرقابة على السوق
    لم يقتصر دور الإسلام فى ترشيده لسلوك المتعاملين وتنظيمه للأسواق والعناية بها على مجرد الأمر والنهى، وإنما أوجد بالإضافة إلى ذلك نظاما دقيقا من الرقابة على الأسواق حتى لا تخرج عن الإطار الذى رسمه لها الإسلام، أو تنحرف عن القواعد والأسس التى جاءت بها الشريعة الإسلامية فى هذا المجال ! والرقابة فى الإسلام رقابة مزدوجة، تتمثل فى رقابة المرء على نفسه رقابة ذاتية، ورقابة من الغير أو من السلطة على المتعاملين فى السوق.
    أ- الرقابة الذاتية: وهى تعنى أن يكون المراقب والمراقب فيها شخص! واحدا، ويعتمد هذا النوع من الرقابة على تربية الإنسان تربية سليمة قوامها مراقبة الله وخشيته.
    وقد كتب اثنان من الباحثين الفرنسيين مقالا سنة 1946 قالا فيه:
    حاولنا كل النظم الاقتصادية، حاولنا النظم الرأسمالية وفشلنا، وأهم ما فشلنا فيه عدالة التوزيع والرقابة، وأعلنا أن فى الإسلام عجبا لأن الرقابة فيه ليست من شخص على شخص ولا من هيئة على هيئة، وإنما الرقابة التى جاء بها الإسلام هى مراقبة الإنسان لربه، ونضج الضمير الدينى، وهذا وحده قوة كامنة فى الإسلام " (2).
    وتكاد تفيض النصوص الشرعية بالحث على التقوى والتزام طاعة الله
    تعالى فى السر والعلن، وتجعل من الإنسان رقيبا على نفسه ومحاسبا لها من قبل أن يحاسبه القانون أو السلطة.
    ب- الرقابة من الفير: أقام الإسلام نظام الحسبة وفيه يقوم المحتسب بما له من سلطة فعلية بتعقب هؤلاء المفسدين وإصلاح ما أفسدوه، وقد دل على هذا النظام عموم الآيات والأحاديث التى تأمر بالقيام بواجب التناصح والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فضلا عن انعقاد إجماع المسلمين عليه، وقد اهتم
    -----------------------
    (1) البقرة: 282.
    (2) مصطفى الهمشرى: الأعمال المصرفية والإسلام- 290.
    الرسول ! بهذا الأمر وكان يباشيره بنفسه وتبعه من بعده الخلفاء الراشدون والأمراء المهديون.
    ويقوم جهاز الحسبة بتنظيم السوق، وتفقد أحوال المكاييل والموازين،
    ومراقبة إنتاج السلع وتداولها ويمنع المعاملات المحرمة، وغير ذلك من الأمور التى تؤدى إلى انضباط السوق وحسن سيره (1).
    وبهذا يتوفر للسوق أكبر قدر من الرقابة ويضمن للمعاملات أن تأتى
    خالية من كل ما يزعزع الثقة بين الناس وأن تكون فى إطار الضوابط. والقواعد التى جاءت بها الشريعة الإسلامية.
    وبعد.. فهذه ضوابط المنافسة فى الأسواق الإسلامية وهى كفيلة بتحقيق النموذج الأمثل لما يجب أن تكون عليه هذه الأسواق من ضبط وتنظيم وقد قضى الإسلام بذلك على مساوئ الحرية المطلقة التى لا تقيدها قيود الشر 4 والأخلاق وعلى مساوئ الجمود والمركزية، إذ أعطى للأسواق حريتها ولكن فى حدود ضوابط الشرع والأخلاق.
    اللّهمَّ إنِّي أَسأَلُكَ خَيرَ الـمَسألَة، وَخَيرَ الدُّعَاء، وَخَيرَ النَّجَاح، وَخَيرَ العَمَل، وَخَيرَ الثَّوابِ، وَخَيرَ الحـيَاة، وَخَيرَ الممات، وثبِّتني، وثقِّل موازيني، وحَقِّقْ إِيـمَانِي، وارفَعْ دَرَجَاتِي، وَتَقَبَّل صَلاَتِي، واغفِرْ خَطيئَتِي، وَأَسأَلُكَ الدَّرَجَاتِ العُلَى مِنَ الـجَنَّةِ

 

 

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
لتوفير الجهد والوقت عليك ابحث عن ما تريد في جوجل من هنا

جميع الحقوق محفوظة لـ شبكة توب ماكس تكنولوجي

Copyright © 2007 - 2010, topmaxtech.net . Trans by topmaxtech.

المعهد غير مسئول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء
فعلى كل شخص تحمل مسئولية نفسه اتجاه ما يقوم به من بيع وشراء و اتفاق مع أي شخص أو جهة