لم يعد كافياً أن ترتقي الحكومة الكلاسيكية بأساليبها لمواجهة التغيير بل أضحى من الضروري إعادة النظر جذرياً بنموذجها وإبتكار نموذج آخر جديد تماماً. وبما أن طرحنا لموضوع الحكومة الإلكترونية يعتبر طرحاً ثورياً في كل مجالات العمل الاداري العام، كان لا بد من أن نقدم تعريفاً مناسباً لتلك الحكومة وأن نلقي الضوء على أساليبها وعملية إرتقائها من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج الإلكتروحكومي، وقد تعددت تعريفات الحكومة الإلكترونية فمنهم من وصفها على أنها الخدمات الحكومية عبر الإنترنت ومنهم من قصد بها الإدارة العامة الإلكترونية، ومن أجل إضفاء صفة شمولية على الموضوع نقدم التعريف التالي:

"الحكومة الإلكترونية هي النسخة الإفتراضية عن الحكومة الحقيقية الكلاسيكية مع فارق أن الاولى تعيش في الشبكات وأنظمة المعلوماتية والتكنولوجيا وتحاكي وظائف الثانية التي تتواجد بشكل مادي في أجهزة الدولة"

ومن أجل التسهيل نقدم تعريفاً آخراً بشكل مبسّط : " الحكومة الإلكترونية تهدف إلى تقديم الخدمات الحكومية على إختلافها عبر الوسائط الإلكترونية وأدوات التكنولوجيا وأهمها الإنترنت والإتصالات ".

وينطلق تعريفنا للحكومة الإلكترونية من حقيقة أن الحكومة الإلكترونية سوف تلامس حاجات الناس تماماً كما فعلت وتفعل الحكومات الكلاسيكية وهي لن تكون بديلاً عنها بل الوجه الآخر لها ولكن في الفضاء الإلكتروني، ومن المفيد هنا أن نقوم بتعريف الفضاءات الحكومية ومنها الفضاء الإلكتروحكومي وهو الكيان المنطقي الذي تجري فيه معاملات الحكومة الإلكترونية جميعها وتحيا فيه جميع عناصر منظومة الحكم الإلكتروني ويمثل الفضاء الماديحكومي جميع الكيانات المرتبطة بالحكومة الكلاسيكية وعلاقاتها ببعضها البعض، ومن المهم في سياق عملنا في الحكومة الإلكترونية أن يتم تقليص نقاط الإتصال بين الفضائين المذكورين إلى حدودها الدنيا.

أهداف الحكومة الإلكترونية
تدعم الحكومة الإلكترونية عمليات الحكومة الكلاسيكية من حيث تقديم الخدمات آلياً لجمهور المستفيدين ومشاركتهم في صنع القرار وصولاً إلى تحقيق شفافية أكثر في عملية الحكم، كما تهدف إلى تخفيف الأعباء المالية في الإدارات العامة لجهة كلفة إجراء الخدمات مع المحافظة على مستويات عالية لجودة الخدمات، وبما أن الحكومة الإلكترونية سوف تستهدف مجموعات مختلفة من المستفيدين كان من الممكن أن نقدم الأهداف الإلكتروحكومية حسب المجالات التالية:

• المجال الحكومي الشعبي: في مجال علاقة الحكومة بمواطنيها، سوف تقع معظم أهداف الحكومة الإلكترونية في خانة رفاهية المواطن ومشاركته في الحكم، ففي الهدف الإستراتيجي الأول تستطيع الحكومة توصيل الخدمة إلى المواطن بدلاً من أن يصل هو إليها وذلك بإستخدام تكنولوجيا الإنترنت والإتصالات، بينما تساعد أنظمة الحكومة الإلكترونية في مجال التصويت الإلكتروني والإنتخابات الإلكترونية على توسيع دائرة المشاركة الشعبية في العملية الديموقراطية.

• المجال الحكومي – المؤسساتي: تهدف الحكومة الإلكترونية في هذا المجال إلى الدورة الإقتصادية عبر تسهيل معاملات المؤسسات التجارية سواءً كانت مؤسسات محلية، إقليمية أو عالمية.

• المجال الحكومي – الحكومي: على المستوى الحكومي الداخلي، سوف يكون في صميم أهداف الحكومة الإلكترونية الهدف الرامي إلى ردم الفجوة البيانية والإجرائية بين مختلف الوزارات والإدارات العامة، بالإضافة إلى رفع مستويات الكفاءة والفعالية والأداء في الإجراءات والأنظمة الحكومية الداخلية من قبيل مكننة جميع الادارات العامة على سبيل المثال.

• المجال الحكومي – الخارجي: من أهم أهداف الحكومة الإلكترونية في هذا المجال هو عملية دمج الحكومة بطريقة انسيابية وذات جدوى إقتصادية مع محيطها الخارجي، ومن الممكن أن نعدد بعض الأهداف التفصيلية مثل تشجيع السياحة عبر تقديم خدمات ومعلومات سياحية عن البلد للمؤسسات السياحية الخارجية أو للمواطنين الأجانب، كما يعتبر تشجيع الاستثمار الخارجي أحد الأهداف التفصيلية في هذا المجال.

كما رأينا فإن الحكومة الإلكترونية تسعى من خلال نموذجها الجديد أن تساهم في رفد الاقتصاد الوطني وتحسين صورة البلد بشكل عام بالاضافة إلى خدمة العنصر الأهم في المجتمع ألا وهو المواطن.