القوانين و الحرية :
الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس ومن عاش محروماً منها فقد عاش في ظلمة حالكة يتصل أولها بالرحم وآخرها بالقبر .
الحرية ركن من أهم أركان الاستقلال والسيادة فإذا وجدت في بلد ما انتظم أمرها وتحسن حالها وعظم شأنها وعاش أبناؤها عيشة راضية سعيدة .


والحرية ذات معان مختلفة وأنواع كثيرة متعددة وتعرف بأنها قدرة كل إنسان على العمل ضمن حدود القوانين وتنقسم الى قسمين رئيسيين حرية الفرد وحرية المجتمع فحرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الأفراد وتتضح في حياته العائلية من حيث سهره عليها ورعايتها في جو مملوء بالود والسعادة ، وحرية المجتمع فتبدو في تناقل الأفكار وتبادل الآراء وانتشار الثقافة وبناء المدينة والحضارة للسير في مضمار الحياة الإنسانية السعيدة فإذا ما اغتصبت هذه الحرية انعكست الآية وعاش الفرد والمجتمع حياة بائسة فيتقاعس المرء عن عمله ويتوانى عن واجبه ولم يعد يفكر فيما يصنع ومن هنا يبدو لنا أن الحرية من متممات الحياة وإذا ماتصفحنا التاريخ وجدنا أن أكثر ثورات العالم إنما هي نشأت للدفاع عن الحرية

وعلى الشعوب ان تحرر نفسها من العادات والتقاليد البالية المخالفة للعقل والعلم والدين فالناس جميعاً أمام القانون سواء كل له حقوق وعليه واجبات ، لقد كان أجدادنا مثالاً أعلى للدفاع عن الحرية والمساواة والعدالة وها هو صوت الفاروق يجلجل مدوياً في وجه ابن العاص عندما حاول أن ينتهك حرمة رجل من عامة مصر فيقول له جملته الخالدة : / متى استبعدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً / .

فليكن رائدنا العدل وهدفنا المساواة وغايتنا النهوض بهذه الأمة الواحدة ، وإن القانون شرع لحماية حقوق الناس كافة دون تمييز بين فقير وغني سيداً وعبداً ، وإن مهمة المحامي والقاضي الدفاع عن المتهم المظلوم الضعيف وحماية حقوقه وحقوق الأمة .

و من أمثلة حرية التعبير في الإسلام :
- اعتماد مبدأ التشاور وعدم الفردية في اتخاذ القرار استنادا على سورة آل عمران " وَشَأوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ" وسورة الشورى "وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ".
- ضمان الشريعة الإسلامية للرجل والمرأة ما يسمى بالحرية المدنية فدين الإسلام يعتبر أهلية المرأة كاملة، وذمتها المالية من شأنها، ولها أن تجري التصرفات المالية دون حرج، وهي حرة في اختيار زوجها.
- الحرية حق للإنسان، ولكنها مثل كل الحقوق، لها ضوابطها وقيودها ولا حرية في الإسلام لنشر ما يعتبر فساداً أو فتنة في مفهوم الإسلام.
- يرفع الإسلام شعار المساواة بين الناس على اختلاف الأجناس والألوان واللغات استناداً إلى سورة النساء "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" واستنادا إلى الحديث "لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى" صدق رسول الله

وأخيرا اقول لكم :
قبل ولادتنا، لم نكن بعد قد مررنا بتجربة مشابهة. كانت صرختنا عند الولادة هي إحتجاج على تغير العالم علينا، فنحن لا نريد الخروج من أرحام أمهاتنا لأننا تعودتنا على تلك التجربة و إرتحنا لها. و كانت إغماضة أعيننا لعدة ساعات بعد الولادة هي شعورنا الأول و تجربتنا الأولى مع هذا العالم الجديد و كأننا لا نريد أن نراه خوفا منه. و كان النور هو أول شيء تراه أعيننا. لتنطلق بعدها تجربة غريبة في عالم غريب و على كوكب غريب، من الوهلة الأولى من إنضمامنا لهذا العالم .. وبدأنا بعدها الانطلاق في عالم ينعم بالحرية و التعلم , و الكسب اليومي المليء بالثروة العلمية والدينية و العقائدية والتعرف على قيود الحياة لنا كبشر لان الله كرمنا بالعقل وسخر لنا كل ما في الكون فكان لزاما علينا احترام الاخرين و العيش بقوانين و تعاليم وأخلاقيات ... وعرفنا أن العيش بلاقوانين هي فقط لمن لم يكرمهم الله عز وجل بالعقل مثل الحيوانات و غيرها من الدواب .. وعرفنا ان كل ما في الكون جعله الله مسيرا ونحن فقط من جعلنا الله مخيرين في اختيار حياتنا ..

تحياتي لكم جميعا