منقول
مِن نَصِيحَةِ وَالدٍ لَوَلَدِهْ
اعْلَمْ أَنَّ مَن تفكر في الدنيا قبلَ أن يُوجد رَأَى مُدَّةً طَوِيلَةً ، فإذَا تَفَكَّرَ فيها بَعدَ أَن يَخْرُجُ منها رأيي مدةً طويلةً وعَلَمَ أن اللبُثَ في القبور طويل ، فإذَا تفكر في يوم القيامة عَلَم أنه خمسون ألف سنَة .
فإذا تفكرَ في اللبثِ في الجنةِ أو النار عَلِمَ أنه لا نهايةَ لَهُ . فإذا عَاد إلى النظر في مِقدار بَقَائِهِ في الدنيا فَرَضْنَا ستِين سنة مثلاً فإنه يَمضي منها ثلاثون سَنَة في النوم ، ونحو مِن خمسَ عَشرَ في الصِبى .

فإذا حسب الباقي كان أكثره في الشهوات والمطاعِم والمَكاسِبِ فإذا خَلَصَ ما لِلآخِرَةِ وَجَدَ فيه مِن الرياء والغَفْلَةِ كَثِيرًا ، فبماذا تَشْتَري الحياةَ الأبديةَ وإنما الثمنُ هذهِ الساعات ؟
فانتبه يا بُنَيَّ لنفسْك ، واندم على ما مضى من تفريطك واجتهد في لحاق الكاملين ما دام في الوقت سعة . واسْقِ غُصْنَكَ ، مادامتْ فيه رُطوبة ، واذكر سَاعَتَكَ التي ضاعَتْ فكَفَى بها عِظَةٍ .
ذَهَبتْ لَذةُ الكَسَلِ فيها وفاتَتْ مراتبُ الفضائل .
وقد كان السلف الصالح رحمهم الله يُحِبُّونَ جَمْعَ كُلِ فَضيلة ويبكون على فواتِ واحدةٍ منها .
قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله : دَخَلنَا على عابد مَريض ، وهو يَنْظُر إلى رجليه ويبكي ، فقلنا : مَالَكَ تَبْكي ؟ فقال : ما اَغَبَرَّتا في سبيل الله . وَبَكىَ آخرُ ، فقالوا : ما يبكيك ؟ فقال : عليّ يوم مضى ما صمتُهُ وعلي ليلةَ ذَهبتْ ما قمتها .
واعلم يا بُني أن الأيام تُبْسِطُ ساعات ، والساعات تبسط أَنفَاسًا ، وَكُلُ نَفَسٍ خِزَانَةٌ ، فاحْذَرْ أَن يَذهبَ نَفَسٌ بغيرِ شَيء ، فَتَرَى في القيامة خِزَانَةٌ فَاِرَغةً فَتَنْدَمَ وَلا ينفعكَ الندم
شعر
وَالوَقْتَ أَنْفَسُ ما عُنِيْتَ بِحْفظِهِ
وَأَرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَليْكَ يضِيْعُ


(
آخر :
يَا جَامِعَ المَالِ الكثيرِ لِغَيرِهِ
إِنَّ الصغِّيرَ مِن الذُّنُوبِ كَبِيرُ
هَل في يَدَيْكَ عَلَى الحَوَادِثِ قُوَّةٌ
أَمِ هَلِ عَليَكْ َمِنَ المنُونِ خَفَيرُ

أَمْ مَا تَقُولُ إِذَا ضَعَنْتَ إِلى الليلِي
وإِذَا خلا بك مُنْكَرٌ وَنَكِيرُ