كثير من الأحيان أتلقى أسئلة من الزوار الكرام تسأل عن : أفضل عربة تسوق ؟ وطريقة إنشاء متجر الكتروني ؟ وغيرها من الأسئلة المتعلقة في هذا المجال . مانريد إيصاله في هذه التدوينة ، هو أن التجارة الالكترونية لا تتعلق بالتقنية فقط ، ما يغفل عنه الكثيرين هو جانب “التجارة” .
هذا ما يُفسّر تدريس تخصص التجارة الالكترونية تحت كلية إدارة الأعمال في بعض الجامعات ، وهذا ما يفسّر أيضاً فشل ونجاح متاجر الكترونية أو مبادرات في هذا المجال ، قد تكون متماثلة من ناحية الفكرة التقنية أو حتى مستنسخة . ماهو السر إذاً ؟
للتعرّف على السر ، سنستعرض قصة نجاح : متجر زابوس Zappos . زابوس لمن لا يعرفه هو موقع متخصص في بيع الأحذية عبر الإنترنت ، تم الاستحواذ عليه مؤخراً من قبل أمازون بقيمة 1.2 بليون دولار . الموقع بدأه – توني شاي – الذي لم يتجاوز 26 سنة من عمره بعد سلسلة نجاحات على شبكة الإنترنت . توني الذي لم يهوى اقتناء الأحذية ولا متابعة جديدها ، لدرجة أنه في مقابلة يقول : ” كان زوج الحذاء يجلس معي قرابة السنتين قبل أن أقوم بتغييره بزوج آخر ! ” .
بالدخول لموقع المتجر الالكتروني سنجد أن تصميمه بسيط ولا يحتوي على فلاشات مضيئة أو تصميم مذهل . التصميم بسيط – وكان أبسط من الموجود حينما استحوذت أمازون عليه – ، هل السر في عربة التسوق المستخدمة ؟ أو المميزات التقنية الموجودة ؟ . ليس الأمر كذلك ، فالسر وراء متجر زابوس يكمن في : خدمة العملاء ( خدمة العملاء وليس “قسم” خدمة العملاء ) .
الشركة ترفع شعار ”
Powered By Service – أساس العمل على الخدمة ” ولها 10 قيم أساسية حولت بيئة العمل داخلها إلى تجربة مثيرة لجدل كثير من المتخصصين في مجال الموارد البشرية . فعلى سبيل المثال ، بعد إتمام التدريب الأولي للموظفين المتقدمين في الشركة ، تقدم الشركة بدفع مبلغ مالي للموظفين الذين يرغبون بترك الشركة ! ( سياسة عجيبة فعلاً ) هدفها تصفية الجادين عن غيرهم ومن أعجبهم طبيعة العمل في الشركة أو لا .
مدير الشركة يقول ، أن النشاط الأساسي للشركة ليس بيع الأحذية ، بل : خدمة العملاء . لهذا السبب ، خدمة العملاء في زابوس متميزة من نواحي مختلفة . على سبيل المثال ، لا يوجد نص رسمي يجب اتباعه عن التحدث مع العملاء ، ولا يوجد كذلك إلحاح من الإدارة بضرورة الالتزام بوقت أقصى محدد مع كل عميل . باختصار : موظفي خدمة العملاء ” يسعدون فعلاً ” بخدمة العملاء ، ويحاولون أقصى جهدهم لترك تجربة رائعة مع العملاء حتى وإن لم يشترون . هل أجدت هذه السياسة ؟ نعم ولا شك ، اقرأوا إن شئتم أقوال آلاف العملاء لتروا مدى رضى العملاء على الشركة . زابوس لم تتورّع عن ذكر سبب نجاحها وتذكره بالخط العريض أمام الملأ في صفحة التعريف بالشركة بما نصّه :
We’ve been asked by a lot of people how we’ve grown so quickly, and the answer is actually really simple… We’ve aligned the entire organization around one mission: to provide the best customer service possible. Internally, we call this our WOW philosophy.
تردنا استفسارات متعددة ، كيف حققنا هذا النمو بشكل سريع ، والجواب بسيط للغاية : قمنا بمحورة المنظمّة كاملة حول رسالة واحدة : تقديم أفضل خدمة عملاء ممكنة . داخلياً ، نسمي ذلك بـ فلسفة الإدهاش .
وكذا فعل مديرها ، فقد قام مؤخراً بنشر كتاب بعنوان : ” توصيل السعادةمن الممكن : إسعاد الموظفين ، والعملاء . . وتحقيق أرباح في الوقت ذاته .
هناك دروس كثيرة مستفادة من تجربة زابوس ، أسردها بشكل سريع :
” يحكي فيه تجربته في تشييد هذه الشركة الفريدة من نوعها ويستعرض ويثبت كيف أنه
  • لا يشترط أن تكون خبيراً في العمل كي تنجح فيه ، فقصة زابوس ترينا أن المؤسس كان لا يعرف كثيراً عن الأحذية ومع ذلك حقّق نجاح كبير في قيادة هذا المتجر والشركة .
  • لن أبالغ وأقول أن ” التقنية لا تهم – IT does not matter ” * كما يحاول كثير من الناس ترويجه ، فالتقنية مهمة ، ولكنها ليست كل شيء . هناك اعتبارات أخرى كثيرة ، أكثر أهمية من التقنية وهي التي تقود لما يسمى بالـ ميزة التنافسية - Competitive Advantage ، على سبيل المثال / في قصة زابوس خدمة العملاء كانت هي الميزة التي ميّزت زابوس عن غيرها من المتاجر . عند استعراضنا لتجربة ” أمازون “ رأينا كيف أن إدارة المخزون هناك مكّنت أمازون من تحقيق ماوصلت إليه .
  • العملاء الراضين ، هم أفضل استثمار يجب أن تستثمر فيه الشركة . أول نقطة تلاقي بين العميل والمؤسسة هي في مركز خدمة العملاء أو البائعين . كثير من الشركات الحالية ستطوّر نفسها وتحسّن سمعتها وتزيد مبيعاتها لو قامت بسحب نصف ميزانية قسم التسويق واسثتمارها في خدمة العملاء وإقامة بيئة عمل داخلية متميزة .

في الختام ، هنا بعض المقاطع المرئية حول الشركة – بالإنجليزية – ستذهلكم فعلا ً :




*سنتحدث في تدوينة مستقلة عن الجدال حولة التقنية ، وهل هي عامل أساسي للنجاح أو أنها عامل مساعد .