31/7/2010 - الصحوة - يحيى اليناعي
مافيا بيع الأعضاء البشرية تتصيد فقراء اليمن

الصحوة نت تنشر محاضر التحقيق مع أعضاء في عصابة الاتجار بالأعضاء البشرية..



قبل أكثر من شهرين ترددت على إحدى نيابات العاصمة صنعاء للحصول على محاضر التحقيق المتعلقة بأشخاص باعوا أعضاء من أجسادهم، وتورطوا في عصابات الاتجار بالأعضاء البشرية، كان عدد المحالين إلى النيابة آنذاك 19 متهماً، لكنه قفز الأسبوع الفائت إلى أكثر من خمسين حالة، ويبدو أن العدد مرشح للزيادة في قادم الأيام، فالإحصاءات الرسمية تؤكد أنه تم استدراج أكثر من 300 يمني إلى مصر لبيع الكلى وأجزاء أخرى من الجسم مثل قرنية العين وفص الكبد، مع الإشارة إلى أن هذا العدد هو ما تم اكتشافه فقط من الحالات التي يتتبع خيوطها جهاز البحث الجنائي.
في العام الفائت وحده، وفقاً لتقرير صادر عن الإدارة العامة للبحث الجنائي، تم اكتشاف 157 شخصاً قاموا ببيع الكلى بحسب ظاهر الأمر، وفي الحقيقة كان الأطباء القائمون على إجراء العمليات ينتزعون منهم أعضاء أخرى مثل القرنية دون علمهم، كما تم اكتشاف 8 أشخاص من الجنسية الأردنية وتم ضبط شخص واحد منهم بمطار صنعاء الدولي ومعه 6 أشخاص يمنيين كانوا على وشك المغادرة لبيع كلاهم.
التقرير أوضح أنه تم ضبط 20 من اليمنيين الذين يقومون بالمتاجرة بالأعضاء البشرية وعدد كبير من الأشخاص الذين كانوا يريدون مغادرة الوطن لبيع أعضائهم البشرية، فالأمر له صلة بعصابة دولية بدأت عملها في اليمن منذ العام 2005م ونشطت في الأعوام الأخيرة مستغلة فقر اليمنيين وعوزهم للمتاجرة، وتحويلهم إلى قطع غيار للبيع، كما قال وكيل إحدى نيابات العاصمة صنعاء.
بحسب محاضر التحقيق والوثائق التي حصلت عليها "الصحوة" فإن زعيما العصابة هما "رامي خلف جودة" المكنى بـ "أبو ثائر" وزوجته، وهما أردنيا الجنسية، ويعمل معهما مصريون ويمنيون: أطباء وجراحين وموظفين وسماسرة، ووفقاً للمعلومات فإن العصابة بدأت نشاطها قبل خمس سنوات واستقطبت مئات الضحايا من الجنسين من اليمن والسودان وسوريا والأردن وفلسطين ومصر.
وكما ورد في محاضر جمع الاستدلالات الخاصة بالبحث الجنائي فإن رئيس شبكة استدراج الضحايا في اليمن "أردني الجنسية أيضاً" يعمل في مستشفى خاص بالقاهرة يسمى "مستشفى وادي النيل" تم ضبطه قبل عدة شهور وهو يستقطب ضحاياه في كل من صنعاء وتعز وعدن ويتولى عملية ترحيلهم إلى مصر بعد إقناعهم بعملية البيع.
وقد ذكرت إحصائية صادرة عن الإدارة العامة للبحث الجنائي أن المبلغ الذي جناه المستشفى المصري المشار إليه جراء العمليات يصل إلى ستة مليارات وسبعمائة مليون ريال يمني (نحو 33 مليون دولار) حصل منها الضحايا على مبلغ ثلاثمائة مليون ريال (نحو مليون ونصف المليون دولار)، وبحسب المحاضر التي حصلنا عليها فإن المتهمين أكدوا في اعترافاتهم بأن المستشفى يتقاضى مبلغ 70 ألف دولار مقابل الكلية الواحدة، يدفع منها مبلغ خمسة آلاف دولار فقط للضحية.
* عملية الاستدراج.. كيف يتحول الضحايا إلى أعضاء في العصابة؟!
من المهم القول بأن عملية الاتجار بالأعضاء البشرية يتشابك فيها أطباء ومستشفيات وسماسرة وضحايا أيضاً، أما الكيفية التي يتم بها استدراج الضحايا فهي إجمالاً كالتالي: يتم تصيد الفقراء وذوي الحاجة من خلال إغرائهم بمبلغ خمسة ألف دولار مقابل بيع "الكلية" الواحدة، مع منحهم تذاكر سفر إلى دولة مصر التي تتبوأ المرتبة الثالثة عالمياً في تجارة الأعضاء البشرية بعد الصين وباكستان، وتعد المركز الرئيسي لمافيا تجارة الأعضاء بالمنطقة العربية، حيث تعمل العصابات فيها بأحدث الأساليب ويتم تدريب السماسرة والأطباء على إقناع الفقراء بالتبرع بأعضائهم مقابل مبالغ مالية.
أما التفاصيل المؤلمة لهذه الجريمة التي تمتد من مطار صنعاء وصولاً إلى مستشفى النيل بالقاهرة ومستشفيات أخرى، فهي كما يرويها " خ..أ" و" و.ع" الذَين حصلت "الصحوة" على محاضر التحقيق الخاصة بهما؛ يقول الأول عن تجربته في بيع الكلى وانخراطه في عصابة الاتجار بالأعضاء البشرية: إنه قبل عشرة أشهر تعرف في شارع الخمسين بالعاصمة صنعاء على أحد أعضاء العصابة ويدعى " م. أ" عن طريق "أ.خ" والذي أقنعه بالسفر إلى مصر لبيع إحدى كليتيه، وبعد أيام من لقائهما سلمه عضو العصابة تذكرة سفر إلى مصر، وأخبره أن شخصاً يدعى "أبو سلطان" أردني الجنسية سيستقبله في مطار القاهرة ويرتب له إجراءات نزع الكلى وبيعها.
يضيف "خ.أ" سافرت عبر الطيران المصري وكان في استقبالي الأردني "أبو سلطان" الذي نقلني إلى إحدى الشقق، وبعد أيام تم إجراء الفحوصات لي في مستشفى "القاهرة" ثم تم نقلي إلى مستشفى "وادي النيل" وأجريت العملية، وقام " أبو ثائر" زعيم العصابة بتسليمي 5ألف دولار، وعدت إلى اليمن بعد شهر من دخولي مصر، بعد أن اتفقت مع "أبو ثائر" على البحث له عن زبائن مقابل الحصول على مبلغ ألف دولار عن كل زبون، وبالفعل قمت بالبحث وأرسلت شخصاً من تعز يدعى "نادر" من أم مصرية، وشخص يدعى رمزي بالاتفاق مع "ع.أ" أحد أفراد العصابة اليمنيين، وقمت بالسفر مع هذين الشخصين وكان في استقبالنا " أبو ثائر" في المطار وأجريت لهم الفحوصات والعمليات في المستشفيات المشار إليها سابقاً، وفي المرة الثالثة سافرت مع شخصين آخرين أقنعتهما على أساس أننا سنذهب جميعنا لبيع الكلى بالرغم من أنني قد بعت كليتي من قبل، وقد كذبت عليهما بغرض الدخول معهما لاستلام العمولة من " أبو ثائر"، وفي المرة الرابعة اتفقت مع شخص يدعى ماجد، وآخر يدعى علي وامرأة ومنحتهم تذاكر سفر، ثم سافرت أنا وأحد أعضاء العصابة "ع.أ" لغرض استقبالهم في القاهرة واستلام مبلغ 12 ألف دولار كانت متبقية عند " أبو ثائر" لكن الأمن ألقى القبض عليهم في مصر.
بقية التفاصيل نوردها كما هي في المحضر وكما وردت على شكل سؤال وجواب:
* كم هي المبالغ المحددة مقابل كل زبون يتم إحضاره لبيع كليته ومن الذي يدفعها؟
كل زبون يدفع ألف دولار، وألف دولار يتم أخذها من أبو ثائر.
* من الذي يدفع قيمة الأعضاء البشرية وكيف يتم الدفع؟
مستشفى وادي النيل جوار المخابرات، ويتم الدفع بعد إجراء العملية نقداً، وتحويلها إلى العملة اليمنية حسب طلب البائع.
* من هم الأشخاص في الجهات الطبية الذين يتم التعامل معهم؟
الدكتور حسام أخصائي جراحة، يعمل في مستشفى وادي النيل، وشخص يدعى " محمد.ج" في العلاقات العامة للمستشفى، والدكتور حازم جراح في المستشفى، وبعد إجراء العملية يتم أخذ الزبون البائع وإيصاله بسيارة خاصة تابعة للأطباء المذكورين يقودها شخص يدعى" هيثم" وآخر يدعى "سيد" وكلاهما مصريان.
* هل يتم حجزكم في إحدى الشقق قبل إجراء العملية ومنعكم من الخروج منها؟
نعم، عند وصول الشخص إلى القاهرة لبيع كليته يتم استقباله من قبل المدعو أبو ثائر وزوجته، ومن ثم أخذه إلى إحدى الشقق التابعة له، بعد أن يقوم أبو ثائر بسحب الجوازات وإغلاق الشقة وأخذ المفاتيح معه، وإبلاغ البائعين بعدم الخروج نهائياً، حتى يحين إجراء الفحوصات، حينها يحضر هو لأخذ البائع من الشقة لإجراء الفحوصات أو تحضر زوجته، أو شخص من الذين يعملون معه.
* من هم الأشخاص الذي يقومون بالمتاجرة بالأعضاء البشرية؟
في القاهرة المدعو " أبو ثائر" وزوجته، والمدعو " أبو سلطان" أردني سبق وأن سجن وتم ترحيله إلى سوريا، ومن اليمن شخصان يسكنان في القاهرة هما"أ.أ" و"ت.م" وسبعة أشخاص في صنعاء وعدد من المحافظات- تحتفظ الصحيفة بأسمائهم- بالإضافة إلى آخرين لا أعرفهم.
* من هم الأشخاص الذين تعرف بأنهم سافروا أو نسقوا لبيع الكلى؟
أعرف شخصا يمنيا في القاهرة متزوج من مصرية، وهو الذي ينسق ويستقبل المخدوعين بالسفر، وشخص يمني آخر في القاهرة يسكن مع الأردني أبو ثائر، وأريد أن أخبركم بأننا أبلغنا أمن الدولة في مصر بالشخص الأدرني لأنه نصب على زميلي بالفلوس فقبضوا على ستة من أصحابه وتركوه، وأخبركم أيضاً أن زوجة الأردني أبو ثائر واسمها " فاطمة" تسافر إلى اليمن.
* تفيد المعلومات أنك التقيت بزوجة (أبو ثائر) في اليمن أثناء حضورها لغرض استدراج أشخاص وترحيلهم إلى القاهرة؟
نعم، التقيت بها قبل حوالي سبعة أشهر في الحصبة بالعاصمة، كانت واقفة جوار سوق القات في انتظار قريب لها وشخص يدعى"ن،أ" من أهالي تعز أثناء ما كان يشتري قات، فسلمت عليها وسألتها عن سبب وجودها، فقالت أنا أتيت للبحث عن متبرعين، وكانت تسكن في فندق لم تحدده.
* هل سبق وأن أجريت فحوصات طبية بعد بيع كليتك، وكيف كان وضعك الصحي؟
لم أعمل أي فحوصات تتعلق بالتأكد من سلامة العملية، ولكني أشعر بضعف عام في جميع أجزاء جسمي، وحتى ضعف في قلبي، ولا أستطيع المشي بكثرة، وأعاني من ضعف شديد أثناء البرد، وأيضاً آلام في البول، وكل هذا لم يكن موجوداً قبل بيع كليتي.
ما لم يقله" خ"أمام ضابط التحقيق في البحث الجنائي قاله أمام عضو النيابة، "خ" البالغ من العمر 28 عاماً قال إنه باع كليته واشترك في عصابة الاتجار بالأعضاء البشرية تحت ضغط الحالة المادية السيئة له ولأسرته، وأضاف ما نصه" أنا شخص فقير وزوجتي حامل وليس معي مصروف للأولاد" وحين سأله عضو النيابة: لماذا بعت كليتك لشخص ليس قريباً لك؟ أجاب" ظروفي المادية صعبة، ومعي ثلاث بنات وولد، والضرورة هي التي دعتني إلى ذلك".
حي 6 أكتوبر.. وكر العصابة ومجمع الضحايا
قبل أقل من شهرين أعلنت الأجهزة الأمنية أنها ضبطت واحداً من أخطر أعضاء عصابة الاتجار بالأعضاء البشرية، كان "و.ع" هو ذلك الشخص، وفيما يلي نسرد على لسانه قصة بيعه للكلى واشتراكه مع العصابة والتي يتخللها الكثير من المعلومات عن القضية:
* كيف تم استدراجك لبيع كليتك؟
في شهر شعبان من العام الماضي تعرفت على "ع.ش" الذي أكد لي أنه سوف يمنحني تذكرة سفر إلى مصر ومصاريف وخمسة ألف دولار " أكثر من مليون ريال يمني" مقابل بيع كليتي، فوافقت، وقطع لي الجواز وأرسل صورة للجواز على الفاكس إلى القاهرة، إلى أبو ثائر الأردني الذي أرسل بدوره رقم التذكرة، وأرسلها بالفاكس إلى "ع.أ" ثم سافرت بعدها على طيران المصرية.
* كيف كان الاتفاق بينك وبين "ع.أ" قبل سفرك إلى القاهرة؟
طلب مني عمل سند له في مبلغ ألف دولار "عمولة".
* وضح تفاصيل وصولك إلى القاهرة ودخولك مستشفى وادي النيل لإجراء عملية بيع الكلى؟
حين وصلت إلى القاهرة كان أبو ثائر في استقبالي، وقام بنقلي فوراً إلى شقة في حي 6 أكتوبر، والتي وجدت فيها أشخاص يمنيين وأردنيين متبرعين بالكلى – أورد أسماءهم- وفي اليوم الثاني أخذني أبو ثائر إلى مركز الأطباء في حي المهندسين بالقاهرة، وتم إجراء فحص كامل لي، وكانت النتيجة أنني سليم، ثم أخذني أبو ثائر إلى مستشفى القاهرة لإجراء فحص الدم، وانتظرت حتى يتطابق الفحص مع المريض الذي سأبيع كليتي له، وبعدها أدخلوني إلى مستشفى وادي النيل وتم إجراء العملية ونزعوا الكلية اليمنى وزرعوها للمريضة " امرأة سعودية أصلها مصري" وبقيت في المستشفى خمسة أيام، ثم سلموني في المستشفى خمسة ألف دولار، سلمها لي الدكتور شريف وخرجت بعدها ثم عدت إلى اليمن عبر الطيران الأردني، بعد أن قطع لي الدكتور شريف تذكرة العودة.
* ما هي الإقرارات التي عملتها في مستشفى وادي النيل قبل إجراء العملية؟
صوروني بالفيديو على أنني متبرع بالكلية، ووقعت على أوراق دونوا عليها بياناتي مثل اسمي وعمري وسكني، وفيها إقرار مني بأنني متبرع بالكلية فقط.
وورد في محضر التحقيق أن "و.ع" قام إثر عودته من مصر بالاشتراك في العصابة، حيث قام بتسفير أشخاص لبيع الكلى في القاهرة بنفس الطريقة التي جرت معه، وأنه قام باستلام مبلغ ألف دولار من أشخاص يعملون في شارع تعز بالعاصمة صنعاء.
"و.ع" أفاد في محضر التحقيق أنه عمل لمدة شهر ونصف، قبل بيع كليته، في محل خياطة بالمكلا، وأنه انتقل بعدها للعمل كـ"شاقي" في منطقة الديس، ثم إلى صنعاء للعمل في جمعية المعاقين حركياً، وإلى تعز كـ"سائق" ثم انتهى به الحال إلى دخول " خط بيع الكلية" حسب قوله بعد أن تعرف على "ع.أ" أحد أعضاء عصابة الاتجار بالأعضاء البشرية.
التوسع إلى المحافظات الأخرى لاصطياد الفقراء
لم يقتصر عمل العصابة على العاصمة صنعاء، حيث امتد نشاطها إلى المحافظات الأخرى، ففي منتصف شهر إبريل كشفت السلطات الأمنية بمحافظة ذمار النقاب عن نشاط عصابة تمارس عمليات بيع الأعضاء البشرية وبخاصة الكلى، يأتي بعد إلقاء القبض على أحد أفراد العصابة وأحد الضحايا في نفس الوقت الذي يجمعه صلة مصاهرة بـ "ب.ص.ح" رئيس العصابة في ذمار.
وقال العقيد محمد الحدي مدير إدارة البحث الجنائي بمحافظة ذمار أنه من خلال التحقيق مع المتهم اتضح أن رئيس العصابة "ب" الذي يقيم خارج اليمن بصورة شبه دائمة استعذب قبل سنوات هذا النشاط بعد أن أوقعته ظروف معينة في شرك بيع إحدى كليتيه لأحد العرب الأثرياء مقابل عشرة آلاف دولار فرأى أن بإمكانه العمل في هذا المجال السهل الممتنع خاصة وهو مواطن ينتمي إلى بلدٍ عربي يعاني مشاكل اقتصادية متنوعة أثرت على مستوى دخول أبناء جلدته..! فلماذا لا يجرب حظه العاثر الذي قد ينتشله من براثن العوز والفقر.
وأضاف الحدي "يبدو أنه لم يتردد أبداً في اتخاذ القرار وبدأ على الفور إجراءات التنسيق بين المستشفى الممثل بأحد الأطباء المصريين الذي قاده أصلاً إلى هذا المأزق وأقنعه قبل غيره ببيع أحد أعضائه لإنقاذ أحد أصحاب رؤوس الأموال".
مشيراً إلى أن "ب" كان على إدراك كامل بأن عمليات من هذا النوع تحتاج إلى السرية والكتمان التام والعمل تحت جنح الظلام قدر الإمكان، ولذلك وكخطوة أولى فضل التشاور مع أقرب المقربين له وهو أخوه الأصغر "ع" الذي لم يتردد في الترحيب بهذا المشروع المرتقب الذي من شأنه أن يدر عليه أموالاً طائلة وما حفزه أكثر للمسارعة في تدشين مشروعهم هذا حصوله الفوري على 2000دولار أمريكي مقابل كل ضحية يستطيع أن يوقعها في شباكه، ومن هذا الباب فقد حرص هو وشقيقه على استحسان عملية صيد الأشخاص من خلال استهداف المعدمين الأصحاء ممن طحنهم الفقر بأضراسه وأنيابه لأنهم الأسهل قبولاً وموافقة بقليل من الفهلوة والكلام المعسول عن حب الخير وإنقاذ حياة الآخرين وطمأنتهم على سلامتهم بعد التبرع فكان الإقناع مصيدة قريبة وقصيرة لهؤلاء المساكين.
وقال مدير بحث ذمار- في تصريح لموقع اليمن الجديد- إن "المتهم اعترف بأن هذا الأسلوب هو الذي اتبعه معه صهره "ع" حيث أقسم له اليمين المغلظة عدم وجود أي أعراض بعد التبرع والدليل الأكبر شقيقه "رئيس العصابة" في ذمار وما إن وافق حتى سلم له نصف المبلغ مليون ريال والمليون الآخر بعد استكمال العملية الجراحية، أو يكون المبلغ كاملاً مليوناً ومائتين على أن تتكفل العصابة باستخراج وثائق السفر وتدبير السكن الذي هو عبارة عن غرفة بسيطة في أحد أحياء القاهرة يتم استقبال الضحايا فيها، وفي اليوم التالي يتم إيصالهم إلى الدكتور أشرف والذي يعمل في مستشفى هناك وما أن يأخذ المستشفى كلية الضحية يتم إخراجه بطريقة مهنية ولا ينظر إليه بعدها بأي حنان، ويؤكد المتهم الضحية أنه اتضح زيف أصهاره وظهرت عليه علامات الإرهاق في المشي والعجز الجنسي والتعب، الأمر الذي دفعه وبإلحاح منقطع النظير إلى المطالبة بإلقاء القبض على بقية أفراد العصابة وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع لكل من يفسد أخلاق وصحة الناس".
عصابة أخرى.. أكثر ضحاياها يمنيون
لم تكن عصابة "أبو ثائر" الأردني وحدها من تعمل في بورصات الاتجار بالأعضاء البشرية، فإلى جانبه تعمل عصابة" محمود زكي" في ذات المجال، وللأسف فإن أكثر ضحاياها يمنيو الجنسية!!
"أ.ن" المتهم بالتورط في الاتجار بالأعضاء البشرية سلط الضوء على عصابة "زكي" في حوار أجرته معه "صحيفة الحوادث" قائلاً" إنه سافر إلى مصر لبيع كليته بخمسة آلاف ريال عن طريق سمسار يمني، واستقبله في مطار القاهرة "محمود زكي" وأوصله إلى شقة كان فيها نحو 17 يمنياً منهم من باع كليته ومنهم من ينتظر، وأنه أمضى والآخرون في الشقة نحو شهرين قام بعدها "محمود زكي" بنقلهم إلى شقة أخرى في شارع الهرم بالقاهرة، ويشير (أ.ن) إلى أنه أجرى عملية نزع الكلية في مستشفى السلام الدولي لدى الدكتور "أشرف جناين" واستلم قيمتها مبلغ 5 آلاف دولار.
ويصف (أ.ن) الوضع بالمأساوي للأشخاص الذين يتم استدراجهم إلى القاهرة لبيع كلاهم، حيث يتم تكديسهم في شقق صغيرة مقفلة طوال الوقت، ويضع أفراد العصابة على هذه الشقق حراساً يمنعون الضحايا من الدخول أو الخروج، فيظلون طوال الوقت حبيسي الجدران، مشيراً ويشير في سياق حديثه إلى أنه وبسبب هذه المعاملة السيئة حاول أحد الأشخاص اليمنيين الذين كانوا في الشقة الانتحار وامتنع عن الأكل والشرب فترة طويلة.
وقال (أ.ن) إنه بعد أن عاد إلى صنعاء تمكن من إقناع شخص ببيع كليته واتصل بمحمود زكي في مصر واخبره انه (في واحد يشتي يسافر ويبيع كليته).. فطلب منه محمود زكي أن يرسل له بيانات هذا الشخص إلى موبايله ثم أرسل له تذكرة سفر إلى مكتب الطيران المصري بصنعاء.
ويؤكد عضو شبكة الاتجار بالأعضاء البشرية (أ.ن) أن عصابات الاتجار بالأعضاء البشرية منتشرة بكثرة في العاصمة المصرية القاهرة.. قائلاً "سمعنا إن به عصابات غير محمود زكي يتاجرون بالأعضاء وأكثر الضحايا يمنيون".
القصوص: البرلمان يماطل في مناقشة القضية
مع أن وسائل الإعلام الرسمي بثت قبل شهرين خبراً يتعلق بضبط الأجهزة الأمنية بأمانة العاصمة اليمنية صنعاء لسمسار يتاجر في الأعضاء البشرية "أردني الجنسية يدعى رمزي خليل عبد الله" أثناء محاولته السفر إلي جمهورية مصر العربية ومعه 7 أشخاص من الضحايا اليمنيين تتراوح أعمارهم بين 20-45 عاما , كانوا في طريقهم لبيع أعضاء من أجسادهم في مصر، إلا أن مجلس النواب يماطل حتى اللحظة في رفع تقرير بشأن حوادث الاتجار البشرية.
الدكتور عبد الملك القصوص عضو لجنة الصحة بمجلس النواب قال لـ"الصحوة" إن عدداً من منظمات المجتمع المدني طرحت على المجلس قبل ما يقارب العام موضوع تسفير عصابات إجرامية لأطفال إلى دول عربية للمتاجرة بأعضائهم البشرية، وأنه على إثر هذه الشكوى شُكلت لجنة مكونة من ثلاث لجان برلمانية هي" الصحة، والدفاع والأمن، وحقوق الإنسان" وتم اختيار عضوين من كل لجنة لبحث هذه القضية ورفع تقرير بشأنها إلى المجلس.
وأشار القصوص إن اللجنة التي كان أحد أعضائها اجتمعت ووجهت رسالة إلى وزارة الخارجية للسؤال عن مدى صحة الكلام القائل بوجود عصابات تهرِّب أطفالاً إلى مصر لبيع أعضاء، ورسالة للداخلية لمعرفة كيفية تهريب الأطفال، ثم فوجئنا بتجميد اجتماعاتها، فيما أفادت الخارجية أن سفارتنا في مصر أنكرت الموضوع وقالت بعدم وجود هذه الحوادث.
وقال القصوص إنه طرح الموضوع مرة أخرى ولم تستجب القاعة إلا بعد ثمانية أشهر، ثم جرى تهميش القضية، مطالباً المجلس بسرعة إعداد تقرير مفصل تمهيدا لاستدعاء المختصين في الحكومة، والعمل على إنهاء هذه الجرائم المروعة.