يقوم القمر الاصطناعي اليوم وبعد زمن من غزو الفضاء ، وبعد مراحل متقدمة من تطوير علومه ، بمهام فريدة ودقيقة جداً لايمكن لمسيرة الحضارة البشرية أن تتجاوز أهميتها ،ويمكن أن نصنف هذه المهام ضمن علوم ، أويمكن أن نقول أنها أنشأت علوما بحد ذاتها .
فقد تعددت التطبيقات وتعاظمت الإنجازات ، لدرجة كانت الحاجات لتخصيص العمل وتوزيعه بدقة فنشأت النماذج المختلفة للأقمار وتشعبت في الاختصاصات حتى أصبحت تتناول مختلف النشاطات الإنسانية بنسب متفاوته ولكنها جميعها على درجة عالية من الأهمية.

يتم تصنيف الأقمار تبعا لوظيفتها منذ إطلاقها الى الفضاء ، فنموذج القمر الصناعي الذي يتم إطلاقه من أجل إظهار حالات الطقس وتغير توزع الغيوم الماطرة مختلف تماما عن الأقمار المرسلة كي تقوم بإرسال والتقاط الإشارة التلفزيونية ، فالقمر الصناعي جهاز مصمم لتنفيذ جزء من كم هائل الأوامر الوظيفية التي تتكامل في مجموعة كبيرة من نماذج هذه الأقمار التي أصبحت تملأ فضاءنا الأرضي وتغطي مختلف النشاطات الإنسانية الهامة .

سنقوم في موضوعنا هنا باستعراض أنواع مختلفة في الوظيفة أو في الغرض من نماذج الأقمار الصناعية التي يتم استخدامها في الصناعات الفضائية .



الاقمار الفلكية Astronomy Satellites

هي عبارة عن تيليسكوب هائل الحجم يسبح في الفضاء .
وبسبب كون هذه الأقمار تدور في مدارات ثابته حول الأرض ، أي خارج غلافها الجوي ، فإن مدى الرؤيا لهذا التلسكوب الهائل لاتتأثر بغازات هذا الغلاف الجوي ( الأتموسفير ) ، وبالتالي لاتتأثر معدات التصوير الخاصة بالتلسكوب والتي تعمل بالأشعة تحت الحمراء بحرارة الأرض .




نتيجة ذلك يمكن لهذه العدسات الهائلة الحجم الحصول على صور عبر الفضاء تفوق دقتها عشرة اضعاف مقارنة بالتلسكوبات الأرضية التي تمتلك نفس المواصفات الفنية ، ويمكننا بسهولة تخيل الفوائد العظيمة لوجود هذه الأقمار في دراسات الفضاء المختلفة

التطبيقات المختلفة للأقمار الفلكية
- الحصول على خرائط النجوم .
- دراسة الظواهر الفلكية الغريبة كالثقوب السوداء و ظاهرة الكوايزر ( نوع من الكويكبات قلبها لامع بشدة وتبث أشعة راديوية ) .
- الحصول على صور لكواكب المجموعة الشمسية.
- الحصول على خرائط لسطوح الكواكب المختلفة .


أقمار الدراسات الفلكية

Atmospheric Studies satellites


ببساطة شديدة تعتبر أقمار الاتصالات من أهم الأقمار الاصطناعية المؤثرة في حياتنا اليومية في كل لحظة فهي تسمح بالنقل التلفزيوني والراديوي ، الهاتفي المباشر من والى أي مكان على سطح الأرض ، فقبل وجود هذه الأقمار كانت الاتصالات صعبة جدا وفي بعض الأحيان مستحيلة وخصوصا عبر المسافات البعيدة ، حيث تنتقل الإشارة في اتجاهات مستقيمة ، عندئذ يستحيل أن تنحني الإشارة مع تحدب سطح الأرض !!! .
بسبب توضع الأقمار الصناعية في مدارات حول الأرض ، يمكن لهذه الأقمار أن تستقبل الإشارات المختلفة من محطة إرسال على الأرض وإعادة إرسالها من جديد الى منصة استقبال أخرى بعيدة جدا عن محطةالإرسال ، وبهذه الطريقة تم التغلب على مشكلة كروية الأرض في نقل الإشارة التلفزيونية أو الراديوية .... الخ .

يمكن لهذه الأقمار القيام بدور أكثر إيجابية أيضا في نقل الأشارة وتقويتها أيضا لضمان الحصول على أفضل نتيجة في عملية النقل ، فهذه الأقمار تزود بجهاز يدعى الناقل Transponders من أجل استقبال الإشارات وتضخيمها ، ومن ثم إعادة إرسالها من جديد الى المحطة الأرضية المستقبلة .

تتوضع أقمار الاتصالات عادة في مدارات محددة وثابتة وبعيدة نسبيا ، يصل ارتفاعها حتى 35.800 كيلومتر ، وهي تدور حول الأرض بنفس سرعة دوران الأرض حول نفسها مما يضمن ثباتها بالنسبة للمراقب من على الأرض ، أي تبقى دائما فوق بقعة محددة من الأرض تدعى منطقة التغطية للقمر footprint , وهي المنطقة التي يتمكن القمر من البث والاستقبال عبرها ويمكن أن تكون هذه المساحة بمقدار مساحة بلد مثل كندا من المحيط الى المحيط .

يمكن لأقمار الاتصالات أن تتوضع في مدار اهليلجي ( بيضوية ) ، وهذا النوع من المدارات مشابه لشكل البيضة ، مع توضع الأرض في قمة الشكل البيضوي .
في هذه الحالة تتغير سرعة القمر تبعا لموضعه على المسار البيضوي ، فتكون سرعة القمر أكبر عندما يكون القمر في الجزء من مساره القريب من الأرض ،بسبب قوة سحب الجاذبية الأرضية التي تكون كبيرة في ذلك الموضع والتي تجذب القمر اليها وتسبب زيادة سرعته عندها .
هذا يعني أن القمر يكون فوق المنطقة الأرضية التي يقوم بتغطيتها لفترة زمنية أطول حيث تكون حركته أبطأ بالنسبة إليها وارتفاعه أكبر ، مما يسمح بزيادة مساحة التغطية أيضا ، وهو يكون خارج نطاق منطقة التغطية فقط في الفترة التي يكون فيها قريبا من الذروة الإهليلجية والتي يقطعها بزمن أقل بسبب سرعته الزائدة خلال هذه المرحلة .


أقمار الملاحة Navigation Satellites

تم تطوير هذه الأقمار في نهاية عام 1950م ، تلبية للمتطلبات الرئيسية للسفن وأهمها متطلبات تحديد المواقع في المحيطات في الأوقات المختلفة ، وفي مختلف الظروف والأحوال الجوية .

بدأت فكرة استخدام الأقمار لأغراض الملاحة البحرية مع إطلاق القمر الصناعي الروسي Sputnik 1 في 4/ تشرين الأول /1957م ، حيث أوكل الى جامعة جونز هوبكينز التي جهزت مختبراتها الفيزيائية لمراقبة هذا القمر ، وقد تم ملاحظة أنه عندما تم طباعة الترددات الراديوية المنقولة على الرسم البياني ، تم الحصول على نموذج جديد تم تمييز مايعرف بظاهرة دوبلر الشهيرة من خلاله .

تستخدم معظم أنظمة الملاحة العالمية اليوم الزمن والمسافة لتحديد المواقع ، وقد استطاع العلماء في أوقات سابقة التعرف على القوانين التي تعطي السرعة والزمن اللازمة لنقل الإشارة الراديوية بين نقطتين ، وبالتالي أمكن حساب المسافة بين أي نقطتين ما من سطح الأرض .
في عالم الملاحة البحرية يتطلب معرفة الحسابات الدقيقة للأبعاد والمواقع ، وهذا يتطلب أن تكون التواقيت الزمنية متطابقة بين القمر والقاعدة الأرضية المستقبلة للمعلومات القمرية ، فالتزامن الدقيق مطلوب بشدة هنا .
فإذا أمكن قياس الزمن الذي تستغرقه الإشارة ، عندها يمكن بمضاعفة الزمن المقاس عند السرعة الدقيقة للضوء الحصول على المسافة الدقيقة بين الموقعين .
تعتبر أقمار نافيستار Navstar satellites أحد الأمثلة على هذه الأقمار التي تعتمد هذا المبدأ في العمل . حيث تستطيع النظام الملاحي الثلاثي الأبعاد لهذه المجموعة من الأقمار تمكن المسافر أي كان ، من التأكد من موقعه باستمرار فوق أي بقعة فوق الأرض ، ويوجد حتى الآن 24 قمر نافيستار ضمن مداراتها التي تحتلها من النظام المداري العالمي .


أقمار الاستشعار عن بعد Remote Sensing satellites

تقوم هذه الأقمار بمراقبة ودراسة البيئة بشكل عام في كوكب الأرض دون تماس مباشر مع هذه البيئة ( عن بعد ).
وكمثال عام ، يمكن استخدام هذه الأقمار لدراسة ومراقبة الطيور المهاجرة ، تحديد المصادر المعدنية وتوزعها ، مراقبة المحاصيل الزراعية حمايتها من مخاطر الطقس ومراقبة ودراسة تشكل الأعاصير وانتقالاتها ، ومراقبة الغابات وتحديد سرعة تراجع الغطاء النباتي في المناطق المختلفة من الأرض .

يمكن لجميع الدراسات السابقة أن تتم بشكل أفضل من الفضاء منه من الأرض ، بسبب الإمكانية الكبيرة للحصول على أفضل الصور لامتداد واسع من المساحة المرئية التي من المستحيل الحصول على مثيلتها من الأرض .

أحد أهم الأمثلة على هذه الأقمار هي رادسات Radarsat التي أطلقت في 4/تشرين الثاني /1995م ، والتي تمتلك خصائص متنوعة ، في دعم الأبحاث الزراعية وعلم المحيطات ، علم الغابات ، علم المياه ، الجيولوجيا ، علم الخرائط ، وعلم الأرصاد الجوية ، والعديد من الحقول البيئية الهامة .


أقمار البحث والإنقاذ Search and Rescue satellites



بما أن الأقمار الصناعية يمكنها نقل الإشارة الراديوية والتلفزيونية ، فإنه يمكنها أن تنقذ حياة الناس ..! هذه هي الفكرة التي أدت الى وجود هذا النموذج من الأقمار التي تم تصميمها لتؤمن الطرق والسبل للقوارب والسفن في البحر ، والطائرات في الجو ، من خلال وسائل الاتصالات الخاصة بها .
يمكن لهذه الأقمار التحري وتحديد إشارات الطوارئ التي تطلقها السفن أو الطائرات أو حتى الأفراد في مناطق الخطر عن بعد ، والاستجابة لها بأسرع الطرق المتوفرة للوصول اليها .