كيف تقنع من امامك وتكسبه عميل





فن الإقناع الناجح
خاطب الرأس و القلب معاً

جاي كونغر
لم يعد موظف اليوم يكتفي بالسؤال ( ماذا علىّ أن أفعل؟ ) بل يسأل أيضاً ( و لماذا أقوم بهذا؟ و لمَ بهذه الطريقة؟...) و هنا تبرز أهمية مهارة الإقناع.

كثيراً ما ينظر إلى مهارة الإقناع على أنّها مجرّد أداة من أدوات البيع و إرساء الصفقات ( أو أنّها صيغةٌ من صيغ المناورة و التلاعب). لكنّ الحقيقة هي أنّ مهارة الإقناع هي أكثر من تقنية بيعية.

عملية الإقناع هي نقيض الخداع. الإقناع الفعّال هو مزيج من عمليات التعلّم و التفاوض من أجل السير بالطرف الآخر أو زملاء العمل نحو حلٍ مشترك لمشكلة معيّنة.

في السطور التالية نلقي الضوء على الخطوات الرئيسة الأربع في عملية الإقناع الناجحة.

1- تأسيس الاعتمادية:
تنبع اعتمادية المرء من مصدرين متكاملين هما:
الخبرة العميقة و المعرفة الواسعة، و حسن التعامل مع الناس.
إن كان لديك تاريخ حافل بالوقائع العملية التي تشهد لك بأنّك تقيم أحكامك و قراراتك على البيّنات الموضوعية المثبتة فإنّ زملاءك سيحترمون خبرتك. و إن كنت تثبت خلال مسيرتك المهنية سعيك الحقيقي إلى صيانة مصالح زملائك فإنّهم سيطمئنّون إلى علاقاتك و تعاملاتك معهم.
من سيقرأ الرسالة؟ و من سيحاول فهمها؟ من أين يأتي النجاح في توصيل الرسالة إن كان حاملها و شارحها مرفوضا؟

إن وجدت لديك ضعفاً في جانب الخبرة، فبإمكانك تقوية موقعك في هذا الجانب من خلال:
- تعلّم المزيد من خلال التثقيف الرسمي و الذاتي، و تكثيف الحوار مع أصحاب الخبرة داخل الشركة.
- التعاقد مع خبراء خارجيين محترمين.
- الاختلاط العميق بأهل العلم و الخبرة و تشرّب معارفهم و أساليبهم التطبيقية.
- إطلاق مشاريع اختباريّة

و لردم الفجوة في جانب العلاقات يمكنك القيام بما يلي:
- عقد اجتماعاتٍ ثنائية مع الأشخاص المهمّين في تعريف الناس بك و تحسين علاقاتك معهم.
- إدخال زملاء عمل يتفقون معك في طريقة التفكير و التعامل و لديهم قبول حسن لدى الناس في مخاطبة الجمهور الذي توجّه له رسالتك.

مثلاً: تصوّر اثنان من مطوّري المنتجات الجديدة لدى "مايكروسوفت" منتجاً برمجيا ًثورياً، و لكنّ هذين المطوّرين لم تكن لديهما الخبرة التكنولوجيّة اللازمة. بعد أن أشركا في العمل خبراء تقنيين و اختبرا في السوق نموذجاً أوّلياً، تمكّنا من إقناع الإدارة بملائمة المنتج لمستخدم الحاسوب العاديّ وهكذا بيع منه أكثر من نصف مليون وحدة.

ارسم الأهداف على أرضية مشتركة:
بيّن تبييناً ملموساً مزايا موقفك. و بكلماتٍ أخرى لا تدفع الناس إلى ما تريدهم أن يمضوا إليه بل أظهر لهم في مطالبك أشياء تفيدهم أو تسرّهم و عندئذٍ سيمضون إليها بأنفسهم. إن هذا ليس خداعاً بل هو إقناع. و عندما يتعذر إيجاد منفعة قابلة للإثبات فإنّ عليك أنت تعديل موقفك و مطالبك.
لا تدفع الناس إلى ما تريد، بل اجعلهم يريدونه

مثال: أفلحت مديرة إحدى وكالات الإعلان في إقناع مؤسسة للأطعمة السريعة بتقديم المزيد من تخفيض الأسعار للمنتجات المرسلة إلى مراكز الشركات، بالرغم من أنّهم كانوا شديدي القلق و التردّد. لقد ساعدها في ذلك استنادها على دراسة موثّقة تبيّن كيف أن الخطة الجديدة ستحسّن أرباح المؤسسة. بعد الاطلاع على الدراسة الموثّقة مضت المؤسسة بتنفيذ الخطة دون أيّ اعتراض.

عزّز موقفك بحيوية و حرارة:
البراهين المنطقية الجافة لا تجدي وحدها في معظم من الأحيان. ادعم معطياتك الرقمية و اجعلها أكثر إقناعاً
و تحريكاً من خلال الأمثلة و القصص و التشبيهات ذات التأثير العاطفيّ القويّ.
أعطني ما أحب و ليس ما ينفعني و حسب

مثال: مؤسّس شركةٍ أمريكية لمستحضرات التجميل تدعى " ماري كاي" ألقى خطاباً شبّه فيه الاجتماع الأسبوعي لمندوبي المبيعات باجتماعات المسيحيين المناهضين للحكم الروماني. و أدّى ذلك غرضين في وقتٍ واحد: بيّن أهمية التآزر بين أفراد قوة المبيعات، و نشر في أجواء العمل روح الاجتهاد الرساليّ البطولي.

- تواصل عاطفياً:
اجتهد في توليف إيقاعك العاطفي ليوافق مقدرة كلٍّ من الحضور على تلقّي رسالتك.
استكشف كيف تلقّى زملاؤك المستمعون و كيف فهموا الأحداث الماضية في المنظمة، ثم حاول التنبّؤ بكيفية قراءتهم لمواقفك و اقتراحاتك الراهنة. حاول جسّ نبض الأفراد الأساسيين قبل مخاطبة الجميع.
ابدأ أوّلاً، حاول أن تفهمني إن أردت منّي أن أفهمك

مثال: قام أحد قادة الفرق في شركة لصناعة السيارات بإحياء معنويات فريقه المتدهورة نتيجة خسارتهم أمام المنافسة الخارجية و لجوء إدارتهم إلى تعهيد عمليات التصميم. لقد نجح في جعل الإدارة تحيل مهمة تصميم سيارة جديدة إلى الفريق داخل الشركة، و ساعده في إقناع فريقه بتبنّي المهمة و إقناع الإدارة بتفويض العمل عرضُ صورٍ لبلدته و قد أتلفت جمالها و خرّبت طبيعتها أعمال التنقيب و المناجم التي تنفّذها جهاتٌ أجنبية منافسة.
إنّ حماسه البطولي و تبنّيه للقضية المهمّة أعاد الحياة إلى الفريق الخامد و جعل الإدارة العليا تقرّ الخطة المقترحة.

بالتوفيق ان شاء الله للجميع