م. محمد سميح الطراونة
تمر السنون والحصار لا زال مفروضا على اهلنا في قطاع غزة الصامد, وهذا القطاع الاكثر اكتظاظا بالسكان يعيش ظروفا لا اقل ان توصف بانها الاسوأ على مستوى العالم.
دولة الاحتلال الاسرائيلي المحاصر الظاهري لغزة تحاول اظهار نفسها امام الرباعية, التي واقعيا تمثل العالم بأسره, بمظهر البريء ولا تنفك عن سوق الذريعة لشرعية حصارها والادهى والامر هو شيطنة الآخر ولو كانوا مدنيين وجعلهم المغضوب عليهم.
لم ينبر احد لفك الحصار, ذلك ان هذا الموقف له تبعاته على صاحبه على المدى البعيد فأي طرف يتخذ موقفا معارضا من الحصار سيكون له كفلٌُُُ من تداعيات موقفه, العرب... اكتفوا كالعادة بالبيانات المنددة والمناهضة والمتبرئة من الحصار ولكن كل ذلك لا يسمن ولا يغني جوع اهل غزة المحاصرين.
اشتدت الاحوال وتأزمت المواقف وبني الجدار الفولاذي والجامعة العربية زادت من صادر بياناتها, اما اخوتنا الغزيون فما زالوا ينتظرون فرج ربهم والمخلص المبعوث من ربهم الذي سيخلصهم من الحصار ويبدد ظلمة ليلهم المعتم.
الدولة التركية في مرحلة مخاض بلورة دور تركي في الاقليم ليصبح اكثر وضوحا ويخرج من وهم وسراب الانضمام للاتحاد الاوروبي الذي يغلب على دوله طابع المسيحية ولا مكان لدولة مسلمة, تركيا تسعى لاطلاق المارد العثماني من قمقمه على يد حزب العدالة والتنمية.
الساحة العربية من الضعف بحيث انها قابلة لان تكون منطقة نفوذ الدول ذات الثقل, خاصة ان مصر والسعودية اخلتا مكانتهما, ومن المرشحين للعب هذه الادوار جمهورية ايران ودولة تركيا, وبات من الواضح ان تركيا هي المقبولة في الشارع العربي لتكون المخلص, استحقت هذا الدور بجدارة لانها تصدت بصدق لقضايا العرب المركزية وابرزها حصار غزة, حيث سيّرت قوافل فك الحصار وكان آخرها اسطول الحرية الذي كان ضمنه السفينة التركية »مرمرة«, اسرائيل ارتكبت حماقة كبيرة فلنقل العسكر الاسرائيلي ارتكبوها عندما اقتحموا السفينة مرمرة وقتلوا تسعة من المتضامنين الاتراك وبهذا التصرف تكون اسرائيل قد اطلقت رصاصة الرحمة على العلاقات التركية - الاسرائيلية او على الاقل فلنقل اصبحت تركيا الصديق اللدود لاسرائيل ومن المتوقع ان يتطور الامر للاسوأ وتصير العلاقة علاقة العدو اللدود وندخل الصراع الدائر في وادي الذئاب.
نعلم ان تركيا احرجت اسرائيل بل الاسوأ من ذلك , واسرائيل الان في مرحلة رد الصاع صاعين لتركيا حيث ان الاخيرة جعلت اسرائيل محاصَرة بعد ان كانت محاصِرة, اسرائيل قادرة على مضايقة تركيا والاتراك يعلمون ذلك جيدا وهم يعملون على سد الثغرات التي تبحث عنها اسرائيل لتقليم مخالب تركيا الخارجية والداخلية..
تركيا لا بد ان تدفع ثمن ما هكذا او ربما يعتقد قادة اسرائيل, ولكن ليس بالدرجة التي تصبح عدوا لدودا لاسرائيل وتدير ظهرها لها وتدخل المحور الايراني السوري ويظهر البطل polatalamdar.
وادي الذئاب مسلسل من انتاج تركي اثار الجزء الاول منه ضجة اعلامية وخلافا حادا بين اسرائيل وتركيا, هذا المسلسل باجزائه الاربعة يدور حول العالم الخفي والمخابراتي ومراكز النفوذ في تركيا.
هذا المسلسل مع التقدم في تصوير اجزائه فانه يقدم لنا تصورا واضحا لواقع ومستقبل تركيا بعد تسلم حزب العدالة والتنمية للحكم والتطورات التي حصلت اخيرا في الساحة الدولية, ففيه محاولات للموساد وعملائه للعبث بامن تركيا من خلال المافيا. وفي هذا المسلسل الرائع حقا يقف للتصدي للفاسدين والعملاء البطل التركي القومي polatalamdar رجل المخابرات القوي مدعوما برجال اوفياء, الذي يتخلص من اعداء تركيا كما يحاول جاهدا الحفاظ على الوحدة الوطنية لتركيا, اما الجانب الآخر للمسلسل فيعرض بصورة دبلوماسية رجال الاعمال ورجال السياسة سواء منهم الاتراك او الاسرائيليين او الامريكيين حيث يعرض العلاقة الطيبة بينهم في العلن اما العلاقة الخفية فتنطوي على خيانة وفساد.
ونستطيع من هذا المسلسل ان نستشف مدى القوة الاعلامية لتركيا من خلال مسلسلاتها التي تعرض الجانب السياسي للدولة التركية.
اسرائيل حاولت منذ البداية ايقاف عرض المسلسل ولكن تركيا ابت الا الاستمرار في عرضه لانها اعتبرت ايقاف عرضه اعتداء على سيادة تركيا الثقافية, هذا المسلسل اعتبره المراقبون تغيرا صريحا وواضحا في سياسة تركيا الخارجية.
وادي الذئاب يعرض لنا ان تركيا تعي تماما انها تسير في طريق مليء بالاشواك وان اسرائيل تملك الكثير من الاوراق للتأثير على تركيا في الداخل او الخارج على السواء وكذلك تركيا, هذا المسلسل من الجانب الفني ابدع ولكني لست محللا فنيا ولكني كمتابع استشف روعة المسلسل فنيا, تركيا ابدعت في الجانب الفني المقاوم والسياسي, ارجو من الله ان يكون للعرب وادي الذئاب الخاص بهم وليس التركي المدبلج.