*** كانت حادثة الإسراء والمعراج بمثابة منعطف خطير في تاريخ الدعوة الإسلامية ، لما حملته من شحذ لهمة الرسول الكريم ، وتجديد لعزيمته ، وذلك بعد أن تحجرت قلوب أهل مكة ، فأعرضوا عن قبول الحق .

فقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يسري بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فسري ، ورأي من آيات ربه ما رأي ، فما زاغ البصر وما طغي
فهيأ لعبده الخافقين ، وجعل في خدمته الثقلين ، وجند لشخصه الدارين ، فالسموات والأرض كانت أثناء رحلته تحت إمرته بقدرة ربه وعزته وجلاله....

يقول الامام محمد الغزالي :
يقصد بالإسراء : الرحلة العجيبة التي بدأت من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالقدس .
ويقصد بالمعراج ما عقب هذه الرحلة من ارتفاع في طباق السموات حتى الوصول إلى مستوي تنقطع عنده علوم الخلائق ، ولا يعرف كنهه أحد ، ثم الأوبة – بعد ذلك – إلى المسجد الحرام بمكة .
وقد أشار القرآن الكريم إلى كلتا الرحلتين في سورتين مختلفتين :
( سبحن الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي بركنا حوله لنريه من ايتنا إنه هو السميع البصير )
وذكر قصة المعراج وثمرته بقوله :
( ولقد رءاه نزله أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشي السدرة ما يغشي ما زاغ البصر وما طغي لقد رأي من ءايت ربه الكبري )
فتعليل الإسراء – كما نصت الآية – أن الله يريد أن يري عبده بعض آياته .ثم أوضحت آيات المعراج أن الرسول عليه الصلاة والسلام شهد – بالفعل – بعض هذه الآيات الكبري .
ومن الفوائد المستخلصة من أحاديث الإسراء والمعراج نوضح منها :
1- أن للسماء أبوابا حقيقية ، وحفظة موكلين بها .
2- إثبات الاستئذان ، وأنه ينبغي لمن يستأذن أن يقول : أنا فلان ، ولا يقتصر على ( أنا ) لأنه ينافي مطلب الاستفهام .
3- المار يسلم على القاعد ، وإن كان المار أفضل من القاعد .
4- استحباب تلقي أهل الفضل بالبشر والترحيب والثناء والدعاء .
5- جواز مدح الإنسان المأمون عليه الافتنان في وجهه .
6- جواز الاستناد إلى القبلة بالظهر وغيره ، مأخوذ من استناد إبراهيم إلى البيت المعمور ، وهو الكعبة في أنه قبلة من كل جهة .
7- جواز نسخ الحكم قبل وقوع الفعل .
8- فضل السير بالليل على السير النهار ، لما وقع من الإسراء بالليل ، ولذلك كانت أكثر عبادته ? بالليل ، وكان أكثر سفره ? بالليل ، وقال ? ( عليكم بالدلجة ، فإن الأرض تطوى بالليل ) .
9- التجربة أقوي في تحصيل المطلوب من المعرفة الكثيرة ، يستفاد ذلك من قول موسى عليه السلام للنبي ? : أنه عالج الناس قبله وجربهم .
10- تحكيم العادة ، والتنبيه بالأعلى على الأدنى ، لأن من سلف من الأمم كانوا أقوى أبدانا من هذه لأمة ، وقد قال موسى في كلامه إنه عالجهم على أقل من ذلك فما وافقوه .
11- مقام الخلة مقام الرضا والتسليم ، ومقام التكليم مقام الإدلال والانبساط ومن ثم استبد موسى بأمر النبي ? بطلب لتخفيف دون إبراهيم عليه السلام ، مع أن للنبي ?
من الاختصاص بإبراهيم أزيد مما له من موسى ، لمقام الأبوة ، ورفعة المنزلة والاتباع في الملة .
12- الجنة والنار قد خلقتا ، لقوله في بعض طرق الحديث ( عرضت علي الجنة والنار )
13- استحباب الإكثار من سؤال الله تعالى وتكثير الشفاعة عنده ، لما وقع منه في اجابة مشورة موسى في سؤال التخفيف .
14- فضيلة الاستحياء ......

وقد أجاز الشيخ الشعراوي حكمة الإسراء والمعراج بقوله :
هي معجزة خرق الله فيها لرسوله قوانين الأرض وقوانين السماء ليريه من آياته الكبرى ويثبته ويفرض عليه أقدس العبادات وأقربها إلى الله – سبحانه وتعالي – وهي الصلاة