حين يعطي العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز شارة الافتتاح الرسمي لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية يوم الأربعاء شمال مدينة جدة، فإن حلمه القديم والذي يعود إلى ربع قرن مضى سيتحقق أخيرًا، وسيشهد على ذلك 3 آلاف مدعو بينهم قادة عدد من الدول العربية والإسلامية والأوروبية ومسؤولين وعلماء حازوا على جائزة نوبل العالمية.
لم يخلُ اختيار يوم الأربعاء موعدًا لافتتاح الجامعة من دلالات، إذ هو رابع أيام عيد الفطر المبارك، ويأتي متزامنًا مع الاحتفال بالعيد الوطني للملكة، لذا ستكون الأنظار متّجهة صوب قرية "ثول" الواقعة شمال مدينة جدة على البحر الأحمر، والتي تزينت لهذه المناسبة وبدت في أبهى حلة بانتظار تدشين تلك الجامعة التي ستكون بمثابة المنارة التي سيعم نورها المنطقة، بل العالم بأسره وفق ما أكد القائمون على الجامعة.

يؤكد الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة أن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية تعد ثورة في مجال التعليم ليس في المملكة فحسب بل على نطاق الدول الإسلامية، ويضيف "إن هذه الثورة التعليمية (عدوى جميلة) أتمنى أن تنتقل للجامعات السعودية مشيرًا إلى أن جهود خادم الحرمين ساهمت في اختصار الزمان وتقريب المكان. إذ أصبح العالم الأول على أرض المملكة، واضاف قائلاً: "لابد أن نلغي شعار "نحو العالم الأول" بعد أن أصبح هذا العالم واقعاً ملموساً على أرضنا".
ومع ترقب الجميع لحفل الافتتاح اتفق معظم الكتّاب في الصحف السعودية على أهمية جامعة الملك عبد الله واعتبروها نقلة نوعية تضاف الى الانجازات التي تحققت في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز، واستثمار مميز يضع المملكة في مصاف الدول الكبيرة التي تعطي مجال التعليم والجامعات اهتمامًا خاصًا.
وقال طارق الحميد رئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط" إن هذا المشروع هو استثمار خادم الحرمين الشريفين بشكل كامل، فهي حلمه منذ كان وليًا للعهد، واليوم يتحقق حلم الملك، وحلم بلاده، في تدشين هذا الصرح العلمي، الذي يمثل الاستثمار الأفضل، والأنجع، مشيرًا الى ان المفارقة هي أن هذا المشروع يأتي بعد فترة وجيزة من صخب إعلامي شهدته السعودية على خلفية خبر جاء فيه أن الجامعات السعودية تتذيل قائمة تصنيف الجامعات عالميًا.
وتابع الحميد في مقال له "اليوم والسعوديون يحتفلون بهذا الصرح العلمي، الذي يتوافق مع يومهم الوطني، نجد أن جامعة الملك سعود في الرياض، التي يقف خلفها مدير يستحق كل التقدير، وهو الدكتور عبد الله العثمان، الذي وجد دعمًا وصلاحيات من خادم الحرمين الشريفين وفق خطة تم الاتفاق عليها، تتلقى التهاني على تصنيفها كواحدة من أفضل 200 جامعة في العالم، ولذا فعندما نقول استثمار الملك عبد الله فلسبب بسيط هو أن العلم استثمار، وهو ما يضمن الارتقاء بالوطن والمواطن. وأولى خطوات التطوير التعليمي هي الإقرار بالخطأ، ومن ثم معالجته، ولذا فاليوم هناك حراك مطمئن في السعودية لتطوير العملية التعليمية بكافة مستوياتها، حيث صرفت ميزانية ضخمة للتعليم ككل، وهناك المشروع الذي يمثل نقلة مضيئة، وهو مشروع الملك عبد الله للابتعاث الخارجي، الذي يستفيد منه ما يزيد على 60 ألف طالب وطالبة من السعودية".
من جهة أخرى، أكد الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز أن الجامعة ستكون طفرة في التنمية السعودية وستخلف حراكا اقتصاديا وفكريا لا يستهان به، وأضاف أن أي مشروع كبير وطموح دائمًا ما يبدأ بحلم، خاصة عندما يكون بحجم أحد صناع التاريخ الحديث كالملك عبدالله.
وقال الأمير خالد في حوار لـ"الوطن": إن جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية إلهام لوالدي وهبة من الله للمملكة وأنا كمواطن سعودي فخور بها.
ومن جانبه، إعتبر محمد الوعيل في مقال نشرته صحيفة "اليوم" ان الملك عبد الله في مثل هذا المشروع الذي يطمح لأن يكون بيتًا جديدًا للحكمة يخدم من خلاله أبناء المملكة وجميع شعوب العالم وجعل لها وقفاً دائماً يسخر لها ومن أجلها هذه الفكر.
هذه الجامعة يعتبرها رئيس شركة أرامكوا المهندس خالد الفالح في تصريح لـ"الوطن" أنها المرحلة الثالثة التي سينمو منها الاقتصاد، بحكم أنها تؤسس قاعدة مهمة لمرحلة تنموية جديدة متمثلة في تحوّل بلاده إلى عصر المعرفة. ويضيف:" تلك التنمية التي يتسابق العالم الآن للظفر بوسائلها وأسبابها، من أجل توفير البدائل المستقبلية المناسبة لسبل الحياة المتقدمة والكريمة للناس". وعن توقعاته لحصد ثمار الجامعة يقول:" بعض ثمار الجامعة، سوف تكون موجودة على المدى القصير، كنتيجة لتقاسم المعرفة وتبادل المعلومات والأفكار الإبداعية، يعزز ذلك وجود نخبة من كبار العلماء والمتميزين من الطلاب ويجري في الوقت الحاضر تسجيل براءة الاختراع لابتكارات تمت خلال العامين الماضيين".
هذا الحلم تقدر تكلفته وتبلغ تكلفة الجامعة 10 مليارات ريال، على مساحة 36 مليون متر مربع، وشاركت في وضع تصاميم الجامعة الهندسية مجموعة من الشركات المحلية والعالمية.و بلغ عدد الطلاب الذين قبلتهم 817 طالبًا يمثلون 61 دولة, وبدأ 374 طالبًا من هذه




صور لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية
المجموعة الدراسة فعليًا، فيما سيتم تسجيل بقية المجموعة في الجامعة اعتبارًا من عام 2010.ويمثل طلابها 161 مؤسسة جامعية من مناطق كثيرة من العالم. وتلقت 7187 طلبًا من الطلاب الراغبين في التسجيل. وتأتي السعودية في المقدمة والأعلى تمثيلاً بين الدول في الدفعة الافتتاحية، بنسبة 15٪، والصين 14%، والمكسيك 11٪، والولايات المتحدة 8%. ويستطيع الطلاب الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه في مجالات الدراسة التسعة.ومن بين دفعة 2009 الافتتاحية سوف يسعى 44 طالبًا للحصول على درجة الدكتوراه، فيما يسعى 330 طالبًا للحصول على درجة الماجستير، أما أكثر المجالات التي اختارها الطلاب المسجلون للدراسة في 2009 فهي: علم الحاسوب (21٪)، الهندسة الكيميائية والبيولوجية (13,1٪)، الهندسة الكهربائية (12,5٪)، الهندسة الميكانيكية (10,4٪). ويتم تدريس الطلاب في المعامل وليس في الفصول مقارنة بالجامعات السعودية الأخرى.
وبحسب أنباء مترددة فإن حفل الافتتاح سيشهد كلمة للمرأة السعودية ومن المتوقع أن تلقيها المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان سعاد الشمري. وتوقعت مصادر مطلعة أن يروى الملك عبدالله في كلمته خلال الافتتاح للزعماء وحضور الحفل التفاصيل الدقيقة عن هذه الجامعة، إضافة إلى اصطاحبهم في جولة ميدانية على ساحات الجامعة قبل أن يستقروا في المكان المخصص للحفل.
وفي السياق ذاته يعتبر وزير العمل الدكتور غازي القصيبي أن هذه الجامعة هي جامعة المستقبل أنتشئت في الوقت الحاضر. ويوضح:" إلى جانب أن الجامعة مؤسسة تعليمية ترتكز على الإيمان بأهمية العلوم والتقنية بوصفها محركًا أساسيًّا للاقتصاد والصناعة وتنويع مصادر الدخل، فهي أيضاً تتسم بكونها صرحًا علميًا متخصصًا في الدراسات العليا والأبحاث العلمية، وتعمل على الاستفادة من الإسهام العالمي في تنمية المعرفة في مجالات العلوم والتقنية الحديثة ، وهي بالتالي تعد منبرًا تعليميًّا فريدًا ومركزًا متقدّمًا للأبحاث ومنارة علمية عالمية رفيعة".ويضيف:
"على الرغم من خصوصية الطبيعة والسمة العالمية، فإن الجامعة تسعى إلى وضع السعودية في مصاف الدول المتقدمة صناعيًا وتقنيًا من خلال الاهتمام بالنواحي المهمة لمستقبل المملكة، وبالقضايا التي لها صلة مباشرة برفاهية المواطن والعمل على وضع الحلول للمشاكل التي تعيق التنمية في أوجهها المختلفة وتحويل الأفكار الجديدة والأبحاث التي تحتضنها إلى منتجات صناعية واقتصادية وطنية، وواقع عملي لتحقيق النمو الاقتصادي ودفع عجلة التنمية بوتائر سريعة وتوفير الازدهار والرفاهية للمواطنين. كما تسعى الجامعة إلى أن يكون المواطن السعودي أكثر تخصصًا وتميزًا، علمًا وعملاً، وصانعًا للمعرفة بدل أن يكون مستهلكاً لها فحسب، وذلك من خلال الإمكانيات والفرص المتاحة في الجامعة للنبوغ والتفوق والإبداع والانفتاح على تجارب وخبرات الآخرين من الموهوبين والمبدعين من المفكرين والعلماء من أنحاء العالم المختلفة".
بدوره يقول وزير البترول والشؤون المعدنية المهندس علي النعيمي:" إن الجامعة ستسخر أبحاثها ودراساتها لتطوير مصادر جديدة للطاقة في السعودية من جهة، ويجري من جهة أخرى تحويل هذه الأبحاث والدراسات إلى تطبيقات عملية تعود بفائدتها على جميع مناحي التنمية الاقتصادية في المملكة، بل والمنطقة والعالم والبحوث المتقدمة التي ستنفذها الجامعة في مجال الطاقة الشمسية واستغلال رمال الصحراء وتطوير محاصيل غذائية جيدة واقتصادية تنمو في الأراضي القاحلة والحارة والزراعة في المياه المالحة والاستغلال الأمثل لبيئة البحار وغيرها كلها تصب في خانة المستقبل الاقتصادي للمملكة وأجيالها، حين تسهم الجامعة في تعزيز المصادر الحالية وتوفر البدائل الاقتصادية المناسبة للمستقبل".
كلمة العاهل السعودي بمناسبة تدشين جامعة الملك عبدالله للعلوم و التقنية