السبب في كتابة هذا الموضوع هو ما أثاره البروفيسور سير كريم في زاويته التي كانت بعنوان المزاجية بين الرجل والمرأة ، والتي فضلت أن أفردها في موضوع جديد .. فله الشكر أولاً على استثارتي للكتابة ..

والتي كانت تتلخص في ما يلي لمن لم يتابعها :

- أن احتمال تعرض الإنسان للمزاجية أمر مسلم به .
- نتائج تأثير المزاج على حياة الإنسان وتعامله مع المحيط المقرب أو العام .
- ردود فعل الإنسان تنقسم إلى قسمين :
أ) منهم من يعزل مزاجه عن حياته وقراراته ، وهؤلاء ذو مقاومة جيدة .
ب) ومنهم من ينقاد تحت حالة المزاجية ، وهؤلاء يكونون ذو مقاومة ضعيفة .

- أن منشأ الانفعالات والمشاعر من :
أ) تغيرات فسيولوجية .
وب) أسباب أو تأويلات يعلل بها الشخص تلك التغيرات أو تكون مسببة للتغيرات الفسيولوجية .
- دور اعتلال الصحة على سوء الحالة المزاجية .
- مزاج الأطفال متغير لعدم اكتمال النمو بالتالي عدم القدرة على السيطرة عليه .
- الإنسان البالغ أكثر قدرة على السيطرة بحالته المزاجية ، وأن كل ما كان الإنسان أكثر قدرة وسيطرة على مشاعره وانفعالاته كلما كان قدره في نظر نفسه والآخرين رفيع .

كذلك تكلم البروفيسور عن :
- عواقب / نظرة الآخرين للشخص المزاجي والآثار المترتبة من المزاجية السيئة .
- إرشاد القرآن الكريم لنا بكيفية السيطرة على المشاعر .
أخيراً :
- براعة المرأة في التعبير عن مشاعرها و مقارنتها بالرجل ، وتحسن الأداء في الربيع لدى الرجال ، واحتمالية إصابة المرأة بالاكتئاب ضعف الرجل .
- طرق للتخفيف من حدة الشعور والمزاجية والضغط العصبي .



أمــا زاويتي تقول :
أن بعض أساتذة علم النفس عرف المزاج على أنه ظاهرة ذات طابع خاص متميز في طبيعة الفرد الانفعالي .
أي أننا عندما نصِف شخصية الفرد بأنه سريع أو بطيء الانفعال فإننا نصف مظاهر حياته الانفعالية وسيرها ، وهذا أقرب إلى ما يكون بالطبع أو الميزة في الشخصيةTemper والتي تكون مستمرة ومتوافقة مع الحياة .
أما الحالة المزاجية أو ما نسميها بالمود Mood فهي حالة انفعالية وقتية نستطيع أن نشبهها بالطقس في تقلبه ، فتكون متغيرة من حال إلى حال قد يكون هذا الحال الجديد إيجابي كتحسين وضع أو تعديل سلوك أو نشاط مغاير أو اتجاه جديد أو نظرة من زاوية جديدة .. أو يكون الحال المزاجي الجديد سلبي مضر للشخص ولغيره ، وإن صح التعبير يكون الشخص فيه أناني غير مسئول عن تصرفاته، متهور ، سلوكياته غريبة .
أي أن المزاجية شعور طارئ مفاجئ متكرر أو غير متكرر من مسبب ما أو مسبب مجهول.
إذن نستطيع أن نقسم المزاجية إلى نوعين أحدهما طبيعي وآخر غير طبيعي .
فالمزاجية الطبيعية قد نمثلها في تحول الفرد من طاقة نشطة إلى طاقة شبه خاملة أو خاملة ومن اهتمام إلى لامبالاة ، كأن يبدأ الفرد مثلا في مشروع تجاري ويبدأ بحماس ونشاط وبحث مستمر وعمل دءوب ويتحول هذا النشاط إلى فتور أو إحباط .. فهذا حال طبيعي لخلل وبعد مراجعة بسيطة لخطة معينة يعود للتوازن .
أما المزاجية الغير طبيعية هي مزاجية إرادية مفاجئة تصاحبها تغيرات وتصرفات غامضة وغير منطقية .
فنخلص إلى أن نشاط الإنسان يعتمد على انفعالاته الناتجة من حالة مزاجية معينة .

والمزاج حسب باس وبلومن يتكون من ثلاثة :
الأولى : من استعدادات شخصية موروثة تكون ميول فطرية واسعة .
والثانية : من استعدادات موروثة تحدد فروق فردية في الشخصية .
والأخيرة : أن الميول الموروثة تقوم البيئة بتدعيمها وتحفيزها .

وتأكيداً لقول البروفيسور – في دور اعتلال الصحة على سوء الحالة المزاجية –
فنرى كمثال أن الرجل غالباً لا يتحمل المرض البسيط وخصوصا كالأنفلونزا والحمى والتهابات الشتاء عامة ، ويؤثر ذلك على مزاجه فتجده غاضباً عابساً منطوياً وأحياناً منكسراً ، غير متكيف ، ذو مزاج سيء ،وخصوصا لدى الرجل الكبير في السن .
بعكس المرأة التي قد تتحمل المرض وتجامل وتتكيف .. ( لا تعميم )

ونستمر عن الحديث عن الرجل وتحسن أداءه كما قال البروف في الربيع ،وعكس ذلك في الشتاء ، حيث أن الدراسات العلمية الحديثة تؤكد أن حالات الاكتئاب تزيد في الشتاء عنها في أي موسم آخر ، وحتى الذين لا يعانون الاكتئاب تنخفض عندهم الحالة النفسية والمزاجية ، وربما يكون تفسير ذلك نابع من أنه بدخول فصل الشتاء يصبح النهار قصيرا بينما الليل طويلاً نسبيا وبالتالي تقل عدد الساعات التي يتعرض فيها الإنسان للضوء ، ولأن الضوء هو المسئول عن إنتاج المواد الكيماوية المسئولة عن الحالة المزاجية للفرد فكلما زادت ساعات التعرض للضوء كلما اعتدلت الحالة المزاجية ، والعكس صحيح فقلة الضوء تؤدى إلى حالة من الحزن والشجن ويقل معدل السعادة .

وليس الشتاء وحده من يلعب في المزاج عامة ، بل حتى الأبراج وخصوصا دورة القمر والمد والجزر وهذا موضوع كبير لن أدخل في تفاصيله فهو بين المؤيد والمعترض .



أما عن مزاجية الأطفال ..
-مزاجية الأطفال تبدأ في الظهور في العام الثاني تقريباً ، ببداية تعبير الطفل عن مطالبه بطريقته حسب خبرته وأدواته البسيطة وحسب نضجه .
-أن للوراثة دور مهم في مزاجية الأطفال ، فنستطيع أن نقول أن فلان من الأطفال كفلان من الأقارب أو كأبويه أو أحدهما في سنه في سلوك ما أو مزاج معين .
-أن البيئة المحيطة بالأطفال والتربية تأيد أو تهذب المزاج أو تعدله بتعديل الانفعالات والتوجيه والتعلم .
-مزاجية الأطفال عبارة عن طاقة تحتاج لشغل أو جهد أو بالمعنى الأدق تحتاج لتفريغ وهذا التفريغ يتعدد حسب الطفل ومزاجيته :
فالمزاجية المثابرة التي تتسم بالتحدي والعناد والقوة <<<يستخدم معها المربي الهدوء والإقناع والتدرج والمشاركة حتى يتمكن من الحصول على استجابة مرضية .
أما المزاجية الخجولة أو الغامضة المتسمة بالارتباك والتردد والغموض <<< تحتاج لوقت وصبر وتشجيع ويد مطمئنة مساعدة .
-أن الوالدين يستطيعون أن يتحكموا في مزاجية الأطفال ، فالطفل يصدق كل ما يقوله والديه ، فإذا قالا أنت عصبي مثل فلان تصبح العصبية أقرب لانفعالاته المزاجية وقس على هذا لو كان القول إيجابي ( عامل برمجي ) .
-استقرار الأسرة والحالة الصحية العامة والبيئة والتربية السليمة كلها تلعب دور في مزاج الأطفال خاصة ، فالتربية السليمة كما قالوا تجعل الخامل عامل والجاهل عالم .

يَقُوْلُ الإِمَامُ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ، عَظُمَتْ قِيْمَتُهُ، وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي الفِقْهِ، نَمَا قَدْرُهُ، وَمَنْ كَتَبَ الحَدِيْثَ، قَوِيَتْ حُجَّتُهُ، وَمَنْ نَظَرَ فِي اللُّغَةِ، رَقَّ طَبْعُهُ، وَمَنْ نَظَرَ فِي الحِسَابِ، جَزُلَ رَأَيُهُ، وَمَنْ لَمْ يَصُنْ نَفْسَهُ، لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ".

أخيراً أقول ...

-أن الحالة المزاجية قد تكون ذات سبب واضح وقد تكون فكرة تسيطر على الإنسان ، أو إحساس داخلي قد يكون فيه نوع من التنبؤ لحدث مستقبلي .
-أن المزاج أساس انفعالي لجعل الفرد متميزاً بذاته ، ولا يمكن أن يكون أي فرد متميز إلا باختلاف استجاباته وانفعالاته عن غيره .
-يستطيع الفرد توجيه المزاج للوجه الصحيحة ، أو عزله في مأمن عن انفعالاته ، والحرص على ضرورة التعبير عن المزاج السيئ بالطريقة الصحيحة والوقت المناسب.
-يستطيع الفرد أن يوقظ المشاعر والانفعالات السعيدة الإيجابية للحصول على مزاج جيد .
يقول الشاعر :
أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا لولا شعور الناس كانوا كالدمى
أحبب فيغدو الكوخ قصراً نيرا أبغض فيمسي الكون سجنا مظلما
-ضوء الشمس طاقة هائلة للكون ، فاحرص على امتلاك خيط من خيوطها كل يوم لتقشع عنك غبار الأفكار السلبية .

ختاماً :

الموضوع كبير للغاية ، إن أجدت فيه فهو توفيق من الله وحده ، وإن أخطأت فهو اجتهاد بشري مني ومن آراء عديدة ، يرحب بالإضافة والتعديل والتصويب .


ولكم كل الشكر والتحايا
شمــــوخ