أنماط الشخصية التسعة (نظام الأنيكرام)
الأنماط التسعة للشخصية .. أو مايطلق عليه أنماط الشخصية التسعة ( الأنيكرام او الأنيجرام) هو نظام حديث نسبيا يقسم الشخصية الأنسانية الى تسعة انماط personality types وق د كان ها هو موضوع رسالة الماجستير العائدة لي والتي حصلت على درجة الأمتياز عند تقديمها لقسم علم النفس - كلية الآداب جامعة بغداد - للعام الدراسي 2004 والتي اشرف عليها الأستاذ الدكتور / قاسم حسين صالح .... ويسعدني هنا ان اقد تباعا نبذة عن الأنماط التسعة للشخصية وكما وردت في نظام الأنيجرام (الأنيكرام) بغية الأطلاع للمشتغلين والمهتمين في مجال دراسة انماط الشخصية .. مما لاشك فيه أن الدراسة العلمية للشخصية الإنسانية بصفتها ظاهرة سلوكية يشوبها الكثير من التعقيد والإشكالات ، وأحد أهم هذه الإشكالات هو صعوبة توفير الأسلوب المنهجي المناسب لدراسة الشخصية ووصفها ومن ثم محاولة التنبؤ بالسلوك والتحكم به ، إذ ذهب الكثير من المهتمين بدراسة الشخصية إلى إستعمال المنهج التصنيفي categorize method بأن إفترضوا وجود جملة من الخصائص والصفات النفسية والجسمية والعقلية المتشابهة يمكن عن طريقها تصنيف البشر ضمن أصناف أو نماذج أو أنماط للشخصية محددة وواضحة . وهذا ما نجده في الأثر السيكولوجي في دراسات كل من أبي قراط وشيلدون وكريتشمر ومن تبعهم بعد ذلك ، أما الآخرون فقد ذهبوا إلى دراسة الشخصية ومحاولة فهمها من خلال الأبعاد والعوامل والسمات التي تشكل في مجملها الشخصية الإنسانية ، وخير مثال على ذلك دراسات جيلفورد وكاتل وآلبورت وغيرهم ممن يؤيدون هذا المنهج البعدي والعاملي في دراسة الشخصية .
إن المتتبع لطرائق دراسة الشخصية يجد أن كل طريقة أو أسلوب له مسبباته وجوانبه السلبية والإيجابية ، ولكن القاسم المشترك بين كل تلك الأساليب والطرائق هو فهم الشخصية الإنسانية وإزالة الغموض عن محددات السلوك وأسبابه .
وهنا يرى الباحث أن للتصنيف أهمية قصوى في دراسة الشخصية ، ذلك أن التعامل مع أنماط للشخصية واضحة ومحددة يوفر الكثير من الجهد والوقت إذا ما تناولنا الشخصية وفق متصلات لانهائية الأبعاد والعوامل والسمات والصفات المتناثرة هنا وهناك ومن دون أن تقدم السببية المتكاملة في فهم الظاهرة السلوكية .
وقد طرح مؤخراً في ميادين علم أنماط الشخصية personality typology نظام أو أنموذج يدعى نظام الإنيكرام The Enneagram يتناول الشخصية الإنسانية على وفق تسعة أنماط (نماذج) للشخصية ، تتمايز فيما بينها من حيث الخصائص والسمات المشتركة والمتشابهة ضمن النمط الواحد وتختلف عن سائر الأنماط الأخرى ، فضلا عن أن تلك الأنماط التسعة تتوزع على ثلاثة مراكز رئيسة تتكون منها الشخصية الإنسانية وهي : مركز المشاعر ومركز التفكير ومركز الغريزة .
ذلك الأنموذج أو النظام التصنيفي يبرر منظروه أفضلية التعامل مع الشخصية الإنسانية بوصفها أنماطاً (نماذجاً) ذلك أن نمط الشخصية له علاقة وثيقة بالمظاهر السلوكية كلها التي تصدر عن الفرد من أسلوب حياته ونمط معيشته وعلاقاته بالآخرين والبيئة المحيطة به وكل الأنشطة الأخرى التي قد تصدر عنه ، وحتى إختياره لمهنة معينة أو تخصص دراسي معين من دون غيره (Riso,2003,P.1-5)(Krieford,2003,P.112) (Palmer,1995,P.111) .
وفيما يأتي يعرض الباحث اهم ماتناولته نظرية الإنيكرام The Enneagram Theory من مضامين تتعلق بافتراضات تلك النظرية ووصفا دقيقا لخصائص الأنماط التسعة للشخصية :

نظرية الإنيكرام The Enneagram Theory

1- منظور ريسو RISO
يرى ريسو (1998) Riso ، أن نظرية الإنيكرام تطرح نظاماً خلوياً ، يقوم على مصفوفة خلوية (3×3) من أنماط تسعة للشخصية ، وتتوزع هذه الأنماط التسعة على ثلاثة مراكز تتكون منها الشخصية الإنسانية (Riso,1998,P.10) . وكما هو مبين في الشكل (1)







الشكل (1)
يبين الأجزاء الثلاثة للشخصية موزعاً عليها الأنماط التسعة للشخصية
(Riso,1995,P.84)

إذ ترى نظرية الإنيكرام ، أن الشخصية الإنسانية تتكون من مراكز ثلاثة three centers ، وهي مركز المشاعرfeeling center ومركز التفكير thinking center ومركز الغريزة instinct center ، ويحتوي كل مركز من هذه المراكز الثلاثة على ثلاثة أنماط للشخصية personality types (Riso,1998,P.15) .
وهذه الثلاثة مراكز التي تتكون منها الشخصية الإنسانية متفاعلة فيما بينها بصورة دينامية وليس إستاتيكية (Riso,1996,P.18) .
إذ أن الأنماط (المساعد ، والمنجز ، والمتفرد) يقعون في مركز المشاعر ، والأنماط (الباحث ، والمخلص ، والمتحمس) فيقعون ضمن مركز التفكير ، أما الأنماط الثلاثة المتبقية وهي (المتحدي ، وصانع السلام ، والمصلح) فيقعون في مركز الغريزة (Riso,1996,P.18).
ويذكر ريسو (2002) أن هناك جملة من الاعتبارات يجب الأخذ بها عند تناول مفهوم النمط في نظام الإنيكرام وهي : 1-إن الأشخاص لا يتغير نمط الشخصية لديهم من نمط إلى آخر ، وإنما التغير الذي يحصل يبقى ضمن النمط نفسه وفي مجالات ثلاثة للنمط الواحد وهي (الجانب الصحي-المعدل-الجانب غير الصحي) . 2-إن وصف أنماط الشخصية هو عالمي universal ، ولا يختص بجنس أو نوع gender معين . 3-ليست الخصائص والصفات الخاصة بالنمط كلها تبقى ظاهرة وفاعلة طوال الوقت وإنما تلك الخصائص والصفات السلوكية النمطية تتباين بالظهور تساوقا fluctuate constantly ، وإعتمادا على الجانب الصحي والمعدل وغير الصحي للنمط ذاته ، وبحسب الموقف البيئي الفاعل 4-لا يوجد نمط أحسن من نمط ، وإنما لكل نمط تقييم معين وتقبل وسيادة إستنادا إلى المتطلبات البيئية والحضارية وطبيعة الموقف الفاعل والمؤثر في تلك البيئة ، فهناك نمط من الشخصية مفضل desirable أكثر من غيره في مجتمعات معينة دون غيرها . 5-إن الفروق في أنماط الشخصية بين الأفراد في المجتمعات المختلفة إذ يسود نمط ما في مجتمع معين دون آخر ، فهو يعود أساسا إلى عوامل كثيرة تتعلق بالوراثة والتنشئة الأسرية والاجتماعية ولاسيما خبرات الطفولة ، فضلا عن عملية المكافأة الاجتماعية التي تعزز تواجد وبروز هذا النمط من الشخصية دون غيره من الأنماط الثمانية الأخرى ، وليس لأفضلية ذلك النمط أو قيمته التفوقية superior value (Riso,2002,P.1-15) .
ويضيف ريسو (2003) أنه من الشائع والطبيعي أن نجد بعضاً من صفاتنا الشخصية ، موجودة في كل الأنماط التسعة ، ولكن على الرغم من ذلك فإن أحد تلك الأنماط التسعة يكون الأقرب إلى الفرد ومعظم خصائصه تنطبق عليه ، وهو ما أطلق عليه نمط الشخصية الرئيس (السائد) the basic personality type (Riso,2003,P.14) .
مؤكدا ريسو (1995) بأن نمط الشخصية الرئيس للفرد يتكون منذ الطفولة ، وذلك إنعكاسا للإستعدادات الجينية الموروثة ، وكذلك علاقات التنشئة الاجتماعية ، وخبرات الطفولة المبكرة early childhood experience ، إذ يبدأ الطفل من عمر (4-5) سنوات ، الدخول في عملية وعي ذاتي self-conscious تتركز حول ذاته المميزة distinguished-self والمنفصلة عن البيئة الخارجية المحيطة به ، وعلى الرغم من أن هويتهم تظل طافية وعائمة وغير محددة ، إلا أن الأطفال في هذه السن يستطيعون إثبات أنفسهم وإعطاءها وزنا مؤثرا بطريقتهم الخاصة في العالم المحيط بهم ، التي تصبح فيما بعد نمط الشخصية الرئيس المميز لهم ، الذي يعكس خبرات الطفولة والجينات الوراثية ، ويؤثر فيما بعد على عملية النمو النفسي لديهم (Riso,1995, P.10) .
وقد يتبادر إلى الذهن لماذا يقع نمط معين ضمن أحد المراكز الثلاثة الرئيسة المكونة للشخصية دون غيره من المركزين الآخرين ، والإجابة تكمن هنا في أن ريسو (1996) يشير إلى أن كل نمط من الأنماط التسعة يشترك مع نمطين آخرين في طيف واسعwide spectrum من السلوك behaviour والإتجاهات الكامنة potential attitudes ، المتعلقة بهذا المركز من مراكز الشخصية الثلاثة ، فعلى سبيل المثال يتميز نمط الشخصية المتفرد بقوة المشاعرstrength of feelings التي تتميز بها شخصيته (على الرغم من كونه لايستطيع التعبير بصراحة عنها أغلب الأحيان ) التي تصطبغ بها تصرفاته وسلوكياته ولذلك نجده يقع في مركز المشاعر وفي الوقت نفسه مشتركا مع النمطين الآخرين وهما النمط المساعد والنمط المنجز ، ومثال آخر على ذلك فإن النمط المتحدي نجده يقع ضمن مركز الغريزة ، ذلك كون صفاته الشخصية تعكس قدرته على التواصل بالفعل والتأثير المتجه نحو البيئة المحيطة به ، وهو ما يشترك فيه مع النمطين صانع السلام والمصلح (Riso,1996,P.121) .
وهناك ما يشير إليه ريسو مؤكدا طرحه في تناوله نظرية الإنيكرام ، بأن الأنماط الثلاثة الواقعة ضمن أي من المراكز الثلاثة الرئيسة التي تتكون منها الشخصية الإنسانية ، تعبر عن حالة معينة من ثلاثة حالات وهي : إما إفراط overdeveloped ، أو ضعف ونقص underdeveloped ، أو مبتعد عن out of touch ، وهي التي تعطي الأنماط الثلاثة ، ضمن المركز الواحد ، الصفة التي تميزه من غيره من النمطين الآخرين .
ويشرح ريسو (2002) الأنماط التسعة في حالاتها الثلاث على وفق مراكز الشخصية الثلاثة كالآتي :

أولا : مركز المشاعر The Feeling Center

1-نمط الشخصية المساعد the helper personality type
يقع هذا النمط من الشخصية ضمن مركز المشاعر وهو مفرط في التعبير عن مشاعره overdeveloped feeling ، إذ أن الأشخاص في هذا النمط يبالغون كثيرا في إظهار مشاعرهم الإيجابية نحو الآخرين ، في حين يكبتون repressive مشاعرهم السلبية (مثل الغضب والامتعاض resentment ، وإستيائهم الشديد عند عدم حصولهم على التقدير الكافي) (Riso,2003,P.2).

2-نمط الشخصية المنجز The achiever personality type
وهم الأكثر إبتعادا عن مشاعرهم out of touch with feelings ، أو عن موضوع العواطف ، ذلك أنهم قد إكتسبوا في مراحل نمو شخصيتهم ، أن يضعوا مشاعرهم وعواطفهم جانبا put aside ، ساعين من وراء ذلك إلى تحقيق قدر من الفاعلية والكفاية effective في البيئة المحيطة بهم ، فضلا عن عكس الصورة الإجتماعية المقبولة .


3-نمط الشخصية المتفرد The individualistic personality type :
أصحاب هذا النمط من الشخصية يعانون من عوق في مشاعرهم أو بصورة أدق ضعف في التعبيرعن مشاعرهم under express their feelings ، وذلك بسب شعورهم بالخجل من أنفسهم ، ومن مواجهة حاجاتهم ورغباتهم وحتى إندفاعاتهم impulses ، ولذا فهم قد يسلكون بصورة بديلة تعبر عن حقيقة تلك الرغبات الدفينة نحو أشكال من الفنون art أو الأعمال الجمالية aesthetic ، أو غيرها مما تحمل طابع الأدب أو الفن .




ثانياً : مركز التفكير The thinking center

1- نمط الشخصية الباحث The investigator personality type
إن الأشخاص في هذا النمط يستبدلون الفعل بالتفكير ، ولذا فإن قدرتهم على الفعل تبقى ضعيفة underdeveloped of doing، فضلا عن ذلك فإنهم قد يواجهون صعوبة في إيجاد نهاية للمعارف والعلوم والمعلومات وفيما يرغبون في فهمه ( ففي كثير من الأحيان لا يفعلون بما لديهم من معرفة ومعلومات متحققة ) ، وبدلا من ذلك فإنهم يبقون في دوامة من اللانهاية endlessly ، ومتجهين أكثر نحو تبني الأفكار المعقدة والمجردة .

2- نمط الشخصية المخلص The Loyalist personality type
هنا في هذا النمط من الشخصية ، يبتعد الأفراد عن الفعل أو في قدرتهم على الفعلout of touch doing بصورة مستقلة عن الآخرين ، إذ الإعتمادية تكون الصفة الغالبة في سلوكهم ، الأمر الذي يوفر لهم الشعور بالأمان في ظل توجيهات الآخرين لهم .


3- نمط الشخصية المتحمس The enthusiast personality type
وهو النمط الذي يتصف أفراده بأنهم مفرطون بالأفعال overdeveloped of doing ، ومفرطون في إستعمال قدراتهم وطاقاتهم والسعي الحثيث للإنشغال الدائم تجنبا لمواجهة الشعور بالقلق ، وكذلك يبدو عليهم الاستسلام لإندفاعاتهم إلى الحد الذي يصبحون فيه مفرطي النشاط hyper ، هروبيين escapist ، هوسيين manic ، وفي نهاية الأمر خارج حدود السيطرة out of control .




ثالثاً : مركز الغريزة The instinct personality type

1- نمط الشخصية المتحدي The challenger Personality type
الأشخاص في نمط المتحدي ، لديهم إفراط في العلاقات مع البيئة المحيطة بهم overdeveloped of relating ، كونهم يجدون أنفسهم أعظم وأكبر من الآخرين ، ولذلك فهم يسعون نحو السيطرة dominate والتحكم control في العالم المحيط بهم ، ساعين لجعله متطابقا ومتسقا مع تصوراتهم الشخصية .

2- نمط الشخصية صانع السلام The peace maker personality type
يبدو على الأشخاص في هذا النمط أنهم بعيدون عن الإتصال والتفاعل مع البيئة المحيطة بهم out of touch with relating ، ذلك على الرغم من كونهم قد يقيمون إتصالا وتفاعلا مع البيئة عن طريق تبني أفكار الآخرين وتصوراتهم ، وكذلك عن طريق الإندماج والإتفاق تساوقا مع الآخرين ، وعدم الشذوذ عنهم ، محاولين في ذلك تجنب المواجهة confrontation معهم بكل الطرق الممكنة وإن تطلب ذلك الأمر منهم أن يتخلوا عن هويتهم الشخصية self-identification .



3- نمط الشخصية المصلح The reformer personality type
هذا النمط من الشخصية الذي يقع أيضا ضمن مركز الغريزة ، فهو يتصف بضعف الإتصال مع البيئة underdeveloped with relating ، وذلك لشعوره بأنها (أي البيئة) تحت مستوى المثالية ideal state التي يعتقد ويؤمن بها ، ويشعر كذلك أنه يتوجب عليه السيطرة والتحكم بنفسه على وفق ما يمليه عليه ضميره conscience ، الذي عادة ما يشكل مصدر الضبط stricture له وللآخرين (Riso,2002,P.1-5).


ويشير ريسو (1996) إلى أن نظرية الإنيكرام في تعرضها للشخصية الإنسانية ، وطبيعة عملية النمو المعقدة التي يمر الفرد عن طريقها ومنذ مراحل نموه المبكرة ، يمكن تفسيرها في عدد غير قليل من النظريات التحليلية النفسية الحديثة منها والقديمة ، ومن ثم فهو يربط ما بين الأنماط التسعة للشخصية في نظام الإنيكرام ونظرية العلاقات الموضوعية Object Relations Theory التي قام بوضعها علماء النفس الإنجليز كل من و.ر.د. فايربرن W.R.O. Fairbairn وهاري جونترب Hary Guntrip وذلك في المدة من (1940-1950) .
إذ تضمنت الفكرة الأساسية لنظرية العلاقات الموضوعية الكيفية التي يتشكل عن طريقها نمط الشخصية لدى الفرد الذي يتم عن طريق عملية تمايز الهوية identity distinguish للفرد وشعوره بالإنفصال عن البيئة المحيطة به ، فعن طريق تلك العملية فإن الأنا-الذات ego-self تظهر عبر العلاقة مع أي موضوع آخر في البيئة المحيطة بالفرد (Riso,1996,P.113).
فبعد عبور الفرد مرحلة اللاتمييز undifferentiated state التي يمر بها الطفل أول سني حياته وبدءاً من عمر (4-5) سنة يبدأ الطفل في هذه المرحلة العمرية بالتعرف على أن لديه طبيعة بشرية أو كينونة being خاصة به تتألف من الذات وشيء آخر محيط به (مثل والدته ، أو المنبهات الموجودة في البيئة المحيطة) (Riso,1996,P.113) .
ويضيف ريسو (2002) أن الطفل يبدأ بالفصل والتمييز لبعض من الكثير من الخبرات المحيطة به والموجودات في بيئته ، إذ يرجع بعض الأمور إلى نفسه وذاته وأمور أخرى يرجعها إلى الآخرين ، وذلك عن طريق ثلاثة أنواع من أشكال العلاقة بين الطفل والبيئة المحيطة به ، أي بين الطفل بصفته ذات موضوعية self object وبين ذات الآخرين other-self ، هذه العلاقات أو أشكال الإستجابة الثلاثة تكون موجودة لدى كل منا ، إذ تبنى شخصيتنا على أساسها ، وهنا تتدخل عملية التثبيت fixation وكما يشير إليها ريسو ، إذ يثبت نمط الشخصية وخصائصه عن طريقها .
وهذه الموجودات أو أشكال العلاقة الثلاثة هي كالآتي : 1-التعلق attachment ، 2-الإحباط frustration 3-الرفض rejection (Riso,2002,P.141) .
ويشير ريسو إلى أن أشكال الوجود الإنساني وبصورة ثابتة تعمل عن طريق هذه الأشكال الثلاثة من التأثيرات (تعلق-إحباط-رفض) ، وتعد هذه الأشكال الثلاثة من التأثيرات موجودة بصورة متلازمة ومشتركة ومتفاعلة فيما بينها ، أي أن وجود إحدها يعني وجودها كلها ، ولكن على الرغم من هذا فإن أحد الأنماط التسعة للشخصية قد يسلك بقوة وتبدو عليه بصورة واضحة إحدى هذه التأثيرات الإنفعالية الثلاثة مع وجود النوعين الآخرين من التأثيرات لديه ولكن ليس بقوة التأثير الإنفعالي السائد ، فقد نجد أن التأثير الإنفعالي السائد هو على سبيل المثال التعلق attachment ، بينما التأثيرين الآخرين وهما الإحباط أو الرفض كامنان وغير ظاهرين (Chou,2000,P.14) .


أشكال العلاقة الثلاثة والأنماط التسعة للشخصية
يقوم ريسو بشرح هذه الثلاثة أشكال من العلاقة في نظرية العلاقات الموضوعية بالصورة الآتية :
1-التعلق attachment :وهي كما يوضحها ريسو (1996) رغبة الأنا في الحصول على الراحة والإستقرار stable في العلاقات مع الناس والأشياء التي تتوحد معها ، وبطرح مبسط يقول ريسو " إننا نسعى نحو أن نبقي على كل ما هو جيد ومريح لنا ، سواء على المستوى الشخصي ، وظائفنا ، وصورة الذات لدينا our self-image ، وحالة الشعور ، أو حتى الموقع المسؤول الذي نتولاه " (Riso,1996,P.32).
ويضيف إلى أنماط الشخصية في نظرية الإنيكرام التي تعد ضمن تأثير التعلق هي : نمط المنجز ونمط المخلص ونمط صانع السلام ؛ ذلك أن الأشخاص في نمط المنجز ، قد إكتسبوا أسلوبا توافقيا لصورة الذات ولمشاعرهم ساعين عن طريقه إلى حصولهم على التقبلacceptance والتقدير من الآخرين ، وفي هذا الجانب فهم يسعون إلى الحصول على إنتباه وتقدير الآخرين لهم ، ولذلك يصبحون ذوي تعلق ومودة نحو من يحمل لهم نظرة إيجابية وتقبل ، أما من هم في نمط المخلص فإنهم يقيمون ضمن علاقات محدودة غير متشعبة طالما أن هذه العلاقات توفر لهم الشعور بالأمان والسلام ، ولذلك فسلوك التعلق لديهم عميق ولكنه محدود ومتعلق بمدى قدرة العلاقة مع الخارج (الموضوع) بخفض القلق لديهم ، ذلك القلق المتعلق كذلك ببقائهم وإستمرارهم في الحياة فعلى سبيل المثال (إن أصحاب النمط المخلص قد يستمرون في علاقة زواج سيئة أو حتى مهنة غير مريحة ، طالما إعتقدوا أنها ضرورية أو من الممكن أن تحقق لهم الشعور بالأمان والسلامة) (Riso,2003,P.3) .
ويضيف ريسو (1995) أن الأشخاص في نمط الشخصية صانع السلام ، فإنهم يظهرون التعلق بكل ما يرتبط بأحاسيسهم بالراحة والسعادة ، فهم يشتركون ويندمجون مع من يمثل لهم الاستقلالية والحرية ، فهذا النمط قد يسعى إلى إقامة علاقة مع ذوي المبادئ من الآخرين ، أو حتى روتين مريح أو طعام لذيذ ، أو برنامج تلفازي معين ، يمثل لهم مصدراً للهدوء والاستقرار والراحة والشعور بالسلام الداخلي inner peace ، وأياً كان المصدر ، فإن أصحاب نمط صانع السلام لا يريدون " لمنطقة الراحة " " comfort zone " لديهم بأن تتعرض لأي عبث أو تدخل أو أي نوع من التغيير (Riso,1995,P1-2) .

2-الإحباط Frustration : إن تأثير الإحباط المتعلق بالحاجات غير المشبعة التي يختبرها الفرد في أثناء مراحل نموه المبكرة كبير جدا على عملية النمو النفسي ، الذي عن طريقه يتشكل نمط شخصية الفرد ، إذ يرى ريسو أن الشخصية الإنسانية مبنية في جزء منها على عامل الإحباط ، ذلك أن الشخص يختبر الشعور بالضيق وعدم الرضا والغضب وحتى عدم الاستقرار في حال عدم تلبية رغباته وتحقيق طموحه ، فالبيئة المحبطة التي كانت جزءاً من محددات نمو الشخصية تؤدي إلى حدوث ترسبات إحباطية قوية تنعكس فيما بعد على نمط الشخصية ، حتى وإن حصل إشباع لبعض رغبات الفرد الآنية ، فإنه يظل على الرغم من ذلك يشعر بالإحباط بسبب هذا الأنموذج من الإحباط المترسب لديه منذ الصغر (Riso,2003,P.4) .
مضيفا أنه حتى لو أشبعت حاجات الفرد شعورياً ، فإنه عادة ما يشعر بالإحباط إتجاه شيء آخر وهكذا ، ذلك أن هوية الفرد جزئياً مبنية على شعوره بالإحباط وكما هي مبنية أيضاً على التأثيرين الآخرين (التعلق-الرفض) ، فنحن في بعض الأحيان كما يقول ريسو " نتسبب في إشعار الآخرين بالإحباط كوسيلة دفاعية تجنبنا لشعورنا بالإحباط " (Riso,1998,P.2-3) .
أما الأنماط الرئيسة لتأثير الإحباط في الإنيكرام فهي نمط الشخصية (المصلح ، والمتفرد ، والمتحمس) إذ نمط الشخصية المصلح تبنى شخصيته على الإحباط بسب تصوره للعالم المحيط به بأنه لم يعد مصدر إثارة له كونه فقد الصورة المثالية والكمالية integrity التي يجب أن يكون عليها ، فكل ما يحيط بهم لا يتناسب والمعايير القياسية standards التي يحملونها ويؤمنون بها ، التي يجب أن يكون العالم المحيط بهم متسقا معها (فلا شيء متكامل في البيئة المحيطة بهم) ، أما نمط المتفرد فإن إحباطهم متأتِ من تجاهل الآخرين لهم ، وعدم إعتراف الآخرين بحجم المساعدة والرعاية التي يقدمونها للآخرين ، ولذلك فهم يشعرون بخيبة الأمل والإحباط بسبب عدم تحقق التوقعات الوهمية unrealistic expectations التي يحملونها تجاه الآخرين (Riso,2003,P.3) .

3-علاقات الرفض The rejection : وهي تتضمن الأنماط (المساعد ، والباحث ، والمتحدي) في أنماط الإنيكرام ، فالأشخاص في نمط المساعد يرون أنه من الضروري أن يكونوا جيدينto be good ، وحسني التعامل مما يجنبهم رفض الآخرين لهم ، فهم يخفون شعورا كامنا بعدم القيمة والخوف من أن يكونوا مرفوضين من المجتمع ، ولكنهم يسعون نحو مساعدة الآخرين وإرضائهم وتقديم العون لهم بصورة مبالغ فيها ، وذلك ما يجعل الآخرون لا يجرؤون على أن يرفضوهم أو يهجروهم أو يبتعدوا عنهم وهذا ما يجعلهم يبدون بصورة متناقضة (Riso,2003,P.4) .
أما أصحاب نمط الشخصية المتحدي فيشعرون أنهم جبلوا على السوء innately bad ، ومن ثم يتولد لديهم شعور بأنهم سوف يُرفضون من الآخرين ما لم يظهروا القوة والسيطرة على مقومات الحياة في البيئة المحيطة بهم الأمر الذي يؤدي من ثم إلى عدم رفض الآخرين لهم ، كذلك فإنهم يظهرون صفات العجرفة والتصلب ويخلقون لأنفسهم نوعاً من الاستعداد النفسي يعمل على تقبلهم لأنفسهم بأنهم مرفوضون من الآخرين وأحيانا قد يظهروا اللامبالاة تجاه رفض الآخرين لهم ، أما الأشخاص في نمط الشخصية الباحث فإنهم يشعرون بأنهم تافهون negligible ، وعديمو الفائدة وأنهم على هامش الحياة sidelines of life ، ولذلك يشعرون بأنه من الضروري أن يمتلكوا مهارة معينة أو معارف أو علوم مفيدة للآخرين تجعل من يحيط بهم لا يرفضهم ، فهم مثل أصحاب نمط المتحدي الذي يظهر التعجرف والتصلب ، فهم يظهرون عدم المبالاة والتقليل من الشعور بالألم والمعاناة ، مجنبين أنفسهم التفكير والشعور بالرفض ، ومما سبق يلخص ريسو هذه ثلاثة الأنماط من الشخصية أنها تتجنب الرفض بالإستجابات الآتية : نمط الشخصية المساعد - يقدم الرعاية والاهتمام والعواطف ؛ نمط الشخصية المتحدي - يظهر القوة والميل للسيطرة والتصلب ؛ نمط الشخصية الباحث- يقدم علومه ومعارفه وخبراته العلمية والعملية (Riso,1996,P.141-150) .



العمليات النفسية psychological Function
يشير ريسو Riso (2001) ، إلى دور العمليات النفسية psychological functions التي يتكون منها نمط الشخصية الإنسانية ، مؤكداً أن نمط الشخصية ما هو إلا تعبير مجازي metaphor لمجال عريض من صور السلوك والإتجاهات ، التي يتشكل عن طريقها النشاط الإنساني (Riso,2001,P.15) .
ذلك أن أنماط الشخصية التسعة في نظام الإنيكرام ، هي طيف واسع من السمات والصفات والإتجاهات التي تكون على شكل " عمليات " functions أو " كوامن " potential ، تتأرجح ضمن طيف واسع wide spectrum من الصورة الصحية للخصائص النفسية والصورة غير الصحية لتك الخصائص والصفات النفسية (Riso,2003,P.17).
ويذكر ريسو (2002) أن السبب في تشابه الأفراد فيما بينهم وإختلافهم كذلك على الرغم من إنهم يمتلكون الأنماط التسعة جميعها من الشخصية بكل خصائصها ، هو أنه في حالة التشابه بين الأفراد فأن كل عمليات الأنماط التسعة تعمل في داخلنا ، أما السبب في إختلافنا عن بعضنا البعض فذلك يرجع في أساسه إلى عملية الاتساق proportion والتوازن balance بين الخصائص النفسية النشطة للنمط العائد إلينا وذلك هو ما يميزنا عن الآخرين ، فقوة وسيادة تلك الصفات ومدى تأثيرها في العمليات والاتجاهات هو ما يعطينا فرديتنا our uniqueness ، حتى ضمن النمط الواحد من الشخصية الذي نشترك به مع غيرنا من الأشخاص ، فتلك الصفات تتراوح وتتفاوت ، فمنها ما هو صحيhealthy ومنها ما هو غير صحي unhealthy ومنها ما هو ضمن المعدل average ، وكذلك منها ما هو على شكل سلوك خارجي واضح ومنها ما هو على شكل إتجاهات كامنةpotential attitudes ، وهنا تجدر الإشارة إلى أن ريسو قد حدد مفهومين للعمليات النفسية التي تجري داخل النمط وهي العملية الأولى التي تعكس الحالة المخبأة في داخل الفرد التي أطلق عليها مفهوم " الإتجاه " attitude ، والأخرى التي تشير إلى الحالة الخارجية والظاهرة على الفرد التي أطلق عليها مفهوم السلوك behaviour (Riso,2002,P.14) ، ذلك أن شدة التفاعل الداخلي بين تلك العمليات النفسية للأنماط التسعة للشخصية ومدى قوة نوع معين من تلك العمليات النفسية لأحد تلك الأنماط التسعة يعطي الصفة السائدة للنمط ، وكذلك فإن مدى نسبة التوازن بين تلك العمليات النفسية سواء الظاهرية منها (السلوك) أو الكامنة (الإتجاه) هي التي تجعل للشخص ميزة متفردة تميزه من غيره من الناس ، وكذلك بقاء نمط الشخصية ثابتا لا يتغير لديه ، أما العمليات النفسية للأنماط الثمانية الأخرى الموجودة لدينا فهي التي تتغير من حين إلى آخر ولكن من دون أن تؤثر في سيادة النمط الرئيس للشخصية (Riso,1996,P.119) .
وهكذا عن طريق فحص موضوع عمليات النمط النفسية ، نستطيع أن نصف نمط الشخصية الرئيس عبر ما يسميه ريسو (1995) بالإستجابة المركزية central response للواقع المحيط ، بينما الأنماط الثمانية الأخرى فهي عبارة عن الكوامن potential التي تبقى موجودة وفاعلة في دواخلنا (Riso,1995,P.81) ، وفيما يأتي إستعراض لأنماط الشخصية التسعة وذلك على وفق نوع العمليات functions والكوامن التي يتميز بها كل نمط :




أولاً : مركز المشاعر The feeling Center

نمط المساعد : العمليات النفسية هنا هي القابلية للتعاطف empathy والإيثارية altruism ، أما العمليات الكامنة فهي على نوعين إيجابية وسلبية ، أما الإيجابية فهي تتعلق بإرشاد وتوجيه الآخرين other-directedness ، والإنشغال بهم thoughtfulness for others ، والصدق genuine ، والتضحية بالذات self-sacrifice ، والكرم generosity ، والمراعاة والتربية وأمور التنشئة nurturance ، أما الكوامن السلبية فهي تتركز حول التطفل intrusiveness ، والتملك والإستحواذ possessiveness ، والمناورة والتلاعب manipulation ، وخداع الذات self-deception (Riso,1995,P.81) .

نمط المنجز : لدى هذا النمط من الشخصية فإن العمليات النفسية تتمحور حول تقدير الذات self-esteem ، وتطوير الذات self-development ، أما الكوامن الإيجابية فهي تقويم النفس self-improvement ، والتميز الشخصي personal excellence ، وكفاية الإحتراف professional competence ، والثقة بالنفس self-assurance ، والطموح ambition ، والتميز الإجتماعي social distinction ، والميل للتنافس ، أما الكوامن السلبية فهي تتعلق بالتعامل الرسمي مع الواقع pragmatic calculation بعيدا عن المشاعر والعواطف ، فضلا عن التكبر والنرجسية arrogant narcissism ، وتفخيم النفس والتصنع grandiosity والعدائية hostility . (Riso,1995,P.82)

نمط المتفرد : العمليات النفسية هنا هي الوعي بالذات self-awareness ، والإبداع الفني artistic creativity ، أما الكوامن الإيجابية فهي تتلخص في الحدس intuition ، والحساسية sensitivity ، والفردية individualism ، والتعبير عن الذات self-expression ، والبوح الذاتي self-revelation ، أما الكوامن السلبية لدى أصحاب نمط الشخصية المتفرد فهي تدور حول الانهماك الذاتي self-absorption ، والوعي بالذات self-consciousness ، وعدم الثقة بالنفس self-doubt ، وكف الذات self-inhibition (Riso,1996,P.40).

ثانياً : مركز التفكير The thinking center
نمط الباحث : العمليات النفسية لدى هذا النمط هي التفتح الذهني open-mindedness ، والتفكير الأصيل original thinking ، بينما تتركز الكوامن الإيجابية في الفضول أو حب الاستطلاع curiosity ، والإدراكية perceptiveness ، وإكتساب المعرفة acquisition of knowledge ، والإبداع inventive ، والأصالة originality ، والخبرة التقنية technical expertise ، أما الكوامن السلبية فتتلخص في الإستغراق بالتنظير التأملي speculative theorizing ، والإنعزال الإنفعالي emotional detachment ، وغرابة الأطوار eccentricity ، والعزلة الاجتماعية social isolation (Riso,1995,P.84) .

نمط المخلص : تتصف العمليات النفسية لدى هذا النمط من الشخصية بتمركزها حول الالتزام commitment والاندماج أو الاتحاد الاجتماعي social affiliation ، والثقة ، أما الكوامن الإيجابية لديهم فتظهر أنهم كادحون industriousness ، ويتميزون بالوفاء للآخرين ، ومضحون بالكثير من العطاء ، أما الكوامن السلبية فهي الإعتمادية أو الإتكالية على الغير ، والشك suspicion ، وحب القتال belligerence فضلا عن الشعور بالنقص inferiority feeling ، والقلق ، والإزدواجية والتناقض ambivalence (Riso,1995,P.84).

نمط المتحمس : يتميز أصحاب هذا النمط من الشخصية بحسب ما يذكر ريسو(1996) Riso بأن لديهم عمليات نفسية تدور حول الحماسية enthusiasm ، والسلوك العملي practical action ، أما الكوامن الإيجابية فهي الإستجابية responsiveness ، والإنتاجية productivity ، والرغبة نحو التغير والتنوع ، أما الكوامن السلبية فتكمن في النشاط الزائد hyperactivity ، والسطحية superficiality ، والإندفاعية impulsiveness ، والإفراط excessiveness ، والتهربية escapism (Riso,1996,P.70).



ثالثا : مركز الغريزة Instinct center

1-نمط المتحدي : يشير ريسو (1995) هنا إلى أن هذا النمط من الشخصية الذي يقع ضمن مركز التفكير ، يتميز بوجود العمليات النفسية المتعلقة بتوكيد الذات self-assertion ، والعلاقات المبنية على القيادة والزعامة leadership ، بينما تنحصر الكوامن الإيجابية لديه في الثقة بالنفس self-confidence ، وحرية الإرادة وتقرير المصير self-determination ، والإعتماد أو التعويل على النفس self-reliance ، والشهامة magnanimity ، والقابلية للأخذ بروح المبادرة الشخصية personal initiative ، أما الكوامن السلبية فتتلخص بالميل إلى السيطرة على الآخرين ، وتبلد الإحساس insensitivity ، والولع بالقتال combativeness ، وقسوة وتحجر القلب ruthlessness . (Riso,1995,P.85).

2-نمط صانع السلام : إن العمليات النفسية التي يتميز بها أصحاب هذا النمط من الشخصية هي التقبل acceptance ، والتفتح receptivity ، أما الكوامن الإيجابية فهي الثبات الإنفعالي emotional stability ، والتواضع humility ، وعدم الوعي بالذات unself-consciousness ، والتحمل الإنفعالي والجسدي physical endurance ، والميل إلى إقامة علاقات يسودها الإنسجام والتآلف harmony مع الآخرين ، أما الكوامن السلبية فتتمركز حول الإستسلام passivity ، وعدم الإكتراث والتحرر من إنفعالاتهم disengaged emotions and attention ، والإهمال neglectfulness ، والإنقسام العقلي أو التفكك الذهني mental dissociation (Riso,1995,P.81).

3- نمط المصلح : يرى ريسو (2003) أن العمليات النفسية لنمط الشخصية المصلح هي الموضوعية objectively ، والمسؤولية الاجتماعية social responsibility ، بينما تتركز الكوامن الإيجابية في الاعتدال moderation ، وإتباع ما يمليه عليه ضميره conscience ، والنضج maturity ، والضبط الذاتي self-discipline ، وتأجيل الإشباعات delayed gratification ، أما الكوامن السلبية فهي تتمحور حول الصرامة في التحكم بالذات self-control ، والكمالية الموضوعية impersonal perfectionism (أي ينشد الكمال في المواضيع المحيطة به) ، والتحكيم والتحاسب judgmentalism (كما لو كانت الأمور تعرض في محكمة هو قاضيها) ، وإبراء الذات self-righteousness (أي يعتقد أنه أقوم أخلاقاً من الآخرين) (Riso,2003,P.1-3) .



2- منظور جيروم فريدمان Jerome Fredman (1996)
يرى جيروم فريدمان (1996) أن الشرح التقليدي لنظرية الإنيكرام ، يحتوي على وصف دقيق للمكونات الثلاثة التي تتشكل منها الشخصية الإنسانية ، أو ما يسميه المراكز الثلاثة للذكاء the three centers of intelligence ، وهي التي يسلك الفرد عن طريقها ، وتكون عادة ما متفاعلة فيما بينها بصورة دينامية ، وتلك المراكز الثلاثة هي:

ا-مركز الرأس أو العقل The head or intellectual center
ب-مركز العواطف أو القلب The heart or emotional center
ج-مركز البدن The belly or physical center (Fredman,1996,P.1-3) .

ويضيف فريدمان أن كل مركز من هذه المراكز يحتوي على ثلاثة أنماط للشخصية ، ومن ثم يتكون لدينا ما مجموعه تسعة أنماط للشخصية(Fredman,1996,P.11) . وفيما يتعلق بتلك المراكز الثلاثة (الرأس ، والعواطف ، والبدن) فإنه يؤكد على أنها فاعلة داخل النفس البشرية ، وهي موجودة لدى كل منا ، وهي ضرورية للعيش والحياة ، وما الأنماط التسعة للشخصية إلا إنعكاس لهذه المكونات الثلاثة التي تتشكل منها الشخصية الإنسانية ، ومن هنا فهو يفترض وجود ثلاثة مصادر للطاقة النفسية كما يسميها وهي : النمط العقلي mental type ، والنمط العاطفي emotional type ، والنمط الجسدي physical type (Fredman,1996,P.4-6) ، وفيما يأتي شرحٌ مختصرٌ لهذه المراكز الثلاثة وما تحتويه من أنماط للشخصية :

أولاً : الأنماط العقلية The mental types
يشير جيروم فريدمان (1996) إلى أن هناك ثلاثة أنماط للشخصية في مخطط الإنيكرام توصف بأنها أنماط عقلية ، وهي نمط الباحث والمخلص والمتحمس ، إذ تتميز هذه الأنماط بأن ردود أفعالها الإنفعالية تتمحور حول الخوف fear (والخوف هنا المقصود به هو الخوف بنوعيه الحقيقي والخيالي ، أي بوجود المثير الحقيقي أو الأوهام والتخيلات التي تسيطر على مخيلة الفرد ) ، ذلك الخوف المقرون بقيام الشخص في الوقت نفسه بالبحث عن طريق البيئة المحيطة به عن المواقف المهددة أو المخيفة منها ، وهنا كما يقول فريدمان يكون لدينا نوع من المداخلة الازدواجية لدى أصحاب هذا النمط ، فهم يكونون إنفعال الخوف في داخلهم وفي الوقت نفسه يسعون وراء مصادره ، ولكن حين يسعون وراء مصادر الخوف فإن الغرض منه هو ليس لمواجهة الخوف والتغلب على مصادره فقط وإنما لتجنبه أو قمعه في كثير من الأحيان (Fredman,1996,P.15).
وفيما يأتي إستعراض موجز للأنماط العقلية الثلاثة :
1-نمط الشخصية الباحث :
في هذا النمط من الشخصية فإن فريدمان (1996) يشير إلى عملية الانسحاب التي يمارسها أصحاب هذا النمط لتجنب عامل الخوف والحالة الإنفعالية المؤلمة المصاحبة له ، ولكن في الوقت نفسه قد تكون هناك عملية رد فعل معاكس لدى أصحاب هذا النمط تجاه العالم المخيف المحيط بهم ، فينقلب عامل الانسحاب لديهم إلى فضول معرفي وعلمي يسبر أغوار المعرفة لمواضيع الخوف تلك ( فعلى سبيل المثال تراه يتعامل مع الانشطار النووي بكل مخاوفه لكي يشعر بالأمان ، أو قد ترى البعض منهم يميل أحياناً إلى الانسحاب داخل عالمهم العقلي mental world ، مراجعين عن طريقه ومتصورين لمشاعرهم في جو من السرية privacy التامة ، وكذلك لديهم ميل نحو أن يكونوا بصورة كبيرة مفكرين ومنسحبين نحو أنفسهم من الداخل ) (Fredman,1996,P.15).

2-نمط الشخصية المخلص :
هذا النمط لدى فريدمان هو النمط الأكثر إبتعاداً عن موضوع الخوف ، إذ يكون سلوكهم في سبيل ذلك إما مبني على تجنب عموم مصادر الخوف والخطر ، أو بمهاجمة مصادر الخوف وإقتحام مواقفها بشجاعة وإستبسال ، فنحن هنا أما نوعين من نمط الشخصية المبتعد عن مصادر الخوف والتهديد ، وهما النمط الأول كما يسميه فريدمان "المخلص الرهابي" phobic loyalist ، ويقصد به ( الأشخاص الذين يقومون بفعل أي شيء يجنبهم الشعور بالخوف وكل ما يبقيهم بعيدين عنه ، فتراهم يبذلون قصارى جهدهم من أجل الشعور بالأمان وذلك بمحاولتهم إكتشاف البيئة المحيطة بهم لتشخيص مصادر الخوف أو كفها وتحيدها disarm متى ما كانت وشيكة الحدوث (Fredman,1996,P.17) ، أما النمط الآخر فهو المبتعد عن مصادر الخوف وهو ما أطلق عليه فريدمان (المخلص الرهابي-المضاد) the counter-phobic loyalist ، وأصحاب هذا النوع من النمط لا يبتعدون ظاهرياً عن مواضيع الخوف ، وإنما يعيشون في أجواء الخوف متفادين الشعور به في الوقت نفسه ، ويضرب مثلاً على ذلك (سائقو سباق السيارات أو بعض أصحاب رياضة الهبوط بالمظلات أو متسلقو الجبال) أو بعض الرياضات الأخرى التي تكون دائماً وجهاً لوجه مع الخطر والتهديد للحياة ، الذي يبدو كذلك أنهم لا يعيرون الانتباه إلى تلك المواقف المهددة ولكنهم في حقيقة الأمر كما يشير فريدمان يحاولون تأخير أو قمع repress شعورهم بالخوف(Fredman,1996,P.18-20) ، مضيفاً بأن الأساس الأول في سلوكهم هذا هو عامل الخوف ، ويقول مستدركاً بأن ليس كل ممارسي الرياضات الخطرة هم بالضرورة من نمط الشخصية المخلص الرهابي-المضاد ولكن قد تجد الكثير منهم ينتمي إلى هذا النمط (Fredman,1996,P.21) .



3-نمط الشخصية المتحمس :
هذا النمط هو النمط الثالث من الأنماط العقلية لدى فريدمان وهو ذلك النمط الأكثر تجسيداً للعلاقة مع عامل الخوف ، إذ يقوم أفراد هذا النمط من الشخصية بتبني وإتخاذ adopted إستراتيجية تشتيت diffusing الخوف عن طريق الانغماس في البحث عن كل ما هو جديد ومسلٍ لهم في الوقت نفسه ، فهم يسعون إلى أن يصبحوا فاتنين charming ومحبوبين loveable people ، ومبتعدين عن عمل الأخطاء والسلوك المشين ظاهرياً ، فنمط شخصيتهم متأتِ من أسلوب التفكير لديهم الذي ينحصر في إشغال النفس وإن كان إجهادها أحياناً بنشاطات إجتماعية أو لاإجتماعية في سبيل هروبهم الواضح من الشعور بالخوف .

ثانياً: الأنماط الإنفعالية The emotional types
هذه الأنماط الثلاثة هي نمط الشخصية المنجز ونمط الشخصية المتفرد ونمط الشخصية المساعد ، فهي أنماط من الشخصية كما يوضح جيروم فريدمان ذلك بأنها تقوم على هيمنة الاهتمام بالصورة image التي يظهرون عليها أمام الآخرين ذلك أن إستجابتهم الإنفعالية مصدرها الصورة التي يعكسونها للآخرين ، فهم يتعاملون مع المحيط بهم عن طريق مشاعرهم أو بالأحرى الكيفية التي يشعرون بها .
وفيما يأتي إستعراض لتلك الأنماط الثلاثة التي يصنفها جيروم فريدمان ضمن الأنماط الأنفعالية وكما يأتي :

1- نمط الشخصية المنجز :
وهم نمط الشخصية الأكثر إبتعاداً عن مشاعرهم إذ يقومون بإهمال موضوع المشاعر وقمعها عن طريق ردود أفعالهم ، فمشاعرهم معطلة أو مرجأة suspended ، لحين تحقيق الإنجاز والتحصيل أو لحين تحقيق الانطباع أو الصورة المتوقعة عنهم لدى الآخرين ، وكذلك حتى ينتهي ما بين أيديهم من عمل يقومون به ، فموضوع المشاعر وتنحيتها جانباً عامل مهم لدى أصحاب نمط الشخصية المنجز ، فإهتمامهم ينحصر في كيفية تعطيل وإقصاء مشاعرهم وعواطفهم جانباً لغرض جعل العمل يسير ومن ثم ينجز ، وكذلك ينصب إهتمامهم بموضوع الكفاية efficiency ، وتحقيق أقصى الأداء meeting dead lines ، فالكثير من أصحاب هذا النمط من الشخصية هم من المدمنين على العمل work-alcoholic (Fredman,1996,P.22).

2- نمط الشخصية المتفرد:
يشير جيروم فريدمان إلى أن الفرد في نمط الشخصية المتفرد هو الشخص الذي يقوم بترجمة ذاتية لمشاعره أو بصورة أدق فإنها عبارة عن عملية تحويل ذاتي internalized version لمشاعره كما يسميها ، فهو يميل إلى أن يكون الشخص الأكثر عاطفية وشاعرية ومن لديه حس إنفعالي وشاعري عالي تجاه موجودات البيئة المحيطة به ، وكذلك فهو ذو المزاج والطبع الفني عادة ، والمحب للجمال إذ أنه محب لما يسميه فريدمان بالتكثيف intensity في كل أشكاله .

3- نمط الشخصية المساعد :
في هذا النمط من الشخصية وهو نمط شخصية الأفراد المتجهين بمشاعرهم نحو الخارج externally oriented ، نجد أن لديهم الاستعداد لتغيير ما بأنفسهم من أجل إشباع حاجات الآخرين في البيئة المحيطة بهم وتنفيذ ما يريده الآخرون بصورة مساعدة وعون دائم ، ولكن ذلك يتم كما يقول جيروم فريدمان عن طريق قمع حاجاتهم ومشاعرهم الشخصية وتأجيل إشباعاتهم الذاتية (Fredman,1996,P.27).


ثالثاً : الأنماط الجسمية physical types
يقول جيروم فريدمان بأن جوهر الاستجابة الانفعالية لمن هم ضمن الأنماط الجسمية هو الغضب anger بأشكاله كافة وفيما يأتي إستعراض لتلك الأنماط وهي :



1-نمط الشخصية صانع السلام :
يكون غضبه بصورة عدوان-سلبي passive-aggressive ويرغب دائماً في فعل أي شيء يجنبه الشعور بالغضب أو بالأحرى يجنبه التعبير الصريح والمباشر عن الغضب .
ويضيف جيروم فريدمان كذلك بأنهم يميلون نحو نكران ذاتهم self-forgetting من أجل الاندماج والتوحد مع أنماط الشخصية الأخرى في مخطط الإنيكرام (Fredman,1996,P.30).
2-نمط الشخصية المصلح :
في هذا النمط من الشخصية يوضح جيروم فريدمان (1996) أن الفرد هنا يقوم بتحويل ذاتي للغضب internalized version of anger ، إذ يأخذ غضبهم طابع البحث عن كل ما هو متكامل ومثالي في البيئة المحيطة بهم ، فالفرد هنا ينشد النظام والترتيب والمعيارية في كل شيء سواء في الأفكار أو الأفعال أو حتى في مشاعره (Fredman,1996,P.29).

3-نمط الشخصية المتحدي :
أصحاب هذا النمط من الشخصية هم الأكثر تعبيراً بصورة ظاهرية عن الغضب كما يوضح جيروم فريدمان إذ إننا هنا أمام شخصية القائد الصريح الذي يعبرعن غضبه في اللحظة ، إذ ليس لديه تأنيب للضمير qualms عند التعبيرعن الغضب وإن كان ذلك الغضب في صورة سلوك غير ملائم (Fredman,1996,P.29) .

مفهوم التكامل واللاتكامل بين الأنماط التسعة (الدينامية)The Integration – Disintegration
يشير كوري (2000) Cory إلى أن الأنماط التسعة للشخصية في نظرية الإنيكرام متفاعلة فيما بينها بصورة دينامية ولا تأخذ صفة التصنيف الإستاتيكي static categories (Cory,2000,P.12) . فضلا عن ذلك فإنها تعكس عن طريق تلك العلاقة التكاملية واللاتكاملية فيما بينها صور النمو النفسي psychological growth ، وكذلك التدهور وإلإضمحلال deterioration ، التي تتعرض له الشخصية في أثناء حياة الفرد (Cory,2000,P.12) .
وتذكر بالمر (1988) Palmer أن الأنماط تشترك فيما بينها بما أسمته متوالية sequence ، تعبرعن إتجاهين الأول منها ويشير إلى الحالة الصحية وتحقيق الذات self-actualization healthy and ، أما الاتجاه الثاني فهو يشير إلى الحالة غير الصحية والعصاب neurosis unhealthy وذلك لكل نمط من الأنماط التسعة . ففي الحالة الصحية وعند غياب الضغوط stress ، يتجه الفرد بصورة تكاملية إلى الأخذ بصورة مؤقته (إستعارة) من الخصائص والصفات الصحية للنمط الذي يشترك معه في إتجاه التكامل كما مبين في الشكل (3) Palmer,1988,P.120)) .
ويوضح ريسو (1995) Riso هنا على سبيل المثال بأن نمط الشخصية المصلح في إتجاه التكامل ، يأخذ من الصفات الصحية للنمط المتحمس وكذلك فالنمط المتحمس في الجانب الصحي قد يأخذ من الصفات الصحية للنمط الباحث وذلك ضمن متوالية هي : النمط المصلح – المتحمس – الباحث – المتحدي – المساعد – المتفرد – المصلح ، وكذلك في الجانب غير الصحي قد تبدو بعض المظاهر السلوكية على نمط الشخصية مستمدة من النمط الآخر الذي يشترك معه في المتوالية في حالة اللاتكامل كما مبين في الشكل (2) (Riso,1995,P.16) .
ويشير هنا كل من هارلي ودبسون (1991) Hurley & Dobson ، إلى أن الفرد في نمط الشخصية من المعدل ولغاية الجانب اللاصحي عندما يتعرض للضغوط فإنه بصورة لاتكاملية قد يأخذ من الصفات السلوكية للنمط الذي يليه في المتوالية وهي كالآتي : المصلح – المتفرد – المساعد – المتحدي – الباحث – المتحمس – المصلح (Hurley&Dobson,1991,P.100) .


متصل السمات والخصائص النفسية في نمط الشخصية Continuum of traits
يشير كالهان (1992) Callahan إلى أن هناك بناء داخلي internal structure يتكون منه نمط الشخصية ، وهذا البناء الداخلي هو عبارة عن متصل لمستويات نمو تسعةlevels of development ، التي يتشكل منها نمط الشخصية نفسه وكما هو موضح في الشكل (4) (Kallahan,1992,P.186)













الشكل (4)
مستويات النمو ومتصل السمات لمكونات النمط
(الجانب الصحي – المعدل – الجانب غير الصحي )
(Riso,1995,P.18)
وهنا تشير كيز Keyes (1992) إلى أننا قد نشعر بنوع من التغيير وبصورة مستمرة في بعض جوانب شخصيتنا ، وإن سبب ذلك إنما يعود إلى أننا تارة نتجه نحو الصورة الصحية وأحياناً أخرى إلى المعدل أو الصورة غير الصحية (Keyes,1992,P.17) ، معللةً ذلك بأننا نتحرك على متصل continuum أو طيف واسع spectrum من السمات والدوافع ووسائل الدفاع التي يتشكل منها نمط شخصيتنا ، فضلا عن أن هذا ما يجعل فهم نمط شخصية الفرد والحكم عليه يتطلب المعرفة الدقيقة بالجوانب الثلاثة أو المجالات الثلاثة المكونة للمتصل وهي (الجانب الصحي ، والمعدل ، والجانب غير الصحي) ، وتضرب هنا مثالاً على ذلك بأنه قد يوجد هناك شخصان ينتميان لنفس النمط ولكنهما في الوقت نفسه يختلفان في بعض المظاهر السلوكية (مبدأ الفروق الفردية) ، فهنا يعود هذا الفرق إلى أنه قد يكون أحدهما في الجانب الصحي من النمط بينما الآخر في الجانب غير الصحي منه وكما هو موضح في الشكل (4) (Keyes,1992,P.18-20) .





نمط الشخصية الثانوي (الجناح) The subtype or wing

تطرح نظرية الإنيكرام إفتراضاً مؤداه " أنه لا يوجد نمط شخصية خالص pure personality type ، وإن أي منا هو عبارة عن خليط mixture يتكون من نمط الشخصية الرئيس وأحد النمطين المجاورين له في المخطط الدينامي للإنيكرام الذي يطلق عليه بالنمط الثانوي أو الجناح (Callahan,1992,P.112) .
ويذكر ريسو(1995) أن نمط الشخصية الرئيس الذي يتمتع به الفرد تسود خصائصه النمطية معظم المظاهر السلوكية له ، بينما النمط الثانوي أو ما يسميه "الجناح" the wing فهو يضيف ويكمل خصائص الشخصية في بعض الأحيان وقد تعود إليه أحيانا الصفات المتناقضة نمطياً contradictory التي قد تصدر عن الفرد (Riso,1995,P.14) .
وتقدم بالمر (1995) Palmer هنا مثالا على ذلك بأن نمط الباحث الذي يتصف سلوكه بالابتعاد عن نشاطات المجتمع والآخرين قد يكون الجناح لديه نمط المخلص (كونه يجاوره في مخطط الإنيكرام) الأمر الذي يؤدي به إلى أن يأخذ من بعض خصائص النمط المخلص وهي الدخول في تحالفات مع الآخرين والإئتلاف معهم ، وكذلك فإن النمط الباحث قد يأخذ من صفات النمط المتفرد (بصفته الجناح) مما يجعله يميل نحو التحسس والإنطوائية والإنهماك الذاتي والفردية individualism ، بينما النمط المخلص مع الجناح (نمط الباحث) قد يتجه نحو الأنشطة العقلية intellectual pursuits ، وكذلك فإن تأثير النمط المتحمس بصفته (جناح) للنمط المخلص قد يدفع الأخير بالتوجه نحو الأنشطة الإجتماعية المتعددة وعدم التحفظ outgoing مغادراً بذلك (أي المخلص) عامل الحذر والترقب والميل للإرتياب التي تتصف بها شخصيته (Palmer,1995,P.300) .




علاقة نظرية كارين هورني بنظرية الإنيكرام
لقد حاول العديد من الباحثين والمنظرين أن يوجدوا علاقة بين أنماط الشخصية الثلاثة لدى هورني وهي (مع ، بعيدا عن ، ضد) ، والأنماط التسعة للشخصية في نظام الإنيكرام ، ساعين من وراء ذلك إلى تفسير أشكال السلوك الرئيسة الثلاثة في الإنيكرام ، التي بنيت في نظرية الإنيكرام الأصلية على مراكز الشخصية الثلاثة (المشاعر-التفكير-الغريزة) ، معتقدين أن هناك علاقة بين تنظير هورني ونظرية الأنماط التسعة للشخصية ، وفيما يأتي ذكر لأهم ما جاء في هذا الخصوص .
تعتقد كارين هورني أن القلق الناشئ عن عدم الشعور بالأمن في أثناء مرحلة الطفولة هو الأساس في تشكيل ونمو الخصائص النفسية للفرد أكثر من إفتراض القلق الناشئ من صراع الغرائز مع المحيط أو الصراع الناشئ بين مكونات الذات الثلاثة وهي الهو Id والانا Ego والأنا الأعلى Super Ego (Wagner,2002,P.3) .
ومن ثم فان الطفل ينمي ثلاثة أشكال من أساليب التعامل Coping ، وهي كما تقول هورني إما أن يسلك ضد المجتمعAgainst أو ما تسميه العدوانAggression ، أو أن يسلك في إتجاه المجتمع toward أو ما تطلق عليه أسلوب المسايرة Compliance ، أو هو الأسلوب الثالث من أساليب التعامل مع المجتمع وهو أسلوب الابتعاد عن Away From أو ما تسميه بالانسحاب Withdrawal . (هورني،1945،ص20-28).
وهذه الثلاثة أشكال من النزاعات (مع ، ضد ،بعيداً عن المجتمع) ، تعكس أشكال وميكانزمات الدفاع لدى الإنسان وعموم المملكة الحيوانية والمتمثلة بمبدأ (قتال-هروب-إنصياع) بافتراض أن العامل البيوإجتماعي هو ما يعطي هذه الافتراضات عالميتها وشموليتها لدى الكائنات الحية كافة (Wagner,2002,P.31) .
وتضيف هورني إلى أن أي منا وبصورة صحية يمكن أن يسلك عن طريق أحد هذه الأشكال من أشكال السلوك متى ما تطلب الأمر ذلك ، وهذا جانب صحي من السلوك لا ضير فيه ، وعادة ما يعتمد فقط على أحد هذه الأساليب الثلاثة مع إهمال الأسلوبين الآخرين ، أي أن نتحول إلى مبتعدين فقط عن مواجهة المشكلات والمجتمع هو في رأي هورني صورة صحية كوننا قد عطلنا الأسلوبين الآخرين الموجدين أساسا ضمن شخصيتنا ، ذلك أننا لا نستطيع أن نسلك بأكثر من أسلوب في الموقف الواحد نفسه وفي اللحظة نفسها (Wagner,2002,P.32) .




أولاً : منظور بيسنج ونوجوسك Bessing&Nogosek

يرى كل من بيسنج ونوجوسكBessing & Nogosek أن الشخصية لدى هورني تسلك عن طريق أحد ثلاثة أشكال للسلوك ، وهي (مع ، ضد ، بعيداً عن المجتمع) . وهكذا هو الحال لدى الأنماط التسعة للشخصية في نظرية الإنيكرام ، إذ هناك أنماط تسلك مع المجتمع وهي (المساعد ، المخلص ، المتحمس) ، أما الأنماط (المصلح ، المنجز ، المتحدي) فهي تسلك ضد المجتمع ،وكذلك هو الحال مع الأنماط (المتفرد ، صانع السلام ، الباحث) فإنها تسلك بعيداً عن المجتمع ، وكما هو مبين في الشكل (5) (Beesing&Nogosek,1984,P.12) .
مؤكدين أن تلك الأنماط إنما سلوكها يكون عن طريق آلية معينة وهي كما أطلقا عليها إستراتيجية الحماية strategy of protection ، التي تكون موجهه نحو حماية الذات وقيمة الفرد ، وتأخذ ثلاثة أشكال :
أ‌- " أنا أكبر من العالم " وهو ما يبدو في سلوك الأنماط (المتحدي ، المساعد ، الباحث) .
ب‌- " يجب أن أتوافق مع العالم " الذي يظهر في سلوك (المنجز ، المخلص ، صانع السلام) .
ت‌- " أنا أصغر من العالم " وكما هو ظاهر في سلوك (المصلح ، والمتحمس ، والمتفرد) .


أنا أصغر من العالم يجب أن أتوافق مع العالم أنا أكبر من العالم بيسنج ونوجوسك
كارين هورني
عدوان المصلح المنجز المتحدي ضد المجتمع
مسايرة المتحمس المخلص المساعد مع المجتمع
إنسحاب المتفرد صانع السلام الباحث بعيدا عن المجتمع

الشكل (5)
يوضح الإسنادات النمطية للمكونات السلوكية الثلاثة بحسب منظور كل من بيسنج ونوجوسك Beesing & Nogosek ، وعلاقتها بالأنماط التسعة للشخصية .
(Beesing & Nogosek, 1984,P.12).

وعن طريق الشكل (5) يشير كل من بيسنج ونوجوسك إلى أن أنماط الشخصية (المتحدي والمنجز والمصلح) هي أنماط من الشخصية يسود فيها عامل العدوان ، والسلوك المفضل لديها هو أن تسلك ضد المجتمع والاستراتيجية الدفاعية تتلخص في الرغبة في حماية الذات والمحافظة على قيمتها بوصفها إنساناً worth as a person (Beesing&Nogosek,1984,P.13) . إذ أن نمط الشخصية المتحدي يرى نفسه أكبر وأعظم من العالم المحيط به وعليه فهم يسيرون ضد المجتمع بفعل القوة الغريزية . أما نمط الشخصية المنجز الذي يرى بأنه يجب أن يتواءم ويتفق مع المجتمع فان عدوانه عادة ما يكون مقننChanneled ومسخر نحو الإنجاز والعمل والتحصيل achievement (Beesing&Nogosek,1984,P.14) .
بينما نمط الشخصية المصلح الذي يرى نفسه عن طريق إستراتيجية الحماية " إنه أكبر من العالم " فيتجلى سلوكه في العدوانية بنقده لذاته وللآخرين المحيطين به (Chou,2000,P.410) .
أما أنماط الشخصية (المساعد والمخلص والمتحمس) فيرى بيسنج ونوجوسك بأنهم يسلكون في إتجاه المجتمع مدافعين عن قيمة الذات لديهم بأن يصبحوا إعتماديين أو إتكاليين Dependent ، عن طريق علاقتهم بالآخرين والأشياء المحيطة بهم . فنمط الشخصية المساعد كونه لديه جانب " أنه اكبر من العالم "am bigger than the world ‘I ، وهو ما يشكل مفهوم الذاتSelf-Concept لديه فهو يحاول أن يسلك بصورة المبادأة بأن يفرض نفسه في علاقات الصداقة ويكون هو المبادر إلى علاقة الصداقة وإن لم يرغب الطرف الآخر بذلك ، فتراه يقدم النصيحة والمساعدة على الرغم من عدم تقبل الآخرين لذلك في كثير من الأحيان ، ويغضب كثيرا فيما لو رفضت نصائحه وإرشاداته ، بينما نمط الشخصية المخلص لديه مفهوم للذات يتركز حول ضرورة الاتفاق والتوافق مع العالم المحيط من أجل أن يكون جديراً بالاهتمام من الآخرين worth while ، فهم يبدون إهتماماً كبيراً وطاعة وإنصياعاً للمعايير والقوانين والتعليمات . أما ذوو نمط الشخصية المتحمس فتنمو لديهم مشاعر تتمركز حول أنهم أصغر من العالم المحيط بهم ، ولذلك فهروبهم يكون متجها نحو السلوك الانغماسي والمبالغة في عمل الأشياء والسعي وراء كل ما هو جديد وجذاب لهم خوفا من مواجهة أنفسهم وشعورهم بأنهم أصغر من العالم المحيط بهم . أما الأنماط الثلاثة الانسحابية وهي نمط الشخصية الباحث ونمط الشخصية صانع السلام ونمط الشخصية المتفرد ، فهم يفضلون سلوك الابتعاد عن المجتمع وعن الآخرين وعدم الانغماس معهم وذلك من أجل تعزيز صورة الذات المتضخمة لديهم أو المحافظة على جمالية صورة الذات التي يعتقدون أنها لديهم ، فبينما نمط الشخصية الباحث ينمو لديه مفهوم للشخصية حول أنه " أكبر من العالم " فان هروبهم من الآخرين هو تأكيد لافتراضهم حول إمتلاكهم هم فقط التصور العقلي والثقافي لمجريات الأمور والذي لا يمتلكه الآخرون ، فمن باب المحافظة على هذه الملكة الذهنية الذكية التي يمتلكونها ، يجب عليهم صيانتها والحفاظ عليها عن طريق التجنب والابتعاد والانزواء عن كل ما يحيط بهم ، بينما نجد أن نمط الشخصية صانع السلام يهرب من العالم المحيط به متبعا حيلة توافقية كون ذلك العالم المحيط لم يستطيع أن يمنحه الحب والتقديرappreciation &love ، وراحة البالpeace of mind ولكن ذوي النمط المتفرد من الشخصية كونهم يرون أنهم اصغر من العالم فإنهم يعبرون عن إنسحابهم بسوء فهم للآخرين وإزدرائهم وإحتقارهم فضلا عن تدريب أنفسهم على التعبير عن الأصالة originalityالموثوقية authenticity (Chou,2000,P.417-419) .



ثانيا : منظور ثوماس شو Thomas Chou
مثلما كان لدى بيسنج ونوجوسك منظور خاص يعتمد على ثالوث هورني في تفسير المراكز الثلاثة للشخصية في الإنيكرام الذي عن طريقه تتوزع الأنماط التسعة للشخصية التي تسلك بصورة إستراتيجية الحماية strategy of protect ، فإن ثوماس شو(2000) Thomas Chou يرى بأن إتجاهات الدوافع direction of motivation الظاهرية منها والباطنية هي التي تحدد طبيعة نمط الشخصية والهدف أو الغاية التي يسعى الشخص نحو تحقيقه ، وإن تلك الأهداف أو الغايات goals لها نهايات(Chou,2000,P.401-409) .
وعلاوة على ذلك فهو يرى أن كارين هورني فقط إكتفت بوصف تلك الأهداف التي يسعى الشخص إلى تحقيقها عن طريق أساليبها السلوكية الثلاثة (مع ، ضد ، بعيدا عن) ولكنها لم تحدد نهاية هذه الأهداف وما هو ظاهر من تلك الأهداف وما هو باطن منها ، بمعنى هل أن نمط الشخصية المنسحب عن المجتمع هو فعلا بعيد عن المجتمع فقط أم أن هناك مسايرة لذلك المجتمع قابعة في داخله desire deeper (2Chou,2000,P.410-41)
ويضيف شو إلى أن كل نمط من أنماط الشخصية في نظام الإنيكرام يسلك بصورة ظاهرية عن طريق أحد الأساليب السلوكية في ثالوث هورني ، لكن في ما هو كامن لديه يسلك كذلك بأحد البعدين الآخرين ولكن كما أسماه " أهداف بعيدة المدى " long term-goals (2Chou,2000,P.410-41).
فما هو ظاهر من السلوك هو " هدف قريب المدى " close teem-goals ، ولكن الكامن من السلوك هو أهداف وغايات بعيدة يسعى الفرد إلى تحقيقها بعد مدة من الزمن أو بحسب مقتضيات الواقع المحيط به . وفيما يأتي عرض لأنماط الشخصية التسعة على وفق تصور شو Chou شارحا عن طريقه الظاهر والباطن من الدوافع ، ومعتمدا في ذلك على ثالوث هورني (مع - ضد - بعيدا عن المجتمع) ، في تناول الأنماط التسعة للشخصية :


1-نمط المصلح the reformer type :
إن السلوك الظاهري لأفراد النمط المصلح يكون موجها ضد الآخرين against others ، ولكن داخليا نجدهم مبتعدين عن الآخرين away from others ، ذلك على الرغم من أنه يبدو عليهم الكفاية efficient والاهتمام أو الاقتراب من الآخرين engaged ، فهم داخليا مشغولو التفكير بصورة كبيرة بالصورة المثالية والعقلانية التي يجب أن يكون عليها العالم المحيط بهم وهذا هو الهدف بعيد المدى لديهم long term-goal .

2-نمط المساعد the achiever type :
إن السلوك الظاهري للأفراد في النمط المساعد بحسب تصور شو هو سلوك متجه نحو الآخرين ومعهم toward others ، ولكن ضدهم against داخليا underneath ، فعلى الرغم من كون النمط المساعد قد يظهر عليه أنه دافئ المشاعر في علاقاته مع الآخرين ويبدو واضحاً عليه سلوك المساعدة والإغواء والإغراء seductive في علاقات الصداقة مع الآخرين إلا انه وكما يقول شو " يحتفظ ويخبئ قائمة طويلة من المحاولات لكبح جماح العدوان والدوافع العدائية المكبوتة لديه " (2Chou,2000,P.410-41) .

3-نمط المنجز the achiever type :
أصحاب نمط الشخصية المنجز ظاهريا يسلكون ضد المجتمع كما يقول في ذلك شو Chou ، بينما يسلكون في الداخل في إتجاه المجتمع ، وهم ظاهريا يميلون إلى التنافس والتدافع pushy مع الآخرين حتى وإن تطلب الأمر عدم الاكتراث لمشاعر الآخرين مقابل الإنجاز والتحصيل ، إلا أنهم داخليا في رغبة دفينة نحو الاتفاق والاقتراب وتقدير مشاعر الآخرين ، فحينما يسعون لأن يكونوا هم القادة فهم يبذلون جهدا كبيرا في كبح وتأخير رغباتهم الخفية في أن يكونوا تحت إمرة الآخرين .

4-نمط المتفرد the individualist type :
السلوك الظاهري لنمط الشخصية المتفرد هو نفسه السلوك الداخلي لهم وهو التحرك بعيدا عن المجتمع ، فكما يقول شو في ذلك إن رغبتهم الداخلية والظاهرية في الابتعاد عن المجتمع away from ، هو ما يجعلهم أكثر إستبطانا introspective ، ومتفردين individualistic ، فهم بعيدون عن قيود العالم الحقيقي أو العالم الواقعي constraints of the real-world ، كما أنهم منشغلون بتفحص ذواتهم self-absorbed ، علاوة على انهم إغترابيون alienated .

5-نمط الباحث the investigator type :
النمط الباحث يتحرك بعيدا عن الآخرين ، ولكنه يتحرك من الداخل ضد الآخرين ، إذ يبدو عليه التحرك بعيدا عنهم ، في سلوك يتصف بالعزلة والإنطواء ، وعدم الاهتمام بالعلاقات الشخصية ، لكنه يسعى داخليا نحو السيطرة والتحكم بالآخرين بامتلاكه القدرات العقلية دون غيره .

6-النمط المخلص the loyalist type :
إن السلوك الظاهري وكذلك السلوك الداخلي لأصحاب نمط الشخصية المخلص هو في إتجاه الآخرين ومعهم toward others ، وذلك ما يجعل أصحاب هذا النمط يتميزون بالإعتمادية والاتكالية dependent على مصادر الدعم الخارجي بصورة ثابتة ، فهم يريدون أن يثقوا بكل ما يحيط بهم على الرغم من إنهم قد يجدونه فارغا من مصادر الثقة ، ولذلك فهم ينمون آلية دفاعية معينة لتحقيق ذلك تقوم على التفكير الإرتيابي مثلا عند الاندماج ضمن الجماعات بحثا عن الأمان ، وضد طبيعة ثقتهم في العالم المحيط .





7-النمط المتحمس the enthusiast type :
نمط الشخصية المتحمس ظاهريا يبدو عليه أنه في إتجاه الحياة ومتعها والانغماس فيها (معانقاً أياها embraces ) ، ومقبلا على ذلك الجانب الممتع والترفيهي من الواقع المحيط به ، ظاهريا فإنه يجد المتعة الحقيقية في ذلك ، إلا أنه في حقيقة الأمر فهو مبتعد عن الواقع المحيط به من الداخل ، وذلك كونه يجد أن ما هو بين يديه ليس الوسيلة الرئيسة لخفض القلق لديه ، وإنما خفض القلق لديه يكمن في صورة من الفنتازيا fantasy وأحلام اليقظة التي تتركز حول الكيفية التي يمكن عن طريقها أن تكون الحياة بصورة أفضل مما هي عليه حاليا .

8-النمط المتحدي the challenger type :
إن أصحاب هذا النمط من الشخصية ، ظاهريا وداخليا surface and deep ، يتحركون ضد الآخرين against others ، وهذا ما يجعلهم النمط الأكثر عدوانية most aggressive type من أنماط الشخصية التسعة في نظام الإنيكرام ، إذ أن قوة الإرادة والثقة بالذات والنزعات السلبية possessive tendencies واضحة وجلية للآخرين ، إذ ان سيطرتهم على العالم المحيط بهم وبسط نفوذهم يكون عادة عن طريق قوة الجسد والمادة ، فضلا عن أن إزدواجية العدوان لديهم وتناميه تمنحهم القدرة على تخطي المعوقات أو العوائق البيئية والذاتية التي تعترض طريقهم نحو السيطرة على كل ما يحيط بهم .

9-نمط صانع السلام the peace maker type
ظاهريا يبدو أصحاب نمط صانع السلام أنهم يتحركون بعيدا عن الآخرين ، ولكنهم في دواخلهم يتحركون مع وفي إتجاه الآخرين ، فهم يعانون من صراع ظاهري للتخلص والابتعاد عن الآخرين ، ولكنهم في الأعماق يريدون التوحد والاندماج معهم وإن تطلب ذلك الأمر إلغاء ذواتهم وهذا على المدى البعيد أو ما يسميه شو Chou الأهداف بعيدة -المدى ، فهم بانسحابهم كما يقول شو Chou " غير متشددين أو جازمين بل تاركين الباب وراءهم مفتوحا ، من أجل العودة والاندماج والاتفاق مع الآخرين ومع كل ما يحيط بهم في البيئة ، إذ أن الشعور بالأمان والراحة والهدوء هو هدف بعيد المدى لديهم " (Chou,2000,P.401-409).
فضلا عما سبق فإن شو(2000) Chou قد لخص أنماط الشخصية التسعة في نظرية الإنيكرام ، عن طريق أنماط السلوك الثلاثة لدى هورني ، إذ وصف الأنماط الثلاثة (المساعد ، الباحث ، المتحدي) بأنها أنماط تتحرك ضد الآخرين ، بحثا عن الشعور بالقوة ، والتحكم أو السيطرة ، وأطلق عليهم الباحثين عن القوة power seekers ، مشيرا إلى أنهم في الجانب الصحي من أنماطهم ، قد يمنحون الآخرين القوة والسلطة .
أما الأنماط الثلاثة (المتحمس ، والمتفرد ، والمصلح) فهم كما يسميهم الباحثين عن الإلهام inspiration seekers الذين يتحركون بعيدا عن المجتمع سعيا وراء أشكال من الإلهام أو الوحي ، وذلك أنهم في الجانب الصحي من أنماطهم الشخصية ، يتحولون إلى ملهمين للغير ومرشدين لهم .
بينما يتحرك أنماط الشخصية (المنجز ، والمخلص ، وصانع السلام) ، في إتجاه المجتمع ومعه ، كونهم الباحثين عن الاتفاق والاندماج مع المجتمع الذي يشعرون أنهم ينتمون إليه (Chou,2000,P.401-409)..