الزخرفة العثمانية على الخشب



تحاشى الفنان العثماني المسلم بصفة عامة رسم صور الأشخاص أو الأحياء أو الحيوانات في شتى فنون الرسم أو الحفر أو النقش.
وتشير المقارنة بين ما تركه الفنان السلجوقي والفنان العثماني إلى هذه الحقيقة، فقد فهم العثمانيون أن الإسلام في معظم المذاهب يحرم تصوير الكائن الحي بصفة عامة؛ ولهذا يختلف الفن التركي السلجوقي الأصل عن الفن التركي ذي الأصول العثمانية الإسلامية.
وقد زين الفنان العثماني الأجزاء الخشبية في العمارة والأبنية المختلفة كالأبواب، والنوافذ والمشربيات والأسقف والأعمدة بعدة فنون كالحفر على الخشب والنقش عليه، وتلوينه، كما حظيت معظم المصنوعات الخشبية المستخدمة في المسجد أو المنزل أو المدرسة بنصيب وافر من فنون الحفر والرسم والنقش عليها.
ومن تلك المصنوعات أو الأدوات منابر المساجد وصناديق وحوامل المصاحف والأرائك وصناديق الملابس والخزائن أو المناضد والكراسي وغيرها.
وقد حلّت طبقًا لفهم الفنان المسلم للمحرمات الدينية في الأشكال الهندسية صور النباتات والزهور محل صور ورسومات الأحياء، وغلب اللون الأخضر كخلفية أو أرضية للرسومات العثمانية على الأخشاب، كما جرى استخدام اللآلئ والمعادن والأحجار الكريمة في تجميل الأدوات الخشبية باللصق أو التعشيق أو الضغط.
وقد استخدم النجار والفنان العثماني عدة نوعيات من الأخشاب كالجور والورد والأرز، إضافة إلى خشب أشجار التفاح والكمثرى التي كانت الأناضول غنية بها، بل وقد جرى تصدير هذه النوعيات إلى كل من سوريا ومصر لاستخدامها للأغراض نفسها.
وبرع الفنان والنجار العثماني في فن تعشيق أجزاء الخشب الصغيرة معًا؛ كي تشكل منظرًا جماليّا أو لتصنيع بعض الأدوات المستخدمة في المسجد أو المنزل أو المدرسة.
فن الكاندي كاري


ويعرف هذا الفن بـ "كاندي كاري"، وقد ظهرت هذه الطريقة لأول مرة في الفن الإسلامي في القرن الثامن عشر، وأضيف إلى الأخشاب بعض الأجزاء المعدنية.
وأبرز نماذج هذا الفن هي أبواب ومنابر المساجد التي لم يستخدم بها المسمار أو المواد اللاصقة، وتعد هذه النماذج على وجه الخصوص التطبيق الحقيقي لفن الكاندي كاري؛ حيث ظهر بعد ذلك تقليد كاندي كاري غير حقيقي استخدم فيه المواد اللاصقة أو الحفر في قطع الخشب كي تبدو أشبه بالقطع المعشقة في غيرها.
والأصل في فن الكاندي كاري هو تقطيع الخشب إلى أجزاء أو قطع هندسية صغيرة ذات أشكال توظف في التجميل، إضافة إلى وظيفتها الأصلية كجزء من البوابة أو المنبر.
ويتميز الكاندي كاري الحقيقي بأن الأجزاء المُكون منها لا تسقط بالانكماش، ولا تتحرك من مواضعها مع كثرة الاستخدام.
الحفر على الخشب


استخدم الفنان العثماني أسلوب الحفر على الخشب؛ لتشكيل رسومات وأشكال هندسية جمالية، واستخدمت هذه الطريقة بشكل واسع لتزيين أبواب الغرف ونوافذ الحجرات والخزائن، كما عرفت على بعض الواجهات أو الأسطح أو أجناب الدواليب والمناضد.
التشبيك والتفريغ
ومن بين ما عرفه الفنان العثماني على الأخشاب أسلوب تشبيك قطع خشبية صغيرة ببعضها لتشكل معًا وسيلة من وسائل تخفيف الإضاءة أو تقليل الرؤية أو ستر الأماكن والقاعات مع عدم حجب الإضاءة، وقد استخدمت أجزاء معدنية كهيئة النجوم مثلاً لملء بعض الفراغات بين الأجزاء المشبوكة ببعضها.
التطعيم بالصدف والعاج
أبرز الأمثلة على هذا الفن المميز هي البراويز والإطارات التي تحمل المرايا والصور، كما يُرى هذا النوع من فنون الخشب على الكراسي والأرائك التي اعتاد القصر أو البيت العثماني وضعها في الصالونات أو الردهات وأماكن استقبال الزوار، وبدأ ظهور هذا النوع من الفنون في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، ولم يتفوق على العثمانيين أحد من شعوب العالم حتى الآن.
الرسم
أما الرسم على الأخشاب فقد بدأ ظهوره في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وقد اختلف عما عرفه السلاجقة في نوعية الصور والرسومات كما سبق القول، وقد استعاض به الفنان عن فن الكاندي كاري الصعب، والذي يحتاج وقتًا أطول ودقة أكثر.
وفي القرن الثامن عشر بالذات بدأت الرسومات الأوروبية تختلط بالرسومات الإسلامية ذات النباتات أو الأشكال الهندسية، وأكثر استخدام هذا الفن في العمارة والحوائط الخاصة بالأماكن العامة كالمكتبات.