إذا حضر، ملأ المكان عطاءً وإبداعاً، له بصمته المميزة، وله حضوره الخلاق، ذلك الموظف المبدع الذي أضاف للقسم الذي يعمل به الشيء الكثير منذ تعيينه، لكنه متمرد على ساعات الدوام، كثير الغياب، وله مزاج سيئ أحياناً كثيرة يجعله يتوارى عن الأنظار لأيام.
في حديث الإدارة، وفي تقييماتها المستمرة، ترتفع أسهم الرجل في الأداء المهني الخلاق، بينما تهبط أسهمه في مسألة الحضور والانضباط، مما يجعل إدارة الموارد البشرية في حرج دائم أمام بقية الموظفين بسبب هذا الموظف، فتمرده على الحضور والانصراف بشكل دائم يحرج إدارة الموارد البشرية أيما إحراج، فيما عطاؤه وإنجازاته ترفع الرأس حقاً.
ترى ما هو القرار الحكيم تجاه هذه الشريحة من الموظفين، أهو الصبر عليهم جراء إبداعاتهم؟،أم التضحية بهم في سبيل الحفاظ على هيبة الكيان؟
يرى عبدالله الحربي – المختص في الموارد البشرية – أنه قبل التفكير في حال هذا الموظف يجب على الشركة أن تضمن بيئة عمل جاذبة لكافة موظفيها، وأن تتخلص من الروتين والبيروقراطية في تسيير أمور العمل في كافة الأقسام والإدارات، مؤكداً على أن بيئة العمل السيئة هي بيئة طاردة للموظف المبدع والموظف التقليدي على حد سواء.
وقال: كلما نجحنا في إقامة بيئة عمل صحية، وجاذبة، كلما ألف الموظفون تلك البيئة، وأصبح الذهاب للعمل أمراً مريحاً ومحبباً لكافة فريق العمل، كما أن تحقيق العدالة بين الموظفين من خلال حزمة من الأنظمة والتشريعات الخاصة بالموارد البشرية والتي تكفل تحقيق العدالة والمساواة بين جميع الموظفين تمثل أهمية بالغة في استقرار الموظفين بالمنشأة، وتزيد من حرصهم على الاحتفاظ بوظائفهم.
وأكد الحربي على أهمية تبني أفكار الموظفين المبدعين والاهتمام بها لما في ذلك من تحفيزهم وترغيبهم في تقديم مزيد من الإبداع وتحقيق النجاحات، الأمر الذي سيزيد من مواظبتهم والتزامهم بساعات العمل، مشدداً على أهمية تحميل الموظفين المبدعين مسؤوليات كبيرة، لما في ذلك من تحميلهم شعوراً أكبر بالمسؤولية تجاه موظفين وأعمال يجب أن تنجز في وقتها، مما سيجعلهم حريصين على الانضباط اليومي المطلوب. وبين أنه في حالة تم استنفاذ جميع الطرق مع الموظف المبدع في سبيل ترغيبه في العمل والانضباط والالتزام بالحضور اليومي فإنه في أحيان كثيرة يعتبر التضحية بالموظف على الرغم من إبداعه هو الخيار الأنسب في سبيل الحفاظ على هيبة النظام في المنشأة، وقطع الطريق أمام موظفين آخرين ليسوا مبدعين ولكنهم سيقتدون به في مسألة التمرد وعدم التقيد بالحضور والانصراف في الأوقات المحددة.