اصحاب الهمم العالية:
(1)

روى احدهم فقال : كان زميلاً لي في الكلية العسكرية … كان الأول على زملائه في كل شئ في طاعته لله… في حسن خلقه… في دراسته… في تعامله … كان صاحب قيام ليل ومحافظة على صلاة الفجر وغيرها وحب للخير… وبعد أن تخّرج وفرح كما يفرح الطلبة بالتخرج وإذا به يُصاب بما نسميه ( الأنفلونزا) وتطور معه المرض حتى أصاب العمود الفقري فأصيب بشلل تام ولم يعد يستطيع الحركة… حتى أن طبيبه المعالج قال لي أنه حسب مرئياته فلا أمل له في الشفاء… وإن احتمال رجوعه لما كان عليه ونجاح العلاج معه لا تتجاوز العشرة في المائة فقلت الحمد لله على كل حال وسألت الله له الشفاء وهو القادر على كل شئ… ثم زرته في المستشفى وهو مقعد يرقد على السرير الأبيض لمواساته وتذكيره بالله والدعاء له فإذا به هو الذي يذكّرني بالله !! وهو الذي يواسيني… وجدته قد امتلأ وجهه نوراً… واشرق بالإيمان نحسبه والله حسيبه…

قلت له : الحمد لله على السلامة… وأسأل الله لك الشفاء العاجل طهور إن شاء الله…

فأجابني بالشكر والدعاء ثم قال كلمته العجيبة في حالته المأساوية نعم إنها كلمة عجيبة!! لم يشتكي ! ولم يتبرم !! ولم يقل أرايت ماذا حل بي يا أخ خالد !!

إنما قال تلك الكلمة التي دوّت في أذني وأثرّت في قلبي وما زلت احفظها حتى الآن … قالها وهو يبتسم …

قال حفظه الله : يا أخي لعل الله علم منى تقصيري في حفظ القـرآن فلهذا أقعدني لإتفرغ لحفظه … وهذه نعمة من نعم الله !! سبحـان الله … مـا هذا الكلام؟! من أين هذه العبارات ؟! كيف تتحول النقمة إلى نعمة ؟!

إنه الإيمان يصنع المعجزات بعد فضل الله وتوفيقه …

وصدق الله في جزاء من صبر واسترجع عند المصيبة وقال إنا لله وإنا إليه راجعون إن له ثلاث جوائز … قال تعالى(أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) البقرة 157 .

نعم إنها الرحمة من الله والثناء منه والهداية لصراطه المستقيم والثبات على شرعه القويم وفي صحيح مسلم من حديث صهيب مرفوعاً… ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذاك لأحد إلا لمؤمن إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ) مختصر مسلم 2092 .

ما أجمل تلك العبارات التي قالها … إنها والله تعدل عشرات الكلمات النظرية … لأن المواقف الإيمانية تربي وتعلّم الشيء الكثير … وفي كل خير…

نعم لقد تعجبت ودهشت من موقفه وإيمانه وصبره وثباته رغم ما هو فيه من مرض خطير … وشلل تام … ورغم أنه لم يمض على تخرجه ستة أشهر ولم يفرح بالرتبة والراتب والعمل الجديد أياماً … والله لقد غبطته على إيمانه… وحمدت الله جل وعلا أن في الأمة أمثال هذا الرجل … وأمة محمد صلى الله عليه وسلم فيها الخير ولله الحمد .

ثم زرته بعد فترة وعنده بعض أقاربه فسلمت عليه ودعوت له ثم رأيت أمرً عجيباً وسمعت منه ما أدهشني مرة أخرى … وفي كل زيارة له يزداد الإيمان من مواقفه العجيبة الإيمانية .

قال له ابن عمه : حاول تحريك رجلك … ارفعها للأعلى … فقال له : إني لاستحي من الله أن استعجل الشفاء فإن قدّر الله لي وكتب الشفاء فالحمد لله … وإن لم يكن مقدوراً لي فالحمد لله … فالله أعلم بما هو خير لي … فقد يكون في الشفاء ما لا تحمد عقباه … وقد أمشي بقدميّ هاتين إلى الحرام … ولكني أسأل الله إن يكتب لي الخير فهو العليم الحكيم … ولا تعليق على كلامه الإيماني إلا بما هو خير قال تعالى ) وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ( البقرة آية 216 .


يواصل الدكتور حديثه قائلاً :
سافرت لإكمال الدراسات العليا ثم عدت بعد ثلاثة أشهر وكنت متوقعاً إنه في منزله حيث لا أمل في علاجه وسيبقى في منزله على فراشه يحمل من مكان إلى آخر …



سألت عنه الزملاء في المستشفى هل خرج ؟! وكيف حالته ؟! فقالوا : هذا الرجل عجيب جداً… لقد كان عنده قوة في العزيمة وهمة عالية وابتسامة دائمة ورضىً بما كُتب له…

ولقد تحسنت حالته شيئاً ما … فنُقل إلى التأهيل للعلاج الطبيعي …

ذهبت إلى مركز التأهيل فإذا به على كرسي المعاقين ففرحت به وقلت له : الحمد لله على السلامة… الحمد لله أصبحت الآن تتحرك أحسن مما مضى…

فقاطعني قائلاً : الحمد لله … أبشرك إنني قد أتممت حفظ القرآن !!

فقلت : سبحان الله !! ما أعجب هذا الرجل … لا يمكن أن أزوره إلا وأجدُ فائدة إيمانية … فدعوت له … وسألت الله من فضله .

سافرت مرة أخرى وغبت عنه أكثر من أربعة أشهر … ولما عدت حصل ما لم يخطر لي ببالي الضعيف المسكين وهو ليس بعجيب ولا غريب على قدرة الله تعالى الذي يحي العظام وهي رميم:

أتدرون ماذا حصل ؟!
لقد كنت أصلي في مسجد المستشفى… فإذا برجل يناديني يا أبا محمد أتدرون من المنادي؟! إنه صاحبنا… نعم والله إنه الزميل الحبيب الذي كان مشلولاً معاقاً تماماً يناديني وهو يمشي وبصحة جيدة وعافية … نعم إنها قدرة الله … ثم إنه الإيمان يصنع المعجزات قال تعالى( الله ولي الذين آمنوا) إنه التقوى قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً )

إنها النجاة والعافية من الله للمؤمنين قال تعالى (وكذلك ننجي المؤمنين) .

نعم … لقد جاءني يمشي … وسلمت عليه وضممته إلى صدري وأنا أبكي نعم أبكي مرتين … ولأمرين …


أما الأول فأبكي فرحاً لما حصل له من شفاء … هجم السرور علىّ حتى أنه من فرط ما قد سرني أبكاني
وأما الثانية فعلى نفسي المسكينة المقصرة …

فكم نحن فيه من نعم وخيرات ولم نقم بشكر الله عليها ولم نجتهد في حفظ القرآن وعمل الصالحات … وكلنا تقصير وتسويف … نسأل الله العفو والغفران . ليس هذا فحسب بل منّ الله عليه بأمور كثيرة … فمنها موافقة المسئولين لبعثته بعثة داخلية لجامعة الملك سعود بالرياض لإكمال دراسته العليا…
ولهذا البعثة قصة أخرى… فقد طلب ذلك منذ تخرجه من الكلية ولم يأته الرد … وقبل أيام … وبعد شفائه ولله الحمد جاءت الموافقة عليها بعد أن نسيها فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
ثم قال لي بعدها : يا دكتور خالد إن ما حصل لي حجة علي إن لم أقم بشكر النعمة …
قلت : بل هي حجة علينا جميعاً …


القصة لم تنته بعد … فلقد زارني بعد سبع سنوات في مراجعة لجدة المريض بالقلب …

فماذا رأيت ؟! رأيت شاباً وضيئاً … وقد رزقه الله الترقيات حتى وصل إلى رتبة رائد …

فأسأل الله أن يجعله رائداً في الخير والنفع والصلاح وأن يصلح أحوالنا جميعاً أنه سميع مجيب .

*************************************************



(2)
إنه داعية مسلم شهير في مدينة (ميونخ ) الألمانية وعند مدخل المدينة توجد لوحة كبيرة مكتوب عليها أنت لا تعرف إطارات يوكوهاما .
فنصب هذا الداعية لوحة كبيرة بجانب هذه اللوحة وكتب عليها أنت لا تعرف الإسلام إن أردت معرفته اتصل بنا على هاتف كذا وكذا .
وانهالت عليه اتصالات من الألمان من كل حدب وصوب حتى أسلم على يديه قرابة سنة واحدة ألف ألماني مابين رجل وامرأة
وأقام مسجداً ومركزاً إسلامياً وداراً للتعليم فالبشرية حائرة وهي بحاجة ماسة إلى الإسلام 0

******************************************
(3)
ذكر هذه القصة الشيخ : عبد المحسن بن عبد الرحمن في كُتيب (من هنا نبدأ وفي الجنة نلتقي إن شاء الله)
شاب عمره أربعة عشر عاما تقريبا .. وجهه يشعُّ بنور الإيمان ولا نزكيه على الله ... إذا دخلت عليه يقابلك بابتسامة تُحِسُّ فيها بالصدق , تشعر عندما تراه برحمه تخالع قلبك ورأفة تود أن تترجمها إلى دمعة تذرفها من عينك ..
ولكن ما أن تجلس معه قليلاً حتى تحقر نفسك .. نشيط في الدعوة إلى الله قدر ما يستطيع ، حفِظ تسعة أجزاء من القرآن خلال سنة هي عمره على طريق الهداية ..
سألته ذات مرة ما الهم الذي تحمله ؟
قال لي : همي أن يهتدي الناس وأن يدخلني ربي الجنة برحمته .
بقي أن تعرف أيها الحبيب أن هذا الشاب مصاب بشلل رباعي نتيجة حادث قبل خمس سنوات .
فيا صحيح الجسم : هل تحمل أنت نفس همَّ هذا الشاب الذي لا يستطيع تحريك أي عضو من جسمه سوى رأسه ؟
لا تنسوا هذا الشاب من صالح دعائكم وكاتب القصة وجميع المسلمين .
***************************************
(4)
ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه .. غلام صغير من الأصحاب .. لكن همته كانت فوق السحاب .. كان يأتي إلى النبي عليه السلام .. وهو غلام .. فيُقرِّب له وَضوءه وحاجته .. فأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يكافئه يوماً .. فقال له : سلني يا ربيعة ..
فسكت ربيعة قليلاً .. ثم قال : أسألك مرافقتك في الجنة .. فقال صلى الله عليه وسلم : أوَ غير ذلك ؟ قال : هو ذاك .. فقال عليه السلام : فأعِنِّي على نفسك بكثرة السجود .. رواه مسلم ..
فكان ربيعة على صِغَر سنه لا يُرى إلا مصلياً أو ساجداً .. لم يُفوِّت من عمره ساعة .. ولم يُفقَد في صلاة جماعة ..



(5)
لما قصد عمرو بن العاص مصر لفتحها كانت معه قوات تبلغ ( 3500 ) رجل ، فكتب إلى عمر بن الخطاب يستمده ، فأشفق عمر مِنْ قلة عدد قوات عمرو بن العاص ، فأرسل ( 4000 ) رجل عليهم من الصحابة الكبار : الزبير بن العوام ، والمقداد بن الأسود ، وعبادة بن الصامت ، ومسلمة بن مخلد ، وقال آخرون خارجة بن حذافة هو الرابع ، وكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص إني أمدتُّك بــ ( 4000 ) على كل ألف منهم رجل مقام ألف .
************************************************** *****



(6)
هذا شاب أصابه الشلل الرباعي عافانا الله وإياكم بعد حادث تعرض له فأصبح أسير الفراش في أحد المستشفيات ولسنوات ومع ذلك فكل من زاره تعجب من همِّه ومن همَّةِ نفسه العالية ومن حُرقـتِه على الدين حتى أنـه أسلم على يديه عدد كبير من العاملين والأطباء في المستشفى من الرجال والنساء ، وقد جعل ما تـحت سريره مستودعـاً لكراتين الكُـتيبات والأشرطة وبعدد من اللغات فلا يدخل عليه أحدٌ إلاَّ ويخرج بشريطٍ وكـتاب بحسب لغته .
**********************************************
(7)
رجلٌ كان هندوسياً فأسلم ، تعلم الإسلام واللغة الأوردية بحكم أنها لغة المسلمين في بلده الهند ، عندما عاد إلى بلده قُوبِلَ بالطرد من قِبَلِ أبيه الذي كان يعمل كاهناً لمعبدٍ وثني ، لذا نجده يقول تعرضت للضرب بيد أبي وأعوانه فهاجرتُ ليلاً من قريتي إلى قريةٍ أخرى فيها مسلمون ولجأتُ إلى مسجدها ومكثتُ فيه ، ثم انتقلتُ إلى قريةٍ أخرى فيها ما يُقارب خمسون منزلاً كلهم مسلمون بالإسم فقط ، لدرجة أنهم قد مانعوا من فتح المسجد المُغلق خشية خروج الأرواح الشريرة كما يزعمون وتحت إصرار مني قمتُ بفتح باب المسجد ونظافـته ورفع الأذان ، فلما رأوا
الحقيقة دخلوا المسجد ، فشرعت في تعليمهم مبادئ الإسلام والصلاة ، والآن قام بإنشاء مركز إسلامي كبير يتكون من مدرسةٍ ومسجد بجهوده الذاتيه يوم أن كان مُجرد عاملٍ في إحدى المؤسسات .

************************************************** *
(8)
حدثني بهذا الموقف أحد الثقات يقول : اتصلت بي إحدى الأخوات تطلب عناوين للمراسلة الدعوية ، وكانت باستمرار تطلب مني كميات كثيرة من الكتب والمطويات وبعدد من اللغات ، كان يصلني منها كل أسبوعٍ عشرات الرسائـل مجهزة للإرسال ، يقول : تعجبت من همَّتها واستمرارها وعدم انقطاعها من هذا العمل لسنوات ..
يقول : ومع الأيام اكتشفتُ أمراً عجيباً ، اكتشفتُ أنَّ هذه المرأة صاحبة الهمَّةِ والنشاط امرأةٌ بدون أطراف ولا تستطيع أن تـتحرك ، فهي تُحْمَلُ وتُـنزَّل من على سريرها ، وذلك من آثار حادث حريقٍ تعرضت له ، وإذا بها قد استقدمت خادمتين فأحسنت تعليمهما على هذا المشروع وبتوجيهاتها من على فراشها وسريرها تنطلق مئات الرسائـل لكل مكان في العالم في الشهر ، كانت تشعر بالسرور وهي تقرأ الردود بالتأثر والهداية بعد الضلال .
فماذا لو علم أصحاب الردود أنَّ سبب إنقاذهم ودلالتهم على الخير وهدايتهم هي امرأةٌ مُقعدة لا تستطيع نفعاً حتى لنفسها .
************************************************** **********

(9)
وهذه إحدى الأخوات بذلت جهوداً كبيرة ومُغنية لفتح مدرسةٍ خلف منزلها ، داراً لتحفيظ كتاب الله تعالى في فترة المساء ، تيسر لها ذلك بعد جهدٍ كبير لكن هناك عقبات كبيرة ، من هي المديرة ؟ من هنَّ المعلمات ؟ أين المعلمات ؟
أين هي الميزانية ؟ كثيرٌ من الاحتياجات لكنها لم تيأس ، فبحثت وسألت حتى وجدت ما أرادت ، بل أنها أدخلت ابنتيها الصغيرتين اللتين في المرحلة المتوسطة للتدريس ، وكُلُّ ذلك دون أجرٍ مادِّي ، وبعد ذلك أعلنت عن افـتتاح الدار وأخبرت الجيران والأقارب وغيرهم من أهل بلدتها عن افـتتاح الدار ، ثمَّ سعت بنفسها في تنظيم الدروس واللقـاءات لهذه الدار حتى أصبحت الآن من أنشط الدُور في بلدها