الإدارة من موقع الأحداث
كتب الكاتب الياباني ماساكي إيماي كتاباً أسماه "جمبا كايزن" وجمبا تعني باليابانية الموقع الفعلي، وكايزن هو الأسلوب الياباني المعروف والمشهور الذي يدخل تحسينات تدريجية صغيرة وبسيطة تقلل التكاليف والهدر وتزيد الإنتاجية والوفر، ويمكن ترجمة الكلمتين إلى "الإدارة من موقع الأحداث". يقول ماساكي: يكتفي كثير من المديرين بالجلوس إلى مكاتبهم ومتابعة الأمور عبر زجاج البرج العاجي الذي يطلقون عليه: مكتب المدير العام، إنهم لا يعرفون شيئاً عن منتجاتهم وخدماتهم إلا من خلال الأوراق والتقارير، ولا يفكرون في موظفيهم إلا عندما يوقعون كشوف المرتبات!! هؤلاء المديرون لا ينزلون إلى مواقع الإنتاج الفعلية في مصانعهم وشركاتهم. لذا فهم غرباء عن ما يحدث فيها من مشكلات لا يمكن صياغتها على الورق، وعندما تنفصل علاقتهم الحقيقية بموقع الأحداث على هذا النحو تنفصل أيضاً علاقتهم الحقيقية بشركتهم وبموظفيهم وبعملائهم. قد تقول أن المؤلف يتكلم عن المؤسسات التجارية، لكن هذا القول ينطبق تماماً على الإدارات الحكومية، ولا أعتقد بأن أحداً ينكر أن اليابانيون غزوا الدنيا بمنتجاتهم وخدماته وانظر إلى منزلك لتجد الأدوات والسيارات اليابانية، ما حدث في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية لهو معجزة يجب أن نستفيد منها، هذه المعجزة كان من مقوماتها الإحساس بالمسؤولية، الثورة الإدارية الغير عادية وهم أمراء الأساليب الإدارية الحديثة، ولا استطرد في الحديث عن تطور اليابان لأنه حديث متشعب ويكفي أن تنظر إلى الكتب التي كتبها اليابانيون أنفسهم عن التطور بعد الحرب. تغير الحال هو المحال، هذا القول ينطبق تماماً على إداراتنا، ليخبرني كل مدير ما هي التغييرات الجذرية التي أحدثها في إدارته؟ هل يستطيع أي مدير أن يعطني تصور واضح لما ستكون عليه إدارته بعد 5 أو 10 سنوات؟ التغيير والتطوير سنة الحياة، وإن توقفنا عن التطور أصبحنا متخلفين عن الركب، فالواقف والمتخلف كلهما يعتبر في نفس الوضع! أخيراً أقول، ليستشعر الجميع المسؤولية، ولنقم بخطوات عملية بسيطة "كايزن" ولنزل إلى أرض الواقع لنرى كيف نطور الأساليب "جمبا"، ودعونا من الكلام الفارغ والوعود الهلامية، فإنها لا تقدم بل تأخر، ولنطبق نظام من أبسط النظم الإدارية وهو الإدارة المرئية، أو الإدارة على المكشوف، وسترون النتائج!
منقول بـ بقلم: عبد الله المهيري