بسم الله الرحمن الرحيم

عن المقدام رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده) رواه البخاري. وكذلك أوصانا رسول الله قائلاً بمامعناه لأن يذهب أحدكم إلى الغابة فيحتطب ويحمله على ظهره, فيبيعه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أم منعوه...

إن المرء ليعجب أن الإسلام قد عنى هذه العناية الكبيرة بالعمل، فالآيات والأحاديث التي تحث على العمل والسعي في طلب الرزق كثيرة جداً، وسبب ذلك أن إعمار الأرض لا يكون إلا بالعمل، وهذا العمل يجب أن يكون إصلاحاً في الأرض لا إفساداً لها.
ولابد أن يستشعر أن الله عز وجل هو الذى بيده تصريف الرزق فيتوكل عليه حق التوكل، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقتم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا" (رواه الترمذي) أي تذهب خاوية البطون وتعود ملئ.

في سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الفاروق العادل قصة قصيرة غاية في الروعة. بينما كان يتفقد الرعية وجد رجلاً يتمتع بالصحة والعافية والرجولة والنشاط, وكان هذا الرجل متكأً مستنداً على الحائط, رافعاً يديه يدعو ربه أن يرزقهُ, فضربه بدرَّته ونهاه قائلاً(إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضةً) أي أن الرزق لا يأتي سهلاً كقـَطـْر المطر بدون تعب وسعي.وحثه على السعي في طلب الرزق.

حول هذا الموضوع الهام نظمت قصيدتي من بحر البسيط , وفيه تشبيه السعي لطلب الرزق بهجرة الطيور من أوكارها باكراً خماصاً, باحثة عن رزقها, آملاً أن تنال إعجابكم, وشكراً.



اقْنَعْ بعَيشٍ بأمْرِ اللهِ في قـَدْرِ


فالرِّزْقُ مَقْسُومٌ مِنْ حَيثُ لا تَدري



والسعيُ مطلوبٌ في كلِّ أوقاتٍ


إنْ شِئْتَ تأكيداً, فانْظرْ إلى الطَّيرِ



تغْدو خِماصاً بآمالٍ على سَعْيٍ


مِنْ باكرٍ صَوتُها بالحَمْدِ والشُّكـْرِ



في آخر اليومِ تأوي في مساكنها


هَلْ ياتُرى قُوتُها يأتي بلا هَجْرِ ؟



ما أرْوعَ الفارُوقَ في عَدالَتهِ


قولاً بحِكمَتهِ(لا رزْقَ كالقـَطْرِ)



ضَرْباً بدُرَّتهِ,نـَهـْيـَاً بحِكْمَتـِهِ


أعْطَى دُرُوسَاً لخَيرٍ في مَدَى الدَّهْرِ




يا وَيـْلَ مـُتـَّكِلٍ ,في حلْمِ مُتَّكِىءٍ


يَرْنُو بلا سَعْيٍ للرِّزْقِ بالبـِشْرِِ



رَبٌّ كريمٌ هَدانا هَدْيَ رَزَّاقٍ


والرِّزقُ مَوجُودٌ في البـَرِّ والبـَحْرِ



فالحَقُّ أوصَانــا سَعْياً لأرْزاقٍ


فاسْعَوا كأطْيارٍ , بَحْثاً عَنِ الخَيـْرِ