بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
دعاء الاستفتاح :
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما, وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. ما الشيئان اللذان يحرص عليهما كل إنسان, وهل هناك من أسباب لزيادة الرزق؟
أيها الأخوة الكرام, شيئان يحرص عليهما كل إنسان, حرصاً لا حدود له, أجله ورزقه, والآجال والأرزاق: لا علاقة للعباد بهما, وأي إنسان يعصي الله, من أجل أن يطول أجله, أو أن يزداد رزقه, فهو جاهل جهلاً كبيراً, لأن كلمة الحق لا تقطع رزقاً, ولا تقرب أجلاً, الأجل بيد الله, والرزق بيد الله وحده؛ ولكن لو أن أحدكم سأل: هل هناك من أسباب لزيادة الرزق؟.
هناك أسباب كثيرة, والرزق متبدل, وليس ثابتاً كما يتوهم بعض الناس, وأكبر دليل على ذلك: ﴿وَأَلوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً﴾
[سورة الجن الآية:16]
هذا أول دليل: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾
[سورة الأعراف الآية:96]
ثاني دليل: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً﴾
[سورة نوح الآية:10]
﴿يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً﴾
[سورة نوح الآية:11]
﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً﴾
[سورة نوح الآية:12]
انظر إلى حركة النظام في الأرض :
أيها الأخوة, الله عز وجل: ثبت أشياء كثيرة, وحرك أشياء, دورة الأرض حول نفسها ثابتة, لا علاقة لها بفسق العباد وفجورهم, لا يوجد عندنا دعاء دوران, في دعاء مطر, دعاء استسقاء؛ لكن دعاء دوران لا يوجد عندنا, ما سبق أن الأرض توقفت, يا رب تدورها, لا, الدورة ثابتة, دورتها حول الشمس ثابتة, الأشياء لها خصائص, الحديد حديد, والذهب ذهب, لا يوجد إنسان يشتري سميكة ذهب, تصبح حديداً, يكون قد خسر خسارة كبيرة جداً, لا يوجد إنسان يزرع حمص يطلع قمح, البذور ثابتة, الخصائص ثابتة.
فربنا عز وجل؛ كي يستتب النظام في الأرض, كي تطمئن, ثبت خصائص الأشياء, وثبت حركة الأفلاك, أما الرزق: حركه؛ يزيد وينقص. هذا ما حصل :
في سنة من السنوات -هكذا قرأت- ثلاثة ونصف مليون طن قمح, استهلاك بلدنا كله مليون طن, ثلاثة أمتار ونصف زيادة عن استهلاكنا, في سنوات مئتان وستون ألف طن, أقل من استهلاكنا, فالرزق متبدل: ﴿وَأَلوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً﴾
[سورة الجن الآية:16]
﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾
[سورة الجن الآية:17]
﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾
[سورة الأعراف الآية:96]
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾
[سورة المائدة الآية:66]
﴿لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾
[سورة المائدة الآية:66]
وقس عليها القرآن الكريم. من أسباب زيادة الرزق :
1-تطبيق القرآن الكريم في الأسواق :
لو طبق القرآن في أسواقنا؛ لا يوجد غش, لا يوجد خداع, لا يوجد تدليس, لا يوجد نظرات لا ترضي الله عز وجل, لا يوجد تزوير, لا يوجد إيهام, لا يوجد استغلال, لا يوجد احتكار, لأكلنا من فوقنا ومن تحت أرجلنا:
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾
[سورة المائدة الآية:66]
﴿لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾
[سورة المائدة الآية:66]
2-الأمانة :
((الأمانة غنى))
كما قال عليه الصلاة والسلام.
أكاد أقول لكم قانوناً قطعياً: الأمين يغتني, والخائن يفتقر. 3-الصلاة في البيت :
الآن: بيت فيه صلاة, هذا البيت مكفي:
﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ﴾
[سورة طه الآية:132]
في بيت تُؤدَّى فيه الصلوات ......
الآن: محل تجاري, يُقام فيه شرع الله؛ لا يوجد كلمة نابية مع امرأة, لا يوجد نظرة شهوانية, لا يوجد يمين كاذبة, لا توجد بضاعة محرمة, لا يوجد تسيب في علاقة صاحب المحل بالزبائن؛ في انضباط, في حشمة, في أدب, في غض بصر, في صدق, في أمانة, في إخلاص, هذا المحل يصبح مرزوقاً. 4-صلة الرحم تزيد في الرزق :
الآن: صلة الرحم تزيد في الرزق.
إنسان له أخوات بنات, بعضهن فقيرات؛ يتفقد شؤونهن, يرعاهن, يقدم لهن بعض المساعدات من حين لآخر, في رمضان, في الأعياد, هذا الذي يصل رحمه مرزوق, صلة الرحم تزيد في الرزق.
5-الإتقان في العمل يزيد في الرزق :
وفي قانون, يعرفه كل العالم: والإتقان يزيد في الرزق.
لو في البلد ألف نجار؛ في أيام الرواج: كلهم يعملون, في أيام الكساد: المتقن لا يتعطل أبداً, في أي حرفة, المتقن لا يتعطل, أما المهمل يتعطل.
النبي -عليه الصلاة والسلام-: دفن أحد أصحابه, فالذي حفر القبر ترك فيه فرجة, فقال عليه الصلاة والسلام:
((إن هذه لا تُؤذي الميت, ولكنها تؤذي الحي, إن الله يحب من عبده: إذا عمل عملاً أن يتقنه))
هل تعلم؟ :
سمعت فكرة, أضعها بين أيديكم: آلات نسيج مطرزات, صُنع سويسرا, الآلة في الشام: يُباع الثوب من هذه الآلة -القصة قديمة من اثنتي عشرة سنة تقريباً- يُباع الثوب بثلاثمئة ليرة, ثلاثة عشر متراً, مطرز, الآلة نفسها, في سويسرا: المتر سعره ألف ليرة, الآلة نفسها, هنا العامل غير متقن؛ أخطاء في التطريز, خيوط مقطعة, بعض البقع على القماش, صناعة درجة خامسة, فكل الثوب سعره ثلاثمئة ليرة, البضاعة المستوردة مصنوعة على الآلة نفسها؛ لكن مع الإتقان, المتر سعره ألف ليرة.
الآن: الشركات في العالم المتقنة, مبيعاتها محجوزة لسنتين, ولا تحتاج إلى دعاية, أما غير المتقنة: تحتاج إلى دعاية, الإتقان -إذاً-: يزيد في الرزق. هذه عدالة الله :
أنا حدثتكم قبل شهر تقريباً, عن أخ كريم: لم يتح له أن يكون له محلاً تجارياً, اضطر أن يبيع القماش على الرصيف, بساط وضع فيه فضل, الفضلة بخمسين ليرة, جاءت امرأة سائحة, -طبعاً: الخمسون: يعني دولار-, قال لها: بدولار, أعطته مئة دولار, ليس لها علم, وضعهم في الجيبة, بعد, مرة ثانية, امرأة اشترت, سحب, فوجد مئة دولار, هو لم يكن معه مئة دولار, تذكر الأولى, ركض إلى أن حصلها عند العصرونية, قال لها: أريد واحد, هذه المئة, يراقبه صاحب محل, أعجبته أمانته, -فالمحل كان صيرفي سابقاً, والمهنة ممنوعة الآن-, قال له: تشاركني؟ قال له: والله أتمنى, قال له: نعم, عملوا عقداً, في اليوم الثاني صار في المحل, قعد بالمحل؛ اشترى, وباع, وربح, قال لي: أخذنا بيتاً بركن الدين, بعد ذلك كبرناه, بعد ذلك أخذنا سيارة.
والآن: رجل عنده زوجة, وأولاد, وبيت, وسيارة, وكل شيء درجة أولى.
ذكرت هذه القصة لبعض الأخوة: الأمانة غنى, فقال بعضهم قصة أخرى, قال لي: بست رقية, في بائع أقمشة, جاءته سائحة -القصة مشابهة تماماً- اشترت قطعة قماش, قال لها: بدولار, أعطته مئة دولار خطأ, فلما رآها, كنَّ عليها, وضعها في جيبه, وبقي ساكتاً.
في اليوم التالي: جاءته الشرطة, أخذوه إلى المخفر, نفى خبره, اعترف, أعطاهم المئة دولار, ودفع خمسة آلاف, لئلا تُحال قضيته للنيابة العامة.
أرأيتم؛ نفس القصة, بائعين قماش, دولار ومئة دولار, والسائحة إيرانية, نفس القصة؛ الأول: صار صاحب محل تجاري, وتزوج, واشترى أول بيت, والثاني, اشترى سيارة أمريكية, والثاني: ضرب, ودفع المئة دولار, ودفع بظهرهم خمسة آلاف, حتى لا تُرفع القضية للنيابة العامة.
أرأيتم إلى عدالة الله, الأمانة غنى. آيات بينات :
قال تعالى: ﴿وَأَلوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾
[سورة الجن الآية:16]
هذه أول آية: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾
[سورة الأعراف الآية:96]
آمن, واتقى, واستقام: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾
[سورة المائدة الآية:66]
﴿لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾
[سورة المائدة الآية:66]
الأمانة غنى, صلة الرحم, ماذا أيضاً؟ إتقان العمل.
الآن: بيت يُصلَّى فيه: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ﴾
[سورة طه الآية:132]
الاستغفار. 6-استمطروا الرزق بالصدقة :
استمطروا الرزق بالصدقة.
وأنت في أشد حالات الضيق تصدق, من أجل أن تكون صدقتك سبباً لرزق وفير, استمطروا الرزق بالصدقة.
يعني: إذا أخ كريم, له أعمال صالحة, له صدقات, يبر الناس, وكان في ضائقة مادية, وكان في أسواق باردة, وكان عليه دفع كثير, لا يلغي الأعمال الصالحة, الأعمال الصالحة: هي التي تجلب الرزق؛ عودت الناس عليك, عودت بعض الفقراء: أن يطرقوا بابك, عودت أناساً: يستجدوا فيك, عودت أناساً: تعطيهم معونات على الأعياد, في رمضان, عودت بعض أقربائك: تؤمن ألبسة لأولادهم, تؤمن أدوات مدرسية, عودت بعض الأقرباء: تملىء مستودعات الوقود على أول البرد, عودتهم, فلا تغير عوائدك, هذه الصدقات: هي التي تزيد في الرزق؛ الصدقة, الإتقان, الاستغفار, صلة الرحم, إقامة القرآن والسنة, الإيمان والتقوى, الاستقامة على أمر الله.
المعاصي تقطع الأرزاق :
الحديث هذا: ((إن الرجل ليُحرَم الرزق بالذنب يُصيبه))
[أخرجه ابن ماجه في سننه والإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه]

باع بيعة فشلت, صار في ذنب, بعت بيعة, أعادوها لك شحناً, عمل فكرة, فشلت, راسلت شركة, أخذوها منك. ((إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه))
[أخرجه ابن ماجه في سننه والإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه]
مثل ما الأعمال الصالحة؛ الاستقامة, والتوبة, والاستغفار, وصلة الرحم, والإتقان, وأداء الصلوات في البيت: تجلب الأرزاق, المعاصي: تقطع الأرزاق.
في حديث آخر:
((بشر الزاني بالفقر, ولو بعد حين))
مهما كنت غنياً ....... قصة :
والله -أيها الأخوة- شخص -أعرفه معرفة كما أعرف أولادي, في قرابة- عمل بالتجارة, أخذ محلاً بمركز المدينة, أخذ محلاً بالحمرة ألبسة ولادية, اشترى سيارة, صار مستورداً كبيراً, كل شهر سفرة لأوروبا, أسهمه صعدت, وخطه البياني صعد, فلما ذلت قدمه؛ والله محل المركز سلمه, محل الحمرة سلمه, باع سيارته, في بضاعة له صودرت, باع بيعة إلى ليبيا, لم يأخذ قرشاً منها, وجد المشتري محتالاً؛ إلى أن جلس يبيع على الطريق أدوات منزلية, إلى أن طلب المساعدة ليأكل ويشرب, لأنه ذلت قدمه. ((بشر الزاني بالفقر, ولو بعد حين))
الواحد -يا أخواننا الكرام- قبل أن يخطىء, يعد للمليون, قبل أن يخطىء يراقب نفسه؛ ماذا سيقول لله عز وجل؟ بماذا يجيب ربه؟ لماذا فعلت كذا؟. البر يزيد في العمر :
((إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه, ولا يرد القدر إلا الدعاء, ولا يزيد في العمر إلا البر))
[أخرجه ابن ماجه في سننه والإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه]
البر يزيد في العمر؛ فالإنسان يحضر درس علم حتى يتعلم, يعرف منهج الله عز وجل, يعرف قوانين الله عز وجل, يعني يكاد المؤمن, هو لا يعلم الغيب إلا الله؛ لكن المؤمن يعرف قوانين الله عز وجل, فالإنسان الذي يؤدي زكاة ماله, ماله محفوظ. ومن أدى زكاة ماله, أذهب الله عنه شر ماله:
أنا حدثني أخ, قال لي: أخذنا معمل بلبنان بالحازمية, يعني صور لي الموضوع كهذا المسجد: بناء مستطيل, معمل لأناس في دمشق, ومعمل له, رجل صالح جداً, هذا الرجل من عادته: يدفع زكاة ماله, هذا الفرض؛ يدفع زكاة بيوته كلها, وأولاده, زكاة أثاث البيوت, سجاد, ثريات, زكاة السيارات, كل شيء يملكه؛ منقول وغير منقول, ثابت ومتحرك, سائل وجامد, هل يوجد غير هذا؟ منقول وغير منقول, ثابت متحرك, سائل جامد, يدفع زكاته.
قال لي: أخذنا معمل بالحازمية, معمل كالونات ستائر, أحداث لبنان تعرفونها, عشر سنوات حرب أهلية, لما الحرب انتهت, قال لي: ذهبت إلى المعمل, -أقسم بالله وهو عندي صادق, ورجل عمره ثمانون سنة الآن, التقيت فيه قبل شهر- قال لي: معمل جارنا غير حيطان لا يوجد؛ لا في آلات, ولا في مفتاح كهرباء, ولا في مغسلة, فتحنا معملنا, قال لي: والله الخطوط, الماكينات, قال لي: اشتهيت أن أجد شيئاً مفقوداً.
عشر سنوات حروب أهلية بالحازمية, معملان إلى جانب بعضهم.
أنت حينما تؤدي زكاة مالك, تحفظ مالك, أو تحفظ بقية مالك. ((ومن أدى زكاة ماله, أذهب الله عنه شر ماله))
صار المال كله خير.
فالإنسان: يجب أن يعرف ...... اعلم حقيقتك أيها الإنسان :
أنا قلت قبل يومين: الإنسان له وجود حيواني, وله وجود إنساني؛ أكل والحيوان يأكل, شرب والحيوان يشرب, تنفس والحيوان يتنفس, نام والحيوان ينام, طيب تزوج والحيوان يتزاوج, أنجب والحيوان ينجب, عمل وفي حمير يعملون أيضاً؛ طيب: أكل, شرب, تنفس, نام, اشتغل, أنجب, عمل, استمتع, كله حيواني؛ طلب العلم إنسان, عرف الله إنسان, بحث عن منهج الله إنسان, اتصل بالله إنسان, خدم الخلق إنسان, رحم الخلق إنسان, لك وجود إنساني, وجود حيواني.
هذا الكلام: معقول؟ معقول. ما وراء هذه الآيات :
الله عز وجل قال: ﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ﴾
[سورة المدثر الآية:50]
﴿فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ﴾
[سورة المدثر الآية:51]
هذه آية. قال: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ﴾
[سورة الأعراف الآية:176]
جيد. قال: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً﴾
[سورة الجمعة الآية:5]
لكن حتى الحمار, والكلب, والأنعام: إن رأت حفرة تحيد عنها, في شيء بالإدراك, في أشخاص أقل من الحيوان, والدليل: ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ﴾
[سورة المنافقون الآية:4]
هذا قرآن: ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ﴾
[سورة المنافقون الآية:4]
﴿إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً﴾
[سورة الفرقان الآية:44]
﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً﴾
[سورة الجمعة الآية:5]
﴿كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ﴾
[سورة الأعراف الآية:176]
يعني: الإنسان إذا اكتفى نشاطه؛ عمل, متع, طعام, شراب, نوم, إذا اكتفى بهذا النشاط, هذا النشاط حيواني, طبعاً على أرقى.
الآن: الدابة أعطها فرشة روث, تصبح كونفورت بالنسبة لها, ضع لها كيس شعير, بوفيه مفتوح, هكذا .....
يعني: كل مخلوق له ترتيب, فالإنسان يدخل لفندق خمس نجوم, ما دام أكل, وشرب, ونوم, مستوى حيواني؛ لكن على مستوى راق, على خمس نجوم, وفي بعد ذلك: نجوم ظهر, بعد ذلك يجدهم. العمل الصالح لا يزيد أمد العمر, يزيد حصيلته :
فيا أيها الأخوة, الذي أقوله لكم ....... ((إن الرجل –هذا حديث اليوم- ليحرم الرزق بالذنب يُصيبه؛ ولا يرد القدر إلا الدعاء, ولا يزيد في العمر إلا البر))
[أخرجه ابن ماجه في سننه والإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه]
العمل الصالح لا يزيد أمد العمر, يزيد حصيلته.
الآن: أنت عندك معمل تجاري, في دوام من العاشرة إلى الثانية, من الرابعة إلى السابعة, مثلاً هذا الدوام, وفي درج الغلة, أي الأهم؟ درج الغلة, لو أنك فتحت ساعة, وبعت بمليون, والثاني فتح ثماني ساعات, باع بمئة ليرة, أيهما أعقل؟ أيهما أربح؟ المهم: درج الغلة, لا وقت الدوام.
فالإمام النووي -رحمه الله تعالى- عاش أقل من خمسين سنة, ترك رياض الصالحين, -يمكن لا يوجد كتاب, أكثر منه بركة في العالم الإسلامي؛ رياض الصالحين- ترك الأذكار, شرح صحيح مسلم, ترك بغية المحتاج -معقول! كتاب فقه من أوسع كتب الفقه- وشرح حديث من أرقى الأحاديث؛ شرح صحيح مسلم, وترك الأذكار, ورياض الصالحين, وعاش أقل من خمسين سنة, وشخص تجده يعيش مئة وثلاثين سنة, عمر تافه؛ شدة, وطاولة طول الليل.
فالعمر: قيمته لا بأمده؛ ولكن بمضمونه, فالبر يزيد في العمر, البر يعني: العمل الصالح. محور موضوع الرزق :
((إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يُصيبه؛ ولا يرد القدر إلا الدعاء, ولا يزيد في العمر إلا البر))
[أخرجه ابن ماجه في سننه والإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه]
أيها الأخوة, أرجو الله سبحانه وتعالى: أن نكون قد أفدنا من هذا الحديث.
أنا أردت أن يكون الحديث, محور موضوع الرزق, كيف يزيد, وكيف ينقص؛ ينقص بالزنا, والمعصية, ويزيد بالاستقامة, والإيمان, والتقوى, والصلاة, والإتقان, والاستغفار, وصلة الرحم, وأداء الصلوات, والأمانة, فالذي يحب أن يزيد رزقه, الباب مفتوح. سؤال ورد :
سؤال ورد: المؤمن ألا يمتحن بقلة الرزق؟.
بلى, الامتحان ليس دائماً طارئاً, الامتحان طارىء ....
سألنا أخ: المؤمن ألا يُمتحن بقلة الرزق؟.
نعم يمتحن, إلا بحياة ليله ثلاثة أطوار؛ طور تأديبي لا يستقيم, وطور امتحاني حتى يثبت, بعد ذلك في إكرام, فحياة المؤمن تستقر على الإكرام؛ لكن يسبق الإكرام, امتحان وتأديب, الامتحان, والتأديب, والإكرام, ثلاث مراحل, تتداخل أو تتمايز.والحمد لله رب العالمين