لماذا نريد التميز ؟

سؤال لطالما ألح على أذهاننا جميعاً ؟؟؟ وتوقف العقل أحياناً أمامه عاجزاً عن الإجابة ، واحتقن الفكر أحياناً أخرى في تفسير معناه وأبعاده ومراميه.. فكم من مرة أقف عنده ، وأقول ، يضيق صدري ولا ينطلق لساني .. هل لعجز في تطبيق ما أقوله أم إنه لضعف وقصور في قدراتي ، أم إنه شعوراً سلبياً انتقل إليَّ بعدوى اليأس والإحباط من جراء المشاهد والأحداث الغريبة التي تحيط بنا في عصر المتناقضات .

وقبل أن أبدأ حديثي إليكم ، رأيت أن يكون مدخلي أن أقول لكم إنه من كانت لديه فكرة رائدة غير قابلة للتطبيق من وجهة نظره فلينشر هذه الفكرة على من حوله فلربما الحديث عن مثل هذه الأفكار يثير في بعضنا على الأقل الرغبة في تحقيقها بدرجة من الدرجات ، فمجرد الحديث عن التميز يفعل الطاقات ويوجه القناعات ، ويوفظ الهمم ويؤدي إلى الاقتناع وقبوله كاستراتيجية للتفوق والإبداع، وبالتالي ينتشر زخم وروح إيجابية تسري بين الجميع في أقل جهد وفي أسرع وقت . وهذا ما أردت تطبيقه على نفسي أولاً وعزمت على طرح هذا الموضوع من أجل هذا الهدف.


من أين ينبع التميز ؟

التميز مفهوم حضاري راقي ينتمي إلى مفهومنا الشامل لقيمنا ومبادئنا الدينية . فالتميز جزء من تراثنا وثقافتنا وعقيدتنا التي تحثنا وتهيئنا لإتقان أي عمل نقوم به ، وعلى الإلتزام في كل أمورنا ، والوفاء بعهودنا . بداية من التوجيه القرآني {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله.. الآية} (آل عمران:110). {إن الله يأمر بالعدل والإحسان}(النحل:90). مروراً بآيات الإحسان والإتقان في العمل والأحاديث النبوية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء.." رواه مسلم. فتقوم حياة المسلم كلها على الإحسان في كافة أمور حياته، في سلوكياته وعبادته وأموره المختلفة ، ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه : "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" إنه منهج تربوي نبوي في إتقان الصنع وجودة العمل.

في هذا الوقت الذي يذخر فيه العالم بملايين المصادر والكتب والدورات والنشرات والصفحات الإلكترونية للحديث عن الجودة وإتقان العمل وإدارة الجودة الشاملة ، والأيزو في صورتها العصرية الحديثة ، .. كانت هذه النظم متحققة كجزء يسير من منظومة متكاملة من القيم والأخلاق منذ ألف وأربعمائة سنة ، منذ أن أرسى الإسلام العظيم أصوله وقيمه ورسخ منظومة تلك الفضائل والقيم في نفوس أتباعه ، فسكنت هذه المبادئ في ضمائرهم ، حتى بدت سجية وديدن يضمن حسن وإتقان العمل دون حاجة إلى شهادات أيزو أو جهات ومؤسسات إشرافية عليا ، ونظم رقابية ومعايير جودة .. الخ

من هذا الباب نعود إلى أصولنا ، ونستقرئ الواقع .. ونكتشف الفجوة الواسعة ، ونعمل على ردمها ..

تلك كانت مقدمة لموضوع طويل وممتد عبر الأزمنة وعصور التطور الإنساني. آثرت أن أفتحه في محفلكم الرائع (الحصن) ليكون محوراً نلتف حوله ، ونحاول سبر أغواره بتأكيد على بعض المفاهيم واستجلاءً لبعض الحقائق الغائبة ، واستحضاراً لأهدافنا السامية ، واستنهاضاً لهممنا ، واستنفاراً لطاقاتنا الكامنة .. وتأصيلاً لقناعاتنا الإيجابية ، والخطوة الأخيرة ، تكون رفع راية التميز ، والتحرك بخطوات مدروسة وواعية نحو آفاق التميز والنجاح .

الموضوع له أبعاد كثيرة ، من أجل هذا ندعوكم إلى إثراء الحوار حول هذا الموضوع ، فما زال في الجعبة الكثير والكثير من الخواطر ، ولكن أترك لكم المجال لكي تشاركوني بشيء من خواطركم ، وبعض من مشاعركم ، وآراءكم ، وأفكاركم وتجاربكم ، واستدعاء لبعض قصص الناجحين عبر التاريخ واستلهام العبر والدروس من تاريخهم ونهجهم في سباق التميز .

في انتظاركم ..